بعد تسوية الخلاف الأمريكي الألماني حول خط انابيب نقل الغاز الروسي الى المانيا بعد زيارة المستشارة انجيلا ميركل الى الولايات المتحدة ولقائها الرئيس جون بايدن، أعلنت شركة غازبروم الروسية للغاز عن انتهاء العمل في خط أنابيب نقل الغاز من روسيا الى المانيا المعروف باسم Nord Stream 2، وهو الخط الذي كان مثار للجدل على مدى سنوات داخل الاتحاد الأوربي وداخل المانيا ومثل أحد نقاط الخلاف مع الولايات المتحدة الامريكية والتي كانت قد فرضت عقوبات على بعض الشركات المساهمة في المشروع قبل ان تقوم بتجميدها في شهر يوليو الماضي. ومن المتوقع أن تبدأ شركة غازبروم في نقل الغاز إلى ألمانيا في أكتوبر القادم.

وعلى الرغم من انتهاء الخلاف والصعوبات امام الانتهاء من بناء خط الانابيب الا ان هنالك خلافاً بدأ حول تشغيل الانبوب والشروط اللازمة لنقل الغاز من روسيا الى المانيا ومنها الي بقية دول الاتحاد الأوروبي. حيث يأمل معارضو خط الأنابيب بعرقلة تشغيل المشروع وإخضاع الشركة الروسية لمتطلبات أكثر صرامة للدخول الى سوق الغاز الأوروبي، وذلك من خلال وجود حكومة ألمانية جديدة بعد الانتخابات النيابية القادمة نهاية شهر سبتمبر الحالي والتي ربما يكون لها موقف مغاير من المشروع ومن شروط تشغيله، الى جانب ذلك يراهن معارضو المشروع أيضا على الدعوى القضائية التي رفعتها جمعية Deutsche Umwelthilfe والتي طلبت فيها “سحب رخصة البناء والتشغيل” للمشروع، بالإضافة الى المتطلبات التنظيمية الصارمة للمفوضية الأوروبية لتشغيل الانبوب.

وتنطبق أحكام توجيه الغاز الأوروبية على خطوط الأنابيب التي تنقل الغاز من دول ثالثة إلى الاتحاد الأوروبي والتي تم بناؤها بعد عام 2019م، وتنص اللائحة على الفصل، والذي يعني أنه يجب فصل منتجي الغاز الطبيعي عن مشغلي خطوط الأنابيب وان لا تحتكر شركة واحدة انتاج الغاز ونقله الى الاتحاد، كما يجب وفقا لهذه اللائحة ان يكون بإمكان شركة ثالثة او منتج اخر للغاز استخدام خط الانابيب ايضاً.

من جهتها لا تظهر شركة الطاقة الروسية غازبروم، المالكة لخط الأنابيب وللشركة المشغلة له (نورد ستريم 2 إيه جي)، قلقاً كبيراً من هذه الجهود لمعارضي المشروع حيث أكد رئيس مجلس إدارة الشركة أليكسي ميلر، “قبل نهاية العام، خلال موسم التدفئة، سنكون قادرين على إيصال الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب نورد ستريم 2 “.

قد يكون أحد أسباب ثقة روسيا هو الاستعدادات التي اتخذتها موسكو لتقرير النزاع حول تشغيل الأنابيب لصالحها. اذ حذر الخبراء من أن شركة غازبروم تقلص إمدادات الغاز إلى أوروبا منذ عدة اسابيع. على سبيل المثال، حجزت الشركة الروسية المملوكة للدولة أربعة في المئة فقط من سعة خط انابيب الغاز الذي يصل الى اوروبا عبر أوكرانيا لشهر سبتمبر. هذا الى جانب ان أسعار الغاز في أوروبا ارتفعت بشكل حاد بالفعل، حيث يشير خبراء سوق الغاز إلى أنه بعد انخفاض الطلب على الغاز في ربيع 2020م بسبب جائحة كورونا، كان هناك نمو قوي في الطلب في أكبر الأسواق الأوروبية هذا العام.

بالإضافة إلى ذلك، استوردت الصين غازًا إضافيًا بنسبة 25 في المئة في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2021 مقارنة بالعام السابق. كما ساهم الشتاء الماضي القاس نسبيا، في تواتر عملية ملء صهاريج التخزين في جميع أنحاء العالم خلال الربيع والصيف من العام الحالي، وهذه العملية لا تزال مستمرة. كما أعلنت روسيا مشاكل في الإنتاج، الدي ربما كان مصطنعاً وغير حقيقي كما يخشى بعض الخبراء.

وبالرغم من كل هذه الأسباب فإن منتقدي خط أنابيب نورد ستريم 2 لا يقبلون هذا التفسير في ارتفاع أسعار الطلب وقلة المعروض منه في الأسواق ولديهم قناعة بأن حالة السوق المتوترة هي نتيجة حسابات استراتيجية من قبل الحكومة الروسية.

ويؤكد خبراء بأنه “لا شك في أن غازبروم تستخدم نورد ستريم 2 للاستفادة منها”. وان هناك شيء واحد مؤكد هو ان موسكو تريد إثارة المخاوف من اختناقات العرض من أجل ثني الأوروبيين عن وضع المزيد من العقبات في طريق خط الأنابيب.

 

Photo: Von C-M – Eigenes Werk, CC BY-SA 3.0