اقرت الحكومة الألمانية قانونا للهجرة من المقرر ان يدخل حيز التنفيذ بداية من الأول من مارس 2020م، ويهدف القانون الى تسهيل إجراءات استقدام العمالة الماهرة من الدول خارج الاتحاد الأوروبي وجعل ألمانيا مكانا جاذبا للخبرات والكفاءات الأجنبية. وقد وصفت المستشارة انجيلا ميركل القانون بانة يمثل “نقلة نوعية” مؤكدةً على انه “من الضروري بصورة عاجلة ان يكون لدينا قانون مثل هذا” وذلك بالنظر الى النقص في العمالة الماهرة الذي تعاني منه العديد من قطاعات الاقتصاد الألماني، واضافت المستشارة ” هنالك منافسة كبيرة في العالم على العمالة المؤهلة، وعلى ألمانيا ان تقدم ظروف عمل جاذبة، كما انه من المهم جدا في جميع الأحوال ان نقدم أنفسنا للدول خارج الاتحاد الأوروبي كبلد مهتم ومنفتح على العالم”. وفي نفس السياق جري عقد قمة في مقر المستشارية بين ميركل وممثلي النقابات وقطاعات الاقتصاد تم فيه توقيع مذكرة تفاهم لضمان تفعيل القانون بشكل مباشر وسريع، حيث تم التركيز على تسريع إجراءات منح تأشيرة الدخول وتحسين إمكانية تعلم العمالة الأجنبية الماهرة للغة الألمانية وكذلك الاعتراف بالمؤهلات وشهادات التخصص.
وقد وصف وزير المالية في الحكومة الاتحادية اولاف شولتز القانون الجديد بانة “خطوة متقدمة في تاريخ ألمانيا”، معتبراً ان ألمانيا قبلت ان تصبح دولة مستقبلة للمهاجرين. وزير الاقتصاد والطاقة الاتحادي بيتر التماير أشار الى انه ” من الملموس في العديد من القطاعات الاقتصادية انه كان بإمكاننا ان نحقق المزيد من النمو الاقتصادي إذا ما كان لدينا العدد الكافي من العمالة المؤهلة” مضيفا انه يتم التخطيط لتنفيذ برامج رائدة لجذب العمالة من البرازيل والهند وفيتنام.
من جهته أكد رئيس اتحاد أصحاب العمل الألمان Bundesvereinigung der Deutschen Arbeitgeberverbände (BDA) إنجو كرامر على وجود طلب قوي على العمالة المؤهلة اذ يفترض “أننا سنعتمد على مئات الآلاف من العمالة الاجنبية خلال السنوات القادمة”، حيث تشير الدراسات الى انه وفي بداية العام 2030م ستتراجع قوة العمل في ألمانيا بنحو 6 ملايين شخص بالمقارنة مع عددهم في الوقت الحاضر وذلك نتيجة التطورات الديموغرافية. وتعاني العديد من القطاعات الاقتصادية في المانيا في الوقت الحاضر بالفعل من نقص في العمالة المؤهلة حيث يبلغ عدد الوظائف الشاغرة في قطاع الحرف اليدوية فقط نحو 250 ألف وظيفة.
ويأتي القانون الجديد في محاولة لجعل ألمانيا أكثر جاذبية للعمالة الأجنبية حيث انه وبالرغم من نقص العمالة الذي يعاني منه الاقتصاد الا ان ألمانيا تأتي في مرتبة متأخرة ضمن قائمة الدول الأكثر جاذبية للعمالة وللاكاديميين الأجانب، حيث اشارت دراسة أعدتها مؤسسة برتلسمان ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ان ألمانيا تأتي في المرتبة 12 من بين 36 دولة عضو في منظمة التعاون من حيث جاذبيتها للمتخصصين الأجانب، بينما تأتي دول السويد وسويسرا وأستراليا على رأس القائمة، وبينما يتحسن ترتيب ألمانيا في جاذبيتها للطلاب الأجانب، حيث تحتل المرتبة الثالثة، تتراجع الى المرتبة السادسة في ترتيب الدول التي يرغب المهاجرون في البدء بعمل تجاري فيها. كما تحتل ألمانيا المرتبة 25 فقط في مستويات الأجور بعد احتساب الضرائب ومستويات الأسعار، ويبلغ معدل البطالة للأكاديميين المهاجرين في ألمانيا حوالي 7 في المئة على الرغم من الوضع العام الجيد لسوق العمل، ويمثل هذا المعدل اعلى بقليل من متوسط دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بالإضافة إلى ذلك، لا يعمل الأكاديميون الأجانب غالبًا في وظائف تتناسب مع مستوى مهاراتهم ومؤهلاتهم.
ومن بين أكبر العقبات أمام هجرة العمالة الماهرة الى ألمانيا يأتي الاعتراف بالمؤهلات المهنية، وهو أمر مطلوب في بلدان أخرى فقط لوظائف متعلقة بقطاعات مثل قطاع الرعاية الطبية. وأكد توماس ليبيج، كبير الاقتصاديين في قسم الهجرة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان “شرط الاعتراف بالمؤهلات المهنية هو نقطة الضعف في قانون الهجرة الجديد” مشدداً على انه “ينبغي على ألمانيا تسهيل إجراءات الاعتراف بالمهن والنظر في البدائل” اذ انه في النرويج، على سبيل المثال، يتم فحص الشهادات والمؤهلات للعامل الأجنبي في غضون بضعة أيام وتقرير إذا ما كانت مناسبة للوظيفة من دون الانتظار حتى الحصول على الاعتراف الرسمي.