تعد المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي GIZ أحد اهم المؤسسات الحكومية الألمانية في مجال التعاون الدولي والهيئة المسؤولة عن برامج التعاون التنموية الى مختلف دول العالم، ومع اتساع وتنوع مجالات عمل المؤسسة وكذلك نشاطها في مُعظم الدول العربية، اجرت مجلة السوق مقابلة حصرية مع السيدة تانيا جونر، رئيسة المكتب التنفيذي للمؤسسة، للاطلاع منها على طبيعة نشاط المؤسسة ومساهماتها في برامج التعاون الدولي الألماني مع الدول العربية.

جونر © GIZ

السوق: هل يُمكن أن تعرّفينا الدول العربية التي تعرفتِ عليها شخصياً؟

جونر: لقد تعرفت لغاية الأن على المغرب وتونس والمملكة العربية السعودية والأراضي الفلسطينية والأردن والعراق، وفي البدايات على مصر.

السوق: هل علقت مشاريع نفّذتها GIZ في البلدان العربية في ذاكرتكِ كونها اعجبتكِ أو كانت فيها فائدة متميّزة؟

جونر: نعم، لقد تولّدت لدي انطباعات إيجابية عميقة جداً من عدد من المشاريع الهامة، والتي ستبقى في ذاكرتي لوقت طويل. فنحن فخورين جداً بالمساهمة في برنامج تحوّل الطاقة الناجح في المغرب، حيث هناك شراكة نموذجية في هذا المجال بين البلدين. لقد قدمنا الدعم للحكومة المغربية في وضع الخطط في مجال الطاقة الشمسية. كما قدم بنك التنمية الحكومي الألماني KfW المساعدة في تمويل هذا المشروع. وعندما تنظر إلى النتيجة، يمكننا أن نكون سعداء، اذ يوجد في المغرب الان واحدة من أكبر محطات توليد الطاقة الشمسية في العالم بقدرة إنتاجية تصل إلى 580 ميجا وات من الكهرباء، وبشكل رئيسي من تركيز الطاقة الحرارية الشمسية. ولهذا يعد مشروع المغرب حالة نموذجية ناجحة.

لكن الى جانب هذه المشاريع الكبرى، هناك أيضاً مشاريع صغيرة متميزة. حيث قمنا بتنفيذ برنامج «المساجد الخضراء»، الذي إستهدف رفع كفاءة استهلاك الطاقة في المساجد، واستخدام مصادر الطاقة الصديقة للبيئة، والإقتصاد في إستخدام المياه. كما عملنا أيضاً مع المزارعين في جبال الأطلس على تحسين أساليب ووسائل الزراعة التي يستخدمونها.

وبالتأكيد أذكر أيضاً المساعدة التي تمكننا من تقديمها في الأردن للتعامل مع الصعوبات التي صاحبت إستيعاب اللاجئين، والتي منها مثلاً: «كيف يمكن حل مشكلة القمامة في مخيم الزعتري للاجئين؟». وتم بالتعاون مع شركائنا المحليين في الأردن معالجة مشكلة النفايات في المخيم، بالإضافة إلى إيجاد فرص عمل، ونظمنا عملية التخلص المستدام من النفايات.

وأيضاً في الخليج العربي، ففي المملكة العربية السعودية نقدم المساعدات في مجال التدريب المهني منذ سنوات عديدة. وتمكنا من المساهمة في مشاريع إدارة الموارد المائية في الإمارات من خلال حماية طبقات المياه الجوفية العميقة، وبالتالي حماية تخزين المياه الجوفية لضمان إمدادات المياه.

السوق: تكلمتي عن مشاريع كثيرة مختلفة. فما هي مؤسسة GIZ ، وما هي طبيعة مهامها؟

جونر: بشكل عام، هدف GIZ هو تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان الشريكة. والمؤسسة مملوكة بالكامل للدولة الألمانية، تقوم بتنفيذ ما تقرره الحكومة الألمانية على المستوى السياسي. والبداية تكون عادة بتقديم المشورة لشركائنا حول خطط واستراتيجيات المشاريع التي سيتم تنفيذها، ومن ثم وضعها موضع التنفيذ.

