اظهر مؤشر مناخ الاعمال في ألمانيا تحسن المزاج بين مديري الشركات بشكل ملحوظ. حيث ارتفع مؤشر ifo لمناخ الأعمال إلى 92.4 نقطة في شهر فبراير، بعد ان كان قد انخفض الى مستوى 90.3 نقطة في يناير الماضي. وكانت تقييمات الوضع الحالي للأعمال أكثر إيجابية. بالإضافة إلى ذلك، تضاءلت الأصوات المتشائمة بشكل ملحوظ بخصوص توقعات الاعمال في الأشهر المقبلة. وعلى الرغم من توقع استمرار الإغلاق الى ما بعد أعياد الفصح منتصف ابريل القادم، فإن الاقتصاد الألماني يتسم بالمرونة والمتانة، ويرجع ذلك أساسًا إلى النشاط الصناعي القوي.

     حيث حقق المؤشر في قطاع الصناعات التحويلية قفزة كبيرة، حيث ارتفع المؤشر من مستوى 9,1 نقطة في شهر يناير الماضي الى مستوى 16,1 نقطة في شهر فبراير، اذ تحسنت تقييمات الشركات الصناعية لوضعها الحالي، كما كانت الشركات أكثر تفاؤلاً بشكل ملحوظ بشأن الأشهر المقبلة، وقد ارتفع مؤشر مناخ الأعمال في جميع فروع الصناعة الرئيسية.

      في قطاع الخدمات، ارتفع مؤشر مناخ الأعمال (من – 4,4 نقطة الى – 2,2 نقطة) حيث كانت شركات هذا القطاع أكثر رضى عن وضعهم الحالي، الى جانب ذلك انخفض التشاؤم في توقعات الأعمال خلال الفترات القادمة، فيما لا يزال الوضع صعبًا بالنسبة لصناعة الضيافة وكذلك في صناعة السياحة والتي تظهر الشركات العاملة في القطاع تفاؤل حذر لأول مرة فيما يتعلق بموسم العطلات.

       أما في قطاع تجارة التجزئة، ارتفع مؤشر مناخ الأعمال إلى حد ما بعد ان سجل تراجعاً في شهر يناير، حيث ارتفع من مستوى – 17,2 نقطة في شهر يناير الى – 14,6 نقطة نهاية شهر فبراير، بينما لا تزال التوقعات متشائمة، لكن ليس بنفس المستوى الذي تم ملاحظته خلال شهر يناير، ومع ذلك، تم تقييم الوضع الحالي على أنه أسوأ من قبل التجار نتيجة التراجع الكبير للمبيعات بسبب الإغلاق.

     كما تحسن مناخ الأعمال في صناعة البناء، اذ ارتفع المؤشر من مستوى – 4,9 نقطة الى – 3,6 نقطة، وكان هذا بسبب التوقعات الأقل تشاؤما، ومع ذلك، تم تقييم الوضع الحالي من قبل شركات البناء إلى حد ما أسوأ من الشهر السابق، ويرجع ذلك أساسًا إلى الشتاء الأكثر برودة هذا العام.

     وفي سياق متصل اظهر مسح أجراه معهد ifo لـ 2300 شركة تحسن مناخ الأعمال وسط المصدرين الألمان بمستوى أعلى مما كان عليه منذ ما يقرب من عامين ونصف، وذلك نظرًا للتحسن المتوقع في اقتصاد الشركاء التجاريين الرئيسيين لألمانيا مثل الولايات المتحدة والصين، حيث ارتفع مقياس توقعات التصدير للصناعة في فبراير من 7.5 إلى 10.7 نقطة.  وأشار كليمنس فويست، مدير معهد Ifo، الى “إن النشاط الاقتصادي الجيد في الصين وزيادة الإنتاج في الولايات المتحدة يساعدان المصدرين الألمان”، حيث يعتبر أكبر اقتصادين في العالم من أهم المشترين للسلع والبضائع الألمانية. من جانب أخر تسببت التدابير المتخذة ضد الموجة الثانية من جائحة كورونا والاغلاق الاقتصادي الناتج عنها في تراجع التعافي الاقتصادي وإبطائه في أكثر من قطاع، فبينما انتعش القطاع الصناعي، لا تزال قطاعات أخرى مثل الفنادق والمطاعم والاعمال في المجال الثقافي ومنظمي الفعاليات وأجزاء مهمه من تجارة بيع التجزئة في حالة توقف شبة تام.

     ووفقًا لاتحاد التجارة الألماني HDE، تتأثر حوالي 200 ألف شركة في القطاع بعواقب الإغلاق الثاني، حيث تبلغ خسائر مبيعات الشركات في القطاع حوالي 700 مليون يورو كل يوم، بينما وفي فترة ما قبل الأزمة في عام 2019م، بلغت مبيعات قطاع البيع بالتجزئة في ألمانيا ما يقرب من 550 مليار يورو، وهو ما يعادل حوالي سدس الناتج المحلي الإجمالي لنفس العام. ويبلغ عدد العاملين في القطاع، بدون احتساب العاملين في مبيعات السيارات، نحو 3,6 مليون شخص. اما صناعة السياحة والتي كانت إيراداتها قبل الازمة تصل الى 300 مليار يورو سنوياً، فكانت أكثر تضرراً، حيث انه في حين أن الطلبات عبر الإنترنت تعوض عن جزء من المبيعات في تجار التجزئة، فإن الجزء الأكبر من قطاع السياحة توقف عن العمل بشكل شبه كلي.

