خاضت‭ ‬الأحزاب‭ ‬الألمانية‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬الاتحادية‭ ‬ببرامج‭ ‬انتخابية‭ ‬متباينة،‭ ‬حملت‭ ‬وعودًا‭ ‬مختلفة‭ ‬للناخبين،‭ ‬وركزت‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬أساسية،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬الذي‭ ‬شكل‭ ‬محورًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬في‭ ‬حملاتها‭ ‬الانتخابية‭. ‬ويعود‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬الكبير‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬إلى‭ ‬التحديات‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬ألمانيا‭ ‬خلال‭ ‬عامي‭ ‬2023‭-‬2024م،‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬البلاد‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات،‭ ‬وترافقت‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬وزيادة‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة،‭ ‬مما‭ ‬انعكس‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين‭ ‬ومستوى‭ ‬معيشتهم‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬قدمت‭ ‬الأحزاب‭ ‬المتنافسة‭ ‬رؤى‭ ‬متعددة‭ ‬لإعادة‭ ‬تنشيط‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وإعادته‭ ‬إلى‭ ‬مسار‭ ‬النمو،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سياسات‭ ‬مالية‭ ‬وضريبية‭ ‬واستثمارية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إجراءات‭ ‬تستهدف‭ ‬دعم‭ ‬الأسواق‭ ‬المحلية،‭ ‬وتحفيز‭ ‬الشركات،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الابتكار،‭ ‬وتشجيع‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭. ‬ورغم‭ ‬وجود‭ ‬تقاطعات‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المحاور،‭ ‬مثل‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬الأعباء‭ ‬الاقتصادية‭ ‬عن‭ ‬المواطنين‭ ‬والشركات،‭ ‬فإنها‭ ‬تتباين‭ ‬في‭ ‬آليات‭ ‬التنفيذ،‭ ‬وحجم‭ ‬التدخل‭ ‬الحكومي‭. ‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الألماني‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬التعددية‭ ‬الحزبية،‭ ‬فإن‭ ‬التوجه‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المستقبلي‭ ‬للبلاد‭ ‬لن‭ ‬يتحدد‭ ‬فقط‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬وعود‭ ‬الأحزاب‭ ‬خلال‭ ‬الحملة‭ ‬الانتخابية،‭ ‬وإنما‭ ‬سيتشكل‭ ‬وفقًا‭ ‬لنتائج‭ ‬الانتخابات،‭ ‬وما‭ ‬تفرزه‭ ‬من‭ ‬تحالفات‭ ‬سياسية‭ ‬تُحدد‭ ‬تركيبة‭ ‬الحكومة‭ ‬الاتحادية‭ ‬الجديدة‭. ‬وستلعب‭ ‬طبيعة‭ ‬هذه‭ ‬التحالفات‭ ‬دورًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المقبلة،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬مستقبل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الألماني‭ ‬رهنًا‭ ‬بالمسارات‭ ‬التفاوضية‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬عقب‭ ‬الانتخابات‭.‬

نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬الاتحادية‭ ‬والتحالفات‭ ‬الحزبية‭ ‬الممكنة‭ ‬

أظهرت‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬فبراير‭ ‬2025م،‭ ‬تقدم‭ ‬حزب‭ ‬الاتحاد‭ ‬المسيحي‭ (‬CDU/CSU‭)‬،‭ ‬بزعامة‭ ‬فريدريش‭ ‬ميرتس‭ ‬بنسبة‭ ‬28‭.‬6‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬فيما‭ ‬اتي‭ ‬حزب‭ ‬البديل‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬ألمانيا‭ (‬AFD‭)‬،‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬المصوتين‭ ‬بينما‭ ‬حل‭ ‬الحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬الديمقراطي‭ (‬SPD‭)‬،‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الثالث‭ ‬بنسبة‭ ‬16‭.‬4‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬والخضر‭ ‬بنسبة‭ ‬11‭.‬6‭ ‬في‭ ‬المئة‭. ‬وحقق‭ ‬حزب‭ ‬اليسار‭ ‬مفاجأة‭ ‬بحصوله‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬8‭.‬8‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬الأصوات‭ ‬بينما‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬حزبا‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الحر‭ (‬FDP‭)‬،‭ ‬وتحالف‭ ‬سارة‭ ‬فاجنكنشت‭ (‬BSW‭)‬،‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬حاجز‭ ‬5‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬المؤهل‭ ‬لدخول‭ ‬البرلمان‭ ‬الاتحادي‭ (‬البوندستاج‭).‬