السوق: سابقاً كان ذلك يسمّى «المساعدات التنموية»، أليس كذلك؟

جونر: توقفنا عن إستخدام هذا المصطلح لأنه يحتوي دائماً على المعنى الخيري. واليوم نسمي ما نقوم به بـ «التعاون الاقتصادي»، لأننا نعمل على قدم المساواة مع الشركاء في البلدان النامية. وهذا يعني ان حكومات الدول الشريكة تخبرنا عن المجال او القطاع الذي يرغبون في تطويره، ونحن بدورنا نقوم بتقديم المساعدات اللازمة. وغالبا ما يبدأ ذلك بتدريب الموظفين والعاملين حتى نتمكّن من إحداث التغيير والتطوير، وهو ما يتبعه تطوير النظام الإداري، بحيث يمكننا الإعتماد على أن التطوير أصبح مستقر ودائم.

السوق: هل ممكن أن تُعطينا مثلاً عمليا على ذلك؟

جونر: لنأخذ مثلا مهمة تنظيم إمدادات المياه لمجتمع صغير. هنا يجب أن يتم تدريب وتأهيل الموظفين، كما يجب إنشاء وحدات إدارية لها نظم قادرة وفعالة في الجانب التقني والإداري. ونحن نساعد في تحقيق ذلك.

السوق: ما هي مجالات العمل المشترك مع الدول العربية؟

جونر: تختلف المجالات من بلد إلى آخر. فعلى سبيل المثال نحن ندعم الأردن في مواجهة التحديات والمهام التي يفرضها تدفق مئات الآلاف من اللاجئين السوريين. وعملنا أيضاً مع المسؤولين هناك لسنوات بهدف تنظيم الاستخدام المستدام للمياه النادرة للغاية في الزراعة، بالإضافة إلى تدريب الشباب وهو أيضاً جزء مهم من عملنا.

أما في تونس فقد قدمنا بالتعاون مع مؤسسات وشركاء حكوميين ومن القطاع الخاص، الكثير للقطاع السياحي، بالإضافة إلى الدورات التدريبية حول معايير الجودة في القطاع الزراعي.

السوق: تتولى GIZ أيضاً تنفيذ مشاريع في إطار ما يعرف بـ «المبادرات الخاصة»، من خلال قسم خاص إسمه GloBe في المؤسسة. ما هي هذه المبادرات الخاصة؟

جونر: قرر الوزير الاتحادي للتعاون الاقتصادي والتنمية الدكتور جيرد مولر، التركيز على بعض الموضوعات، ولهذا تم إطلاق أربع مبادرات خاصة منذ العام 2014م، ثلاث منها مُفعّلة بشكل خاص في العالم العربي.

السوق: ما هي هذه المبادرات الخاصة بالعالم العربي؟

جونر: على سبيل المثال المبادرة الخاصة بـ «محاربة أسباب الهروب وإعادة دمج اللاجئين»، والتي من خلالها نسعى إلى تحقيق الاستقرار في هذه البلدان المجاورة لأوروبا من أجل الحد من أسباب اللجوء. وكذلك المبادرة الخاصة «الاستقرار والتنمية في شمال أفريقيا – الشرق الأوسط» – وهذه تشمُل على سبيل المثال، مشروع «المساجد الخضراء». وهناك البلدان التي هي «شريك لتطوير أنظمتها»، مثل تونس في مبادرة «التدريب والتوظيف» الخاصة. والتي تهدف الى انجاز قائمة شروط وضوابط رسمية تُساعد الناس على الاستقرار في وظائف دائمة.

السوق: هل لديك مثال أكثر تحديداً؟

جونر: في تونس قمنا مع موردي السيارات الألمان بتأسيس أكاديمية لتدريب المتخصصين، والتي من خلالها يمكن تدريب المديرين التنفيذيين من المستوى المتوسط، مما يُتيح تعزيز موقع تونس استثماري.

© KfW Bildarchiv-Ruediger Nehmzow

السوق: ما هي «البلدان الشريك لتطوير أنظمتها»؟

جونر: كجزء من رئاسة ألمانيا لمجموعة العشرين في العام 2017م، تم تقديم فرص شراكات لتطوير الأنظمة المختلفة من قبل الحكومة الاتحادية الألمانية، وهو نموذج جديد للتعاون مع الدول الشريكة من القارة الأفريقية، ويهدف بشكل خاص إلى تعزيز الظروف الاقتصادية والاستثمار الخاص في البلدان الشريكة. وتونس هي واحدة من هذه الدول.

