أنعقد الملتقى الاقتصادي العربي الألماني الثاني والعشرين خلال الفترة 25-27 يونيو بحضور اكثر من 600 من السياسيين والدبلوماسيين ورجال الاعمال من الجانبين العربي والألماني، بالإضافة الى مشاركة عالية المستوى ومميزة من جمهورية مصر العربية، الشريك الرئيسي للملتقى لهذا العام، حيث شارك دولة رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي في اعمال الملتقى يرافقه وفد رسمي كبير ضم العديد من الوزراء واكثر من 100 من ممثلي المؤسسات العامة ورجال الاعمال، هذا بالإضافة الى مشاركة كل من وزير الاقتصاد والتكنولوجيا في الحكومة الاتحادية السيد بيتر التماير ووزير التعاون الدولي جيرد مولر من الجانب الألماني.
الدكتور مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر رحب في كلمته امام الملتقى بالحاضرين منوها الى ان ” الملتقى يعد المنصة المثالية لرجال الاعمال لتعزيز العلاقات الاقتصادية”، مشيرا الى ان “ألمانيا تمثل قدوة في مجال الأداء الاقتصادي”، كما أشار رئيس الوزراء الى ان ألمانيا تعد الدولة الأولى في عدد السياح الذين زاروا مصر، متوقعا ازدياد هذه الاعداد في الفترات القادمة، مشيدا كذلك “بالعلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين والتي تمثلت باللقاءات الدورية بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي”. الدكتور مدبولي استعرض كذلك النتائج الإيجابية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي عبر استمرار معدلات التضخم في التراجع وانتعاش احتياطي العملات الأجنبية ليصل إلى 44.3 مليار دولار أمريكي. كما تحدث عن رؤية 2030 للاقتصاد المصري وتحسين القوانين الاقتصادية ودعم القطاع الخاص بالإضافة الى الفرص الواعدة التي تقدمها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وأشار رئيس الوزراء المصري الى التطورات والخطط للبنى التحتية ومنها بناء 14 مدينة جديدة لتحسين مستوى المعيشة العام للمواطنين وتوفير فرص العمل وكذلك تحسين القدرة الكهربائية وبناء أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم، مستعرضا كذلك جهود الحكومة في تمكين الشباب والنساء.
من جانبه عبر وزير الاقتصاد والتكنولوجيا في الحكومة الاتحادية بيتر التماير عن سعادته بحضور الملتقى مقدما شكره للغرفة على الجهود التي تبذلها في تقوية العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية قائلا ” عام بعد اخر، تتمكن الغرفة من الجمع بين ممثلي الجانبين من رجال السياسة والأعمال” ، كما شدد الوزير التماير على ضرورة تعزيز الاستثمار وبناء الثقة في العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية وألمانيا، قائلاً في هذا الصدد: “نحن جميعًا جزء من نظام اقتصادي عالمي” ، مشيرًا إلى أنه لا يمكن حل التحديات والمشاكل إلا معًا، مؤكداً ان اللقاءات بين رجال الأعمال والسياسة ، مثل الملتقى الاقتصادي العربي الألماني ، تمتلك أهمية اكثر من أي وقت مضى ، كما عبر عن سعادته كون مصر هي شريك الملتقى في هذا العام مستعرضا التعاون الاقتصادي بين البلدين ومنوها الى مشاركة ألمانيا في تعزيز قطاع الطاقة في مصر عبر بناء ثلاث محطات توليد للكهرباء بالغاز فضلا عن مشاريع الطاقة المتجددة، منوها أيضا الى التقدم الاقتصادي الذي تشهده مصر وبقية الدول في المنطقة وكذلك الى أهمية تعزيز البنية التحتية الاساسية والاهتمام بتدريب الكوادر والعمالة ودعم التعليم المهني خصوصا ان الحاجة الى العمالة الماهرة تتزايد، مشيرا الى الدور الذي تقوم به ألمانيا في هذا الجانب في مصر ومشيرا أيضا الى ان استثمارات الشركات الألمانية وفر اكثر من 20 الف فرصة عمل متمنياً ان يزداد عدد الوظائف التي يتم خلقها نتيجة هذا التعاون.