‭ ‬وبهذه‭ ‬النتيجة‭ ‬أصبح‭ ‬الائتلاف‭ ‬الممكن‭ ‬لتشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الاتحادية‭ ‬الجديدة‭ ‬محصوراً‭ ‬في‭ ‬تحالف‭ ‬الاتحاد‭ ‬المسيحي‭ (‬CDU/CSU‭)‬،‭ ‬مع‭ ‬الحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬الديمقراطي‭ (‬SPD‭)‬،‭ ‬إذ‭ ‬يمتلك‭ ‬الحزبين‭ ‬اغلبية‭ ‬بواقع‭ ‬328‭ ‬عضواً‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬630‭ ‬العدد‭ ‬الإجمالي‭ ‬لأعضاء‭ ‬البوندستاج‭. ‬وهنالك‭ ‬إمكانيات‭ ‬افتراضية‭ ‬لتحالف‭ ‬الاتحاد‭ ‬المسيحي‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬الخضر‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬حزب‭ ‬اليسار،‭ ‬وهو‭ ‬التحالف‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تصوره‭ ‬مع‭ ‬الاختلافات‭ ‬الأيدلوجية‭ ‬العميقة‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬المكونة‭ ‬له‭. ‬ومع‭ ‬وجود‭ ‬إمكانية‭ ‬نظرية‭ ‬أيضا‭ ‬لتحالف‭ ‬الاتحاد‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬البديل‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬ألمانيا‭ ‬اليميني‭ ‬ولكن‭ ‬زعماء‭ ‬الاتحاد‭ ‬المسيحي‭ ‬استبعدوا‭ ‬تماما‭ ‬هذا‭ ‬الاحتمال‭. 

الاقتصاد‭ ‬الألماني‭ ‬أزمات‭ ‬واختلالات‭ ‬هيكلية‭ ‬

منذ‭ ‬العام‭ ‬2020م،‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الألماني‭ ‬يواجه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصعوبات‭ ‬والتحديات‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬بجائحة‭ ‬كورونا‭ ‬والاثار‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الناتجة‭ ‬عنها‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والتي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬ازمة‭ ‬طاقة‭ ‬وارتفاع‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭. ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬اثار‭ ‬هذه‭ ‬الازمات‭ ‬تعكس‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الألماني‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الأخرى،‭ ‬والتي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ (‬BIP‭) ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2024م،‭ ‬بنسبة‭ ‬0‭.‬2‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬السابق‭ ‬2023م،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬شهد‭ ‬بدوره‭ ‬تراجعاً‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الاجمالي‭ ‬بنسبة‭ ‬0‭.‬3‭ ‬في‭ ‬المئة‭. ‬وكانت‭ ‬آخر‭ ‬مرة‭ ‬شهدت‭ ‬فيها‭ ‬ألمانيا‭ ‬سنتين‭ ‬متتاليتين‭ ‬من‭ ‬الركود‭ ‬عامي‭ ‬2002م‭/‬2003م‭. ‬وقالت‭ ‬Ruth Brand،‭ ‬رئيسة‭ ‬مكتب‭ ‬الإحصاء‭ ‬الاتحادي،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬شرح‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬التراجع‭ ‬ان‭ ‬‮«‬العوائق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والهيكلية‭ ‬أعاقت‭ ‬تحقيق‭ ‬تطور‭ ‬اقتصادي‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024م‭.‬‮»‬‭ ‬وأضافت‭: ‬‮«‬تشمل‭ ‬هذه‭ ‬العوائق‭ ‬تزايد‭ ‬المنافسة‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬الصادرات‭ ‬الألمانية‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الرئيسية‭ ‬وارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الطاقة‭ ‬واستمرار‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستويات‭ ‬الفائدة‭ ‬وكذلك‭ ‬التوقعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬غير‭ ‬المستقرة‭.‬‮»‬‭ ‬

