شهدت المناظرة التي جرت بين المرشحين الرئيسين لمنصب المستشارية في ألمانيا المستشارة الحالية ومرشحة الاتحاد المسيحي انجيلا ميركل ومرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي مارتين شولتز اجواءً وحواراً هادئً على غير المتوقع في المناظرات الانتخابية من هذا النوع.
سبب هذه المناظرة الهادئة قد يعود وبشكل رئيسي الى اتفاق طرفي المناظرة على العديد من النقاط والمواضيع الأساسية مع اختلاف هناك او هنالك حول الأساليب المُفترض اتباعها في حل هذه المواضيع لكن مع الإبقاء على الاتفاق على الهدف والتصور النهائي لما يجب ان تُسفر عنه هذه الأساليب والطرق في العلاج. الحوار الذي غطى العديد من المواضيع المختلفة مثل قضايا الهجرة واللجوء وكذلك العلاقة الشائكة مع تركيا ومستقبل الاتحاد الأوروبي وأيضا محاربة الإرهاب لم يبتعد فيه موقفا ميركل و شولتز بعيدا عن بعضهما كثيرا خصوصا في رؤيتها للتعامل معها، لكن الحوار شمل كذلك النقاش حول العديد من القضايا الاقتصادية الأساسية الآنية التي تشغل الراي العام والنخب الاقتصادية والسياسية في ألمانيا، وتمثلت هذه القضايا في المواضيع التالية: طريقة التعامل مع نتائج وتبعات ازمة تزوير قيم انبعاثات الغازات العادمة من محركات السيارات العاملة بوقود الديزل، المساعدات الاجتماعية ودعم الشرائح الاجتماعية الأكثر احتياجا، السياسة الضريبية ومطالب تخفيف الأعباء الضريبية للشرائح المتوسطة والاقل دخلا، المساواة بين النساء والرجال في سوق العمل بالإضافة الى موضوع تحديد سن التقاعد.
وفي هذا المجال وبالرغم من اتفاق المرشحين ميركل وشولتز على ضرورة تحمل قطاع صناعة السيارات لعواقب ازمة محركات الديزل فان ميركل سعت الى محاصرة الانتقادات لقطاع صناعة السيارات باعتباره من اهم القطاعات الصناعية في ألمانيا بينما دعا شولتز الى ضرورة قيام شركات السيارات بتعويض ملاك السيارات وعدم تحميلهم اية أعباء او تكاليف لإصلاح العيوب التي ظهرت بها ومؤكداً على حق مالكي هذه السيارات في رفع قضايا تعويض ضد المصنعين بشكل فردي او بشكل جماعي.
اقتصاديا وعلى الرغم من النمو وانخفاض معدلات البطالة والأداء الجيد للاقتصاد الألماني الا ان مرشح الحزب الاشتراكي انتقد بشكل أساسي عدم المساواة في الأجور بين النساء والرجال وحصول المرأة على راتب اقل من نظرائها الرجال كذلك تحدث شولتز عن دعم الشرائح الأقل دخلا خصوصا للأسر ذات الأطفال والتي اكد شولتز ضرورة عدم تحملها لتكاليف تسجيل ابنائها في رياض الأطفال داعيا كذلك الى تقليل الأعباء الضريبية على متوسطي ومنخفضي الدخل لضمان مستوى معيشي افضل لهم مؤكدا بان ألمانيا دولة ثرية الا ان مواطنيها ليسوا بذات المستوى من الثراء.
مرشحة الاتحاد المسيحي وان لم تتداخل بشكل قوي في هذا الجانب الا انها قدمت موقفا شخصيا جديد لها فيما يخص سن التقاعد (وهو أحد المواضيع الأساسية في الانتخابات التشريعية في دورتها الحالية) حيث أعلنت ميركل عن موافقتها على اعتماد سن 67 عاما كسن للتقاعد على عكس مطالبات الاتحاد المسيحي الذي تمثله في الانتخابات والذي يطالب برفع سن التقاعد الى سن 70 عاماً، هذا الموقف الجديد لميركل تلقى الإشادة من خصمها شولتز.
المناظرة انتهت بكلمة لشولتز ركز فيها على الدعوة الى تحقيق مساواة أكبر في الأجور والى دعم أكبر للاتحاد الأوروبي، فيما اكدت ميركل على اهمية الانتباه الى اثار الثورة الصناعية الرابعة والثورة الرقمية وضرورة استعداد ألمانيا لما ستحدثه هذه التطورات من تغيرات على الاقتصاد والحياة خلال العشر السنوات القادمة.
Foto: Bundestag Berlin By JoJan – Own work, CC BY 3.0