برعاية وزارة الاقتصاد والتكنولوجيا الألمانية شهدت برلين في التاسع من مارس/ آذار الماضي 2006 انعقاد الملتقى السياحي العربي الألماني الثامن بحضور أكثر من 400 من المسؤولين ورجال الأعمال العرب والألمان في قطاعي السفر والسياحة.
شارك في فعاليات الملتقى عدد من أصحاب المعالي وزراء السياحة العرب وأصحاب السعادة سفراء الدول العربية في ألمانيا وممثلي شركات السياحة والسفر العربية والألمانية بالإضافة إلى مراسلي مجموعة هامة من وسائل الإعلام العربية والألمانية. تم تنظيم الملتقى بالتنسيق والتعاون مع سفارة سلطنة عمان ومؤسسة معارض برلين ومجموعة الاقتصاد والأعمال وإستضاف الملتقى سلطنة عمان شريكا لأعمال الملتقى.
سعادة وزير التعاون الدولي والتنمية الاتحادي السابق ورئيس الغرفة السابق السيد كارل ديتر شبرانغر أكد في كلمته التي افتتح بها الملتقى على أهميته المتزايدة في أوساط رجال الأعمال ولاسيما العاملين منهم في المجال السياحي. ويزيد من أهمية ذلك نمو السياحة العربية الألمانية بنسب عالية خلال السنوات الماضية على الرغم من الظروف السياسية الصعبة في فلسطين والعراق. وبرز هذا النمو بشكل خاص في مصر والإمارات وتونس والمغرب. وتحدث رايموند هوش رئيس معرض برلين عن أهمية الملتقى في تعزيز الحضور العربي لفعاليات بورصة السياحة العالمية كماً ونوعا. ويدل على ذلك الزيادة المضطردة في حجم وعدد الأجنحة العربية في المعرض مشيراً إلى أن المساحة المخصصة لهذه الأجنحة ازدادت بنسبة 35 بالمئة في معرض هذا العام مقارنة بالعام الماضي 2005 م.
سعادة الأستاذ عادل ساتر سفير مملكة البحرين وعميد السلك الدبلوماسي العربي في ألمانيا تحدث في كلمته عن الأهمية المتزايدة لتطور العلاقات العربية الألمانية من خلال نمو التبادل التجاري والسياحي وازدياد الفعاليات الاقتصادية المشتركة والزيارات المتبادلة رفيعة المستوى التي تسهم في تعميق هذه العلاقات. وعبر السيد إرنست هنسكن مفوض الحكومة الألمانية للشؤون السياحية عن تفاؤله بما يخص السياحة العربية، وتطرق إلى تطور التبادل التجاري العربي الألماني الذي ينمو بنسب عالية منذ عدة عقود. وفي هذا الإطار أكد على رغبة ألمانيا بتكثيف العلاقات الاقتصادية والسياسية مع العالم العربي على مختلف الأصعدة وفي مقدمتها قطاعي السياحة والسفر.
وأشار سعادة السيد طالب الرفاعي نائب الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية إلى تطور السياحة العالمية في عام 2005 وإلى ازدياد حصة الدول العربية فيها مؤكدا على ضرورة ربط التنمية السياحية بالتنمية الاقتصادية الشاملة بهدف القضاء على الفقر وزيادة مستوى الرفاهية، وهو الأمر الذي تسعى منظمة السياحة العالمية إلى تحقيقه.
سلطنة عمان الشريك الرئيسي لفعاليات الملتقى
معالي وزيرة السياحة في سلطنة عمان راجحة بنت عبد الأمير بنت علي اطلعت المشاركين على الإمكانيات السياحية الكبيرة التي تتمتع بها بلادها. وأكدت في كلمتها على الأهمية المتزايدة لقطاع السياحة في الاقتصاد العماني على ضوء الجهود التي تبذلها حكومة السلطنة من خلال إنشاء وتجهيز المرافق السياحية والاستثمار في البنية التحتية بالإضافة إلى الترويج الإعلامي على الصعيدين العربي والدولي. وقدمت الوزيرة ملخصاً عن بعض ملامح تطور القطاع السياحي في بلادها مركزة على المقومات السياحية المتميزة كالتنوع الطبيعي الكبير من جبال وسهول وصحراء وشواطئ جميلة. يُضاف إلى ذلك التنوع المناخي الذي يعطي للسلطنة ميزة تنافسية مقارنة بالكثير من دول العالم. كما تحدثت عن الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به بلادها بالإضافة إلى البيئة التشريعية المتقدمة والحوافز والتسهيلات المقدمة للمستثمرين الأجانب. وقدمت كذلك عرضا لأهم المشاريع السياحية المنفذة حديثاً وتلك التي تم التخطيط لها للسنوات القادمة.