وقد‭ ‬تأثرت‭ ‬حركة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الألماني‭ ‬في‭ ‬الفترات‭ ‬السابقة‭ ‬بعدة‭ ‬عوامل‭. ‬فبالرغم‭ ‬من‭ ‬توقع‭ ‬حدوث‭ ‬طفرة‭ ‬استهلاكية‭ ‬بفضل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأجور‭ ‬الحقيقية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬لأن‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬القوة‭ ‬الشرائية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تعويضها‭ ‬بعد‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬القلق‭ ‬بشأن‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬عاد‭ ‬ليتزايد‭ ‬لدى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الألمان،‭ ‬مما‭ ‬دفعهم‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬الادخار‭.  ‬أما‭ ‬القطاعات‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬التصدير،‭ ‬فتواجه‭ ‬تحديات‭ ‬متزايدة‭ ‬نتيجة‭ ‬ضعف‭ ‬الطلب‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬الصين‭. ‬كما‭ ‬أضافت‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬الضغوط،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬الاضطرابات‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬المالية‭ ‬للحكومة‭ ‬الألمانية‭ ‬وانهيار‭ ‬الائتلاف‭ ‬المكون‭ ‬للحكومة‭ ‬الاتحادية‭.‬

ووفقاً‭ ‬لمجلس‭ ‬الخبراء‭ ‬الاقتصاديين‭ (‬حكماء‭ ‬الاقتصاد‭)‬،‭ ‬فان‭ ‬ألمانيا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تُعتبر‭ ‬‮«‬قاطرة‭ ‬النمو‮»‬‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬حالها‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬الحقيقي‭ ‬لم‭ ‬ينمُ‭ ‬سوى‭ ‬بنسبة‭ ‬0‭.‬1‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬فقط‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬الماضية‭ ‬مقارنة‭ ‬بمستوى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬ازمة‭ ‬كورونا‭. ‬وتأتي‭ ‬ألمانيا‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬متأخرة‭ ‬بالمقارنة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬ففي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬تجاوز‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬كورونا‭ ‬بنسبة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬12‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬وفي‭ ‬منطقة‭ ‬اليورو‭ ‬بنسبة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬4‭ ‬في‭ ‬المئة‭. ‬وقالت‭ ‬Monika Schnitzer،‭ ‬رئيسة‭ ‬مجلس‭ ‬الخبراء‭ ‬الاقتصاديين‭: ‬‮«‬شهدت‭ ‬ألمانيا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬والعقود‭ ‬الماضية‭ ‬تقصيرًا‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬ولهذا‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬الآن‭ ‬دفع‭ ‬عملية‭ ‬تحديث‭ ‬البلاد‭ ‬بشكل‭ ‬حازم‮»‬‭. ‬ويؤكد‭ ‬تقرير‭ ‬الخبراء‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬زيادة‭ ‬استثمارات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬مشروعات‭ ‬مستقبلية‭ ‬هامة‭. ‬ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإنفاق‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للنقل‭ ‬والتعليم‭ ‬والدفاع‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬غير‭ ‬كافٍ،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬فجوة‭ ‬كبيرة‭ ‬يجب‭ ‬معالجتها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬الثلاثة‭. ‬

نتائج‭ ‬مباحثات‭ ‬الاتحاد‭ ‬المسيحي‭ ‬والحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬واثارها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬

عكست‭ ‬البرامج‭ ‬الانتخابية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬المسيحي‭ ‬الديمقراطي‭ (‬CDU/CSU‭) ‬والحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬الديمقراطي‭ (‬SPD‭) ‬اختلافات‭ ‬جوهرية‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬تباين‭ ‬توجهاتهما‭ ‬الفكرية‭ ‬حول‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭. ‬إذ‭ ‬يتبنى‭ ‬الاتحاد‭ ‬المسيحي‭ ‬نهج‭ ‬اقتصاد‭ ‬السوق‭ ‬الحر،‭ ‬حيث‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬تقليل‭ ‬القيود‭ ‬البيروقراطية،‭ ‬وخفض‭ ‬تدخل‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭. ‬كما‭ ‬يفضل‭ ‬تقليص‭ ‬الإنفاق‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تحفيز‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تخفيض‭ ‬الضرائب‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬وأصحاب‭ ‬الدخل‭ ‬المرتفع‭ ‬بهدف‭ ‬تشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬يدعو‭ ‬الحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬أكثر‭ ‬فاعلية‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬عبر‭ ‬ضخ‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬تحديث‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬تعزيز‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي،‭ ‬ودعم‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬المستدامة‭. ‬كما‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سياسات‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬أوضاع‭ ‬العمال‭ ‬والموظفين،‭ ‬رفع‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬للأجور،‭ ‬وزيادة‭ ‬مخصصات‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للعاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬والمتقاعدين‭.‬

لكن‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬جولات‭ ‬من‭ ‬المباحثات‭ ‬والمفاوضات‭ ‬الخاصة‭ ‬بتشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الاتحادية‭ ‬الجديدة‭ ‬تضمنت‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الأولية‭ ‬بين‭ ‬الاتحاد‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المسيحي‭ ‬والحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬الديمقراطي‭ ‬ثلاث‭ ‬تدابير‭ ‬رئيسية‭ ‬تفتح‭ ‬آفاقًا‭ ‬جديدة‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬والانفاق‭ ‬الحكومي‭. ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬ان‭ ‬يرتفع‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬بواقع‭ ‬1‭.‬5‭ ‬تريليون‭ ‬يورو‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬القادمة‭.‬

الأول‭ ‬يتعلق‭ ‬بمكابح‭ ‬الديون،‭ ‬ووفقًا‭ ‬لوثيقة‭ ‬الاتفاق‭ ‬بين‭ ‬الاتحاد‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المسيحي‭ ‬والحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬فإن‭ ‬الإنفاق‭ ‬الدفاعي‭ ‬سيرتفع‭ ‬بواقع‭ ‬1‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬ليصل‭ ‬اجمالا‭ ‬الى‭ ‬3‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭.‬

حاليًا،‭ ‬يبلغ‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لألمانيا‭ ‬حوالي‭ ‬4‭.‬4‭ ‬تريليون‭ ‬يورو‭. ‬وإذا‭ ‬خصصت‭ ‬ألمانيا‭ ‬3‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬للإنفاق‭ ‬الدفاعي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تتم‭ ‬مناقشته‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الناتو،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يعني‭ ‬132‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬سنويًا‭. ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ،‭ ‬44‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬يجب‭ ‬تمويلها‭ ‬ضمن‭ ‬مكابح‭ ‬الديون،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬88‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬ستكون‭ ‬خارج‭ ‬هذه‭ ‬القيود،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬نطاق‭ ‬الاقتراض‭ ‬الحكومي‭.‬

التغيير‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬مكابح‭ ‬الديون‭ ‬ستستفيد‭ ‬منه‭ ‬مباشرة‭ ‬الولايات‭ ‬الفيدرالية‭. ‬حاليًا،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الولايات،‭ ‬بموجب‭ ‬الدستور،‭ ‬تحقيق‭ ‬ميزانية‭ ‬متوازنة‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المسيحي‭ ‬والحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬الديمقراطي‭ ‬يخططان‭ ‬لتخفيف‭ ‬هذا‭ ‬المطلب‭. ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭:‬

