اتخذت ألمانيا قرارا استراتيجيا بأجراء تحول في قطاع الطاقة يقضي بخفض الاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية والتخلي عن الطاقة النووية في توليد الكهرباء والاستعاضة عنها بمصادر الطاقة المتجددة. اقرار برنامج التحول في الطاقة في ألمانيا لم يتم التفكير فيه والوصول الية اعتمادا على الحاجة الاقتصادية في الأساس، وان كان العائد الاقتصادي مجزيا بشكل كبير على المدى البعيد، بل لعب تصاعد الوعي البيئي الشعبي داخل المجتمع الالماني الدور الاكبر في اعتماده كسياسة جديدة للطاقة، ومشاركة حزب الخضر الداعم لمشاريع حماية البيئة في الحكومة الائتلافية مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي خلال الفترة 1998-2005م، كما ان تولى انجيلا ميركل منصب المستشارية بداية من العام 2005م وهي التي كانت وزيرة البيئة بداية عقد التسعينات، ساهم في دفع عملية التحول في الطاقة.

اهداف استراتيجية التحول في الطاقة

تقضي اهداف خطة التحول في الطاقة بإنجاز عدد من الاهداف الرئيسية ، الهدف الاول منها يتمثل في الوصول بنسبة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في انتاج الطاقة الكهربائية المستهلكة في ألمانيا الى نسبة 40-45 في المئة بحلول العام 2025م، وهو ما تم بالفعل الوصول اليه في العام 2019م. فيما يركز الهدف الثاني على اخراج أخر مفاعل نووي يستخدم في توليد الكهرباء من الخدمة وإيقافه نهائيا عن العمل بحلول العام 2022م، وهو ما تم إنجازه أيضا في ابريل من العام 2023م بعد تأخير لأربع اشهر عن الموعد المحدد بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وضمان إمداداتها.

الهدف الثالث لخطة التحول في الطاقة كان خفض انبعاثات الغازات العادمة بنسبة 40 في المئة في العام 2020م وذلك مقارنة بنسبتها في العام 1990م، وبحسب دراسة بعنوان «تحول الطاقة في ألمانيا: الوضع الراهن في عام 2023». أجراها مركز أبحاث Agora لدراسات تحول الطاقة، أنتجت ألمانيا أقل حجم من الغازات العادمة المسببة للانحباس الحراري العالمي في العام 2023م، منذ نحو 70 عامًا، حيث انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العام الماضي بمقدار 73 مليون طن إلى إجمالي 673 مليون طن مقارنة بعام 2022م، ويمثل هذا الحجم من الانبعاثات انخفاضا بنسبة 46 في المئة مقارنة بعام 1990م. كما يمثل أقل من حجم الانبعاثات الذي كان متوقعًا في العام 2023م، والبالغ 722 مليون طن.

ووفقا للدراسة، فإن هنالك أسباب متنوعة لهذا الانخفاض القياسي في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون فإلى جانب ارتفاع نسبة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في انتاج الكهرباء تسبب تراجع الإنتاج الصناعي، خصوصا تراجع الإنتاج في الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في تقليل حجم الانبعاثات بالإضافة الى انخفاض حجم الكهرباء المنتجة عبر استخدام الفحم والذي يعتبر من أكثر مصادر الطاقة الاحفورية المنتجة للغازات العادمة. كما أدى ارتفاع أسعار الكهرباء الى تراجع الاستهلاك في العام 2023م بنسبة 3.9 في المئة مقارنة بالعام 2022م.

الحياد المناخي بحلول العام 2045م

عدلت الحكومة الاتحادية في منتصف العام 2021م، هدفها بالوصول الى صفر انبعاثات غازات عادمة الى 2045م بدلا من 2050م. وبحسب دراسة لعدد من معاهد الأبحاث والمؤسسات فان تحقيق الحياد المناخي بهذا الموعد يتطلب تسريع عدد من الخطوات الأساسية فيما يتعلق بحماية المناخ، من اهمها، التخلص التدريجي المبكر من الفحم، والمزيد من السيارات الإلكترونية والتوسع في تقنيات انتاج الكهرباء الخضراء. اذ يجب وفقًا للدراسة تكثيف استخدام التقنيات التي ترفع كفاءة استهلاك الطاقة الى جانب التوسع في تطوير الطاقات المتجددة وطاقة الهيدروجين بشكل أسرع. كما انه من الضروري على وجه التحديد لألمانيا التخلص التدريجي من محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم بحلول عام 2030م بدلا عن الموعد المقرر في العام 2038م على أبعد تقدير.