      بالإضافة الى ذلك، تسبب الاغلاق الثاني في تدهور مناخ الاستهلاك في ألمانيا بشكل كبير، حيث ساهم في اتجاه ميول المستهلكين للادخار والتوفير بدلا من الشراء، حيث يحجم المستهلكون حاليًا عن عمليات الشراء الكبيرة.  ولم يكن المزاج السائد بين المستهلكين الألمان بهذا السوء منذ فترة طويلة، إذ انخفض مقياس مناخ المستهلك الذي حدده باحثو معهد أبحاث السوق Marktforschungsinstitut (GfK) في نورمبرج لشهر فبراير إلى 15.6 نقطة تحت الصفر، وهذا هو أدنى مستوى للمؤشر منذ يونيو 2020م. وقال رولف بوركل الخبير في المعهد: “أدى إغلاق المطاعم وأجزاء كبيرة من تجارة التجزئة إلى تراجع الاستهلاك بنفس القدر الذي حدث خلال الإغلاق الأول في ربيع العام الماضي”.  وعلى وجه الخصوص، انخفضت رغبة المواطنين في القيام بعمليات شراء كبيرة مثل شراء الأثاث وأجهزة الكمبيوتر والسيارات بشكل كبير.  ومن ضمن أسباب انخفاض الرغبة في الاستهلاك والشراء خشية العديد من المواطنين فقدان وظائفهم لأن الإغلاق المطول زاد من احتمال حدوث موجة من حالات الإفلاس. بالإضافة إلى ذلك، ونتيجة للإغلاق، من المرجح أن يزداد عدد العمال والموظفين في برنامج الدوام المختصر، مما يؤثر أيضًا على دخل الأسرة، وأوضح باحثو المعهد، انه بالإضافة إلى إغلاق الجزء الأكبر من قطاع البيع بالتجزئة والخوف من الانتشار المتزايد لفيروس كورونا المتحور، يمكن أن تكون عودة ضريبة القيمة المضافة الى مستوى 19 في المئة منذ بداية العام سببًا أيضًا لانخفاض الميل للشراء. ووفقًا للمعهد، يعتقد أربعة من كل خمسة مواطنين ألمان الآن أن جائحة كورونا تشكل تهديداً كبيراً على ألمانيا.

      كل هذه المتغيرات المرتبطة بالإغلاق الاقتصادي تتسبب بالمزيد من المعوقات للاقتصاد الألماني والتي يتوقع رئيس لجنه حكماء الاقتصاد، لارس فيلد انها ستبطئ تعافي الاقتصاد في ألمانيا، ولكنها لن توقفه. بينما أشار تقرير لمعهد الدراسات الاقتصادية في جامعة ميونخ ifo   الى إن تمديد الاغلاق إلى نهاية شهر فبراير سيؤدي الى انكماش الاقتصاد في الربع الأول، الا انه من المتوقع أن يرتفع النمو الاقتصادي بنحو ثلاثة في المئة خلال الربع الثاني، وذلك في حال ما تم الغاء إجراءات الاغلاق بحلول شهر مارس. من جهته قال أوي بوركيرت، كبير الاقتصاديين في مصرف Landesbank Baden-Württemberg LBBW، ان “اجراءات الاغلاق التي تم تبنيها تؤثر بشكل كبير على النشاط الاقتصادي، لكن الدعائم الأساسية للانتعاش الاقتصادي، وعلى وجه الخصوص قطاع الصناعة، تم تجنبها إلى حد كبير”. ويرى اقتصاديون آخرون ذلك بشكل مشابه، حيث أكد أندرياس شويرل ​​الخبير في مصرف DekaBank أن تمديد الإغلاق يضعف إمكانية النمو في الربع الأول، لكن إغلاق محتمل للقطاع الصناعي وإغلاق الحدود، والتي تمثل خطرا على الاقتصاد، ” غير مطروحة على الطاولة في الوقت الحالي”.

     اما بالنسبة الى توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا لمجمل العام 2021م فيتوقع صندوق النقد الدولي (IMF) أن الاقتصاد الألماني سيشهد تعافيًا ملحوظًا لهذا العام ككل، بحيث ان الناتج المحلي الإجمالي سوف ينمو بنسبة 3,5 في المئة.  وتمثل هذه النسبة المتوقعة اقل من النسبة التي كان الصندوق قد توقعها خلال شهر أكتوبر الماضي، اذ كانت التوقعات تشير الى نمو بنسبة 4.2 في المئة. من جهتها كانت الحكومة الاتحادية تنتظر نمواً خلال العام الجاري بواقع 4,4 في المئة الا ان الحكومة وبعد تمديد الاغلاق الثاني تتوقع الان نموا في العام الجاري يصل الى 3 في المئة فقط.