كما القى الدكتور بيتر رامزاور الوزير الاتحادي السابق رئيس الغرفة كلمة رحب فيها بالمشاركين مستعرضا النجاح الذي حققه برنامج الغرفة خلال النصف الأول من هذا العام ومشيرا الى الإمكانات الكبيرة للاستثمار والتعاون الاقتصادي التي يتيحها العالم العربي بعدد سكانه الكبير وبالثروات التي يمتلكها، منوها الى علاقات التعاون الاقتصادي المتميزة بين مصر، الشريك الرئيسي للملتقى، وألمانيا، واكد الدكتور رامزاور على الفرص الهامة التي يقدمها الملتقى للتعرف بشكل مباشر على الموضوعات والقضايا الاقتصادية الحالية والمستقبلية في الجلسات المختلفة، داعيا المشاركين إلى الاستفادة من الملتقى من خلال إقامة اتصالات تجارية جديدة وتعزيز الاتصالات والعلاقات الاقتصادية القائمة فعلا. من جانبه أشار الأستاذ احمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية واتحاد الغرف المتوسطية والإفريقية الى إمكانات الاستثمار الكبيرة جدا التي تقدمها مصر من خلال تحسن الوضع الاقتصادي بعد تطبيق برنامج تطوير اقتصادي من الحكومة المصرية حيث وصلت معدلات النمو الى نحو 5 في المئة وتعزيز الاستثمار في مجالات خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والهندسة والسيارات، بالإضافة الى الفرص التي تقدمها مصر أولا كبلد زراعي بإمكانه تعزيز صادراته في مجال الغذاء والمنتجات الزراعية المختلفة او في الفرص التي تتوافر في مصر كبلد يحوي اكثر من 100 مليون مستهلك.
وكان الأمين العام الأستاذ عبد العزيز المخلافي قد رحب في الجلسة الافتتاحية بالمشاركين موجهاً الشكر لكل الجهات الراعية للملتقى، داعيا الحضور الى المشاركة الفاعلة في اعمال الملتقى. متمنيا ان يضيف الملتقى ابعاداً جديدة للعلاقات الاقتصادية العربية الألمانية ومع جمهورية مصر العربية على وجه الخصوص. من جانبه شكر الدكتور فولكر تراير الرئيس التنفيذي لاتحاد الغرف التجارية والصناعية الألمانية، في كلمته، الغرفة على الجهود التي تبذلها في دعم وتقوية العلاقات الاقتصادية الألمانية العربية مؤكدا ان اتحاد الغرف التجارية والصناعية الألمانية يعمل في المنطقة العربية منذ أكثر من 67 عاما ولديه نحو 140 مكتبا منتشرة في مختلف دول العالم، منوها الى أهمية تعزيز التبادل والتعاون التجاري بين العالم العربي وألمانيا مشيرا الى التطورات الاقتصادية الإيجابية التي تشهدها المنطقة العربية وهو ما يشجع على العمل على زيادة الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية في الدول العربية. الدكتور مصطفى اديب عميد السلك الدبلوماسي العربي وسفير الجمهورية اللبنانية في ألمانيا أكد في كلمته إن وجود العديد من صانعي القرار رفيعي المستوى من السياسة والاقتصاد والدبلوماسية والمجتمع يدل على أهمية الملتقى والجهد الكبير الذي تقوم به الغرفة. مشددا على ان مجلس السفراء العرب سيقدم كل الدعم لأنشطة الغرفة من أجل تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدان العربية وجمهورية ألمانيا الاتحادية، منوها كذلك الى ان العالم العربي بـسكانه البالغ عددهم 400 مليون نسمة يقدم إمكانات هائلة للأعمال والاستثمارات، مضيفا ان جميع الاقتصاديات العربية تعمل على تنويع اقتصاداتها وان الاقتصاد الألماني قادر على المساهمة في هذا التطور والتنويع. رئيس اتحاد الغرف العربية الأستاذ عبده محمد سعيد شدد في كلمته على أهمية قطاع الطاقة المتجددة في العالم العربي وعلى الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها هذا القطاع باعتباره يمثل طاقة المستقبل، كما حث ألمانيا على الاستثمار في الدول العربية في مجال الطاقة والطاقة البديلة والطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي حتى تتمكن الاقتصاديات في دول المنطقة من الاستفادة من هذه المجالات وتحقيق التنمية المستدامة. الأستاذ كمال حسن علي نائب الأمين العام في جامعة الدول العربية للشؤون الاقتصادية أكد ان الدول العربية تدرك أهمية التعاون الاقتصادي مع الدول الأوروبية بشكل عام وألمانيا بشكل خاص، وذلك في مجال تطوير وتنويع اقتصاداتها وتحقيق النقلة الاقتصادية النوعية التي تهدف الى الوصول اليها.