وتعتبر الدراسة أن التوسع بشكل كبير في بناء محطات توليد الطاقة عبر الرياح وعبر الطاقة الشمسية أصبح ضرورة ملحة. كما أصبح لطاقة الهيدروجين الاخضر أهمية متزايدة، حيث يجب ان يحل الهيدروجين بعد عام 2040م محل الغاز الطبيعي باعتباره أهم وسيلة لتخزين الطاقة المتولدة عبر طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتعويض الطاقة الكهربائية في الأوقات التي يقل فيها انتاج هذين النوعين من الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، ووفقًا للدراسة، يجب أن يتم الانتقال الى السيارات الكهربائية بشكل أسرع، اذ يفترض ان يبلغ عدد السيارات الكهربائية في شوارع ألمانيا أكثر من 14 مليون سيارة بحلول العام 2030م، كما يجب ان يتوقف انتاج السيارات بمحركات الاحتراق الداخلي بحلول العام 2032م، وبحلول عام 2045م، سيتعين استبدال جميع المركبات المزودة بمحركات احتراق داخلي تقريبًا بسيارات كهربائية.

الاستثمارات اللازمة لتحقيق الحياد المناخي

يتطلب تحيق الحياد المناخي لألمانيا في العام 2045م، استثمارات اجمالية تبلغ حوالي خمس تريليونات يورو وذلك وفقا لدراسة أجراها معهد Nextra، للاستشارات ومعهد الاستثمارات الرأسمالية المستدامة (NKI) لحساب بنك إعادة الاعمار والتنمية الحكومي (KfW). وعلق كبير الاقتصاديين في بنك التنمية الألماني Fritzi Köhler-Geib على هذا بالقول «انه مبلغ ضخم بالفعل لكن من الممكن جمعه وتنفيذ الإجراءات اللازمة لتحقيق الحياد المناخي، على انه ينبغي توجيه الاموال الحكومية الى الاستثمارات المناسبة لأهداف الحياد المناخي الى جانب حشد وتجميع الاستثمارات الخاصة لنفس الهدف»، خصوصا ان جزءً كبيرا من هذا المبلغ هي استثمارات مخططه وسيجري تنفيذها بالفعل في جميع الأحوال، لكن يجب فقط توجيه هذه الأموال أكثر نحو البدائل التي تساهم في الحياد المناخي. ووفقًا للدراسة، فإن الاستثمارات الإضافية المتعلقة بشكل مباشر في تنفيذ إجراءات الوصول الى الحياد المناخي قد تصل إلى 1.9 تريليون يورو وهذا يساوي استثمارات إضافية سنوية بمتوسط 72 مليار يورو حتى عام 2045م.

ويذكر الباحثون والخبراء أن تحقيق هدف الحياد المناخي يتطلب تحولًا واسع النطاق في جميع القطاعات الاقتصادية، بداية من قطاع النقل مروراً بقطاع الصناعة حتى الوصول إلى قطاع بناء وصيانة المنازل. ووفقاً لبنك إعادة الاعمار KfW، فان هذه الاستثمارات تعتبر استثمارات جيدة لأن استثمارات حماية المناخ توفر أيضًا فرصة لتحسين القدرة التنافسية لألمانيا من خلال تطوير تقنيات جديدة يمكن أن تعزز ألمانيا كموقع صناعي موجه للتصدير على المدى الطويل، وبما يمكن أيضا أن تولد ألمانيا دخلاً من شأنه أن يغطي ثلثي الاستثمارات الإضافية الضرورية.

وبحسب الدراسة فأن الجزء الأكبر من الاستثمارات الموجه لتحقيق هدف الحياد المناخي سوف تتركز في ثلاث قطاعات رئيسية:

  • قطاع النقل حيث من المتوقع ان تكون في حدود 2.1 تريليون يورو، لكن الجزء الأكبر من هذا المبلغ هي استثمارات مخططة بالفعل ويتعلق الأمر فقط بإعادة تنظيم وتوجيه هذه الاستثمارات وبالتالي فإن الاستثمارات الإضافية الفعلية أقل بكثير وقد تصل الى 153 مليار يورو فقط.
  • قطاع الطاقة يأتي في المركز الثاني من ناحية الاستثمارات المطلوبة بقيمة 840 مليار يورو سيوفر القطاع الخاص 636 مليار يورو منها، كما ان الاستثمارات الجديدة اللازمة في هذا القطاع من غير المبالغ المخططة بالفعل تبلغ 254 مليار يورو.
  • قطاع الصناعة يحتاج الى استثمارات بقيمة تناهز 620 مليار يورو لتحقيق الحياد المناخي، منها 462 مليار يورو استثمارات إضافية، ويعود السبب في كبر حجم الاستثمارات الإضافية الى ان التحول في قطاع الصناعة الى أساليب انتاج صديقة للبيئة يحتاج الى تقنيات جديدة تمامًا وجهود إضافية في تعديل عمليات التصنيع وحلول مبتكرة في توفير الطاقة.

أهم حلول الطاقة المبتكرة

يعتمد نجاح استراتيجية التحول في الطاقة الى حد بعيد على التطور التقني والابتكار في مجال الطاقات المتجددة والتقنيات الداعمة لها بالإضافة الى تطوير بدائل مصادر الطاقة الاحفورية. ويظهر أثر التقنيات الجديدة على التحول في الطاقة في مجال انتاج الكهرباء، حيث غطت في مجال مصادر الطاقة المتجددة خلال العام 2023م أكثر من نصف استهلاك ألمانيا من الكهرباء وذلك للمرة الأولى بنسبة 52 في المئة بحسب بيانات مركز أبحاث الطاقة الشمسية والهيدروجين (ZSW) والرابطة الاتحادية لصناعة الطاقة والمياه (BDEW). ومقارنة بالعام السابق، يمثل هذا زيادة بنسبة 5 في المئة. وقد بلغ إجمالي استهلاك الكهرباء في عام 2023م حوالي 517.3 مليار كيلووات/ساعة. ويمثل هذ الارتفاع في مصادر الطاقة المتجددة في انتاج الكهرباء خطوة في طريق تحقيق هدف الحكومة الاتحادية بان يتم توليد 80 في المئة من الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030م.

الطاقة الشمسية

تلعب الطاقة الشمسية دورًا اساسيًا في تحقيق التحول في الطاقة المنشود في ألمانيا انطلاقا من عدة اعتبارات من اهمها التقدم التقني الكبير الذي تحقق في مجال خلايا الطاقة الشمسية والذي رفع من كفاءتها الى مستويات عالية وسهولة استخدام اللوحات الشمسية وتركيبها على أسطح البنايات او شرفات المنازل بالإضافة الى التكلفة المناسبة لأسعار الطاقة الكهربائية المنتجة عن طريق الخلايا الشمسية بالمقارنة مع مصادر الطاقة الأخرى. كما تكمن ميزة الشمس كمصدر للطاقة في أنها متاحة مجانًا وبدون قيود وإلى أجل غير مسمى.

كان عام 2023م، عاما قياسيًا لقطاع انتاج الطاقة الشمسية في ألمانيا حيث أفاد اتحاد صناعة الطاقة الشمسية (BSW) أنه تم تركيب أكثر من مليون نظام جديد للطاقة الشمسة في ألمانيا بقدرة انتاج بلغت ما مجموعة 14 جيجا وات إضافية الى انتاج الطاقة الكهربائية، وكان نصف أنظمة الطاقة الشمسية المثبتة حديثًا في عام 2023م هي أنظمة الطاقة المثبتة على شرفات واسطح المنازل، بينما كانت 31 في المئة منها عبارة عن أنظمة كهروضوئية مثبته في المساحات المفتوحة، ونحو 18 في المئة عبارة عن أنظمة مثبتة على الأسطح التجارية. وبشكل اجمالي، هناك حوالي 3.7 مليون نظام لتوليد الطاقة الشمسية في التشغيل في ألمانيا. قامت هذه الأنظمة في عام 2023م، بتوليد حوالي 55 تيرا وات /ساعة من الكهرباء، وهو ما يعادل حوالي 12 في المئة من إجمالي استهلاك الكهرباء في ألمانيا.

