افتتح السيد أرمين لاشيت رئيس وزراء ولاية شمال الراين – وستفاليا الملتقى الصحي العربي الألماني الثالث عشر الذي نظمته الغرفة خلال الفترة 21-22 سبتمبر 2020م في مدينة دوسلدورف عاصمة ولاية شمال الراين-وستفاليا، والذي تناول سبل تطوير الشراكة العربية الألمانية في قطاع الصحة وإمكانية الاستفادة من التكنولوجيا والخبرة الألمانية في تطوير قطاع الصحة في الدول العربية والذي يشهد تحولات مهمة خصوصا في ضوء ازمة كورونا. شارك في الملتقى أصحاب السعادة سفراء الدول العربية في ألمانيا وحوالي 100 من صناع القرار ورجال الاعمال والمهتمين والخبراء في مجال الرعاية الطبية، كما تم نقل اعمال الملتقى عبر الانترنت للمشاركين والمتابعين في العالم العربي وألمانيا.

 وأشاد لاشيت في كلمته امام الملتقى بالتعاون العربي الألماني المشترك في مختلف المجالات وخصوصا في مجال الرعاية الصحية مشيداً كذلك بدور غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية في تعزيز علاقات التعاون هذه، كما شدد رئيس الوزراء على أهمية التركيز على القضايا الصحية في الوقت الحاضر مشيدا بانعقاد الملتقى الذي أصبح من التقاليد الأساسية للعلاقات العربية الألمانية والذي يعمل على تبادل الخبرات ونقل المعرفة بين الدول العربية من جهة وبين ألمانيا وأروبا من جهة أخرى، مؤكداً على أهمية استمرار التعاون المستقبلي.  كما شدد لاشيت على أهمية ولاية شمال الراين-وستفاليا باعتبارها تملك أكبر اقتصاد بين ولايات ألمانيا وكذلك على أهمية تعزيز العلاقات مع دول العالم العربي ليس فقط في مجال الصحة ولكن في مختلف المجالات الاقتصادية.

وفي الجلسة الافتتاحية للملتقى القى الدكتور بيتر رامزاور الوزير الاتحادي السابق رئيس الغرفة كلمة رحب فيها بضيوف الملتقى وبالمشاركين، معرباً عن امتنانه لإمكانية اللقاء الشخصي المباشر مرة أخرى على الرغم من جائحة كورونا، كما أكد رئيس الغرفة على عمق وتجذر علاقات التعاون العربي الألماني رغم كل التحديات وفي مختلف المجالات والتي تشمل الطاقة والتدريب المهني واهمها ايضاُ التعاون في مجال الصحة.

وفي اطار الجلسة الأولى للملتقى والتي تناولت موضوع ” كيف سيغير وباء كوفيد -19 نظام الرعاية الصحية: آثار التعلم على نظام الرعاية الصحية ” تحدث وزير الاقتصاد والابتكار والرقمنة والطاقة في ولاية شمال الراين-وستفاليا البرفيسور أندرياس بينكوارت مؤكداً  على ان ولاية شمال الراين تعد أحد الأماكن الجاذبة للسياحة العلاجية للمواطنين العرب مشيدا في هذا السياق بانعقاد الملتقى الصحي في عاصمة الولاية والذي سيسهم في تعميق وتعزيز الشراكة في قطاع الرعاية الطبية بين دول العالم العربي وألمانيا بشكل عام وولاية شمال الراين بشكل خاص. وأشار بينكوارت الى ريادة الولاية في مجال الرقمنة الشاملة واستخداماتها في مواجهة جائحة كورونا عبر التعاون المشترك ومشاركة التجارب والمعرفة حول فيروس كوفيد-19.

. كما أكد المتحدثون الآخرون في الجلسة الأولى للملتقى على دور الرقمنة في نظام صحي ناجح. حيث أكد د. مارتن شولتز، رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب في مستشفى سانا في دويسبورغ، ان الرقمنة هي أداة لإنقاذ الأرواح وفي نفس الوقت توفير الطاقة والوقت، دكتور. من جهته أوضح الدكتور سونيل لاكسمان، المتخصص في التصوير بالرنين المغناطيسي في شركة سيمنز للشئون الصحية في الإمارات العربية المتحدة، بأن مشاركة البيانات خلقت بنية تحتية سهلت على جميع الدول التعامل مع الوباء. ومع ذلك، لا يمكن توقع جميع الحلول الممكنة للأزمة مقدمًا، بل أثبت نهج “التعلم من التجربة” نفسه. علي فيزفاي، المدير العام لمجموعة ND Group، شدد على انه يجب ان يكون لمثل هذا النهج، الأولوية المطلقة للاختبارات وإنشاء قاعدة بيانات، باعتبار ان البيانات وحدها ستخلق أساسًا موثوقًا لتحديد وتقرير السياسات بالإضافة إلى تخطيط قدرة المستشفيات. رئيس المبيعات والتسويق في شركة Bioclimatic GmbH كارستن فيويرهاكي، نوه في مداخلته في الجلسة الى ان جائحة كورونا لم تؤدي إلى أساليب جديدة فحسب، بل تسببت أيضًا في تطوير تقنيات جديدة. مثال على ذلك مطهر الهواء الذي يزيل 99 في المئة من جميع جراثيم الفيروسات من الهواء.

خلال الجلسة الثانية التي تناولت موضوع “التدريب على المهارات ونقل المعرفة: ابتكارات الصناعة والتكنولوجيا الطبية – رفع الرهانات للتدريب المهني مع التعلم التكيفي”، تم مناقشة عملية نقل المعرفة الضرورية وبرامج التأهيل التي يجب أن تتحقق في قطاع الصحة.

