تؤثر الاختناقات الوشيكة في إمدادات الغاز على الحالة المزاجية في القيادات العليا للشركات الألمانية، فبعد زيادتين متتاليتين، انخفض مؤشر IFO لمناخ الأعمال بشكل غير متوقع في يونيو، الى مستوى 92.3 نقطة بالمقارنة مع مستوى 93 نقطة المسجل في الشهر السابق. كما كانت الشركات أقل رضا إلى حد ما عن وضع الاعمال الحالي والتوقعات أكثر تشاؤما. وقال كليمنس فويست رئيس معهد IFO ” ان ارتفاع أسعار الطاقة ونقص الغاز الوشيك يسببان قلقاً كبيراً للاقتصاد الألماني”. حيث أعلنت الحكومة الاتحادية مستوى الإنذار في خطة الطوارئ الخاصة بالغاز بسبب الانخفاض الحاد في إمدادات الغاز من روسيا. ويحذر الاقتصاديون من عواقب وخيمة على الاقتصاد الألماني في حالة توقفت إمدادات الغاز الروسي تمامًا.

في قطاع الصناعة، تراجع مؤشر مناخ الاعمال بدرجة كبيرة حيث سجل المؤشر في يونيو مستوى 0.3 نقطة متراجعا من مستوى 2.7 نقطة المسجل في الشهر السابق. وقد قيمت الشركات الوضع الحالي لأعمالها بشكل أقل إيجابية إلى حد ما، كما أنها اظهرت تشاؤماً بشكل ملحوظ بشأن النصف الثاني من العام. وبشكل خاص اظهرت شركات الصناعات الكيميائية على وجه الخصوص قلقاً متزايداً بسبب نقص امدادات الغاز.

على العكس من ذلك، تحسن مناخ الأعمال بشكل ملحوظ في قطاع الخدمات، اذ ارتفع المؤشر من مستوى 8.2 نقطة في الشهر الماضي الى مستوى 10.8 في شهر يونيو الجاري، وكان هذا بسبب التوقعات الأقل تشككًا بشكل ملحوظ، كما صنفت شركات القطاع الوضع الحالي لمستوي اعمالها بشكل أفضل، خصوصا قطاع الضيافة الذي يحقق اداءً جيداً خلال أشهر الصيف.

في تجارة التجزئة، انخفض مؤشر مناخ الأعمال بشكل ملحوظ من مستوى (-10.7 نقطة) في شهر مايو الماضي الى مستوى (- 14.8 نقطة) خلال شهر يونيو. وكان تجار التجزئة أقل رضا عن الأعمال الحالية. بالإضافة الى تراجع توقعات الاعمال خلال الاشهر القادمة الى أدنى مستوى منذ شهر أبريل في العام 2020م.

في قطاع البناء، واصل مناخ الأعمال اتجاهه التصاعدي، حيث ارتفع المؤشر من مستوى (- 13.4 نقطة) في مايو الي (-9.7 نقطة) في يونيو، كما قيمت الشركات وضع اعمالها الحالي بشكل أفضل. كما قامت بتصحيح توقعاتها للأعمال خلال الاشهر القادمة إلى الأعلى، وان ظلت هذة التوقعات متحفظة بدرجة كبيرة.

وإلى جانب أزمة الغاز يأتي التضخم وزيادة أسعار الفائدة المتوقع في منطقة اليورو وعواقب كورونا واختناقات العرض وحرب أوكرانيا من ضمن المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الألماني، وبالنظر إلى كل هذه المشاكل، فقد صنف الكثير من الاقتصاديين ان تراجع مناخ الاعمال في ألمانيا خلال شهر يونيو بأنه معتدل. وأوضح Ulrich Kater، كبير الاقتصاديين في مصرف Dekabank: ” انه في ضوء إمدادات الطاقة المهددة بالانخفاض، ومعدلات التضخم المرتفعة بشكل قياسي، وسلاسل الإنتاج المعطلة، فمن المدهش أن مناخ الاعمال السائد في الشركات الألمانية لا يزال عند هذا المستوى”. مضيفاً ان “التدهور في التوقعات بمستوي الاعمال في الاشهر القادمة، يظهر بوضوح أن التحدي الرئيسي للشركات هو تأمين إمدادات الطاقة في الشتاء المقبل”.