وبهذا الرقم القياسي لأكبر عدد من أنظمة الطاقة الشمسية المثبتة حديثًا بقدرة توليد كهرباء إضافية تبلغ 14.1 جيجا وات، تحتل ألمانيا المركز الأول في التصنيف الأوروبي للطاقة الشمسية تليها إسبانيا بقدرة إضافية جديدة العام 2023م، تبلغ 8.2 جيجاوات ومن ثم إيطاليا بقدرة 4.8 جيجا وات وجاءت بولندا في المركز الرابع بقدرة توليد جديدة من الطاقة الشمسية بواقع 4.6 جيجاوات واحتلت هولندا المركز الخامس بقدرة إضافية تبلغ 4.1 جيجا وات. ويتوقع الخبراء استمرار ازدهار انتاج الطاقة الشمسية في العام 2024م، فبحسب اتحاد صناعة الطاقة الشمسية يخطط أكثر من 1.5 مليون مالك عقار في ألمانيا لتركيب نظام طاقة شمسية على سطح منزلهم، ويعود ذلك الى ارتفاع أسعار الكهرباء المستمر بالإضافة الى شروط التمويل المغرية التي يتم تقديمها لشراء وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية.

طاقة الرياح

مثل كافة مصادر الطاقة المتجددة، تعد طاقة الرياح جزءاً لا يتجزأ من تكنولوجيا المستقبل، فقد شهدت طاقة الرياح تطوراً ملحوظاً على مدى الثلاثين عاماً الماضية، وأصبحت اليوم مصدر انتاج الطاقة الكهربائية الأساسي في ألمانيا. هذا التقدم السريع يعزى بشكل كبير إلى البحث المستمر والابتكار والتحسين المستمر في التقنيات، ومن ثم فإن استخدام طاقة الرياح وتوربيناتها الحالية لم يصل بعد إلى أقصى إمكاناتها التكنولوجية. حيث تم تحسين أداء توربينات الرياح الحالية بفعالية كبيرة نتيجة لسنوات طويلة من البحث وتطوير المواد والتصميمات الهيكلية. على سبيل المثال، عندما تم تشغيل أول توربينات رياح في ولاية شليسفيج هولشتاين في عام 1987م، كان ارتفاعها 20 متراً وكانت قدرتها القصوى 55 كيلووات. واليوم، يصل ارتفاع التوربينات إلى 160 متراً، مع قدرات تصل إلى 5 ميجاوات على اليابسة و15 ميجاوات في البحر، وهو ما يعادل اضعاف حجم انتاج الكهرباء مع النسخ الأولى من التوربينات. وما زال تطوير تقنيات انتاج الكهرباء عبر طاقة الرياح قائما بما في ذلك جعلها أكثر هدوءً وأخف من ناحية الوزن وأكثر كفاءة في انتاج الكهرباء.

وفي هذا المجال تمثل ما يسمى توربينات الرياح العائمة ثورة محتملة في تقنيات توربينات الرياح البحرية، فبدلاً من التثبيت المعقد بأساس في قاع البحر، يمكن بناء توربينات الرياح العائمة على منصة عائمة في الماء، حيث سيتم التخلص من التكاليف والجهد المبذول لبناء الأساس في أعماق المياه وبالتالي تمثل توربينات الرياح العائمة إمكانية مثيرة للاهتمام لاستبدال توربينات الرياح البحرية الباهظة الثمن والتي تتطلب عمالة كثيفة، بنماذج أرخص والاستفادة من الرياح الأقوى والأكثر ثباتًا في البحار، كما يتمتع هذا النوع من النماذج بميزة أخرى حيث يمكن استخدامها أيضًا في المياه العميقة بعيدًا في البحر.

بالإضافة الى ذلك توجد في الوقت الحالي العديد من المشاريع البحثية لجعل توربينات الرياح البحرية أكثر فعالية من حيث التكلفة والفعالية. حيث يتوقع خبراء طاقة الرياح أن إنتاج الأنظمة البحرية التقليدية يمكن أن يرتفع إلى 25 ميجاوات من إنتاج كل توربينة رياح بحلول عام 2025م من خلال التقنيات الجاري تطوريها حاليًا.