السوق: هل السودان من هذه الدول أيضا؟

جونر: لا، السودان ليس واحداً منها بعد، فالوقت ما يزال مبكراً على ذلك. لكن بعد أن حازت الحكومة الانتقالية في السودان على ثقة الدول المانحة، بدأنا حالياً في وضع الأُطر التي ستجعل التعاون ممكنا ومستقراً.

وستكون الأولوية الرئيسية في السودان في المستقبل هي ضمان الأمن الغذائي للناس، ففي هذا القطاع يُعاني السودان من بعض المشاكل، رغم وجود الإمكانية لتطوير زراعة مزدهرة وكبيرة للغاية. هناك.

السوق: هل الأمن الغذائي من الموضوعات الرئيسية التي تتعامل معها GIZ ، وفي المستقبل أيضاً؟

جونر: نعم، إن الأمن الغذائي هو أحد الموضوعات التي تهُم عملنا، خاصة مكافحة الجوع. وبالتأكيد أيضاً اللجوء ومحاربة أسبابة، والمُساعدة على استقرار البلدان التي تستوعب العديد من اللاجئين. وهذا ينطبق بشكل خاص على المنطقة العربية، حيث يعيش حوالي 9.2 مليون لاجئ يحتاجون إلى مستقبل أفضل. وبالطبع هناك أيضاً موضوع المناخ، وتندرج تحته موضوعات مكافحة تغيرات المناخية والاستراتيجيات للتكيف مع تغيرات المناخية.

السوق: يوجد لديكم في GIZ ما يُسمّى بـ «خدمة السلام المدني» ما هي مهامها؟

جونر: يتعلق الأمر بإدارة النزاعات وحلها، فنحن نعمل مع الناس الذين عانوا من أمور سيئة. ومن الأمثلة على ذلك في شمال العراق والتجارب المروّعة التي عاشها الناس هناك مع داعش. مثال آخر هو الأراضي الفلسطينية، حيث نحاول التقريب بين اليهود والمسلمين. وفي الإطار العام يتعلق الأمر بالعمل النفسي والاجتماعي، ولكنه يتعلق أيضاً بالتدابير الوقائية، أي التعرف على أسباب الصراع وتجنبها.

السوق: سيدة جونر، في منصبك السابق كوزيرة في حكومة ولاية بادن فورتمبيرغ كنتِ مسؤولة عن ملف البيئة والطاقة. لذلك من الطبيعي ان تكوني أكثر اطلاعاً على طموح ألمانيا فيما يتعلق ببرنامج تحوّل الطاقة. ومن الواضح تماماً أن ألمانيا ستبقى بلداً مستورداً للطاقة، حتى لو كان التحوّل إلى التقنيات المستدامة قد اكتمل. ماذا يعني هذا بالنسبة لـ GIZ؟

جونر: هذا يعني أن هناك فرصاً كبيرة، بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الاتحادية، لإقامة تعاون وثيق مع الدول الشريكة في مجال الطاقة. وتشمل هذه الدول المغرب والجزائر وتونس والأردن والإمارات العربية المتحدة في العالم العربي. فبفضل الإشعاع الشمسي المكثف والمساحات الكبيرة من الأراضي، تتمتع هذه البلدان بظروف جيدة جداً لتوليد الطاقات المتجددة. في الوقت نفسه، لا تمتلك هذه البلدان بعد البنية التحتية الضرورية للاستفادة من هذه الإمكانيات مثل ألمانيا. وهذ الامر جيد بحد ذاته حيث انه يتيح إمكانية تأسيس وانشاء الهياكل اللامركزية منذ البداية، كما انه يعد فرصة كبيرة من اجل تطوير المفاهيم، لهذا هي فرصة مناسبة.

ومن ثم يأتي الحديث عن الهيدروجين، وهو بالطبع موضوع ضخم لكلا الجانبين. حيث يظهر هنا مجال تعاون جديد بالكامل. لكن علينا دائماً توخي الحذر حتى لا نضع في الاعتبار مصالحنا الخاصة فحسب، بل أيضاً مصالح البلدان الشريكة المعنية.