وعقب الجلسة الافتتاحية بدأت جلسات الملتقى بعقد الجلسة الأولى التي ناقشت ” مستقبل صناعة السيارات والنقل: الفرص المتاحة للعالم العربي وإمكانية التعاون مع ألمانيا” والتي شاركت فيها كمتحدثة رئيسية الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية، بالإضافة الى عقد جلسة حوار مستديرة حول موضوع ” العقارات: قطاع استثماري مثير للاهتمام في ألمانيا”، وفي الجلسة الثانية من جلسات الملتقى جرى مناقشة قضية ” الثورة الصناعية الرابعة، رقمنه وتأثير التكنولوجيات الجديدة: استكشاف إمكانات جديدة ” وشارك في هذه الجلسة كمتحدث رئيسي الدكتور عمرو سامح احمد طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر. وفي نفس الوقت عقدت جلسة حوار مستديرة أخرى بحثت في موضوع ” الأمن الغذائي: التغذية وصناعة الأغذية”
كما شملت اعمال الملتقى جلسات نقاش حول مواضيع ” الاستثمار والمشاريع المشتركة: قصص نجاح الاستثمار الألماني في مصر” والتي شارك فيها الأستاذ محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية كمتحدث رئيسي، ” الطاقة وصناعة البتروكيماويات: تعزيز التنويع وخلق مستقبل مستدام” وشارك في هذه الجلسة من مصر كمتحدثين رئيسيين كل من الأستاذ الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة والمهندس طارق الملا وزير النفط والموارد المعدنية، ” الاستدامة والتدريب والتعليم: أمثلة، رؤى واستراتيجيات”، ” التصنيع والاستثمار ونقل المعرفة: على ماذا يجب التركيز وما هي الاستراتيجية والتحديات”، ” الخدمات اللوجستية والبنية التحتية: فرص واعدة للأعمال والاستثمار، منطقة قناة السويس الاقتصادية كمثال” وقد شارك في هذه الجلسة كمتحدث رئيسي المهندس كامل عبد الهادي الوزير، وزير النقل في جمهورية مصر العربية.
