أظهرت دراسة أجرتها شركة الاستشارات EY، ان المستثمرين الأجانب يمتلكون 51 في المئة من أسهم الشركات الألمانية الكبرى المدرجة في البورصة بينما يمتلك المستثمرون الألمان حوالي الثلث (33.6 في المئة)، بينما لم تحدد الدراسة انتماء ملاك الأسهم المتبقية. ومقارنة بالعام السابق، انخفضت حصة المستثمرين الأجانب بشكل طفيف بمقدار 0.6 نقطة مئوية، بينما زادت حصة المستثمرين الألمان بشكل طفيف بمقدار 0.1 نقطة مئوية.
وتبلغ أعلى نسبة من المساهمين الأجانب في شركات مثل MTU المتخصصة في صناعة وتوريد محركات الطائرات، وشركة Vonovia للإسكان والعقارات، وشركة Brenntag لتوزيع وتجارة الكيماويات، حيث تبلغ النسبة لكل منها 81 في المئة، كذلك في شركة Deutsche Börse، التي تدير بورصة فرانكفورت، يمتلك المستثمرون الأجانب أربعة من كل خمسة أسهم في الشركة. كما يمتلك المستثمرون الأجانب نسبة تتجاوز 50 في المئة في العديد من أبرز الشركات الألمانية الكبرى منها على سبيل المثال شركة Siemens الصناعية بنسبة 71 في المئة، شركة Adidas لصناعة الأدوات الرياضية بنسبة 70 في المئة، شركة Bayer للصناعات الكيميائية والدوائية بنسبة 65 في المئة، شركة Mercedes-Benz لصناعة السيارات بنسبة 61 في المئة.
وبحسب دراسة شركة EY، يتصدر المستثمرون الامريكيون قائمة المستثمرين الأجانب في شركات داكس، حيث قام هؤلاء المستثمرون في السنوات الأخيرة بزيادة استثماراتهم بشكل ملحوظ في الشركات الألمانية الكبرى، في حين أصبح المستثمرون من دول أوروبا الأخرى أكثر تحفظًا، فبالمقارنة بين عامي 2010م و2023م، ارتفعت حصة المستثمرين من أمريكا الشمالية في شركات DAX من 17.4 في المئة إلى 23.5 في المئة. في المقابل، انخفضت حصة المستثمرين الأوروبيين من 25.7 في المئة إلى 22.6 في المئة. واعتبر Henrik Ahlers، رئيس فرع شركة EY في ألمانيا، أن المشاركة القوية للمستثمرين الأجانب “دليل على الثقة الكبيرة المستمرة في الاقتصاد الألماني والشركات الألمانية الكبرى “.
من الجدير بالذكر أنه بالمقارنة بين نسبة امتلاك المستثمرين الأجانب لاسهم الشركات الألمانية في مؤشر DAX، والبالغة 51 في المئة، مع حجم العائدات والمبيعات التي تحققها هذه الشركات في الأسواق الأجنبية تعتبر صغيرة نسبيًا، حيث تظهر دارسة شركة EY، أن حوالي 80 في المئة من عائدات شركات DAX تأتي من الأسواق الخارجية، بل ان هناك 11 شركة ألمانية كبرى تحقق أقل من 10 في المئة من عائداتها في السوق الألمانية المحلية فيما تأتي أكثر من 90 في المئة من إيراداتها من الأسواق الأجنبية. ومن بين هذه الشركات، شركة الصناعات الكيميائية BASF والتي تمثل مبيعاتها في السوق الألماني نسبة 9.9 في المئة فقط من اجمالي مبيعاتها السنوية، كذلك الحال مع شركة Adidas التي لا يتجاوز حجم إيراداتها من السوق الألماني نسبة 6.3 في المئة، كذلك شركة Bayer والتي تمثل مبيعاتها في السوق المحلية داخل ألمانيا نسبة 5.1 في المئة فقط من اجمالي مبيعاتها، اما شركة Merck للصناعات الكيميائية والدوائية فإنها تحقق فقط 4.8 في المئة من إيراداتها من بيع منتجاتها في السوق الألماني فيما تأتي بقية الإيرادات من المبيعات في الأسواق الأجنبية.
ولا يعتبر امتلاك المستثمرين الأجانب لنسبة كبيرة من أسهم الشركات الألمانية الكبرى المدرجة في البورصة شيئا جديدًا حيث انه ومنذ عام 2007م، كانت أكثر من نصف أسهم شركات DAX في أيدي مستثمرين أجانب بشكل مستمر، ولم يتغير هذا الوضع حتى عندما تم زيادة عدد الشركات في المؤشر من 30 إلى 40 شركة في عام 2021م.
ويعود ازدياد حصة المستثمرين الأجانب في شركات DAX بعد الألفية الثانية وتجاوزها عتبة 50 في المئة قبل حوالي 17 عامًا بالدرجة الأولى الى قرار الحكومة الائتلافية الألمانية بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر (1998م-2005م) بقيادة المستشار السابق جيرهارد شرودر. ففي مايو 2000م، ألغى وزير المالية آنذاك Hans Eichel الضريبة على أرباح بيع حصص الأسهم في الشركات. وبهذا القرار، قامت الحكومة عمليًا بحل ما يسمى “Deutschland AG”، وهو المصطلح الذي كان يشير الى شبكة تربط بين البنوك الكبرى وشركات التأمين والشركات الصناعية. حيث كانت الشركات الألمانية، قبل دخول قرار الالغاء حيز التنفيذ عام 2002م، ملزمة بدفع ضريبة كبيرة على أرباح بيع حصصها الاستثمارية في الشركات الأخرى، مما جعلها تتردد وتحجم عن بيع هذه الحصص.
وأدى إلغاء الضريبة على أرباح بيع الحصص، الى اتاحة المجال لبيع الشركات لأسهمها في الشركات الأخرى دون تحمل تكاليف ضريبية كبيرة. هذا التغيير الضريبي أدى إلى زيادة كبيرة في عمليات بيع الحصص وتفكيك الروابط المتشابكة بين الشركات وأدى تدريجياً إلى انتهاء شبكة “Deutschland AG”. مما أدى أيضًا إلى بيئة أعمال أكثر انفتاحًا وتنافسية في ألمانيا.