نظمت الغرفة بالتعاون مع سفارة جمهورية العراق ملتقى الأعمال العراقي الألماني الثاني يومي 24 و25 سبتمبر الماضي برعاية دولة الأستاذ نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء. شارك في أعمال الملتقى وفد اقتصادي عراقي رفيع المستوى برئاسة دولة نائب رئيس الوزراء الدكتور روز نوري شاويس وضمّ في عضويته معالي وزير المالية الدكتور رافع العيساوي ومعالي وزير النقل هادي العامري ورئيس الهيئة الوطنية للاستثمار الدكتور سامي الأعرجي وعدد من وكلاء الوزارات ومحافظي المحافظات العراقية ورؤساء الغرف التجارية العراقية ومايقارب ال 150 من رجال الأعمال العراقيين كما شارك في أعماله شخصيات رئيسية تمثل الحكومة الألمانية من وزارات الاقتصاد والخارجية والصحة والمواصلات والمالية ومايزيد عن ال 150 من الشركات الألمانية، كما شارك في حفل إفتتاح الملتقى أصحاب السعادة سفراء الدول العربية.
وعلى هامش الملتقى أجرى الوفد الحكومي العراقي برئاسة دولة نائب رئيس الحكومة العراقية الدكتور روز نوري شاويس محادثات مع وزير الاقتصاد نائب المستشارة الألمانية الدكتور فيليب روسلر، كما أجرى وزير النقل العراقي هادي العامري محادثات مع وزير المواصلات الألماني الدكتور بيتر رامزاور، حيث تم البحث خلال المحادثات الوزارية في سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين التي تشهد منذ سنوات تطوراً ملموساً. كما عُقدت اجتماعات أخرى مع مسؤولين ألمان وممثلين عن الاقتصاد الخاص بهدف تعزيز التعاون بين البلدين، ودفع الشركات الألمانية إلى المزيد من العمل والاستثمار في مختلف المجالات الاقتصادية في العراق. كما شهد الملتقى التوقيع على اتفاقية تفاهم بين شركة "لوفتهانزا كونسالتينغ" الألمانية ومحافظة نينوى، ممثلة بمحافظها أثيل عبد العزيز النجفي لتطوير وتوسيع مطار الموصل الدولي الذي افتتح عام 2010، وجرى تخصيص 2,5 مليار دولار حتى عام 2019 لتحديث المطار وزيادة قدراته عشرة أضعاف استيعابه الحالي.
تحدث في الجلسة الافتتاحية رئيس الغرفة الدكتور توماس باخ مشيراً إلى أن العراق من أكثر دول المنطقة نمواً وأن مخصصات خطة التنمية الخمسية العراقية القادمة (2013-2017) ستتراوح بين 250-275 مليار دولار، منوهاً إلى أن العراق على طريق التحول إلى إحدى أهم الدول الشريكة في المنطقة التي تتعامل مع ألمانيا بعد أن سجل التبادل التجاري بين ألمانيا والعراق ارتفاعات ملموسة في الفترة الأخيرة، فقد إرتفعت الصادرات الألمانية عام 2011 الماضي بنسبة 22 في المئة لتصل قيمتها إلى 1,13 مليار يورو. كما نمت خلال الأشهر الستة من السنة الجارية لتواصل الارتفاع بنسبة 20 في المئة. وحض الدكتور باخ الشركات الألمانية على الإستفادة من فرص الأعمال والاستثمار الضخمة في العراق مشيراً إلى الرغبة العراقية في التعاون مع الإقتصاد الألماني نظراً لما تملكه الصناعة الألمانية من تكنولوجيا للمساهمة في تطوير البلد الذي عانى الكثير. ولفت سعادة السفير العراقي الدكتور حسين الخطيب إلى أهمية الملتقى لتعزيز مساهمة ألمانيا في إعادة إعمار العراق. ودعا الشركات الألمانية "إلى عدم تفويت الفرصة عليها" مشيراً إلى الارتفاع الذي حققه الميزان التجاري بين بلده وألمانيا. وقالت سفيرة ألمانيا في العراق بريتا فاغنر إن بغداد تسعى لتحسين علاقاتها مع جيرانها في المنطقة معربة عن أملها في تخطي العراق الأوضاع الأمنية غير المستقرة أحياناً والخلافات الداخلية. وأعرب الوكيل البرلماني في وزارة الاقتصاد الألمانية بيتر هينتسه عن الأمل "في أن تعمل بغداد على تسهيل أعمال رجال الأعمال بصورة أكبر، وإظهار المزيد من الشفافية في التعامل".