‮«‬سيتم‭ ‬تعديل‭ ‬مكابح‭ ‬الديون‭ ‬بحيث‭ ‬يُسمح‭ ‬للولايات‭ ‬بزيادة‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬بمقدار‭ ‬0‭.‬35‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬سنويًا‭.‬‮»‬‭ ‬وفقًا‭ ‬للناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬الحالي،‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬الألمانية‭ ‬يمكنها‭ ‬اقتراض‭ ‬15‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬سنويًا،‭ ‬وهو‭ ‬مطلب‭ ‬ضغطت‭ ‬عليه‭ ‬الولايات‭ ‬التي‭ ‬يحكمها‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المسيحي‭ (‬CDU‭).‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬هذه‭ ‬التعديلات،‭ ‬اتفق‭ ‬الحزبان‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬صندوق‭ ‬تمويلي‭ ‬جديد‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬القروض،‭ ‬سيتم‭ ‬استخدامه‭ ‬لتمويل‭ ‬الاستثمارات‭ ‬وبالذات‭ ‬في‭ ‬تحديث‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭. ‬ويبلغ‭ ‬حجم‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬500‭ ‬مليار‭ ‬يورو،‭ ‬منها‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬ستخصص‭ ‬للولايات‭ ‬والبلديات‭.‬

عند‭ ‬جمع‭ ‬تأثير‭ ‬هذه‭ ‬التدابير‭ ‬الثلاثة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬القادمة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬الدين‭ ‬الإضافي‭ ‬الذي‭ ‬ستتحمله‭ ‬الدولة‭ ‬الألمانية‭ ‬إلى‭ ‬1‭.‬5‭ ‬تريليون‭ ‬يورو‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬الحالي‭. ‬ومع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتوقع‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة،‭ ‬قد‭ ‬ترتفع‭ ‬هذه‭ ‬القيمة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬1‭.‬6‭ ‬و1‭.‬7‭ ‬تريليون‭ ‬يورو‭ ‬وفقًا‭ ‬للتقديرات‭ ‬الأولية‭. ‬

ويتطلب‭ ‬تعديل‭ ‬المادة‭ ‬الدستورية‭ ‬الخاصة‭ ‬بكابح‭ ‬الديون‭ ‬موافقة‭ ‬ثلثي‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬الاتحادي‭ (‬البوندستاج‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬اتفق‭ ‬الاتحاد‭ ‬المسيحي‭ ‬مع‭ ‬الحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬وحزب‭ ‬الخضر‭ ‬على‭ ‬التصويت‭ ‬لصالح‭ ‬هذا‭ ‬التعديل‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬ولاية‭ ‬البرلمان‭ ‬الحالي‭ ‬التشريعية‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬2025م،‭ ‬لان‭ ‬الأحزاب‭ ‬الثلاثة‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬نسبة‭ ‬ثلثي‭ ‬الأصوات‭ ‬اللازمة‭ ‬لإجراء‭ ‬التعديلات‭ ‬الدستورية‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬الجديد‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬حزب‭ ‬الخضر‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬طرفاً‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬فقد‭ ‬تمكّن‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬تخصيص‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬500‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬المخصصة‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬للاستثمارات‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬حماية‭ ‬المناخ‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬هدف‭ ‬‮«‬الحياد‭ ‬المناخي‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2045‮»‬‭ . ‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬سيتم‭ ‬تخفيف‭ ‬قاعدة‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الديون‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الدستور،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نفقات‭ ‬الدفاع،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬لتمويل‭ ‬نفقات‭ ‬الحكومة‭ ‬الاتحادية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بـ‭ ‬حماية‭ ‬المدنيين‭ ‬والسكان،‭ ‬وأجهزة‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لهجمات‭ ‬تنتهك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

ويتوقع‭ ‬اقتصاديون‭ ‬من‭ ‬‮«‬غولدمان‭ ‬ساكس‮»‬‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬التنفيذ‭ ‬السريع‭ ‬لهذه‭ ‬الحزمة‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬بمقدار‭ ‬0‭.‬6‭ ‬نقطة‭ ‬مئوية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025م،‭ ‬ونقطة‭ ‬مئوية‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2026م،‭ ‬و0‭.‬9‭ ‬نقطة‭ ‬مئوية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2027م‭.  ‬كما‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تعزز‭ ‬حزمة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬البالغ‭ ‬قيمتها‭ ‬500‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العامة‭ ‬بقوة،‭ ‬خاصةً‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬البناء،‭ ‬مما‭ ‬سيعود‭ ‬بالفائدة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المحلي‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الواضح‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العامة‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬زيادة‭ ‬التضخم‭.‬