ويخشى الاقتصاديون حدوث ركود في الشتاء إذا توقفت إمدادات الغاز الروسية او استمرت في مستوى ضعيف اقل من المعتاد. وقال المستشار الحكومي والخبير الاقتصادي Jens Südekum إن “الوضع في سوق الغاز ينذر بالخطر”. “حيث يظهر خطر تقنين إمدادات الغاز وبالتالي توقف الإنتاج في الصناعة، والذي من الممكن أن تكون نتيجته ركود حاد.” من جهته اعتبر Jörg Krämer، كبير الاقتصاديين في مصرف Commerzbank، ان الوضع الاقتصادي غير مستقر “. وقد يؤدي المزيد من التخفيض في إمدادات الغاز الروسي إلى تقنين الغاز في الصناعة مع عواقب وخيمة. كما أن الزيادات الهائلة في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يمكن أن تؤدي أيضًا إلى حدوث ركود. نتيجة لذلك، خفض Commerzbank توقعاته للنمو لألمانيا للعام الحالي 2022م، الي 1.5 في المئة فقط، كما خفض النمو المتوقع في العام المقبل 2023م، من 2.5 إلى 1 في المئة. في حين حافظت الحكومة الاتحادية على توقعاتها للنمو الاقتصادي هذا العام عند 2.2 في المئة وعند 2.5 في المئة للعام القادم 2023م. فيما يتوقع صندوق النقد الدولي ان يحقق الاقتصاد الألماني نمو هذا العام بنسبة 2.1 في المئة وبنسبة 2.7 في المئة العام القادم. منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) تتوقع من جانبها ان ينمو الناتج المحلي الإجمالي في المانيا هذا العام بنسبة 1.9 في المئة و1.7 في المئة العام 2023م. اما البنك المركزي الألماني فتدور توقعاته للنمو عند 1.9 في المئة للعام 2022م و2.4 في المئة للعام 2023م. معهد ifo للدراسات الاقتصادية يتوقع نمو الاقتصاد في المانيا للعام الجاري بنسبة 2.5 في المئة وللعام القادم بنسبة 3.7 في المئة. ويتوقع معهد الاقتصاد العالمي في كييل (Ifw) نموا لهذا العام بنحو 2.1 في المئة و3.3 في المئة العام 2023م. وذهبت تقديرات معهد الأبحاث الاقتصادية في هاله (IHW) الى ان ينمو الاقتصاد العام 2022م بنسبة 1.5 في المئة والعام 2023م بنسبة 2 في المئة.

مع حلول العام 2022م، والذي كان من المتوقع أن يتطور إلى عام مزدهر بسبب اقتراب نهاية جائحة كورونا، ذهبت توقعات معاهد البحوث الاقتصادية في البداية الى نمو اقتصادي يتراوح بين ثلاثة إلى أربعة في المئة للاقتصاد الألماني، وتوقّع اتحاد الصناعات الألمانية (BDI) نمواً بنسبة 3.5 في المئة. كما توقعت الحكومة الاتحادية نموًا بنسبة 3.6 في المئة، لكن الحرب الأوكرانية وما ارتبط بها من ارتفاع قياسي في التضخم ونقص الغاز وسلاسل التوريد المعطلة أوقف التفاؤل بشأن الاقتصاد فجأة، لذلك خفضت معاهد البحث الاقتصادي والحكومة والمنظمات الدولية توقعاتها واحدة تلو الأخرى مشيرة إلى خطر حدوث ركود في ظل ظروف معينة.