     هذا وكان الاقتصاد الألماني قد انكمش في العام 2020م، وفق آخر بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي، بنسبة 4,9 في المئة وهي نسبة الانكماش الأكبر منذ الازمة المالية العالمية عام 2009م، بينما سجلت الصادرات الألمانية العام 2020م، أكبر تراجع منذ العام 2009م، حيث اظهر تقرير صادر عن مكتب الإحصاء الاتحادي ان ألمانيا صدرت سلعاً وبضائع خلال العام 2020م بقيمة 1204.7 مليار يورو واستوردت بضائع بقيمة 1025.6 مليار يورو. وبهذا الأرقام تكون الصادرات الألمانية سجلت تراجعاً بنسبة 9,3 في المئة مقارنة بالعام 2019م بينما تراجعت الواردات أيضا بنسبة 7,1 في المئة مقارنة بالعام 2019م. ويعد هذا الانخفاض في الصادرات والواردات الأعلى منذ الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في عام 2009م. حيث تراجعت الصادرات في ذلك الوقت نسبة 18,4 في المئة والواردات بنسبة 17,5 في المئة مقارنة بالعام 2008م. 

     وبذلك أغلق الميزان التجاري الخارجي لألمانيا في عام 2020م بفائض قدره 179.1 مليار يورو. لكنه في حال انخفاض للعام الرابع على التوالي. وتم تسجيل آخر فائض تصدير أقل من عام 2020م في عام 2011م والذي بلغت فيه قيمة الفائض 158.7 مليار يورو. هذا وكان فائض الميزان التجاري الألماني قد بلغ العام 2019م نحو 224 مليار يورو. 

     وتبقى الولايات المتحدة خلال العام 2020م أكبر مستورد للسلع الألمانية بقيمة 103,8 مليار يورو على الرغم من ان هذه القيمة انخفضت بنسبة 12,5 في المئة مقارنة بقيمة الصادرات الألمانية الى الولايات المتحدة في العام 2019م. وجاءت جمهورية الصين الشعبية العام 2020م في المرتبة الثانية بقيمة مستوردات من ألمانيا بلغت 95,9 مليار يورو وبنسبة تراجع طفيفة مقارنة بالعام 2019م (- 0,1 في المئة) واتت فرنسا في المرتبة الثالثة حيث اشترت بضائع المانية بقيمة 91 مليار يورو وبتراجع بنسبة 14,6 في المئة مقارنة بالعام 2019م. 

     من جهة أخرى استوردت ألمانيا من الصين عام 2020م بضائع وسلع بقيمة 116,2 مليار يورو لتحتل المرتبة الأولى بين المصدرين الى ألمانيا وبزيادة بنسبة 5,6 في المئة مقارنة بالعام 2019م. كما أتت هولندا في المركز الثاني في قائمة الدول المصدرة الى المانيا العام 2020م بقيمة صادرات 88,4 مليار يورو وبانخفاض بنسبة 9,6 في المئة مقارنة بالعام 2019م، واتت الولايات المتحدة في المركز الثالث بصادرات بلغت 67,8 مليار يورو وبتراجع بنسبة 5 في المئة مقارنة بالعام 2019م.  

في سياق أخر، أدت أزمة كورونا إلى عجز المالية العامة خلال العام 2020م في مختلف المستويات الحكومية في ألمانيا بواقع 139.6 مليار يورو. ويعد هذا أول عجز منذ عام 2011 وثاني أعلى عجز منذ توحيد ألمانيا، ولم يتجاوزه سوى العجز القياسي لعام 1995م، وبهذا المبلغ بلغ معدل العجز العام لعام 2020م نسبة 4,2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.  ويعود هذا العجز في الميزانيات الحكومية الى الاختلاف بين الإيرادات العامة التي انخفضت بنسبة 3 في المئة في العام 2020م مقارنة بعام 2019م، حيث تراجعت إلى 1،563 مليار يورو، بينما كانت 1،610 مليار يورو العام 2019م، وزيادة النفقات بنسبة 9,3 في المئة إلى 1،702 مليار بعد ان كانت هذه النفقات في العام الذي سبق 1،558 مليار يورو.

     وعانت ميزانية الحكومة الاتحادية من أكبر عجز والذي بلغ 86,6 مليار يورو، بينما بلغ عجز ميزانيات حكومات الولايات الفيدرالية 18 مليار يورو، فيما عانت البلديات من عجز محدود بقيمة 1,3 مليار يورو، وذلك نتيجة تلقيها الدعم من الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات. كما عانت ميزانية الضمان الاجتماعي من عجز بنسبة 33,7 مليار يورو. ويرجع السبب الرئيسي لهذا العجز الى الإنفاق على برامج الطوارئ الحكومية ومساعدات التجسير بالإضافة إلى شراء وتوفير معدات الحماية خلال ازمة كورونا، الى جانب زيادة الاعباء الاجتماعية.

سوق العمل: ثالث كل شركة ألمانية مسجلة في برنامج العمل بدوام مختصر

     اظهر تقرير وكالة العمل الاتحادية ان عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا قد ارتفع في شهر يناير بنحو 193 ألف شخص ليصل مجموع عدد العاطلين عن العمل الى 2,901 مليون شخص. وبحسب تقرير الوكالة فان جزءً مهما من هذه الزيادة يعود الى العطلة الشتوية والتي تتسبب في توقف العمل في قطاعات مثل الزراعة والرعي.  وقد علق رئيس وكالة العمل ديتليف شيل، على نتائج التقرير بالقول    ” ما يزال سوق العمل في ألمانيا قويا على الرغم من ازمة كورونا والموجه الثانية من الجائحة، التي تركت بصماتها أيضا على سوق العمل”.

