نما انتاج الشركات الألمانية في مختلف القطاعات الاقتصادية خلال شهر مايو الماضي بمستوى قوي فاق جميع توقعات الخبراء والمحللين الاقتصاديين، اذ تجاوزت نسبة النمو هذه في الإنتاج في بعض القطاعات الاقتصادية أربعة اضعاف النسب المتوقعة.
وبحسب تقرير لوزارة الاقتصاد والطاقة الاتحادية الألمانية فقد ارتفع نمو انتاج الاقتصاد الألماني للمرة الخامسة على التوالي وحققت قطاعات الصناعة، البناء وتوليد الطاقة معا نسبة نمو متوسطة خلال شهر مايو بلغت 1,2% فيما كانت التوقعات والتحليلات الاقتصادية تذهب الى ان هذا النمو لن يتجاوز نسبة 0,3% على أكثر تقدير. ووفقا لتقرير الوزارة فان النمو الديناميكي للعقود والطلب على المنتجات الألمانية والذي يشهده الاقتصاد في ألمانيا منذ نهاية العام 2016م انعكس في هيئة ارتفاع في معدلات وكميات الإنتاج، هذا الانتعاش شمل فيما شمله من القطاعات الاقتصادية قطاع الصناعة الذي مثل أحد أكبر المستفيدين حيث نما الناتج الصناعي بمعدل متوسط في شهر مايو بلغ 1,3% وتركز النمو في القطاع الصناعي بشكل اكبر في قطاع صناعة المعدات والآلات والسلع الاستثمارية والذي بلغت نسبة النمو فيه 2,6%، فيما حقق قطاع توليد الطاقة اداءً اكثر قوة اذ وصل النمو في انتاجه الى نسبة 2,9%.
وبالمقارنة مع الأشهر الثلاث السابقة لشهر مايو فقد حقق الإنتاج الصناعي نموا اجماليا بلغت نسبته 2,1%، كما حقق قطاع البناء، اعتماداً على أحدث التقارير، نموا إيجابيا بلغ 6,1% لنفس الفترة.
وبشكل اجمالي يشهد الاقتصاد الألماني منذ عدة سنوات نموا مستمرا يتوقع له ان يستمر أيضا على مدى السنوات القادمة، وتشير نتائج بحث أجراه معهد الأبحاث الخاص بصحيفة هاندلزبلات الاقتصادية الألمانية وتضمن توقعات للمؤشرات الاقتصادية المختلفة للاقتصاد الألماني لعامي 2017م و2018م ان النمو والانتعاش الاقتصادي في ألمانيا سيستمر. اذ تشير نتائج البحث ان الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا والذي نما إيجابيا في العام 2016م بنسبة 1,9% سيحقق نموا إضافيا في العام 2017م بنحو 2,1% كما يتوقع ان يستمر في النمو في العام 2018م بمعدل 2,4%. وهو ما سيساهم في خفض عدد العاطلين عن العمل الى ما دون المليونين والنصف في عام 2018م (2,47 مليون عاطل عن العمل) بعد ان سجل عددهم 2,69 مليون في العام 2016م ويتوقع ان يبلغوا 2,54 مليون في العام 2017م. وترجع هذا المؤشرات والتوقعات الإيجابية للاقتصاد الألماني الى عدد من العوامل من أهمها التجارة الدولية التي اسهمت في معدلات النمو القوية في ألمانيا على الرغم من المخاطر والعوامل الكابحة التي تشهدها التجارة الدولية بسبب تغير السياسة الاقتصادية الامريكية وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وتزايد مخاطر الهجمات الإرهابية والتي يبدوا ان الاقتصاد الألماني قد استطاع تجاوزها، اذ يزداد الطلب العالمي على المنتجات الألمانية المختلفة خصوصا الطلب على المعدات والآلات وكذلك المواد الكيميائية الخاصة. يضاف الى ذلك أيضا عامل جذب الاستثمارات الأجنبية الى ألمانيا، سواء كانت تلك الاستمارات حكومية او كان مصدرها القطاع الخاص، حيث يتوقع ان يرتفع حجم هذه الاستثمارات اعتمادا على توقعات النمو الاقتصادي الإيجابية وكذلك نتيجةً لانخفاض تكاليف تمويل الاستثمارات، ولهذا يُتوقع ان تنمو الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الألماني خلال السنوات القادمة 2017م-2018م بمعدل 2,5% و3,9% على التوالي.
ظاهرة النمو المستمر للاقتصاد الألماني ترجع أيضا في جزء منها الى ارتفاع الاستهلاك الخاص للمواطنين في ألمانيا والذي سيكون مسؤولا خلال الفترة القادمة عن تحقيق ما يقرب من نصف معدلات النمو الإيجابية اذ سينمو الاستهلاك المحلي الخاص في ألمانيا في العام 2017م بنسبة 1,5% فيما يتوقع ان تبلغ نسبة النمو هذه في العام 2018/ نحو 1,8%. كذلك هو الامر مع الاستهلاك الحكومي الألماني الذي سجل في العم 2016م نموا إيجابيا بنسبة 4% ويتوقع ان يبلغ في العام 2017م 1,5% وفي العام القادم 2018م 1,8%.
photo: By DesertEagle – Wikimedia