 وكان الاقتصاد الألماني قد نجا بصعوبة من حدوث ركود في الربع الأول من العام الجاري حيث حقق نموا بواقع 0.3 في المئة فقط مقارنة بالربع الرابع من العام 2021م. ومن المرجح أن يؤدي ارتفاع معدلات التضخم وسلاسل التوريد المعطلة وعمليات الإغلاق ضد فيروس كورونا في الصين إلى التأثير بشكل أكبر على الاقتصاد. بالإضافة إلى تراجع الاستهلاك الداخلي نتيجة الارتفاع الكبير في معدل التضخم وارتفاع الاسعار بشكل كبير والذي شمل الي جانب اسعار الطاقة اسعار المواد الغذائية والخدمات. وإذا لم يتحسن الوضع في الربع الثالث أيضًا، فقد تنزلق ألمانيا إلى ما يسمى “الركود الفني”. ويتم استخدام هذا المصطلح عندما ينكمش الناتج المحلي الاجمالي لربعين متتاليين.

ومن المرجح أن يكون الركود الاقتصادي في أوروبا أكثر احتمالا حتى لو استمرت شحنات الغاز الروسي المنخفضة بالفعل في الوصول، حيث يستعد العديد من الاقتصاديين واستراتيجيي الاستثمار وكبار المصرفيين بالفعل لانكماش الاقتصاد الأوروبي هذا العام. ويُشار إلى عواقب حرب أوكرانيا والارتفاع الحاد في أسعار الطاقة والسلع بشكل متكرر كأسباب لحدوث هذا الركود. وذكر تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أن “أوروبا هي الأكثر معاناة من الآثار الاقتصادية والاجتماعية للحرب”. وأكد Mathias Cormann، الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية “إن ارتفاع أسعار السلع الأساسية يضرب البلدان في جميع أنحاء العالم، مما يزيد من الضغط التضخمي، ويقلل الدخل الحقيقي والإنفاق، وبالتالي يبطئ التعافي”. من جهته يعتبر رئيس مصرف Deutsche Bank، أكبر مصرف ألماني، Christian Sewing أن احتمال حدوث ركود عالمي أو أوروبي يبلغ نسبة 50 في المئة.      

مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى تقر برنامج استثماري بمبلغ 600 مليار يورو (الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية)

استضافت ألمانيا قمة الدول الصناعية السبع الكبرى والتي تضم إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا واليابان وإيطاليا وكندا. وتناولت مواضيع القمة كيفية حماية الاقتصاد العالمي من الركود والحرب الروسية على أوكرانيا. وفي هذا الجانب تم مناقشة مقترحات أمريكية بفرض حظر على واردات الذهب من روسيا وكذلك وضع سقف دولي لسعر النفط الروسي. بالإضافة الى ذلك تم بحث سبل دعم الدول الفقيرة خصوصا في مجال البنية التحتية الأساسية. وقد أعلنت دول مجموعة السبع عن مبادرة استثمارية جديدة عبر إقرار برنامج بقيمة 600 مليار دولار لتمويل مشاريع البنية التحتية في البلدان النامية تحت عنوان “الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية”.

وستقدم الولايات المتحدة الامريكية وحدها نحو 200 مليار دولار فيما أعلنت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية ان دول الاتحاد الأوروبي ستقدم 300 مليار دولار، بينما تعهد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشدا بتقديم 65 مليار دولار. على ان هذا البرنامج سيمتد لخمس سنوات حتى العام 2027م. وتأتي هذه المبادرة من قبل الدول الصناعية السبع كرد من الدول الغربية الرأسمالية على مشروع الاستثمارات الضخمة من قبل الصين في الدول النامية المعروف باسم “طريق الحرير الجديد”، الذي بدأته الصين في العام 2013م والذي قامت من خلاله بتمويل العديد من مشاريع البنية التحتية في السنوات الأخيرة، وخاصة في البلدان الفقيرة. في آسيا وأفريقيا.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي بادرت ادارته بالمشروع “معا نريد تعبئة ما يقرب من 600 مليار دولار من خلال مجموعة السبع بحلول عام 2027م”. “وأنا فخور بأن أعلن أن الولايات المتحدة سوف تحشد 200 مليار دولار من رأس المال العام والخاص لهذه الشراكة على مدى السنوات الخمس المقبلة.” وأضاف بايدن أن هذه ليست جمعية خيرية، إنه استثمار سيؤتي ثماره للجميع، بما في ذلك الشعب الأمريكي وشعوب جميع بلداننا، وسيعزز جميع اقتصاداتنا. إنها فرصة لنا لمشاركة رؤيتنا الإيجابية للمستقبل”.  من جانبه اعتبر المستشار الاتحادي أولاف شولتز المبادرة مثال آخر على وحدة مجموعة السبع.