السوق: ما هي الدول المرشحة للتعاون في هذا المجال؟

جونر: لدى المغرب بنية تحتية جيدة، ونفكر أيضا في تونس. لكن دولاً أخرى مثل مصر أو الجزائر لديها اهتمام في هذا الجانب ايضاً. لقد بدأنا للتو في موضوع الهيدروجين، وما يزال هناك الكثير لإنجازة في هذا المجال. كما توجه وزارة الاقتصاد الاتحادية الألمانية نظرها الى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بسبب حجمهما الإقتصادي والإمكانات التي لديهما. ونحن في GIZ نفكر بالطبع في البلدان التي يمكنها أيضاً استخدام شراكتنا اقتصاديا بشكل إيجابي.

السوق: مؤسسة (GIZ) هي هيئة حكومية كبيرة ويعمل فيها أكثر من 22 ألف موظف، مع حجم اعمال يصل حاليا الى حوالي 3,1 مليار يورو. مما يعني انها مساهم هام في قطاع التعاون الدولي. كيف تحصل GIZ على المشاريع؟

جونر: في العادة يلتقي مسؤولي الحكومات المحلية مع ممثلين من السفارات الألمانية في بلدانهم، ويحددون المجالات التي يرغبون في تطويرها، ومن ثم يتحول ذلك إلى المشاريع التي نتعامل معها. ومن حين لآخر، هناك أيضاً مقترحات مشاريع من أطراف ثالثة، على سبيل المثال من المجتمع المدني في البلدان المعنية أو من رعاة المشروع من ألمانيا ذوي الخبرة وذات الصلات في الخارج. أما التمويل فيأتي مُعظمه من وزارة التنمية الاقتصادية والتعاون الدولي الإتحادية. لكننا نعمل أيضاً مع وزارات أخرى في ألمانيا، مثل وزارة البيئة ووزارة الاقتصاد ووزارة المالية. هذه الوزارات أيضا لها إهتمامات معينة. وهكذا نتلقى نحن العقود ونقوم بتنفيذها.

السوق: هل بالإمكان اعطائنا أمثلة؟

جونر: وزارة البيئة لديها برنامج مناخي هو «مبادرة المناخ الدولية»، ومن هنا نتقدم نحن بعرضنا لتنفيذ المشروع، وندخل في منافسة مع الآخرين، ويكون المنافسون غالباً اما منظمات تابعة للأمم المتحدة أو بنوك أو منظمات غير حكومية أو مراكز أبحاث، وفي حالات نادرة أيضًا مكاتب استشارية خاصة. ونحن نأخذ بعين الإعتبار أننا لا نريد احتكار تنفيذ المشاريع، ونهدف إلى تقسيم للعمل، فنحن موجودون أكثر من أجل اساسيات تنفيذ المشاريع وشروطها، فيما يتركز عمل المكاتب الاستشارية غالباً في التعامل مع القضايا الواقعية.

السوق: هل وظيفة GIZ أيضاً هي الربط بين المبادرات الألمانية الخاصة والإمكانيات المُتاحة، على سبيل المثال من خلال تشكيل الاتحادات؟

جونر: هذا بالضبط ما نفعله. وعلى سبيل المثال، في نطاق مبادرة وزارة الاقتصاد والطاقة الاتحادية لتصدير الطاقة، والتي أويدها بقوة، يتعين علينا دائماً الحصول على العقد للطلب وإثبات توفير التمويل، وهي وثائق يجب أن تلتزم بالأنظمة والمعايير المتبعة، وبعد ذلك ما يزال يتعين علينا إستكمال العمل على هذا الجانب، لأننا بحاجة للحوار والى نماذج لتنفيذ ذلك.

السوق: إحدى الموضوعات والتي ما تزال جديدة، هي الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة الاتحادية للهيدروجين. نحن نعلم أنه يتعين على ألمانيا استيراد الهيدروجين بكميات كبير جدا من أجل تلبية أهداف المناخ، وفي نفس الوقت الحفاظ على الصناعة القائمة. لكن لا أحد يستطيع تطبيق هذه الاستراتيجية في حزمة واحدة، فالسوق المحلي وحده لن يكفي لتطوير هذه الصناعة في ألمانيا. خصوصا في وجود منافسة دولية، حيث تظهر في هذا المجال الصين التي تدعم شركاتها المملوكة للدولة؟

جونر: في هذا المجال نحتاج إلى نماذج موثوقة تتناسب أيضاً مع اللوائح والانظمة. نحن بحاجة إلى تعزيز التجارة الخارجية وكذلك إلى تطوير مفهوم خاص. وهنا يعتبر موضوع الهيدروجين الأخضر مثالاً جيداً.

