قدمت الحكومة الألمانية من خلال برامج مختلفة مساعدات متنوعة للشركات في مختلف القطاعات الاقتصادية لتجاوز ازمة جائحة كورونا، وقد بلغ اجمالي هذه المساعدات حتى الان حوالي 152 مليار يورو، تم تقديمها في صور مختلفة، منها ما كان على شكل قروض ميسرة او من خلال برنامج الدوام المختصر لحماية الوظائف او مساعدات مالية مباشرة من خلال برنامج مساعدات التجسير، والذي يعد برنامج المساعدات الحكومي الأكثر أهمية والذي تم تمديده لثلاث مرات، اخرها من بداية شهر فبراير والذي بلغت قيمته لوحدة حتى الان 16 مليار يورو.

وقد أعلنت وزارة الاقتصاد الاتحادية بداية برنامج مساعدات التجسير الثالث الإضافي (Überbrückungshilfe III Plus) منذ أيام قليلة والذي يمتد حتى نهاية شهر سبتمبر. فيما يؤكد وزير الاقتصاد بيتر ألتماير (CDU) أن هذا التمديد لا ينبغي أن يكون الأخير او ان يمثل نهاية البرنامج، وقالت متحدثة باسم وزارة الاقتصاد ان “الوزير ألتماير ملتزم منذ فترة طويلة بتمديد برنامج مساعدات التجسير إلى ما بعد سبتمبر”. وهو نفس الموقف الذي أعلن عنه وزير المالية أولاف شولتز (SPD) في وقت سابق دعمه أيضاً لهذا لتمديد.

ويثير احتمال تمديد البرنامج نقاشات بين الخبراء الاقتصاديين حول مميزات البرنامج والمخاطر التي يطرحها أيضا، فمن ناحية لا تزال الشركات تعاني من آثار أزمة كورونا وبالتالي ما تزال بحاجة الى الدعم، ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي هذا الدعم إلى تشويه المنافسة وتشجيع الحفاظ على الشركات غير المربحة.

وفي هذا الصدد يقول Ralph Wiechers، كبير الاقتصاديين في الاتحاد الألماني لصناعة الآلات والمعدات (VDMA) “يتعين على ألمانيا الخروج من حالة الأزمة مرة أخرى، يمكن أن تؤدي المساعدات التي تقدر بالمليارات إلى تشويه المنافسة وإعاقة التغيير الهيكلي الضروري “.

إن تراجع عدد العمال المسجلين في برنامج الدوام المختصر وارتفاع التوظيف المتزايد واستعادة الاقتصاد للنمو مرة أخرى، لا يمنح اسباباً لاستمرار دعم الدولة على نطاق واسع، بل يبدو أيضًا أن مساعدة الدولة تشكل ضغطًا على العلاقات التجارية بين الشركات، حيث يُظهر تقييم وكالة الائتمان Creditreform  لـ 3.9 مليون فاتورة أن الشركات أعطت شركاءها التجاريين مزيدًا من الوقت لدفع فواتيرهم العام الماضي على الرغم من الأزمة.

كما أظهرت الأرقام وجود عدم يقين كبير بين الشركات، كما يوضح Patrik-Ludwig Hantzsch، رئيس الأبحاث الاقتصادية في Creditreform ” اذ لا يوجد مورد يعرف ما إذا كان يمكنه التعامل مع شركة على أساس مستدام، لذا فهم يريدون أموالهم بأسرع ما يمكن”.

وردت متحدثة باسم وزارة الاقتصاد على هذه الانتقادات بالقول إنه لا تزال هناك شركات تضررت بشدة من ازمة كورونا، كما انه، وكما كان الحال من قبل، يمكن فقط للشركات التي لديها انخفاض في مبيعاتها بسبب كورونا بنسبة 30 في المئة على الأقل، التقدم بطلب للحصول على مساعدة برنامج التجسير، كما يتم استبعاد الشركات التي كانت تواجه صعوبات بالفعل قبل الأزمة، وفقًا لتعريف الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، يعتبر Hantzsch هذه المعايير غامضة للغاية، حيث ان العديد من المطاعم وتجار التجزئة سيكونون أفضل حالًا بمساعدة البرنامج مما كانوا عليه قبل الأزمة.  مشدداً على ان “مساعدات التجسير يجب أن تكون كافية لكن دقيقة جدا لتصل الى الشركات المحتاجة بالفعل للمساعدات”.

سياسياً تلقت خطط وزير الاقتصاد التماير لتمديد برنامج مساعدات التجسير دعما من الحزب الليبرالي الديمقراطي FDP المعارض، حيث أكد المتحدث باسم السياسة الاقتصادية للحزب، Reinhard Houben انه “طالما أن الشركات تتأثر بالعواقب طويلة المدى لإغلاق كورونا، فإن المساعدة الحكومية المناسبة مطلوبة”.  كما اعتبر Houben بانه  “لو كانت الحكومة الاتحادية قد مددت بالفعل البرنامج حتى نهاية العام ، لكان بإمكان الشركات المعنية أن تتجنب حالة عدم اليقين في خطط اعمالها في الربع الرابع من العام”.