وتحدث في الملتقى سعادة الأستاذ خليفة بن علي الحارثي سفير سلطنة عمان في ألمانيا عن العلاقات المتميزة والمتطورة بين سلطنة عمان وجمهورية ألمانيا الاتحادية وانعكاس ذلك إيجابياً على تطور السياحة الألمانية الى سلطنة عمان. وقال السفير إن هذه العلاقات تقوم على الاحترام المتبادل وعلى الرغبة في نقلها إلى مستويات أعلى تعود بالمنفعة على الجانبين. وأشار في هذا السياق إلى التأكيدات الصادرة عن الحكومة الألمانية الجديدة بمتابعة تطوير العلاقات الثنائية مع الدول العربية. كما تطرق إلى السمعة الطيبة التي تحظى بها ألمانيا حكومة وشعباً في هذه الدول وإلى اهتمام سلطنة عمان باجتذاب السياح الألمان الذين يحتلون المرتبة الأولى عالمياً من حيث العدد ومن حيث حجم الإنفاق. وتحدث في الملتقى أيضاً كل من السيد سميح ساويريس رئيسة مجلس إدارة شركة أوراسكوم لتطوير الفنادق Orascom Hotels Development والسيد هايكو أخيليس مدير إقليمي في شركة دبي العقارية الدولية Dubai International Properties عن المشاريع التي تنفذها هذه الشركات في سلطنة عمان مشيرين إلى ميزات الاستثمار هناك في مجالات عدة مثل النظم الضريبية والجمركية والبنية التحتية الحديثة والأيدي العاملة المؤهلة.
تطور السياحة العربية
شهدت أعمال الملتقى جلسة عامة لمناقشة تطور السياحة العربية. وشارك في هذه الجلسة التي أدارها الدكتور ايريش كاوب عضو مجلس إدارة الغرفة رئيس مجلس إدارة شركة كاوب معالي السيد سعد الله أغا القلعة وزير السياحة السوري ومعالي السيد منير ناصر وزير السياحة والآثار الأردني ومعالي السيد جوزيف سركيس وزير السياحة اللبناني ومعالي السيد نبيل الفقيه وزير السياحة اليمني ومعالي السيد جوزيف مالوال دونج وزير السياحة السوداني. وخلال مداخلاتهم أكد معالي الوزراء على دور القطاع السياحي الكبير في عمليات التنمية الاقتصادية التي تشهدها الدول العربية عموما وبلدانهم بشكل خاص ناهيك عن دوره المتميز على صعيد التقارب بين الشعوب وتعارفها على ثقافات بعضها مما يسهل التعاون فيما بينها. كما شددوا على أهمية قيام المعنيين بالسياحة باتباع سياسة توفير معلومات عن المقاصد السياحية بشكل سريع ودقيق إضافة إلى تحديثها بشكل دوري.
وقد تركز النقاش في الجلسة على الآفاق الجديدة للسياحة في الدول العربية وإدارة المقاصد السياحية وطرق ووسائل التغلب على الأزمات. ومن بين المحاور التي جرى التركيز عليها في هذا الشأن دور وسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية الأوروبية في نشر الصورة الصحيحة عن الوضع القائم. كما دار نقاش موسع حول محاور أخرى، في مقدمتها أهمية الشراكة بين القطاعيين العام والخاص بالإضافة إلى فوائد إنشاء شبكة معلومات شاملة. وهنا أكد معالي وزير السياحة السوري سعد الله أغا القلعة على ضرورة أن تكون نصائح السفر الصادرة عن وزارات الخارجية دقيقة وموضوعية. كما أكد على أهمية التسويق والترويج للمقاصد السياحية في الدول العربية. ودعا الوزير الشركات المعنية بالتقييم إلى زيارة الأهداف السياحية رؤوية من الواقع وعدم الاعتماد فقط على ما ينشر في وسائل الإعلام.
