أظهرت دراسة حديثة أعدها معهد الدراسات الاقتصادية في جامعة ميونخ ifo ان الطبقة الوسطي في ألمانيا قد تقلصت وان الافراد من ذوي الدخل المتوسط ”على حافة قدرتهم على الصمود”. فبعد ان كان أكثر من 80 في المئة من الألمان يصنفون أنفسهم على أنهم من الطبقة المتوسطة، كان في الواقع حوالي 26.1 مليون أسرة في ألمانيا في العام 2019م، تنتمي إحصائيًا إلى الطبقة المتوسطة. وهو ما يعادل أقل من ثلثي جميع الأسر او ما نسبته 63 في المئة.
وأوضح Florian Dorn الباحث في معهد ifo، أن انخفاض الطبقة المتوسطة في ألمانيا يبدوا أكبر في حال مقارنته مع بقية الدول الأوروبية “فبينما كانت ألمانيا من حيث حجم الطبقة المتوسطة مقارنة بعدد السكان لا تزال على المستوى الأوروبي في المركز التاسع في عام 2007م، تراجعت في العام 2019م، الى المركز الرابع عشر “. وأشار Dorn الى انه وخلال السنوات التي تلت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في العام 2009م، لم تتمكن ألمانيا من مواكبة تطور الزيادة في الطبقة المتوسطة في العديد من الدول الأوروبية الأخرى، فعلى سبيل المثال استطاعت دول مثل بلجيكا وفنلندا وفرنسا وبولندا واليونان من تجاوزها.
وبحسب تعريف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، والذي اعتمدته الدراسة، فانه يتم تصنيف الشخص او العائلة بأنهم من الطبقة الوسطى في حالة ما كان صافي دخلهم السنوي على الشكل التالي: بالنسبة للأشخاص غير المتزوجين كان هذا يتوافق مع صافي دخل يتراوح بين 17,475 يورو و46,600 يورو سنويًا، وبالنسبة للأزواج الذين ليس لديهم أطفال، كان النطاق بين 26,212 يورو و69,900 يورو، وينتمي الأزواج الذين لديهم طفلان إلى الطبقة المتوسطة إذا كان صافي دخلهم السنوي يتراوح بين 36,698 يورو و97,860 يورو.
وتبدوا الإشكالية الأساسية في الطبقة الوسطي في ألمانيا أنها وبالمقارنة مع الدول الأوروبية الأخرى تتحمل العبء الضريبي الأكبر. فبحسب Andreas Peichl، رئيس مركز الاقتصاد الكلي والدراسات الاستقصائية في معهد ifo، فإنه “مع وجود عبء يبلغ نحو 50 في المئة من إجمالي الدخل في نظام الضرائب والضمان الاجتماعي الألماني، فإن الأشخاص ذوي الدخل المتوسط لا يملكون فعليا سوى نصف الدخل الذي يكسبونه”. وبالتالي فإن العمل الإضافي والمزيد من العمل لا يؤتي ثماره إلا بدرجة محدودة.
وفي هذا الجانب ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، لا يزال العبء الضريبي على الأجور والرواتب في ألمانيا مرتفعا بالمقارنة الدولية، حيث تؤثر الضرائب والرسوم المختلفة على الدخل أكثر من أي بلد صناعي آخر تقريبا وتشكل ضرائب الدخل ومساهمات الضمان الاجتماعي نسبة عالية في ألمانيا بالمقارنة بالدول الصناعية. فمن بين الدول الأعضاء الـ 38، تحتل ألمانيا المرتبة الثانية بين الدول الصناعية بعد بلجيكا من حيث الضرائب ومساهمات الضمان الاجتماعي على الدخل المكتسب، ويبلغ متوسط معدل الضريبة للزوجين اللذين لديهما أطفال 40.8 في المئة. فقط في بلجيكا يرتفع العبء ليصل إلى 45.5 في المئة. ويبلغ متوسط العبء الضريبي في جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 29.4 في المئة. وحتى بالنسبة للأشخاص غير المتزوجين، تأتي ألمانيا في المركز الثاني من حيث عبء الضرائب والرسوم، ويبلغ معدل الضرائب والرسوم هنا 47.8 بالمئة. ومرة أخرى، تحتل بلجيكا فقط المرتبة الأعلى بنسبة 53 في المئة باعتبارها الأعلى في مجال الضرائب. خلف ألمانيا مباشرة تأتي فرنسا والنمسا وإيطاليا. ويبلغ متوسط الضرائب في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للأسرة الواحدة 34.6 في المئة. ويتم تطبيق ضرائب أقل بكثير من متوسط منظمة التعاون الاقتصادي على كل من الأشخاص غير المتزوجين والأسر التي لديها أطفال في سويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
الا ان الضرائب المرتفعة في ألمانيا تقابلها فوائد مباشرة للمجتمع والموظفين مثل استحقاقات المعاشات التقاعدية والتأمين الصحي والتأمين ضد البطالة، بينما وبحسب دراسة منظمة التعاون الاقتصادي، وبالمقارنة بالعديد من الدول الصناعية الأخرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو المكسيك أو اليونان، التي تمتلك أنظمة اجتماعية أقل تطورا، يتعين على الموظفين دفع مبالغ إضافية من أجل التأمين الصحي او المعاشات التقاعدية.