لا يلعب الاتحاد الأوروبي حتى الآن دوراً هاماً في سوق السندات والأوراق المالية الحكومية، حيث لا تتجاوز قيمة السندات الحكومية التي أصدرها الاتحاد 52 مليار يورو، الجزء الأكبر منها لدى البنك المركزي الأوروبي EZB. وبينما يتولى البنك المركزي الأوروبي السياسات النقدية لدول منطقة اليورو فان السياسات المالية لا تزال من اختصاص الدول الأعضاء فعلى سبيل المثال فان ألمانيا أكبر دولة في الاتحاد، تتجاوز قيمة السندات الحكومية التي أصدرتها 1,3 ترليون يورو. الا ان هذا الواقع يمكن ان يتغير قريباً ليصبح الاتحاد لاعباً مؤثراً في سوق السندات الحكومية. ويعود ذلك الى برنامج إعادة البناء الذي اقترحته المفوضية الأوروبية لمواجهة الاثار الاقتصادية لجائحة كورونا بقيمة 750 مليار يورو، والذي يقوم على تحويل الأموال وإقراضها للدول الأعضاء، وستستفيد منه في الدرجة الأولى الدول الأكثر تأثرا بجائحة كورونا، وعلى وجه الخصوص إيطاليا واسبانيا
برنامج إعادة الاعمار الذي اقترحته المفوضية الأوروبية والبالغ قيمته 750 مليار يورو والاقتراح الألماني الفرنسي ببرنامج مشابه بقيمة 500 مليار يورو لا يزالا محل نقاش بين الدول الأعضاء حيث تعارض كل من النمسا وهولندا والدنمارك والسويد تحمل الدول الأعضاء لالتزامات مالية تستفيد منها دول أخرى خصوصا ان الجزء الأكبر من هذه الأموال التي سيتم جمعها عبر السندات المشتركة ستقدم للدول الأعضاء الأكثر تضررا من جائحة كورونا على شكل منح ومساعدات مالية لا ترد.
وإذا ما تم اقرار برنامج إعادة الاعمار فان قيمة البرنامج ستضاف الى مبلغ 100 مليار يورو والذي تم اقراره في برنامج المساعدات الأوروبي (Sure) لمواجهة جائحة كورونا لتمويل برنامج العمل بوقت مختصر بهدف تفادي الارتفاع الكبير في معدلات البطالة وتسريح الموظفين في دول الاتحاد.
ويتوقع خبراء المصرف التجاري الألماني Commerzbank ان تبلغ القيمة الاجمالية للسندات الحكومية التي سيصدرها الاتحاد الأوروبي لتمويل برنامج المساعدات وبرنامج إعادة البناء في حال إقراره من قبل الدول الأعضاء 900 مليار يورو. ويتوقع خبراء المصرف التجاري انه وخلال الفترة ما بين 2021-2024م سيبلغ حجم السندات الحكومية التي سيصدرها الاتحاد نحو 110 مليار يورو سنوياً، وبهذا سيصبح الاتحاد أكبر مُصدر، من غير الدول، للسندات الحكومية في منطقة اليورو وهو الموقع الذي يحتله حتى الآن بنك الاستثمار الأوروبي (EIB).
ويمثل اصدار الاتحاد الأوروبي لسندات حكومية حالة استثنائية حيث انه ووفقاً ل”اتفاقية عمل الاتحاد الأوروبي” لا يُسمح للاتحاد بالاستدانة من مؤسسات خارجية، الا انه توجد قواعد استثنائية تسمح للاتحاد بتحويل أموال للدول الأعضاء في حالة ما كانت هذه الدول، على سبيل المثال، تواجه كارثة طبيعية. وعلى أساس هذا الاستثناء سيقوم الاتحاد بإصدار السندات الحكومية من اجل تمويل برامج المساعدات وإعادة الاعمار.
من جانب أخر صنفت وكالات التصنيف الائتماني العالمية مثل موديز Moody’s او Standard & Poor’s السندات الحكومية التي سيصدرها الاتحاد الأوروبي بنفس مستوى السندات الحكومية الألمانية والتي تصنف في المستوى AAA وهو ما يعني ان العجز عن سداد قيمة السندات الحكومية وقت استحقاقها هو امر مستبعد تماما.
بالإضافة الى ذلك ستتميز السندات الحكومية للاتحاد الأوروبي بانها تتيح للمؤسسات التي لا تتبع الدول مثل البنك المركزي الأوروبي شراء 50 في المئة من هذه السندات بينما لا يتجاوز الحد المسموح للدول الأعضاء والشركات لشراء هذه السندات عن 33 في المئة وهو ما سيجعل البنك المركزي الأوروبي اهم مشتري للسندات الأوروبية المشتركة.