     ويمثل هذا العدد من العاطلين في شهر يناير زيادة بحوالي 475 ألف شخص عن نفس الشهر من العام الماضي، وبهذه الزيادة في عدد العاطلين ارتفع معدل البطالة بنحو 0,4 نقطة ليصل الى معدل 6,3 في المئة. وفي جانب الوظائف الشاغرة، تم تسجيل 566 ألف وظيفة شاغرة بوكالة العمل الاتحادية خلال شهر يناير، أي أقل بمقدار 102 ألف وظيفة عن نفس الشهر من العام الماضي.

     اما بالنسبة الى عدد العمال والموظفين المسجلين في برنامج العمل بدوام مختصر فقد ارتفع وفقا لبيانات مكتب العمل خلال شهر نوفمبر الماضي الى 2,26 مليون شخص. كما بلغ عدد المسجلين الجدد في البرنامج خلال الفترة من 1 وحتى 25 يناير 745 ألف شخص. ويرجع استئناف الزيادة في المسجلين في البرنامج بعد ان شهد تراجعا كبيرا خلال أشهر الصيف، الى الاغلاق وإجراءات الاحتواء التي فرضتها الحكومة لمواجه الموجة الثانية من فيروس كورونا.

     وفي هذا السياق أظهرت دراسة حديثة أجراها معهد الدراسات الاقتصادية في جامعة ميونخ Ifo أن حوالي ثلث الشركات في ألمانيا اضطرت إلى اللجوء إلى تسجيل موظفيها في برنامج العمل بدوام مختصر. حيث تقدمت 31 في المئة من الشركات في شهر يناير بطلب للحصول على إعانات الأجور الحكومية في وكالة العمل، ما يسمى (برنامج العمل بدوام مختصر)، وبلغ عدد المسجلين في البرنامج في شهر يناير 2,6 مليون شخص. وكانت هذه النسبة قد وصلت الى 28 في المئة في شهر ديسمبر والذي كان اجمالي عدد المسجلين في البرنامج خلاله قد وصل الى 2,2 مليون شخص.

      وتأثرت القطاعات الاقتصادية بأزمة كورونا بطرق مختلفة، حيث تضررت صناعة السفر بشكل خاص، مما أدى الى تقدم 90 في المئة من جميع وكالات السفر ووكلاء السفر بطلب للحصول على مزايا العمل بدوام مختصر. كذلك يعتبر وضع قطاع المطاعم صعبا، حيث يتقاضى 86 في المئة من موظفي شركات هذا القطاع عوائد وفقا لبرنامج العمل بدوام مختصر.

     وبحسب دراسة معهد Ifo فأن القطاعات الصناعية والتي كانت واحدا من أكثر القطاعات لجوءً الي برنامج العمل بدوام مختصر قد تطورت فردياً بشكل مختلف تمامًا، اذ تراجع عدد الموظفين المسجلين في البرنامج في قطاع صناعة المعدات والآلات وكذلك بين منتجي ومصنعي المنتجات المعدنية. الا انه يتزايد في قطاع صناعة السيارات، حيث ووفقاً للدراسة، تم تسجيل حوالي نصف الموظفين في قطاع صناعة السيارات في البرنامج الحكومي. وفي إطار موازي تسبب ارتفاع عدد الأشخاص المسجلين في برنامج العمل بدوام مختصر اثناء جائحة كورونا في عواقب على تطورات الأجور، كما أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن المكتب الاتحادي للإحصاء (Destatis) حيث كان لأزمة كورونا وما نتج عنها من زيادة استخدام العمل بدوام مختصر تأثير كبير بشأن تطور الأجور الاقتصادية الإجمالية في عام 2020م اذ أدى إلى انخفاض اسمي في الاجور لأول مرة منذ بدء المسح في عام 2007م.

     كذلك كان لبرنامج العمل بدوام مختصر تأثير على حجم العمل. اذ وفقًا للحسابات الأولية التي أجراها معهد أبحاث التوظيف (IAB) التابع لوكالة العمل الاتحادية، انخفض متوسط ​​عدد ساعات العمل لكل شخص عامل بنسبة 2,7 في المئة إلى 337.3 ساعة في الربع الأخير من عام 2020م مقارنة بالربع نفسه من العام السابق. 

طفرة في مبيعات السيارات الكهربائية وفي البنية التحتية الخاصة بها في ألمانيا

     شهدت مبيعات السيارات الكهربائية والهجينة (التي تعمل بوقود البنزين والبطاريات الكهربائية معا) ازدهارا كبيرا في ألمانيا خلال العام 2020م، حيث بلغ عدد السيارات الكهربائية المبيعة خلال العام نحو 400 ألف سيارة (200469 سيارة بمحرك هجين و194163 سيارة بمحرك يعمل بالبطاريات الكهربائية). وتمثل هذه الأرقام ارتفاعا كبيرا بالمقارنة بأرقام مبيعات السيارات الكهربائية في العام 2019م، حيث ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية العاملة بمحركات هجينة في ألمانيا العام 2020م بنسبة 342 في المئة مقارنة بمبيعاتها العام 2019م، كما ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية العاملة ببطارية كهربائية بنسبة 207 في المئة مقارنة بمبيعات هذا النوع من السيارات الكهربائية في العام 2019م.