ويشدد‭ ‬Moritz Schularick،‭ ‬رئيس‭ ‬معهد‭ ‬‮«‬كِيل‮»‬‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي‭ (‬IfW‭)‬،‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الاستخدام‭ ‬السريع‭ ‬والفعال‭ ‬للأموال‭ ‬المخصصة‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭. ‬فيما‭ ‬يؤكد‭ ‬البروفيسور‭ ‬Jens Südekum،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬دوسلدورف‭ ‬أن‭ ‬الحزمة‭ ‬الخاصة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مصحوبة‭ ‬بتسريع‭ ‬إجراءات‭ ‬التصاريح،‭ ‬قائلاً‭:‬‮»‬فقط‭ ‬عندها‭ ‬ستتمكن‭ ‬شركات‭ ‬البناء‭ ‬والحرف‭ ‬اليدوية‭ ‬من‭ ‬توسيع‭ ‬قدراتها‮»‬‭.‬

وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬يورو‭ ‬يُنفق‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬قد‭ ‬يولد‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬0‭.‬60‭ ‬و1‭.‬50‭ ‬يورو‭ ‬كإنتاج‭ ‬اقتصادي‭ ‬إضافي‭. ‬وتتوقع‭ ‬‮«‬غولدمان‭ ‬ساكس‮»‬‭ ‬أن‭ ‬ترتفع‭ ‬النفقات‭ ‬العسكرية‭ ‬الألمانية‭ ‬بسرعة‭ ‬بعد‭ ‬إعفائها‭ ‬جزئياً‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬كبح‭ ‬الديون،‭ ‬حيث‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬2‭.‬5‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬في‭ ‬2025م،‭ ‬و3‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬في‭ ‬2026م،‭ ‬و3‭.‬5‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬في‭ ‬2027م‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬شدد‭ ‬Südekum‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬توجيه‭ ‬الإنفاق‭ ‬نحو‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬المعدات‭ ‬القديمة،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬سيعزز‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬التأثيرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الإيجابية‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬الى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬سوف‭ ‬يرتفع‭ ‬الية‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬لألمانيا‭ ‬بعد‭ ‬إقرار‭ ‬هذه‭ ‬الخطط‭ ‬والإجراءات،‭ ‬قدر‭ ‬Wolf Reuter،‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشغل‭ ‬منصب‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الوزير‭ ‬السابق‭ ‬كريستيان‭ ‬ليندنر‭ (‬FDP‭)‬،‭ ‬أن‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬الدين‭ ‬الحكومي‭ ‬الألماني‭ ‬سيكون‭ ‬هائلاً‭.‬

حاليًا،‭ ‬يبلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬ألمانيا،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ديون‭ ‬الحكومة‭ ‬الاتحادية‭ ‬والولايات‭ ‬الفيدرالية‭ ‬والبلديات‭ ‬والضمان‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬حوالي‭ ‬2‭.‬5‭ ‬تريليون‭ ‬يورو،‭ ‬منها‭ ‬1‭.‬7‭ ‬تريليون‭ ‬يورو‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬الاتحادية‭ ‬وحدها‭. ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحزمة‭ ‬الجديدة‭ ‬تبلغ‭ ‬1‭.‬5‭ ‬تريليون‭ ‬يورو،‭ ‬يتضح‭ ‬حجم‭ ‬تأثيرها‭ ‬الكبير‭.‬