وقال مسؤول أمريكي كبير مشارك في القمة، إن المبادرة ستستهدف البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. والهدف هو ضخ استثمارات في البنية التحتية “التي تحتاجها الدول دون أن تمليها من الخارج”. على ان تكون هذه “البنية التحتية عالية الجودة ومستدامة”. وستلتزم المشاريع بمعايير عالية “لضمان أن تكون هذه الاستثمارات مدفوعة اقتصاديًا وتجاريًا ولا تؤدي إلى ديون”. وأضاف المسؤول الأمريكي إن العديد من البلدان المتلقية للاستثمارات الصينية “أدركت الآن أنها مثقلة بالديون، وأن ناتجها الاقتصادي لم يزداد بشكل كبير وأن هذه الاستثمارات المزعومة لم تصل إلى السكان”.

وتتهم مصادر في قمة الدول السبع الصناعية الصين بأنها تسعى في المقام الأول إلى تحقيق مصالحها الخاصة من خلال استثماراتها العالمية، مثل تأمين طرق التجارة والوصول إلى المواد الخام، وليس مصالح البلدان المتلقية. ووفقًا لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، فإن تلك الدول التي ترغب في بناء موانئ وطرق وجسور من أجل تنميتها يجب ألا تعتمد بعد الآن على الاستثمارات الصينية. وتتركز مبادرة مجموعة السبع “الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية”، بشكل واضح على إفريقيا. لكن يجب أن تستفيد أيضًا دول جنوب شرق ووسط آسيا وأمريكا الوسطى.

ولا تمثل قيمة الاستثمارات المستهدفة والبالغة 600 مليار دولار مساعدات حكومية، بل انها في الدرجة الأولى تمثل استثمارات من القطاع الخاص بتشجيع من حكومات الدول السبع. بالإضافة الى قروض وبدرجة أقل مساعدات واموال من الحكومات.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، التي تشارك في القمة، ان مبادرة مجموعة السبع الجديدة يجب أن تظهر أن “الديمقراطيات تمكن أفضل طريقة للتنمية”. يجب أن تستند الاستثمارات إلى “القيم الديمقراطية”: “الشفافية، الشمولية، الاستدامة”.                                                   

سوق العمل: تراجع البطالة وتفاقم ازمة نقص العمالة الماهرة

انخفض عدد العاطلين عن العمل في شهر مايو بمقدار 50 ألفًا إلى 2260000 مقارنة بالشهر السابق كجزء من الانتعاش الربيعي المستمر. ويمثل هذا العدد من العاطلين اقل بحوالي 428 ألف شخص بالمقارنة بشهر مايو من العام الماضي، ونتيجة تراجع عدد العاطلين عن العمل انخفض معدل البطالة في شهر مايو بنسبة 0.1 نقطة مئوية إلى 4.9 في المئة، وبالتالي فهو أقل بمقدار نقطة مئوية واحدة عن معدل البطالة المسجل في مايو العام 2021م.

وعلق رئيس وكالة العمل الاتحاديةDetlef Scheele على تطورات سوق العمل في شهر مايو بالقول “البطالة تراجعت مرة أخرى في مايو، حيث استمر التوظيف في الزيادة وظل الطلب على العمال الجدد عند مستوى مرتفع للغاية. ومع ذلك، فإن الحرب الروسية ضد أوكرانيا واختناقات العرض تلقي بثقلها على الآفاق. من ناحية أخرى، ستستفيد قطاعات التجارة والخدمات من إنهاء القيود المتعلقة بكورونا “.  في إطار برنامج العمل بدوام مختصر بلغ عدد المسجلين الجدد في البرنامج خلال الفترة 1-24 مايو ما يقرب من 77 ألف شخص، وبحسب اخر البيانات النهائية الصادرة عن وكالة العمل الاتحادية فقد بلغ عدد من تلقوا مزايا واعانات العمل بدوام مختصر في شهر مارس الماضي حوالي 553 ألف موظف وعامل.  وفي شهر مايو كذلك استمر الطلب على الموظفين الجدد في التحرك بمستوى عالٍ، فوفقًا لوكالة العمل الاتحادية تم تسجيل 865000 وظيفة شاغرة، بزيادة 211000 وظيفة عن العام الماضي.