هذا بالإضافة الى جلسة نقاش شارك فيها عدد من السفراء حول مستقبل العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية. حيث شارك في الجلسة كل من سمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود سفير المملكة العربية السعودية، سعادة الأستاذ احمد الشفرة سفير الجمهورية التونسية، السفير السابق في المملكة العربية السعودية ديتر هالر، كبير المستشارين التنفيذيين في شركة (WMP Euro Com AG)، الدكتور خالد حنفي الأمين العام لاتحاد الغرف العربية، السيد ميشائيل اونماخت رئيس قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الألمانية بالإضافة الى أولاف هوفمان نائب رئيس الغرفة والمدير التنفيذي لشركة (Dorsch Holding)، وقد اتفق المشاركون في الجلسة على ان التعاون المشترك بين الدول العربية وألمانيا ما يزال يمتلك إمكانيات كبيرة حتى مع التحديات التي تشهدها المنطقة العربية، بالإضافة إلى ذلك ، خلص المتحدثون إلى أنه ، نظرًا للديناميات المتغيرة بسرعة في التجارة العالمية، هناك حاجة إلى استراتيجيات أكثر شمولًا لتحقيق نمو مستدام في المستقبل. فمن ناحية، يتعين على جميع البلدان أن تعمل على تعزيز الشروط الإطارية للاستثمار وسيادة القانون. وقد اتفق فلوريان أمريلير، مدير الجلسة، وميشائيل اونماخت، أولاف هوفمان وديتر هالر على أنه ينبغي أن يركز بشكل أكبر على أوجه التشابه.
تحدث الأمير فيصل بن فرحان آل سعود عن إمكانيات التعاون بين بلاده وألمانيا مشددا على الرغبة في الاستفادة من التقنيات العالية التي تمتلكها الشركات الألمانية ومشيراً الى ان السعودية تمثل اكبر اقتصاد بين البلدان العربية ومنطقة الشرق الأوسط منوهاً بالخبرة الإيجابية مع الشركات الألمانية وإمكانية مشاركتها في تحقيق “رؤية 2030” والمشاريع الكبيرة مثل مشروع نيوم، من جهته أكد السفير التونسي احمد الشفرة على تميز العلاقات الاقتصادية بين بلادة وألمانيا واعتبار تونس ثاني أكبر شريك تجاري لألمانيا في منطقة شمال افريقيا منوها الى الاستثمارات الألمانية المهمة في تونس والتي وفرت نحو 55 ألف فرصة عمل. الدكتور خالد حنفي شدد على الحديث عن الخطط الاستراتيجية من الجانبين كمفتاح لمستقبل أفضل للتعاون الاقتصادي وتجاوز النموذج التقليدي في التبادل التجاري فعلى سبيل المثال ومع بناء العديد من المدن الجديدة، فان مصر مستعدة لتنفيذ واختبار التكنولوجيات الجديدة من نقطة الصفر، مضيفا ان التكنولوجيا هي عنصر رئيسي لخلق نمو مستدام. ميشائيل اونماخت رئيس قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الألمانية تحدث عن الإمكانيات الهائلة للتعاون بين الجانبين وان هنالك طلب من أوروبا وألمانيا كقوة اقتصادية وكجار للمنطقة لمزيد من الحضور السياسي والاقتصادي. من جانبه أكد السفير السابق ديتر هالر على التركيز على الجوانب الثقافية الى جانب الجوانب السياسية والاقتصادية في العلاقات العربية الألمانية موضحا ان الاقتصاد الألماني يتغير مع الثورة الصناعية الرابعة والرقمنة والتي تمثل محرك مهم للنمو المشترك، مضيفا ان هناك العديد من الفرص للمشاريع المشتركة في هذا الجانب، اولاف هوفمان تحدث في مداخلته على جودة الاقتصاد الألماني ومشاريع إعادة البناء واهمية الدول العربية للاقتصاد الألماني وحول مستقبل الاقتصاد الرقمي ومشاريع البنية التحتية.
وقد اقامت الغرفة حفل عشاء لضيوف الملتقى بمشاركة وزير النقل والبنية التحتية الرقمية في الحكومة الاتحادية اندرياس شوير ووزير التعاون الدولي جيرد مولر الذي أكد في كلمته على ان الاستثمار المشترك سيعود بالفائدة على الجانبين العربي والألماني.
وجرى في الملتقى التوقيع على سبع اتفاقيات اقتصادية بين الجانبين المصري والألماني شملت التعاون في قطاعات الصناعة، الطاقة، الصحة والنقل والسكك الحديدية.