     وتعود هذه الطفرة في مبيعات السيارات الكهربائية الى قرار ألمانيا والاتحاد الأوروبي بخصوص خفض انبعاثات الغازات العادمة الضارة بالبيئة، والذي أدى الى احداث تحول جوهري في صناعة السيارات والاتجاه الى التخلي تماما عن محركات الاحتراق الداخلي العاملة بوقود البنزين والديزل، والاستعاضة عنها بالمحركات العاملة بالكهرباء، وتزايد هذا الاتجاه بعد تحديد العديد من الدول الأوروبية لمواعيد نهائية للسماح بإنتاج سيارات تعمل بوقود الديزل والبنزين. والى جانب الوعي البيئي المتزايد في المجتمع الألماني ساهمت المكافآت التي تقدمها الحكومة الألمانية والشركات المصنعة لمن يشترى سيارة كهربائية جديدة في احداث هذه الطفرة في المبيعات، حيث ومع حزمة التحفيز الاقتصادي التي اقرتها الحكومة الألمانية في الصيف، تدعم الحكومة شراء سيارة كهربائية بحتة بمبلغ 6000 يورو.

     الا ان استمرار ازدهار صناعة السيارات الكهربائية وارتفاع مبيعاتها يعتمد على التطور والتقدم في تعزيز البنية الأساسية لهذه الصناعة والتي ترتكز على عمودين اثنين هما: اولاً توطين صناعة بطاريات السيارات الكهربائية داخل ألمانيا وداخل الاتحاد الأوروبي، والثاني مدي انتشار محطات شحن السيارات الكهربائية، سواء الخاصة منها او العامة. وفي جانب صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، أعطت المفوضية الأوروبية الضوء الأخضر لمشروع “European Battery Innovation – EuBatIn” المنسق ألمانيًا والخاص بتسريع وتوطين صناعة البطاريات الكهربائية داخل دول الاتحاد الأوروبي. وتشارك في المشروع شركة صناعة السيارات الألمانية BMW ومنافستها لصناعة السيارات الكهربائية الأمريكية تسلا، والتي تبنى مصنعا كبيرا لصناعة السيارات الكهربائية في ولاية براندنبورج، بالإضافة الى تسع شركات أخرى لها مواقع في ألمانيا.  ويمكن لهذه الشركات ان تتوقع ما يصل الى ثلاث مليارات يورو كدعم حكومي الى جانب ما يقرب من 9 مليارات استثمارات خاصة لتمويل عملياتها في تطوير سلسلة القيمة بأكملها في انتاج بطاريات السيارات الكهربائية، بداية من استخراج المواد الخام مروراً بتطوير خلايا البطاريات وإنتاجها إلى إعادة التدوير. ويشمل هذا المشروع أيضا دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدول المشاركة الأخرى، إسبانيا، فرنسا، بلجيكا، النمسا، إيطاليا، بولندا، السويد، فنلندا، سلوفاكيا، كرواتيا واليونان. ويستمر هذا المشروع حتى العام 2028م.   ويضاف هذا المشروع الى مشروع سابق في نفس المجال اقرته المفوضية الأوروبية عام 2019م، بقيمة 3,2 مليار يورو. ويتركز الهدف من مشروعي الاتحاد الأوروبي الرئيسيين في اللحاق بالمنافسة الآسيوية في تطوير البطاريات وخلق سوق للتنقل الكهربائي في أوروبا.

     اما فيما يتعلق بتطوير البنية التحتية لمحطات واعمدة شحن السيارات الكهربائية، فعلى الرغم من تطور هذا القطاع الا ان الفجوة بين إنتاج السيارات الكهربائية والتوسع في البنية التحتية للشحن في ألمانيا آخذة في الاتساع، وتفرض تساؤلات من نوع، لمن الاولوية في التوسع والتطوير؟ هل ينبغي تكثيف انتاج السيارات الكهربائية في البداية، ام التوسع في بناء محطات الشحن العامة والخاصة للسيارات الكهربائية؟

     وفقًا للجمعية الاتحادية لإدارة الطاقة والمياه (BDEW)، يتم حاليًا تركيب ما يزيد قليلاً عن ثلاثة في المئة، أو 33100 نقطة عامة لشحن السيارات الكهربائية، من ضمن مليون نقطة شحن عامة تهدف الحكومة الألمانية إلى انجازها بحلول عام 2030م، وهو ما يظهر ان عدد محطات الشحن العامة في ألمانيا لا يزال ضعيفًا. الا ان العديد من الخبراء يؤكدون انه يتم المبالغة في تقدير أهمية البنية التحتية العامة للشحن للتنقل الكهربائي. حيث يقول فرديناند دودينهوفر، مدير مركز أبحاث السيارات في دويسبورغ: “دون الرغبة في التقليل من قيمة محطات الشحن العام، يتعين على المرء أن يقول إن البنية التحتية للشحن الخاص أكثر أهمية بكثير”. حيث تشير التوقعات الى أنه، وعلى المدى الطويل، سيتم تنفيذ ما يقرب من ثلثي إلى ثلاثة أرباع عمليات الشحن في المنازل. وهذا يوضح مدى أهمية الاستثمار في توسيع بناء وتركيب محطات الشحن الكهربائي للسيارات الخاصة في المنازل.

