أقرت الحكومة الألمانية مشروع الميزانية الاتحادية لعام 2023م، والخطة المالية حتى عام 2026م. ويعد أبرز ما في مشروع الميزانية هو العودة الى تفعيل “كابح الديون” المنصوص علية في الدستور الألماني والذي يضع حداً أعلى لحجم الدين الذي تستطيع الحكومة الاتحادية اقتراضه. ويأتي ذلك بعد ان تم إيقاف العمل بهذا الكابح بموافقة البرلمان الاتحادي (البوندستاج) للثلاث السنوات الماضية بسبب جائحة كورونا.
ويبلغ حجم ميزانية الحكومة الاتحادية للعام 2023م ما يقرب من 445.2 مليار يورو، سيتم تمويل الجزء الأكبر منها من خلال الإيرادات الضريبية التي يتوقع ان تبلغ 362.2 مليار يورو، الى جانب 40.5 مليار يورو من الاحتياطيات التي تم تكوينها قبل جائحة كورونا، بالإضافة الى الأموال المتأتية من الرسوم المخصصة للصناديق الخاصة، على سبيل المثال صندوق “البنية التحتية الرقمية”، والتي سيبلغ دخل الحكومة الاتحادية المقدر منها في العام 2023م، نحو 8.6 مليار يورو. كما يبلغ حجم الدين المخطط له في الميزانية 17.2 مليار يورو. بينما بالمقارنة بلغ حجم الدين الجديد لميزانية العام 2022م، 140 مليار يورو تقريبا، وفي العام 2021م بلغ نحو 215.4 مليار يورو. اما بالنسبة للأعوام القادمة فتنص الخطة المالية على دين جديد في العام 2024م بمبلغ 12.3 مليار يورو والعام 2025م بنحو 12.8 مليار يورو اما بالنسبة للعام 2026م فقد حددت الخطة المالية ان يبلغ حجم الديون الجديدة 13.8 مليار يورو.
وبالعودة الى خفض الديون الحكومية تسعى الحكومة الألمانية الى تجنب الدوافع التضخمية الناتجة عن التوسع في الانفاق وتحديد أولويات الانفاق بشكل صارم والحد من تكاليف سعر الفائدة، خاصة مع قرار البنك المركزي الأوروبي رفع سعر الفائدة ابتداءً من 21 يوليو 2022م، حيث تقدر مدفوعات الفوائد في مشروع ميزانية العام 2023م، بنحو 29.6 مليار يورو، وهو ما يمثل أكثر من سبعة أضعاف ما كان عليه في عام 2021م.
علاوة على ذلك يتميز مشروع ميزانية 2023م، بتخصيص مبلغ قياسي للاستثمارات الجديدة يبلغ 58.4 مليار يورو والذي من خلاله تعمل الحكومة الاتحادية على تهيئة الظروف اللازمة لتحويل الاقتصاد الألماني إلى اقتصاد رقمي مستدام ومحايد مناخيًا، وتهدف الاستثمارات العامة بشكل خاص إلى تنشيط الاستثمارات الخاصة من قبل الشركات وتعزيز الابتكار التكنولوجي وقوى النمو. وفي هذا الجانب أيضا ووفق الخطة المالية حتى العام 2026م، ستستقر الاستثمارات الجديدة عند مستوى يبلغ 52 مليار يورو سنوياً.
ومن أجل تعزيز التماسك الاجتماعي. تم تخصيص أكثر من 200 مليار يورو للإنفاق الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، ستزيد مدفوعات التقاعد من 112.4 مليار يورو في عام 2023م إلى 128.8 مليار يورو في عام 2026م. كما ستحصل الوزارة الاتحادية لشؤون الأسرة وكبار السن والنساء والشباب على 1.5 مليار يورو إضافية متاحة في السنوات 2023م إلى 2026م. بالإضافة الى ذلك من المقرر دعم التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة بملياري يورو لكلٍّ من عامي 2023م و 2024م. كما سيتم زيادة المساعدة المالية للولايات الفيدرالية للإسكان الاجتماعي بشكل كبير، حيث تم التخطيط لإجمالي 12.5 مليار يورو كمساعدات مالية للولايات في الفترة من 2023م إلى 2026م، من أجل المساهمة في تحقيق الهدف المتفق عليه المتمثل في بناء 400 ألف شقة سنوياً، سيتم تخصيص 100 ألف منها، بدعم حكومي، للأسر محدودة الدخل.
الى جانب ذلك تضمن مشروع ميزانية 2023م وضع العديد من الإجراءات الاحتياطية لمواجهة اية تغيرات قد تحصل، خصوصا في بيئة تتسم بعدم اليقين، من أجل ضمان قدرة الحكومة على التصرف. ومن اجل ذلك تم تخصيص 5.4 مليار يورو لتأمين إمدادات الطاقة، بالإضافة الى 5 مليارات يورو أخرى بمثابة احتياطات لمواجهة الأزمة العالمية. كما خصص 2.2 مليار يورو لشراء لقاحات بسبب جائحة كورونا.
وتضمن مشروع ميزانية 2023م كذلك ضمان تمويل برامج التعاون الإنمائي والمساعدات الإنسانية وحماية المناخ الدولي للحكومة الاتحادية، حيث تم تخصيص أكثر من 4 مليار يورو للمساهمة الألمانية في التمويل الدولي للمناخ والتنوع البيولوجي. وبميزانية تتجاوز 22 مليار يورو مخصصة للمساعدات والمنح والتعاون الإنمائي تظل ألمانيا ثاني أكبر دولة مانحة في العالم بعد الولايات المتحدة من حيث الإنفاق العام على التعاون الإنمائي.