وفي هذا الإطار اشار د. كلاوس بيرمان، رئيس قسم التثقيف الصحي في شركة Lyceum GmbH، الى أهمية نهج التعلم التكيفي، أي زيادة إدراج طبيعة الشخصية والقدرات الذاتية للمتدرب في عملية التعلم الفعلية. البرفسور ارندت رولفز الرئيس التنفيذي لشركة CENTOGENE، شدد على أهمية تحقيق وتطبيق التعلم مدى الحياة الذي لا يمكن إنجازه إلا من خلال البحث الموجه نحو المرضى. وايد د. ستيفان مونك، الرئيس الطبي في CAE Healthcare، رأي البرفسور رولفز مشيراً الى الإمكانات الكبيرة التي تتيحها انظمة تدريب المحاكاة. أندرياس شميتز، مدير عيادة بيل إيتاج، أكد انه خلال التدريب نفسه، يجب أيضًا إعادة التفكير في الأساليب التعليمية، بحيث يتم التركيز بشكل متزايد على طرح الأسئلة وليس على إعطاء إجابات. كما تطرق إلى إمكانيات الذكاء الاصطناعي للتدريب على أساس الاحتياجات.

بالإضافة إلى ذلك، ناقش المتحدثون الخطوات التالية وفرص التعاون الألماني العربي في مجال التدريب في قطاع الصحة. من أجل تحقيق منحنى تعليمي متصاعد، يعد التخصص والأهمية العملية أمرًا بالغ الأهمية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للشبكة العالمية والتعلم عبر الإنترنت أن يمكنا من مشاركة محتوى التدريب دوليًا وبالتالي تسريع نقل المعرفة والتقنيات في جميع أنحاء العالم.

 الجلسة الثالثة في الملتقى ركزت على موضوع “بناء مستشفيات وعيادات ذكية: الفوائد والتحديات والقيود”، وفي هذا الجانب عرّف توم رويتن، رئيس قسم تطوير السوق في شركة Siemens Healthineers، المستشفيات الذكية على أنها نظام متصل رقميًا بالمريض ويدمج تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وسجلات المرضى الإلكترونية. وفي نفس السياق قدم كوين باريديس، المدير التنفيذي لشركة Draegerwerk AG & Co.KG، مثالاً على هذا شكل هذا الذكاء الصناعي من خلال عرض جهاز ينسق بيانات المريض ألياً، وبالتالي يجعل الوصول إليها أكثر كفاءة وقابلية التقييم. كما قدم ديرك ستيفان بولتي، المدير التنفيذي لشركة Fieger Lamellenfenster GmbH. مثالا اخر عن استخدامات الذكاء الصناعي في قطاع المستشفيات عبر تقنيات الواقع الافتراضي، بحيث أصبح بالإمكان عن طريق هذه التقنية تخطيط البنية التحتية اللازمة للمستشفيات مسبقًا. من جانب أخر نبه يورن لوبديل، المدير العالمي لتكنولوجيا المعلومات السريرية والأمن السيبراني في شركة B. Braun Melsungen AG، الى إنه على الرغم من جميع المزايا المحتملة لهذه التقنيات، يجب أن يكون التركيز والاولوية لسلامة المرضى. حيث يجب أن تضمن المؤسسات الطبية حماية البنية التحتية والبيانات.

الجلسة الرابعة والأخيرة في الملتقى بحثت موضوع “التعاون العربي الألماني في صناعة الأدوية: بناء قدرة مستدامة لصناعة الأدوية والأجهزة الطبية في العالم العربي”. حيث تم التركيز على كيفية توسيع التعاون العربي الألماني في صناعة الأدوية من أجل التوافر المستدام للأدوية والأجهزة الطبية التي تحتاجها الدول العربية في العالم العربي. وفي هذا السياق. أكد د. مراد دغلس، الشريك في White & Case LLP International Law Firm، على حساسية الاعتماد على استيراد الادوية والمستلزمات الطبية والطواقم العاملة في المجال الصحي. وهو ما أيده د. هوبيرتيوس كرانز، المدير العام للاتحاد الألماني لمصنعي الأدوية، الذي رأى ان انتاج الادوية داخل البلد ضروري لتجنب اختناقات التسليم ونقص المنتجات الطبية، حيث تندرج الرعاية الصحية في مجال الأمن القومي.  كما أشار كلا المتحدثين أيضًا الى أهمية التعاون الألماني العربي في نظام التأمين الصحي، والذي يمكن تطويره في الدول العربية بمساعدة ألمانيا.

هذا وكانت اعمال الملتقى قد بدأت عبر حفل استقبال اقامته الغرفة بالتعاون مع بلدية دوسلدورف عاصمة ولاية شمال الراين-وستفاليا للمشاركين في الملتقى تحدث فيه الأمين العام الأستاذ عبد العزيز المخلافي مرحبا بالمشاركين ومنوها بأهمية انعقاد الملتقى باعتبار انه النشاط الأول الذي يعقد عبر الحضور الشخصي بعد جائحة كورونا، متحدثاً كذلك عن أهمية ولاية شمال الراين-وستفاليا في مجال الرعاية الطبية.  

وعلى هامش الملتقى التقى رئيس وزراء ولاية شمال الراين – وستفاليا أرمين لاشيت مع السفراء العرب في ألمانيا وجري بحث سبل تعزيز علاقات التعاون المشترك بين ألمانيا وبين الدول العربية.