وتطرق معالي وزير السياحة الأردني إلى تجربة المملكة الأردنية في تشجيع السياحة البينية العربية للتغلب على الأزمات التي تعرض لها القطاع السياحي الأردني بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. وفي هذا السياق أبرز دور السياحة من الدول الخليجية والدول العربية المجاورة الأخرى في التخفيف من وطأتها.
وتناول معالي وزير السياحة اللبناني مشكلة الأمن في المنطقة ومكافحة الإرهاب ودور وسائل الإعلام في هذا المجال داعياً إلى الموضوعية في تغطية الأحداث التي تشهدها. أما معالي وزير السياحة اليمني فقد أكد على دور السياحة في صناعة السلام بالإضافة إلى أهمية تطوير برامج سياحية مشتركة بين الدول العربية من أجل تشجيع السياحة فيما بينها من جهة والأجنبية إليها من جهة أخرى. وشدد معالي وزير السياحة السوداني بدوره على أهمية متابعة الحوار من أجل إرساء دعائم السلام في السودان. كما أكد على أهمية السودان كمقصد سياحي هام لما يحويه من مناطق أثرية م هامة وطبيعة برية وبحرية متنوعة وغنية. ودعا إلى عدم تشجيع الإشاعات الخاطئة عن الأمن في البلاد، لاسيما وأن معظم المناطق تنعم به.
وشارك في مناقشات الجلسة أيضاً الدكتور بيتر كنابيش مدير إقليمي في شركة تي يو آي TUI الذي شرح الخطط التي تتبعها الشركة في توفير معلومات كافية ودقيقة عن الأهداف السياحية أيضا. وتحدث السيد بيتر شنوتسير مدير في شركة طيران لوفتهانزا الألمانية عن طرق تعامل شركته مع الأزمات والنجاح الذي حققته على هذا الصعيد اعتماداً على ذلك.
كما تحدث عن اهتمام الشركة بتعزيز وجودها في الدول العربية ورغبتها في تنظيم رحلات إلى أكبر عدد ممكن من هذه الدول. أما السيد أولريش روتر مدير تنفيذي في الاتحاد الألماني لصناعة السياحة BTW فنفى في مداخلته وجود صراع بين الحضارات على الرغم من الاختلاف في وجهات النظر. ودعا إلى مناقشة المشاكل بموضوعية وعلى أساس احترام الرأي والرأي الآخر والابتعاد عن ازدواجية المعايير.
وأكد كل من السادة وليد شاميات خبير في القطاع السياحي من مجموعة الاقتصاد والأعمال، وصائب نحاس رئيس مجموعة شركات نحاس والنائب الثالث لرئيس غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية على أن القدرة على استيعاب الأزمات يعتمد على مدى جاذبية مناخ الاستثمار بالإضافة إلى الدعم الحكومي وموضوعية الإعلام الخارجي. كما أكدوا على دور القطاع السياحي في تنمية المناطق الريفية والنائية وإيجاد فرص العمل للشباب هناك. وفي هذا السياق تحدث الدكتور مارتين تامبى مدير في الهيئة الألمانية للتعاون التقني GTZ على دور القطاع السياحي في مكافحة الفقر وضمان مستقبل الأجيال.
وفي إطار فعاليات الملتقى قام السيد كارل ديتر شبرانغر وزير التعاون الدولي والتنمية الاتحادي سابقاً ورئيس الغرفة الأسبق بصحبة الأستاذ عبد العزيز المخلافي الأمين العام للغرفة والسيد رايموند هوش رئيس معرض برلين بجولة على أجنحة الدول العربية التقوا خلالها بالقائمين عليها وبممثلي الشركات السياحية ووزراء السياحة والآثار في عدد من الدول العربية.