وبشكل عام يزداد النقص في العمال المهرة، اذ وبحسب دراسة حديثة، اتسعت الفجوة بين الوظائف الشاغرة والعاملين المتاحين أكثر، اذ تزداد عدد الوظائف الشاغرة، وتقل اعداد الحرفيين العاطلين عن العمل. على سبيل المثال في العام 2021م، ازدادت الحاجة إلى العمالة الماهرة في العديد من القطاعات، بينما اتجه العرض منها إلى الانخفاض، ووفقًا لدراسة أجراها المعهد الاقتصادي الألماني (IW)، كان هناك 201،411 وظيفة شاغرة العام الماضي مقابل 139،256 حرفيًا عاطلاً عن العمل فقط. بينما كان عدد الوظائف الشاغرة العام 2020م، حوالي 180 ألفًا وكان هناك 150 ألف عامل ماهر عاطلين عن العمل. ومع الوقت يزداد الطلب على الحرفيين الحاصلين على تدريب مهني مكتمل وبالذات التخصصات الأكثر ندرة.

ووفقًا للدراسة، فإن نقص العمالة الماهرة في قطاع البناء حرج بشكل خاص. كما كان هناك نقص في الحرفيين والعمال المهرة في مجالات الصحة والتدفئة وتكنولوجيا تكييف الهواء. وبالتالي يمكن أن يؤدي النقص في العمال المهرة إلى إبطاء تحول المناخ والطاقة في ألمانيا، سواء كان الأمر يتعلق بتركيب الأنظمة الكهروضوئية والمضخات الحرارية أو تجديد المباني بكفاءة في استخدام الطاقة. كما ان العديد من الشركات، لا يمكنها معالجة الطلبات العديدة من العملاء بسرعة بسبب نقص الموظفين المتخصصين. هذا وكانت الاتحادات المهنية قد ابلغت منذ سنوات أن عدد المتقدمين لوظائف التدريب آخذ في الانخفاض. وأظهرت دراسة أخرى بتكليف من المجموعة البرلمانية لحزب الخضر في البرلمان الاتحادي (البوندستاج) أن هناك حاجة إلى حوالي 440.000 عامل ماهر إضافي بحلول عام 2030م من أجل تحقيق أهداف التحول في الطاقة للحكومة الاتحادية، حيث يجب بناء أنظمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وصيانتها، كما يجب توافر خبراء في إصلاح السيارات الكهربائية، كما هو الحال في توفير متخصصين مؤهلين في تجديد المباني لتكون صديقة للبيئة.

ولا يقتصر النقص في العمالة الماهرة على المهن الحرفية، بل يوجد نقص في العمالة المؤهلة في مهن التمريض وفي قطاع التعليم. حيث يوجد نقص بنحو 20 ألف معلم، والذي نجم فقط عن تدفق تلاميذ المدارس اللاجئين من أوكرانيا. وبحسب رئيسة اتحاد التعليم والعلوم (GEW)، Maike Finnern “سيتم فقدان حوالي 200 ألف من الموظفين في تعليم الطفولة المبكرة و250 ألف موظف في المدارس خلال الخمس او الست سنوات القادمة”.

البدائل المتاحة لألمانيا بعد خفض امدادات الغاز الطبيعي من روسيا

أعلنت شركة غازبروم الروسية عن خفض كميات الغاز الطبيعي الى المانيا عبر خط (نورد ستريم 1) بنسبة 60 في المئة، حيث سيتم ضخ ما يقرب من 65 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا عن طريق الانبوب بدلا عن 167 مليون متر مكعب المعتادة. وقد بررت شركة الغاز الروسية هذا الخفض بسبب اجراءات الصيانة الدورية وكذلك نتيجة تأخر شركة سيمنز الألمانية في تسليم عدد من مضخات الغاز التي سًلمت لها للصيانة والإصلاح قبل فترة.