     وإذا ما كان وجود محطات شحن السيارات الكهربائية العامة مهما في المدن الكبرى، حيث ليس لكثير من مالكي السيارات الكهربائية محطات شحن خاصة امام منازلهم، الا ان البيانات الإحصائية تشير الى ان أكثر من 90 في المئة من مالكي السيارات الكهربائية يستطيعون إيقاف سياراتهم في ممتلكاتهم الخاصة، وبالتالي فان نسبة من يرغبون بشحن سياراتهم عبر محطات الشحن الخاصة تبدوا عالية خصوصا بسبب مزاياها الواضحة من حيث إمكانية إعادة تزويد السيارة بالوقود بالكهرباء طوال الليل، أي في وقت لا تكون فيه قيد الاستخدام. الى جانب فارق السعر بين الشحن المنزلي الارخص بكثير من الشحن في المحطات العامة والذي قد يصل الى نسبة 100 في المئة اعتمادا على سرعة الشحن، بالإضافة الى دعم الدولة، والتي تقدم 900 يورو لكل من ينشئ محطة شحن كهربائي في المنزل.  كما أظهرت دراسة أجريت لصالح وزارة النقل الاتحادية أن سائقي السيارات الكهربائية يجدونها جذابة عندما يمكنهم شحن البطارية في مواقف السيارات العامة أو في مواقف العمل، كما ان امتلاك محطة الشحن الخاصة في المنزل يرفع من جاذبية اقتناء سيارة كهربائية بشكل خاص.  ووفقًا للدراسة ايضاً يُتوقع أنه سيتم إنشاء من خمسة إلى تسعة ملايين نقطة شحن خاصة وحوالي 2.5 مليون نقطة شحن في مكان العمل في ألمانيا بحلول عام 2030م، بالإضافة إلى ما بين 440 ألف و840 ألف نقطة شحن عامة اعتمادًا على عدد السيارات الكهربائية التي ستكون موجودة في الشوارع بحلول عام 2030م، والذي يتوقع مصنعو السيارات ان تصل الى 10 ملايين سيارة تعمل بمحرك كهربائي كامل و5 ملايين سيارة تعمل بمحرك هجين.

عقبات جمركية متزايدة للتجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي

     تشهد العلاقات التجارية وتدفق السلع والبضائع بين المملكة المتحدة وبقية دول الاتحاد الأوروبي صعوبات وعراقيل جمركية متزايدة منذ بداية العام الجاري، فعلى الرغم من الاتفاق المنظم لخروج بريطانيا من الاتحاد والذي نص على عدم وجود رسوم جمركية بين الجانبين، الا ان التطبيق والممارسة العملية اظهر وجود ” عقبات خفية “، بحسب تعبير آدم مارشال، المدير العام لغرفة التجارة البريطانية، والذي أشار إلى أن “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يشبه البصل، كلما زاد عدد الطبقات التي تقشرها، كلما اضطررت إلى البكاء.”

     من اهم هذه العقبات الخفية، وجوب تسجيل جميع البضائع البريطانية لدى الجمارك منذ بداية العام، وهو ما تسبب في تراكم مئات الالاف من الطرود لدى شركات النقل البريدي، اذ تتحدث شركة DHL عن تراكم 150 ألف طرد قادم من المملكة المتحدة كل ساعة في المركز الرئيسي للتوزيع في مدينة لايبزيج.  وهناك حديث بين المستوردين عن تراكم ضخم وفوضى جمركية كبيرة.

     ومن ضمن الإجراءات المعرقلة أيضا لانسياب حركة البضائع، هو إلزام بريطانيا المصدرين اليها بالتسجيل في ضريبة القيمة المضافة على الواردات، وبالنسبة للبريطانيين، ينطبق هذا على كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي. وهو الامر الذي يهدد بتوقف نقل البضائع من الاتحاد بطريقة مشابهه لما كان عليه الحال في الأيام التي أعقبت بداية العام الجديد، عندما أوقفت شركات النقل مثل DB Schenker وDPD رحلاتها عبر القناة الإنجليزية لعدة أيام بسبب صعوبة متطلبات التصدير، بالإضافة الى ان هذه المتطلبات تعد بالنسبة لبعض الشركات باهظة الثمن ومكلفة، وهو ما يدفع العديد من المصدرين للتساؤل حول إذا ما كان الامر يستحق الوقت والجهد.

     وقد عبر العديد من رجال الاعمال والخبراء عن اعتقادهم أن الإعفاء الجمركي في التجارة المتبادلة المتفق عليه في صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو مسألة صعبة وغير معرفّة. حيث نصت اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، انه للحصول على اعفاء جمركي يجب توافر الشرط الأصلي “CTH أو MaxNomEXW 50٪“، وهي صيغة غامضة لم يتم حتى الان ايضاحها. ويتضمن هذا الشرط انه لكي لا تخضع البضائع والسلع للرسوم الجمركية عند التداول عبر القناة الإنجليزية، يجب الحصول على شهادة بان جميع مكوناتها تم انتاجها أو تصنيعها بالكامل في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي حتى بالنسبة إلى ساق الكرسي التي تم شراء الخشب المصنعة منه من الغابة السوداء في ألمانيا، يحتاج مُصنِّع الأثاث إلى إقرارات من المورد بشأن منشأ البضائع. كما يوضح بعض خبراء الجمارك بأن الحد الأقصى لقيمة المواد الخام التي لا تأتي من الاتحاد الأوروبي يجب ألا يتجاوز نصف سعر تسليم المصنع، وإذا لم يتم استيفاء هذه الشروط فلا يمكن ان تصبح السلعة “منتجًا في الاتحاد الأوروبي” وبالتالي لا تحصل على الاعفاء الجمركي، وهو ما ينطبق أيضا على السلع المنتجة في بريطانيا.