وشدد نائب رئيس الحكومة العراقية شاويس في كلمته على "أن ما بنته الشركات الألمانية في بلده في الستينات والسبعينات لا يزال شاهداً على الجودة، ما دفع حكومتنا للتوجه من جديد إلى ألمانيا". وقال إنه منذ عام 2003 بدأت عملية تغيير جوهري لتحرير الاقتصاد من القبضة المركزية، واعتماد اقتصاد السوق والتعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص. ولفت إلى القوانين التي صدرت لتنظيم الاستثمار المحلي والأجنبي وضمانه، وتشجيع المستثمرين وتنفيذ الإصلاح المالي والإداري، مشيراً إلى أن الخطة الخمسية الجارية تركز على تصحيح الاختلال القائم في البنى التحتية وإعطاء أولوية لقطاع الطاقة.
وبحث المشاركون في الملتقى في ست جلسات عمل على مدى يومين فرص العمل المشترك والإستثمار في مجالات تطوير البنى التحتية، والبناء، والنقل، والصناعة، والمالية، والخصخصة، إضافة إلى مجالات الطاقة والكهرباء، والمياه، والصحة، والتعليم، والتدريب المهني.
وأوضح وزير النقل العراقي هادي العامري أن حكومته تركز على تطوير موانئ البلاد ومطاراته وسكك الحديد مشيراً إلى أن العمل في ميناء الفاو الاستراتيجي سيبدأ هذا العام، وسيكون من حيث الحجم ثاني أو ثالث أكبر مرفأ في العالم، إذ سيمتد على مسافة 20 كلم، وسيتمكن من احتواء 23 مليون حاوية و50 مليون طن من الحمولات الأخرى. وتابع أن حكومته تخطّط أيضاً لتحديث وتوسيع مطارات بغداد والبصرة والموصل، الأمر الذي يفتح أمام الشركات الألمانية آفاق عمل واستثمار كبيرين على حدّ قوله. أما وزير المالية الدكتور رافع العيساوي فشدد على أن ديون العراق لا تشكل مشكلة كبيرة للبلاد، أما التحدي فيتمثل في تنويع الاقتصاد العراقي للتخفيف من الاعتماد على النفط وفي تقوية دور القطاع الخاص في عملية إعادة إعمار العراق وتطوير إقتصاد السوق فيه.
وقدّم السادة المحافظين أو من مثلهم من محافظات الأنبار، وصلاح الدين، وميسان، وكربلاء والنجف، ونينوى وبابل واربيل والسليمانية شروحاً مفصلة عن إمكانات وخطط المحافظات العراقية معربين عن رغبة قوية في التعاون مع الشركات الألمانية لتنفيذ المشاريع التي ستقام فيها، خاصة على صعيد تشييد المساكن، وتعزيز الرعاية الصحية، وتوسيع النقل البري والجوي، والفنادق، والري مشيرين إلى إنه تمّ رصد عشرات مليارات الدولارات من أجل تنفيذ هذه المشاريع.
واختُتم الملتقى بجلسة عامة جرى فيها تقييم أعمال الملتقى وآفاق تطوير التعاون الإقتصادي العراقي ـ الألماني. شارك فيها دولة نائب رئيس الوزراء للشئون الإقتصادية ورئيس هيئة الإستثمار د. سامي الأعرجي والسفير د. حسين الخطيب ورئيس دائرة العلاقات الإقتصادية بوزارة الخارجية الألمانية سفير ألمانيا السابق في العراق كريستيان بيرج، أكد فيها المسئولين العراقيين على الدعم الذي تقدمه الحكومة العراقية للقطاع الخاص وتشجيع أعمال الشركات الألمانية في العراق، والتسهيلات في إجراءات منح تأشيرات الدخول والتي بدأت السفارة بتقديمها إلى رجال الأعمال الألمان بالتعاون مع الغرفة. كما تم التأكيد على رغبة الحكومة الألمانية في تعزيز العلاقات الإقتصادية مع العراق وفي تحسين الأطر القانونية والعملية لعمل الشركات الألمانية بما فيها الشركات الصغيرة والمتوسطة نظراً لمتانة منتجاتها والتزامها بمواعيد الطلب والدفع والتسليم وكفاءاتها التقنية العالية، كما تم التطرّق إلى المشاريع التي تنفّذها الشركات الألمانية أو تلك المخطط لتنفيذها من قبل شركات ألمانية في العراق.
أظهرت مداولات الملتقى بأن العراق يشهد منذ سنوات تطوّراً إقتصادياً متصاعداً بفضل انتاجه المتزايد من النفط، آخذأً في التحوّل إلى أحد أكثر الدول العربية انتعاشاً بفضل الاستثمارات الداخلية وتحسين شروط الاستثمارات الخارجية، ونظر الجميع بإيجابية إلى مستقبل العلاقات ألإقتصادية العراقية الألمانية.
برنامج الملتقى