تعمل الحكومة الألمانية على دعم الاقتصاد والشركات الألمانية في مختلف القطاعات بطرق متنوعة، منها ما هو متعلق بالبنى التحتية اللازمة لاي نشاط اقتصادي مثل توفير الطرق والموانئ واتاحة الطاقة بأسعار مناسبة وما هو مرتبط بتشغيل وتأهيل العمالة وتشجيع البحث العلمي، علاوة على البيئة القانونية الواضحة لإقامة النشاطات الاقتصادية وغيرها من العوامل التي تعمل الدولة على ضمان توفرها من اجل رفع كفاءة النشاط الاقتصادي، وهي الوظيفة الطبيعية والتي تقوم بها دول العالم الأخرى. الا ان لألمانيا سياسات متميزة ومحدده للدعم المباشر للاقتصاد بشكل عام، وبشكل خاص دعم الصادرات والتي تسهم بما يقارب من 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. من اهم الأدوات التي توفرها ألمانيا في دعم الصادرات هو برنامج ضمان ائتمان الصادرات للشركات المعروف باسم Hermesdeckung (غطاء هيرميس).
ضمانات التصدير
ضمانات ائتمان الصادرات او تغطية Hermes يقصد به تغطية مخاطر التجارة الخارجية من خلال تأمين الصادرات لجمهورية ألمانيا الاتحادية لصالح المصدرين الألمان والبنوك مؤسسات الائتمان. حيث يعد برنامج تأمين الصادرات الحكومي جزءًا مهمًا من ترويج التجارة الخارجية الألمانية، اذ تحمي هذه الضمانات الشركات الألمانية من مخاطر عدم السداد من شركائها التجاريين الأجانب، سواء كان ذلك من خلال عدم دفع مستحقات هذه الشركات عائد لأسباب اقتصادية متعلقة بالعميل والمستورد الأجنبي او كانت عائدة للظروف السياسية الناشئة في الدولة المستوردة.
تمتد خيارات التغطية على طول سلسلة القيمة بأكملها، بدأً من عملية الإنتاج إلى التسليم وحتى سداد القسط الأخير. وبقبول ضمان ائتمان التصدير، تقل مخاطر التخلف عن السداد إلى حد كبير بالنسبة للشركات او البنوك الألمانية، حيث ومن خلال نسبة معينة تدفعها الشركة المصدرة مقابل الحصول على التغطية الائتمانية من الحكومة الاتحادية تتحمل الحكومة دفع تعويض لحامل وثيقة التغطية الائتمانية في مبلغ المطالبة المشمولة في حالة حدوث ضرر او تخلف عن السداد.
وعند إقرار البرنامج في وقت مبكر من عام 1949م، كلفت الحكومة الاتحادية شركتين خاصتين، هما Euler Hermes SA وPricewaterhouseCoopers GmbH، بإدارة ضمانات ائتمان الصادرات. ونظرًا لأن Euler Hermes كانت في طليعة هذه الشراكة حتى يومنا هذا، فإن مصطلح Hermesdeckung قد رسخ نفسه في عالم الأعمال.
إجراءات الحصول على ضمانات التصدير
تتم معالجة الطلبات المقدمة من الشركات للحصول على ضمانات ائتمان الصادرات بواسطة شركة Euler Hermes نيابة عن الحكومة الاتحادية، بينما تتولي لجنة وزارية مختصة البت في المصادقة على التغطية الائتمانية للصادرات وقبول طلب الحصول عليها. وتتكون هذه اللجنة الخاصة من ممثلين عن الوزارة الاتحادية للاقتصاد والطاقة بالإضافة الى ممثلين عن وزارة المالية الاتحادية (BMF) ووزارة الخارجية ووزارة التعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ)، ويتم اتخاذ قرارات اللجنة الوزارية المعروفة اختصارا بـ IMA بالإجماع. وبشكل عام يمكن لجميع شركات التصدير الموجودة في ألمانيا الحصول على ضمانات ائتمان الصادرات ولكن وفق حزمة من الشروط تتضمن التالي:
– مصلحة الدولة الخاصة في تنفيذ أعمال التصدير
– تصنيف أعمال التصدير المطلوب تغطيتها على أنها جديرة بالتمويل
– المقبولية من حيث المخاطر
– الجدارة الائتمانية للشريك الأجنبي
– قبول المخاطر السياسية
– صياغة العقود بالشروط المعتادة في التجارة الخارجية
بالإضافة الى ذلك تعتبر القضايا البيئية والمسؤولية الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان جوانب مهمة عند قبول طلب الحصول على ضمانات التصدير، الى جانب مراعاة سياسات الضمانات الوقائية للبنك الدولي، ومعايير الأداء الخاصة بمؤسسة التمويل الدولية (IFC) والمبادئ التوجيهية بشأن البيئة والصحة والسلامة لمجموعة البنك الدولي.