السوق: هل تحرصون في (GIZ) على أن الأموال الممنوحة من ألمانيا تفيد الشركات الألمانية أيضاً؟ فمثلا، ففي موضوع توليد الطاقة الشمسية من الخلايا الكهروضوئية، قدمت ألمانيا، إذا جاز التعبير، مساعدات تنموية للصين. إلا أن الصين قامت بعد ذلك بدفع العديد من الشركات الألمانية إلى الخروج من السوق الوطنية الصينية والسوق الدولية.

جونر: نحن ملزمون بالامتثال لقانون المشتريات العامة الألماني والأوروبي عند اختيار شركائنا. بالإضافة إلى ذلك، وفي الاستثمارات الكبيرة تتم الإستعانة ببنك التنمية الألماني (KfW)، والذي بدوره بالطبع يُصرون على الامتثال للوائح المصرفية الخاصة بهم. بالنسبة لي من المهم أن ننسق مع بعضنا في الحكومة الاتحادية، ومن المؤكد أن تشكيل فريق عمل مشترك بين الوزارات سيكون مفيداً جداً في موضوع الهيدروجين.

السوق: هل أثر وباء Covid-19 على عمل GIZ؟

جونر: في هذا الجانب ظهرت بشكل واضح نقاط قوة GIZ، فنحن نعمل مع زملائنا الموجودين في الموقع، وهذا غالباً ما يمثل تحدياً لهم، بما في ذلك التحدي الشخصي. لكن بالنسبة لعمل GIZ كمؤسسة، فهذه ليست مشكلة. على العكس من ذلك، مع ظهور الكورونا أضفنا مجالاً جديداً لنشاطاتنا، حصلنا من خلاله ذلك على عقود جديدة، وذلك مرتبط بالطبع بخبرتنا الممتدة لسنوات عديدة في مجال تعزيز وتقوية النُّظم الصحية. فمن خلال مجموعة «خبراء الصحة سريعة الانتشار (SEEG)»، التي تأسست عام 2015م، ندعم البلدان الشريكة والمنظمات الشريكة للتعاون الإنمائي الألماني في الاستعداد لمواجهة تفشي الأمراض والاستجابة لها. وذلك في وقت قصير جدا وبشكل أكثر مرونة. ففي مجال مكافحة وباء Covid-19، على سبيل المثال، تقوم بشراء أجهزة اختبار ومواد المختبرات لبلدان مختلفة، ونقوم بتدريب موظفي المختبرات وموظفي الصحة لتحديد الحالات المشتبه فيها وفحص العينات.

السوق: ما الذي قد ترغبين أن تفعلينه بشكل مختلف، في حال سُمح لكِ بذلك؟

جونر: هذا سؤال مثير للاهتمام. أعتقد أنني أود التحدث بشكل مكثف أكثر مع الحكومات حول ما هو مطلوب بالفعل محلياً. فغالباً ما تكون لدينا أفكار مختلفة عن شركاء التعاون. كما أود أن يُتاح لنا المزيد من الوقت لدراسة التفصيل. بالإضافة إلى أنني أشعر أن ألمانيا بنظام اقتصاد السوق الاجتماعي والبيئي الذي تتبعه، ما تزال نموذجية. وهنا يخطر في ذهني تساؤل حول كيف يمكن نقل هذا النموذج إلى البلدان التي نعمل معها.
وعودة إلى موضوع المنافسة مرة أخرى، أود أن نفكر ملياً في كيفية استخدام مزايا مؤسسة اتحادية مثل الـ GIZ لصالح الاقتصاد الألماني، وفي مواجهة المنافسة مع دول مثل الصين وفرنسا والولايات المتحدة ودول أخرى ومؤسساتها الأجنبية.

السوق: السيدة جونر، أشكرك جزيلا على المقابلة الشيقة.
أجرى المقابلة يورغن هوغريفه