الهيدروجين الأخضر

يلعب الهيدروجين الأخضر دورا أساسيا في تحقيق التحول في الطاقة ويمثل الحل الأكثر ملائمة حتى الان للعديد من الإشكاليات والعقبات التي تواجه تنفيذ الاستراتيجية الخاصة بهذا التحول. فمن ناحية يعتبر الهيدروجين الأخضر هو البديل الوحيد للطاقة الاحفورية في بعض الصناعات، على سبيل المثال الصناعات الكيميائية أو صناعة الأسمنت أو صناعة الحديد والصلب، وهي صناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة وتسهم في الوقت الحالي بنسبة كبيرة في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الضار بالمناخ. ومن ناحية اخرى تتمثل اهمية استخدام الهيدروجين الأخضر كبديل اخضر للطاقة في وسائل النقل الثقيلة التي لا توجد في الوقت الحالي اية إمكانية لأن تعمل بمصادر الطاقة المتجددة المتاحة مثل الطائرات وسفن النقل البحرية وشاحنات النقل الثقيل والتي يعد الهيدروجين الأخضر الخيار المتاح لها للتحول الى التنقل الأخضر.

لهذا تعمل الحكومة الألمانية على دعم كل مشاريع الابتكار وجهود البحث العلمي المتعلقة بتطوير انتاج الهيدروجين الأخضر وعملية نقلة وتخزينه وايضًا البدء في استخدامه في تشغيل المصانع ومحطات توليد الكهرباء وكذلك وسائل النقل.

ومع الأهمية التي يمثلها الهيدروجين الأخضر قامت الحكومة الألمانية في صيف العام الماضي 2023م، بتحديث استراتيجيتها في هذا المجال من اجل مواكبة المتغيرات والتحديات التي تواجه عملية تطوير صناعة الهيدروجين في المانيا من انشاء بنية تحتية فاعلة الى ضمان تحقيق انتاج الهيدروجين بكلفة مناسبة الى جانب تعزيز التعاون الدولي بين المانيا وبين الدول التي تمتلك إمكانيات كبيرة في انتاج الهيدروجين.

البطاريات وتخزين الطاقة

يرافق العديد من التقنيات الحديثة لإنتاج الطاقة بعض من الإشكاليات وعلى وجه التحديد انتاج الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، واللتان تعتمدان على العوامل الطبيعية فحيث يزداد سطوع الشمس او تشتد الرياح يتم أنتاج كهرباء أكبر من الكمية المطلوبة او التي يمكن استهلاكها وكثيرا ما يتم فصل بعض محطات طاقة الرياح او الطاقة الشمسية عن شبكة توزيع الكهرباء لتخفيف الاحمال. ولهذا السبب فإن تطوير تقنيات تخزين الطاقة ضروري.

وقد طورت عدد من الشركات الناشئة تقنيات جديدة للبطاريات المحسّنة بواسطة الذكاء الاصطناعي (AI). وتقوم الشركات بشراء الكهرباء عندما تكون رخيصة، وتخزنها مؤقتًا وتبيعها لاحقًا، عندما يرتفع سعر الكهرباء مرة أخرى ويكون الطلب مرتفعًا أيضًا.

وتعد أنظمة التخزين واسعة النطاق والمدارة بواسطة الذكاء الصناعي ضرورية لتحقيق التحول في الطاقة، لأنه في الأيام المشمسة والرياح القوية، تشكل الملايين من أنظمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ضغطًا على شبكة الكهرباء الألمانية، ويجب إيقاف تشغيل بعضها. ولضمان عدم وجود خطر انقطاع التيار الكهربائي في الأيام الهادئة والغائمة، يتم استخدام محطات توليد الطاقة التي تعمل بالغاز والفحم كبدائل، وهنا يأتي دور أنظمة التخزين الطاقة التي تساهم في تقليل كمية الكهرباء التي يتم انتاجها عبر مصادر الطاقة الأحفورية.

ووفقًا للاتحاد الألماني لأنظمة تخزين الطاقة (BVES)، ارتفعت مبيعات الصناعة بمقدار الربع في عام 2023م. كما تضاعفت مرافق التخزين الكبيرة المسجلة لدى وكالة الشبكة الاتحادية أكثر من الضعف من عام 2022م إلى بداية عام 2024م. ويوجد حاليًا 2010 وحدات تخزين واسعة النطاق بسعة تبلغ حوالي 1.6 جيجاوات/ساعة. وقال الخبير في أنظمة التخزين Jan Figgener، أنه تم «في العام ونصف العام الماضيين، تركيب سعة تخزينية تبلغ ضعف ما تم تركيبه في السنوات العشر السابقة، فيما تبلغ مشاريع التوسع في تخزين الطاقة المزمع تنفيذها خلال الأعوام القليلة القادمة عدة اضعاف سعة التخزين المتاحة حاليًا».