الى جانب ذلك ومن أجل تجنب الاخلال بشروط المنافسة المتساوية والتي يثيرها اختلاف أنظمة تمويل الصادرات الحكومية وأنظمة تأمين الصادرات داخل دول الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) التزمت هذه الدول بالامتثال لشروط إطار معينة للحماية والتمويل التي تقدمها الدولة لأعمال التصدير. بالإضافة إلى وجود لوائح منسقة في الاتحاد الأوروبي ملزمة للدول الأعضاء في الاتحاد. وتتمثل إحدى المهام الأساسية لوزارة الاقتصاد والطاقة الاتحادية BMWi في تطوير وتكييف القوانين واللوائح المحلية مع اللوائح الدولية والأوروبية وذلك لضمان أن تكون المنافسة بين المصدرين في مختلف دول الاتحاد قائمة على سعر وجودة منتجات التصدير وليس على مستوى الدعم الحكومي.
الأهمية الاقتصادية لبرنامج ضمانات التصدير
يحمي غطاء هيرميس الشركات الألمانية المصدرة من تخلف عملائها عن السداد لأسباب اقتصادية أو سياسية عند التسليم في الأسواق الصعبة وعالية المخاطر. وبحيث يمكنهم هذا الغطاء من فتح أسواق جديدة، حتى تلك ذات المخاطر العالية، وكذلك الحفاظ على العلاقات القائمة فعلاً مع العملاء. وتساعد ضمانات ائتمان الصادرات الشركات الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص على فتح الأسواق التي يصعب الوصول إليها والحفاظ على العلاقات التجارية في الأوقات الصعبة. لذلك فان هذا البرنامج عنصر أساسي في تعزيز التجارة الخارجية الألمانية. وبشكل أساسي تمنح تغطية Hermes المصدرين الألمان خيار حماية أنفسهم ضد المخاطر السياسية (مخاطر الدولة) الى جانب الحماية ضد المخاطر الاقتصادية (مخاطر العملاء). حيث تعتبر الحكومة الاتحادية أن تدخل الدولة ضروري في هذه الحالات، حيث، وبشكل خاص، لا يمكن تغطية المخاطر السياسية على الصادرات إلى دول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من خلال التأمين الخاص. اذ لا تدخل عوامل مثل ضعف النظام السياسي او الاضطرابات السياسية المفاجأة وغير المحسوبة ضمن اغطية التأمين التي تقدمها شركات التأمين الخاصة.
بالإضافة الى ذلك ووفقًا لنتائج أبحاث اقتصادية متعددة، استطاع برنامج ضمان الصادرات تحقيق أحد أهدافه الأساسية والمتعلق بتأمين الوظائف في ألمانيا، حيث اظهر تقرير لخبراء من شركة Basler Prognos AG وبتكليف من وزارة الاقتصاد الاتحادية BMWi، ان برنامج ضمان التصدير ساهم في تأمين وضمان ما بين 140 ألف و210 ألف وظيفة سنوياً في ألمانيا، وتركزت هذه الوظائف بشكل رئيسي في مجالات صناعة الآلات ومعدات بناء المصانع، الصناعات الكيميائية، الهندسة الكهربائية، وقطاع الخدمات والذي يتضمن مجالات التخطيط، التطوير والاستشارات.
وفي هذا الجانب ووفقًا للحكومة الاتحادية، يلعب برنامج ضمان الصادرات دورًا مهمًا أيضاً للبلدان المشترية نفسها. حيث ساعد هذا البرنامج في منح العديد من البلدان الأقل نموا الفرصة لاستيراد أحدث التقنيات من ألمانيا. حيث تشمل تغطية الصادرات وبنسبة تتجاوز 76 في المئة قطاعات الشحن والتصنيع والطاقة والطائرات. كما تُتاح للعديد من البلدان النامية والاقتصادات الناشئة وبمساعدة برنامج ضمانات التصدير أن تمول وتنفذ مشاريع البنية التحتية وبالتالي إنشاء الأساس لتنميتها الاقتصادية.
الأثر المالي لبرنامج ضمانات التصدير
أدى تزايد عدم اليقين السياسي والاقتصادي في أسواق التصدير المهمة إلى زيادة مساهمات ضمانات ائتمان الصادرات من الحكومة الاتحادية بشكل متواصل حيث وصلت قيمة هذه الضمانات خلال العام 2018م الى 19,8 مليار يورو وبنسبة زيادة 17,4 في المئة مقارنة بالعام السابق، كما ارتفعت قيمة هذه الضمانات أيضا في العام 2019م لتصل الى 21 مليار يورو وهو ما يمثل زيادة بنسبة 6 في المئة مقارنة بالعام 2018م وكذلك تمثل قيمة هذه الضمانات ما نسبته 1,6 في المئة من اجمالي قيمة صادرات ألمانيا خلال العام 2019م والتي تجاوزت 1330 مليار يورو. وبلغت حصة ضمان تأمين الصادرات الذي قدمته الحكومة الاتحادية للصادرات إلى البلدان النامية، بما في ذلك بلدان وسط وشرق أوروبا وبلدان رابطة الدول المستقلة، حوالي 75 في المئة من اجمالي قيمة برنامج تأمين الصادرات في عام 2019م.