من جهتها قالت شركة سيمنز للطاقة، إنها سلمت توربينات غازية لمحطة ضغط نورد ستريم 1 في روسيا في عام 2009م. من أجل الحفاظ على تشغيل خط الأنابيب، وانه من الضروري إصلاح هذه التوربينات بانتظام. واكدت الشركة انه ولأسباب فنية، لا يمكن القيام بأعمال الاصلاح والصيانة لهذه التوربينات إلا في مونتريال في كندا. وانه نظرًا للعقوبات التي فرضتها كندا، فإن شركة Siemens Energy غير قادرة حاليًا على توصيل توربينات الغاز المجددة لشركة غاز بروم. وقالت متحدثة باسم الشركة “في ظل هذه الخلفية أبلغنا الحكومتين الكندية والألمانية ونعمل على حل قابل للتطبيق”.

المستشار الالماني اولاف شولتز عبر عن عدم ثقته بان هذا هو السبب الوحيد او الاساسي لخفض الشركة الروسية لإمدادات الغاز الطبيعي خصوصا ان هنالك خطوط انابيب اخري تصل روسيا بألمانيا بإمكان الشركة الروسية استخدامها للوفاء بالتزاماتها لألمانيا كما ان حقيقة ان روسيا اوقفت بالفعل امدادات الغاز الطبيعي لبعض الدول الاوروبية مثل بولندا وبلغاريا وهولندا والدنمارك يضع شكوك كبيرة حول المبررات التي قدمتها شركة غازبروم لخفض كمية الغاز الطبيعي الواصل الى المانيا.

وتحت هذه الظروف من غير الواضح إلى متى سيستمر خفض امدادات الغاز الروسي الى المانيا وهو ما يطرح مخاطر عديدة اهمها عدم التمكن من ملء خزانات الغاز الطبيعي التي يجب ان يتم ملئها بنسبة 90 في المئة على الاقل قبل موسم الشتاء بينما يبلغ مستوى الملء حاليا نحو 57 في المئة فقط. هذا بالإضافة الي انه ومع مخزون بنسبة 90 في المئة من الغاز يجب ان تكون امدادات الغاز اليومية في مستواها الطبيعي والمعتاد، وهو ما يعتبره المسؤولون الالمان، وفي ضوء السياسة الروسية الحالية غير مؤكد في الوقت الحاضر.

امام هذا الوضع اعلنت وزارة الاقتصاد وحماية المناخ المستوى الثاني من حالة الطواري والتي تتضمن عددا من الاجراءات تشمل استبدال إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي قدر الإمكان بمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم، كذلك تشجيع الادخار والتوفير في استهلاك الغاز قدر الامكان، وقد وضعت الحكومة الالمانية عن طريق بنك اعادة الاعمار KfW المملوك للدولة حوافز مالية وقروض ميسرة للشركات الصناعية لتوفير الغاز.

الا ان هذه الاجراءات لن تكفي لتجنب نقص الغاز الطبيعي فمحطات الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعي تستهلك نسبة 10 في المئة فقط من الاستهلاك الكلي للغاز في المانيا كما انه لا يمكن استبدال محطات الطاقة التي تعمل بالغاز بالكامل بمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم. كما تبلغ حصة الصناعة من استهلاك الغاز أكثر من الثلث. ومع ذلك، فإن الشركات نفسها ترى فقط القليل من إمكانات التوفير في استهلاك الغاز. فوفقًا لمسح اجري على الشركات الصناعية الألمانية، يمكن لهذه الشركات توفير حوالي ثمانية في المئة فقط من استهلاك الغاز على المدى القصير، أي أقل من ثلاثة في المئة من إجمالي استهلاك ألمانيا.

