لمناسبة زيارة سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى ألمانيا بدعوة رسمية وعقده لقاءات مع الرئيس يواخيم جاوك والمستشارة أنغيلا ميركل ومسؤولين سياسيين ألمان لبحث تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدولتين، انعقد بتاريخ 17 سبتمبر 2014م في فندق "غراند حياة" الملتقى الإقتصادي القطري الألماني، حضره نحو 300 شخصية قطرية وألمانية من القطاعين العام والخاص للبحث في سبل تعزيز التبادل التجاري وزيادة الاستثمارات في كلا البلدين. وفي لقائها مع سمو الأمير أعربت المستشارة مركل عن تقديرها لدور بلده كمستثمر استراتيجي يهتم بمجالات الاستثمار الطويلة الأمد.

وألقى سمو الأمير كلمة في حفل العشاء الذي أقامته سفارة دولة قطر بالتعاون مع الغرفة في فندق الريتس كارلتون في برلين عشية إنعقاد الملتقى، بحضور نخبة من رجال الأعمال والسياسيين والإعلاميين والمثقّفين الألمان، أكد فيها على متانة العلاقات بين دولة قطر وألمانيا وبخاصّة في المجال الاقتصادي والإستثماري، والسعي للتعاون في مجالات الطاقة البديلة، والإهتمام بالتجربة الألمانية المُعاصرة في التوسّط لحل النزاعات بالطرق السلمية ودورها المسؤول في أوروبا.

وأضاف سموّه أن قطر تسعى لتطبيق خطّة التنمية الشاملة "رؤية قطر الوطنية 2030" في كافة القطاعات ومنها تنويع مصادر الدخل وتطوير البنى التحتية، ومن ضمنها الإستعدادات لإستضافة كاس العالم للعام 2022. وأشار إلى أن قطر منذ نشأتها وستبقى داعية للسلام، وداعمة للتنمية، وتسعى إلى حل النزاعات الإقليمية والدولية بالطرق السلمية، وتأييدها حق الشعوب العربية بالحرية والكرامة، وإيمانها بالإصلاح والتحوّل التدريجي. وأدان سموّه العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزّة وقتل المدنيين والحصار الجائر، وأدان الإرهاب الذي يُعتبر عدواً للشعوب والدين والمدنية ويجب محاربته مع الإخذ بعين الإعتبار إنصاف الشعوب حتى لا تؤدي محاربة الإرهاب إلى إنبات إرهاب جديد، مؤكداً على أن مستقبل العالم العربي يكمن في النمو والتنمية البشرية لضمان العيش الكريم للإنسان مرحباً بالشراكة مع ألمانيا لإنجاح هذه التوجهات.

وشارك في اقامة المنتدى الذي دعت إليه الغرفة والسفارة، وزارة الاقتصاد والتجارة القطرية، وغرفة تجارة وصناعة قطر، واتحاد الصناعيين الألمان، واتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية.

وافتتح وزير الاقتصاد والتجارة القطري الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني فعاليات المنتدى الاقتصادي بكلمة اعتبر فيها اللقاء "لبنة جديدة في صرح الشراكة الكبيرة والفاعلة " بين البلدين. واذ لفت إلى أن بلده يعتبر "أحد المراكز المتقدمة للاستثمارات الالمانية في دول مجلس التعاون الخليجي" قال إن عدد الشركات الألمانية النشطة في قطر بلغ 27 شركة برأسمال مملوك للشركات الألمانية بنسبة مئة في المئة، فضلاً عن 112 شركة أخرى برأسمال قطري الماني مشترك تعمل في مجال تطوير السكك الحديدية والتجارة والمقاولات والخدمات والاتصالات والطرق والبنية التحتية والاجهزة والمعدات الطبية وغيرها". وبعد أن تحدث عن استثمارات بلده في شركات مثل "فولكسفاغن" و "هوختيف"، و "سيمنز" إلى جانب المحافظ الاستثمارية العقارية توقع أن يرتفع حجم الاستثمارات القطرية لبلده في المرحلة المقبلة على قاعدة شراكة مستدامة . وشدد على تعزيز التعاون المشترك في مجالات التكنولوجيا والمعارف والتأهيل والبحث العلمي.

وأثنى رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني في كلمته على أهمية انعقاد هذا المنتدى على مستوى القطاع الخاص أيضاً، متمنياً استمرار عقده بصفة دورية لتعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين. وإذ أكد على التقدم الملحوظ في العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة أعرب عن أمل القطاع الخاص بتوجيه جزء من الاستثمارات القطرية ـ الالمانية إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة بوصفها الداعم الحقيقي للاقتصاد الوطني في كلا البلدين. وقال إن الاقتصاد القطري أصبح واحداً من أسرع اقتصاديات العالم نمواً حيث احتلت دولة قطر هذا العام المرتبة الـ 19 من بين 60 دولة متقدمة تبعاً لتقرير التنافسية العالمية للعام الجاري. وتحدث كذلك عن اهتمام حكومته بالتعليم وتمكين المرأة وادماجها في سوق العمل وتحقيق المستوى المعيشي الافضل لكل مقيم على أرض قطر.
 