     ووفقا للعديد من المراقبين الاقتصاديين تُبين الممارسة والتجربة حتى الآن، أن التحقق من هذه الشروط يمثل صعوبات كبيرة للشركات، حيث تواجه العديد من الشركات موضوع الرسوم الجمركية على الصادرات والواردات لأول مرة، اذ ان شروط مثل القيمة الجمركية وبيانات التصدير وأرقام التعريفة الجمركية، هي مصطلحات جديدة تماما بالنسبة لها، ناهيك عن التعقيدات التي تثيرها تجارة إعادة التصدير التي قد تجد الشركات العاملة في هذا القطاع نفسها مضطرة لدفع الرسوم الجمركية مرتين، الأولى عند ادخال البضائع الى الاتحاد الأوروبي والثانية عند إعادة تصديرها منه الى المملكة المتحدة.

     هذه المشاكل الكبيرة في التخليص الجمركي للشحنات من وإلى المملكة المتحدة تهدد التبادل التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي والتي تعد الشريك الاقتصادي الأساسي لبريطانيا حيث، وبحسب ارقام العام 2020م، تعد ألمانيا ثاني أكبر سوق للصادرات البريطانية وبقيمة تبلغ 35,9 مليار يورو بعد الولايات المتحدة الامريكية التي كانت أكبر سوق للبضائع البريطانية بقيمة 53,2 مليار يورو. فيما أتت ايرلندا (24,3 مليار يورو)، هولندا (22,6 مليار يورو) وفرنسا (20,7 مليار يورو) على التوالي كأهم أسواق الصادرات البريطانية. من جهة أخرى جاءت المانيا كأهم مصدر للسلع الى المملكة المتحدة العام 2020م بحوالي 61,8 مليار يورو تليها الصين بنحو 35,8 مليار يورو والولايات المتحدة بما يقرب من 24,3 مليار يورو. كما ينتظر بريطانيا خلال العام 2021م تراجع في الصادرات بسبب البريكست بنحو 13,5 مليار يورو، بينما سيؤدي الى تراجع صادرات ألمانيا بحوالي 2 مليار يورو وهولندا ب 1,2 مليار يورو وفرنسا بنحو 900 مليون يورو وبلجيكا بما يقرب من 700 مليون يورو وإيطاليا بحوالي 600 مليون يورو.

صعوبات أمام عودة حركة الطيران الأوروبي والعالمي لطبيعتها

     تستعد شركات الطيران الأوروبية والعالمية لزيادة الطلب في الصيف، والعودة الى العمل بشكل منتظم اعتماداً على التوقعات بانحسار جائحة كورونا وانتشار عمليات التطعيم في اغلب دول العالم. الا ان هذه العودة المتوقعة تواجه تحديات كبيرة، خصوصا ان اغلب الطائرات ظلت واقفة على الأرض لما يقرب من عام كامل. هذه العودة محتملة جدا حتى لو استغرق قطاع النقل الجوي وقتًا طويلاً قبل أن يصل إلى مستويات ما قبل الأزمة، اذ يتشوق الناس الى السفر والخروج بعد فترة طويلة من تقييد الحركة والسفر. بالنسبة للشركات العاملة في صناعة النقل الجوي، وخاصة شركات الطيران، فإن إعادة التشغيل تعني الكثير من العمل، حيث خلق فيروس كورونا وما ارتبط به من إجراءات حمائية قسريه وضعا خاصا امام النقل الجوي، لم يسبق له مثيل.

     حيث تعرضت شبكة المسارات وخطوط الطيران الأكثر ازدحاماً إلى اضطراب شديد، اذ لا تزال الحركة الجوية الدولية مشلولة بالكامل تقريبًا بسبب القيود المفروضة على السفر.  ويتضح ذلك من خلال البيانات الواردة من هيئة الارشادات الجوية (OAG)Official Airline Guide، ومقرها المملكة المتحدة، والمتخصصة في مجال الطيران. حيث تقوم الشركة بانتظام بتحليل مسارات وطرق الطيران التي يتم توفير معظم المقاعد عليها. وهنا يمكن ملاحظة تحول كبير في شهر يناير من هذا العام، ففي عام 2019م، آخر عام عادي قبل بدء الجائحة، كان خط الطيران بين لندن ونيويورك من بين أكثر 10 طرق دولية ازدحامًا، لكن هذا المسار لن يظهر مرة أخرى في يناير 2021م، بدلاً من ذلك، أصبح خط الطيران بين لندن ودبي الأكثر حجزا.