وارتفعت في العام 2018م قيمة ضمان تأمين صادرات الشركات الألمانية الى افريقيا من 1,1 مليار يورو الى 1,8 مليار يورو، كما ارتفعت قيمة هذا الضمان خلال نفس العام الى دول الشرق الأوسط بنسبة 31 في المئة والى بقية الدول الاسيوية بنسبة 23 في المئة. وبالمقارنة بين البلدان حصلت أعمال التصدير إلى روسيا على ضمانات بقيمة 2,5 مليار يورو، تليها الصادرات الى تركيا والولايات المتحدة بحوالي 1,8 مليار يورو لكل منها.
وفي نفس السياق ارتفعت قيمة مدفوعات التعويضات الحكومية خلال العام 2018م الى 728 مليون يورو بزيادة كبيرة عن العام السابق والتي بلغت 430 مليون يورو تقريبا وذلك نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية في فنزويلا والتي ادت الى عدم قدرتها على سداد قرض ضمنته الحكومة الألمانية عام 2012م. في الاتجاه الأخر ارتفعت عائدات الحكومة الألمانية من برنامج ضمان التصدير خلال العام 2018م ليصل الى 166,4 مليون يورو وبزيادة بنسبة 18 في المئة مقارنة بالعام 2017م. وبشكل اجمالي لم يشهد برنامج تأمين ائتمان الصادرات الألماني عجزًا منذ عام 2006م، وبلغت قيمة العائدات التراكمية منذ ذلك ما قيمته 5,7 مليار يورو، وهو ما يثبت قدرة البرنامج على دعم جزء من أعماله بشكل ذاتي.
انعكاسات غطاء هيرمس على التبادل التجاري العربي الألماني
تعد المنطقة العربية سوقًا مهمًا للصادرات الألمانية التي تغطيها شركة Hermes، حيث ان الطلب على تغطية عمليات التسليم والخدمات في المنطقة مرتفع بشكل تقليدي، ومع ذلك، فإن مستوى تغطية الصادرات الى المنطقة يخضع لتقلبات قوية ويعتمد إلى حد كبير على ما إذا كانت المعاملات والصفقات الفردية الكبيرة مغطاة أم لا.
وخلال السنوات الأخيرة، تراوح الحجم السنوي لتغطية الصادرات الألمانية للعالم العربي ما بين 2.5 و4 مليار يورو. وتعد نسبة تغطية الصادرات الألمانية الى الدول العربية من الحجم الكلي لتغطية الصادرات الألمانية أعلى بكثير من المتوسط العالمي لمعاملات التصدير التي تغطيها شركة Hermes. وتمتد عمليات تصدير السلع والخدمات التي يغطيها برنامج (غطاء هيرميس) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مجموعة واسعة من القطاعات الصناعية، والتي تتركز بشكل أكبر على قطاعات النقل والبنية التحتية والطاقة.
وبالرغم من ان ضمانات ائتمان الصادرات التي تقدمها الحكومة الألمانية تتاح بشكل عام لشركات التصدير وبنوك تمويل الصادرات الموجودة حصراً في ألمانيا، بغض النظر عن حجم الشركة أو مبلغ العقد الذي سيتم تغطيته، وفق شروط معينة، الا ان المستوردين يستفيدون أيضًا من هذه الضمانات، حيث تسهل ضمانات ائتمان الصادرات على المشترين الأجانب تمويل الصفقة، إذ ومع تصنيف الحكومة الألمانية الائتماني العالي، تنخفض مخاطر الائتمان بدرجة كبيرة، وهو ما يكون له تأثير إيجابي على شروط التمويل، والذي تستفيد منه أيضا الشركات الأجنبية، والذي يمثل أيضا بديلا نموذجياً لهذه الشركات عن القروض المحلية في بلدانها.
وبالرغم من ان ضمانات ائتمان الصادرات التي تقدمها الحكومة الألمانية تتاح بشكل عام لشركات التصدير وبنوك تمويل الصادرات الموجودة حصراً في ألمانيا، بغض النظر عن حجم الشركة أو مبلغ العقد الذي سيتم تغطيته، وفق شروط معينة، الا ان المستوردين يستفيدون أيضًا من هذه الضمانات، حيث تسهل ضمانات ائتمان الصادرات على المشترين الأجانب تمويل الصفقة، إذ ومع تصنيف الحكومة الألمانية الائتماني العالي، تنخفض مخاطر الائتمان بدرجة كبيرة، وهو ما يكون له تأثير إيجابي على شروط التمويل، والذي تستفيد منه أيضا الشركات الأجنبية، والذي يمثل أيضا بديلا نموذجياً لهذه الشركات عن القروض المحلية في بلدانها.