تراجعت توقعات المصدرين الالمان حول نشاطهم الاقتصادي بشكل كبير نتيجة اثار انتشار فيروس كورونا، واظهر مؤشر معهد الدراسات الاقتصادية في جامعه ميونخ Ifo تدهور مناخ الاعمال لدى المصدرين حيث انخفض المؤشر من سالب 1,1 نقطة المسجل في شهر فبراير الماضي الى سالب 19,8 نقطة خلال شهر مارس. ويعد هذا أكبر تراجع في المؤشر منذ إعادة تحقيق الوحدة الألمانية عام 1990م وأدنى مستوى له منذ شهر مايو عام 2009م. وتواجه ألمانيا كدولة مصدرة صعوبات اضافية بسبب تباطؤ التجارة العالمية نتيجة جائحة كورونا، بالإضافة الى ان الخدمات اللوجستية وخدمات النقل عبر الحدود أصبحت أكثر صعوبة.
وانخفضت توقعات الصادرات في جميع القطاعات الصناعية تقريبًا، وان شهدت بعض القطاعات تضررا أكبر، حيث تراجعت توقعات التصدير بشكل كبير في قطاع صناعة السيارات بشكل خاص، ويسري الامر كذلك على صناعة المعدات والآلات، وينطبق الأمر نفسه على مصنعي المنسوجات والملابس. ولوحظ انخفاض معتدل نسبيا في توقعات اعمال التصدير بين مصنعي المعدات الكهربائية وفي الصناعات الكيميائية.
وفي سياق متصل تراجع مؤشر معهد أبحاث السوق GfK حول ثقة المستهلكين الى أدني مستوى له منذ الازمة المالية العالمية في عام 2009م، حيث تراجع مؤشر المناخ الاستهلاكي الشهري بمقدار 5,6 نقطة الى 2,7 نقطة في شهر ابريل بسبب خشية المستهلكين على وظائفهم وتوقع فقدان الدخل إضافة الى ارتفاع الميل للادخار لدى المستهلكين والذي كان قد شهد خلال الفترات الماضية تراجعا حاداً بسبب تدني اسعار الفائدة. وكان المؤشر قد سجل ادني مستوى له عند 2,6 نقطة في ذروة الأزمة المالية والاقتصادية في مايو عام 2009م. واعتبر Rolf Bürkl الخبير في الاستهلاك لدي معهد أبحاث السوق ان “مثل هذا الانخفاض الحاد لم يسبق له مثيل منذ بدأ مقياس الاستهلاك في عام 1994م”.
كما تراجع المعهد عن توقعاته بنمو الاستهلاك هذا العام بنسبة واحد في المئة. محذرا ان الأوقات ستكون صعبة وان على تجار التجزئة والمصنعين ومقدمي الخدمات الاستعداد للركود. وقال Bürkl “مدى صعوبة هذا يتوقف على الوقت الذي يعود فيه الاقتصاد إلى نوع من الحياة الطبيعية”.
وتشير بعض التقديرات الاقتصادية الى ان قطاع البيع بالتجزئة سيتضرر بشكل كبير بسبب الازمة حيث تقدر الخسائر بحوالي مليار يورو يوميا، وستعاني قطاعات مبيعات الملابس، تجارة مواد البناء، مبيعات أدوات التجميل وكذلك قطاع تجارة الأدوات الرياضية بشكل خاص. وعلى العكس من ذلك يشهد قطاع بيع المواد الغذائية بالتجزئة قفزة في المبيعات حيث شهد خلال الأسبوع الأخير من شهر فبراير (24 فبراير إلى 1 مارس) نموا بواقع 14 في المئة في المبيعات مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي بسبب الميل المتزايد للمستهلكين لتخزين المواد الغذائية والشراء بكميات تفوق الاحتياجات بسبب الازمة (ما يعرف في ألمانيا ب Hamsterkäufe) حيث شهدت المبيعات في فئات فردية مثل السلع المعلبة والمعكرونة والأرز زيادة في المبيعات تصل إلى 200 في المئة مقارنة بالأسبوع الذي سبق. وقال الخبير التجاري في معهد أبحاث السوق GfK Robert Kecskes ” ان هذا الاتجاه سيستمر في الأشهر التالية”، مشددا على ان على تجار المواد الغذائية التكيف مع الوضع غير الآمن للعديد من الأسر بسبب المخاوف من تفاقم الازمة.
Photo:Von Naturally Selenator – Eigenes Werk, CC BY-SA 4.0