     ومع تغير مسارات الطيران هذه بشدة بسبب الجائحة، عانت جودة المطارات من حيث الاتصال ببقية العالم بشكل كبير في الأشهر القليلة الماضية، يتضح ذلك من خلال قائمة أكبر المطارات في أوروبا، حيث كان على مطار فرانكفورت، الذي كان يحتل المركز الأول في أوروبا من حيث عدد حركات الطيران في عام 2019م، التخلي عن هذا المركز لمنافسه مطار أمستردام في عام 2020م، وتراجع إلى المركز الثالث.    كما غيرت جائحة كورونا أيضًا المنافسة بين شركات الطيران، حيث تغير ترتيب شركات الطيران التي حصلت على أكبر عدد من عمليات الإقلاع والهبوط خلال العام الماضي. فبينما تمكنت شركة الطيران Ryanair من البقاء في القمة، تراجعت كبرى الشركات الاوروبية مثل Lufthansa وBritish Airways. في الوقت نفسه، نجحت شركة Wizz Air المجرية، منخفضة التكلفة، في الوصول إلى المراكز العشرة الأولى لأول مرة.  اما فيما يتعلق باستعادة تشغيل الخطوط بالكامل وتشغيل الطائرات فهو الامر الذي يواجه أيضا تحديات كثيرة، حيث اوقفت شركات الطيران خلال الازمة أجزاء كبيرة من أساطيلها، ووفقًا لمنظمة أمن الطيران الأوروبية Eurocontrol، لم يتم استخدام أكثر من 4100 طائرة من شركات الطيران الأوروبية حتى نهاية عام 2020م. وهذا يمثل أكثر بقليل من نصف إجمالي حوالي 8000 طائرة تعمل بها شركات الطيران الأوروبية. الا ان هذا العدد الكبير من الطائرات المتوقفة عن العمل ما يزال أقل بكثير مما كان عليه في أبريل، عندما تسببت جائحة كورونا في توقف الحركة الجوية بالكامل تقريبًا. في ذلك الوقت، وفقًا لـ Eurocontrol، كان 87 في المئة من الطائرات متوقفة لفترة أطول.  وأدى وجود عدد كبير من الطائرات التي تم إيقاف تشغيلها مؤقتًا، الى اثارة قلق السلطات المختصة بأمن حركة النقل الجوي، حيث ان هذا الإيقاف قد يؤدي الى اضرار بالطائرات، لذلك تحذر وكالة سلامة الطيران الأوروبية EASA، شركات الطيران بإيلاء اهتمام عالي الى شروط “العودة إلى خدمة الطائرات بعد التخزين”.  وتتركز إمكانيات حدوث اضرار بالطائرات بسبب أوقات التوقف الطويلة في أماكن مختلفة، اذ تنشأ الامكانية لأن تنحشر الصمامات في النظام الهيدروليكي، كما يمكن للوقود الذي بقي في الخزانات عند الوقوف ان يمتص الماء أو قد يكون نظام الفرامل قد فقد الضغط. بالإضافة الى ذلك غالبًا ما تستقر الطيور أو الحشرات في المحرك أو في مناطق حساسة أخرى. وتشير التجربة الى ان هذه المشكلات قد تسببت في أكثر من مناسبة في حوادث للطائرات، كان اخرها تحطم طائرة سريويجايا إير بوينج 737 التي سقطت في إندونيسيا بداية شهر يناير والتي ظلت قبل الحادث متوقفة عن العمل من شهر مارس وحتى 22 ديسمبر 2020م.  وعلى الرغم من انه ما يزال من السابق لأوانه التكهن حول سبب سقوط الطائرة، لكن الخبراء يشيرون أيضًا إلى مسؤولية فترة التوقف الطويلة فيما يتعلق بالحادث.

التبادل التجاري العربي الألماني للعام 2020م

بلغت قيمة التبادل التجاري العربي الألماني خلال العام 2020م ( 36,1 ) مليار يورو،  مسجلة إنخفاضاً بنسبة ( 18,7 ) بالمئة مقارنة بالعام 2019م، حيث سجلت قيمة الصادرات الألمانية الى الدول العربية إنخفاضاً بنسبة (-11) في المئة وبلغت ما قيمته ( 27,9 ) مليار يورو، في حين إنخفضت الواردات الألمانية من الدول العربية بنسبة  ( – 37,5 )في المائة ووصلت قيمتها إلى ( 8,1 ) مليار يورو. ويرجع هذا الانخفاض في التبادل التجاري الى اثار ازمة كورونا وتوقف التجارة العالمية وانقطاع سلاسل التوريد وتوقف العديد من المشاريع الرئيسية، كما أدى الاغلاق الاقتصادي في ألمانيا الى تراجع استهلاك النفط، والذي يعد السلعة الاساسية التي يتم استيرادها من الدول العربية بالإضافة الى انخفاض أسعار النفط. وتصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة مستوردي السلع الألمانية بين الدول العربية (6802 مليون يورو)، تليها المملكة العربية السعودية (5822,7 مليون يورو)، فجمهورية مصر العربية (4015,3 مليون يورو)، في حين تصدّرت تونس ( 1698,8 مليون يورو ) قائمة الدول العربية المُصدّرة إلى ألمانيا، تليها المغرب (1344,6 مليون يورو )،  فجمهورية مصر العربية (1046,7 مليون يورو ). تجدر الإشارة الى ان التجارة الخارجية لألمانيا تراجعت خلال العام 2020م لأول مرة منذ العام 2009م، حيث انخفضت الصادرات الألمانية بنسبة 9,3 في المئة، كما تراجعت الواردات بنسبة 7,1 في المئة مقارنة بالعام 2019م.