تمثل‭ ‬نسبة‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬الألماني‭ ‬حاليًا‭ ‬حوالي‭ ‬63‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭. ‬وإذا‭ ‬تحقق‭ ‬النمو‭ ‬المتوقع،‭ ‬فقد‭ ‬ترتفع‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬بمقدار‭ ‬33‭ ‬نقطة‭ ‬مئوية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬القادمة،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬ألمانيا‭ ‬تتجاوز‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬البالغ‭ ‬60‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬لكنها‭ ‬ستظل‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬100في‭ ‬المئة،‭ ‬وهو‭ ‬المستوى‭ ‬الذي‭ ‬تجاوزته‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬فرنسا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وإسبانيا‭. ‬وتختلف‭ ‬آراء‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭. ‬فبينما‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬الديون‭ ‬يمكن‭ ‬تحمله،‭ ‬يحذر‭ ‬آخرون،‭ ‬مثل‭ ‬Lars Feld،‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬لمجلس‭ ‬الخبراء‭ ‬الاقتصاديين،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ألمانيا‭ ‬قد‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬كركيزة‭ ‬للاستقرار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬اليورو‭.‬

التوسع‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الاقتراض‭ ‬وتوسيع‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬سيزيد‭ ‬من‭ ‬تكاليف‭ ‬الفوائد‭ ‬التي‭ ‬يتحملها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الألماني‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬مدفوعات‭ ‬الفوائد‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬4‭ ‬مليارات‭ ‬يورو‭ ‬قبل‭ ‬بضع‭ ‬سنوات،‭ ‬وصلت‭ ‬العام‭ ‬2024م،‭ ‬إلى‭ ‬34‭.‬2‭ ‬مليار‭ ‬يورو،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬7‭.‬3‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الإنفاق‭ ‬العام‭. ‬ووفقاً‭ ‬لتقديرات‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخبراء،‭ ‬فإنه‭ ‬إذا‭ ‬ظل‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة‭ ‬عند‭ ‬2‭.‬5‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬فستكلف‭ ‬الديون‭ ‬الإضافية‭ ‬ألمانيا‭ ‬حوالي‭ ‬250‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭. ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬ارتفع‭ ‬إلى‭ ‬4‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬فقد‭ ‬تصل‭ ‬تكاليف‭ ‬الفائدة‭ ‬إلى‭ ‬400‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭. ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬ألمانيا‭ ‬مشكلات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭. ‬فمع‭ ‬حزمة‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم،‭ ‬ستتجاوز‭ ‬البلاد‭ ‬حدود‭ ‬العجز‭ ‬المسموح‭ ‬بها‭ ‬وفقًا‭ ‬لقواعد‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬لألمانيا‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بنود‭ ‬الاستثناء‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬تجاوز‭ ‬حدود‭ ‬الديون‭ ‬مؤقتًا‭. ‬واقترحت‭ ‬رئيسة‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬أورسولا‭ ‬فون‭ ‬دير‭ ‬لاين،‭ ‬استثناء‭ ‬الإنفاق‭ ‬الدفاعي‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬العجز‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الواضح‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الإعفاء‭ ‬سيشمل‭ ‬أيضًا‭ ‬إصلاح‭ ‬الطرق‭ ‬والجسور‭ ‬التي‭ ‬تُستخدم‭ ‬لأغراض‭ ‬عسكرية‭.‬

ويسعى‭ ‬فريدريش‭ ‬ميرتس،‭ ‬مرشح‭ ‬الاتحاد‭ ‬المسيحي‭ ‬لمنصب‭ ‬المستشار،‭ ‬للانتهاء‭ ‬سريعاً‭ ‬من‭ ‬مفاوضات‭ ‬الائتلاف‭ ‬مع‭ ‬الحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬الديمقراطي‭ (‬SPD‭). ‬وقال‭ ‬ميرتس‭ ‬‮«‬ما‭ ‬زلت‭ ‬أعتقد‭ ‬أننا‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬اتفاق‭ ‬ائتلاف‭ ‬جيد‭ ‬مع‭ ‬الاشتراكيين‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬وأننا‭ ‬سننجزه‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬معقولة‮»‬‭. ‬ووفقًا‭ ‬لرئيس‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المسيحي‭ (‬CDU‭)‬،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬بحلول‭ ‬عيد‭ ‬الفصح‭.‬