وتحدث المدير العام للشؤون الاقتصادية والتنمية المستدامة في وزارة الخارجية الالمانية السفير ديتر هالر عن الإمكانات المُتاحة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين والبحث عن مجالات عمل مشترك إضافية. ولفت إلى أن قطر ليست محل اهتمام للشركات الألمانية الضخمة فقط، وإنما أيضا للشركات الصغيرة  والمتوسطة . وبعد أن لفت إلى أنه بامكان قطر وألمانيا القيام بالكثير على المستويين العام والخاص دعا الشركات الألمانية للمشاركة في خطط الدولة القطرية لتنفيذ رؤية 2030 .

وأعرب نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية ورئيس شركة "دورش هولدينغ" الألمانية أولاف هوفمان في كلمته عن اقتناعه بـ "ان المستقبل أمامنا ونشعر بأن علاقاتنا تتعزز" لافتاً إلى أن قطر هي أحدى أهم الشركاء التجاريين لألمانيا في العالم العربي، وبلغ التبادل التجاري معها أكثر من ملياري يورو عام 2013. واذ أشار إلى أن العلاقات التجارية بين المنطقة العربية وألمانيا تتطور قال إن حجمها بلغ 50 مليار يورو العام الفائت. وبدوره حض الشركات الألمانية على استغلال فرص العمل المتاحة في قطر.

وقدمت السيدة مريم علي الخلف من وزارة الاقتصاد والتجارة عرضاً مفصلاً بالصوت والصورة لفرص العمل والاستثمار في المشاريع التي تنفذها الدولة القطرية والتي يمكن للشركات الألمانية المشاركة فيها.

وعقد المنتدى ثلاث جلسات أولها تحت عنوان "كأس العالم في كرة القدم 2022 في قطر: البرنامج الاستثماري، التحديات والفرص" وأدارها نائب رئيس الغرفة أولاف هوفمان. وبحث المشاركون من رجال الأعمال القطريين والألمان  الفرص التي توفرها قطر للشركات الاجنبية لتنفيذ مشاريع البنى التحتية التي ستنشأ في البلاد في هذه المناسبة الرياضية الدولية الفائقة الأهمية والتي رصدت لها الدوحة 200  مليار دولار، أي نحو 140 مليار يورو.

وعالجت جلسة العمل الثانية "تحديات قطاع الطاقة في قطر وفرص المشاركة والاستثمار" وأدارها المحامي الدكتور فلوريان اميريللر عضو المكتب التنفيذي للغرفة، فتحدث الشيخ مشعل بن جبر آل ثاني مدير سياسات الطاقة والتعاون الدولي في قطر فقال إن بلده تخطط لتنفيذ مشاريع كبرى للطاقة المعتمدة على الغاز وللطاقات المتجددة، وأنه لا بد أن يثير ذلك اهتمام الشركات الألمانية. وعرض الدكتور هانس بيتر بوم نائب رئيس الشؤون الحكومية في شركة "سيمنز" نشاط شركته في قطر في مجال الطاقة والصناعة ومع مؤسسة "كهرماء" القطرية للمياه والكهرباء لإقامة معامل لتحلية مياه البحر وتوسيع شبكات الكهرباء. وقدّم الدكتور أحمد المقرمد  المدير التنفيذي لمعهد علوم الحاسب في قطر عرضاً عن البحوث التي يجريها المعهد في قطاعات تقنيات المياه والشمس والأمن المعلوماتي. وقدم يورغن موبيرت رئيس المكتب التمثيلي لشركة "فينترسهال هولدينغ" التفطية الألمانية عرضاً عن عملها في قطر حيث اكتشفت أول حقل كبير للغاز فيها عام 1970 ولا تزال تواصل البحث والانتاج.

 وعالجت الجلسة الثالثة "صناديق الاستثمار السيادية والفرص الاستثمارية" بادارة الدكتور بيتر غوبفريش مفوض الغرفة الألمانية للصناعة والتجارة في منطقة الخليج فتحدث رئيس المكتب التنفيذي لهيئة الاستثمار القطرية أحمد السيد عن استراتيجية بلده الاستثمارية الهادفة إلى تنويع الاستثمارات بقدر الامكان داخل الدول أو داخل القطاعات. وأبرز الدكتور يورغن فريدريش مدير مؤسسة "جيرميني تراد اند انفست" الألمانية واقع أن ألمانيا تؤمن أيدٍ عاملة كفؤة وقدراً كبيراً من الابتكار. وعرض نائب رئيس المكتب التنفيذي لهيئة مركز قطر للمال يوسف الجيدة فرص الاستثمارات في بلده والمؤشرات الاقتصادية الجيّدة وعن احتلال قطر مراكز متقدمة في التصنيفات الدولية. ولفت عضو مجلس إدارة "دويتشه بنك" د. ستيفان لايتنر إلى أن قطر تُظهر في ألمانيا اهتماماً  بالحصول على استثمارات طويلة الأمد.