من جانب آخر تمثل المنازل الخاصة ما يقرب من ثلث استهلاك الغاز في ألمانيا. ويرى الخبراء إمكانات كبيرة لتحقيق وفورات هنا، حتى على المدى القصير. ولم يستبعد وزير الاقتصاد في الحكومة الاتحادية روبرت هابيك تخفيض درجة الحرارة الدنيا المنصوص عليها قانونًا للشقق المستأجرة من اجل توفير الغاز المستخدم في التدفئة. كما يدعو بعض الخبراء إلى تقديم أموال للمستهلكين الصغار مثل الاسر لتوفير الغاز، على غرار التسهيلات والحوافز المقدمة للشركات الصناعية. وطالبت فيرونيكا جريم، الخبيرة الاقتصادية وأحد “حكماء الاقتصاد”، بضرورة “الإعلان على وجه السرعة عن علاوات للأسر التي تقلل بشكل كبير من استهلاك الغاز في الشتاء القادم”. ويمكن التحقق من ذلك بسهولة نسبيًا من خلال مقارنة فواتير الغاز.

بالإضافة الى هذه الاجراءات تتوقع الحكومة الالمانية ان ترتفع وارداتها من الغاز من خلال تركيب منصتين عائمتين للغاز المسال مع نهاية العام الحالي الى جانب امدادات من الغاز عبر ايطاليا، التي وقعت مؤخرا اتفاقية لاستيراد الغاز من الجزائر، كذلك من هولندا ومن فرنسا.

في حالة عدم كفاية الإجراءات التي تم اتخاذها حتى الآن او عدم كفاية واردات الغاز الاضافية، وإذا أصبح الغاز شحيحًا بالفعل في أسوأ الحالات، فبحسب الوزير هابيك سيتعين على وكالة شبكة توزيع الغاز الاتحادية أن تتولى توزيع الغاز وفقًا “لخطة طوارئ الغاز” الألمانية، حيث سيكون للأسر والمرافق ذات الأهمية مثل المستشفيات أو المخابز الأولوية في الحصول على الغاز قبل الشركات الصناعية.

البرلمان الأوروبي يقر حظر بيع السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي اعتبارًا من عام 2035م

وافق البرلمان الاوروبي على قرار وقف بيع السيارات العاملة بمحرك الاحتراق الداخلي التي تعمل بالبنزين والديزل بداية من عام من عام 2035م. اذ اعتبارا من هذا التاريخ يجب فقط تقديم السيارات والشاحنات الصغيرة التي لا تصدر أي غازات دفيئة. وقبل أن يعتمد القرار بشكل نهائي يجب ان توافق علية الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي. وقد تضمن القرار ايضا عدم اعتماد أنواع الوقود الاصطناعي الصديقة للمناخ، التي يمكنها تشغيل محركات الاحتراق الكلاسيكية بطريقة محايدة مناخيا.

ويأتي تصويت البرلمان الاوربي على هذا القرار بناء على توصية المفوضية الاوروبية كجزء من تحقيق هدف أوروبا المحايدة مناخياً بحلول العام 2050م. كما يأتي هذا القرار بناء على حقيقة ان أكثر من خمس إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة بالمناخ تنتج عن حركة المرور على الطرق بسبب استخدام الوقود الأحفوري مثل البنزين وحرق الديزل. وفقًا لخطط مفوضية الاتحاد الأوروبي، سيتم تخفيض هذه النسبة المرتفعة بشكل كبير بعد حظر السيارات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي. كما يؤكد مؤيدو القرار ان هذا الحظر سيصب في مصلحة صناعة السيارات الاوروبية بجعلها السوق الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية والبطاريات الخاصة بها.

وبصرف النظر عن قرار البرلمان الأوروبي، هناك عدد من مصنعي السيارات الاوروبيين الذين أعلنوا التزامهم بتصنيع السيارات الكهربائية البحتة قبل التاريخ الذي حدده البرلمان الاوروبي بكثير. حيث اعلنت شركة صناعة السيارات البريطانية المنتجة للسيارات من العلامة التجارية Jaguar انه واعتبارًا من عام 2025م، ستكون جميع الطرازات المعروضة كهربائية بالكامل.

كما ذهبت مجموعة صناعة السيارات Stellantis متعددة العلامات التجارية أيضًا إلى أبعد مما يطلبه بعض السياسيين الاوروبيين، حيث واعتبارًا من عام 2024م، ستعود العلامة التجارية الإيطالية Lancia إلى السوق الدولية حصريًا بطرازات كهربائية بالكامل. ووفقًا لرئيس شركة Stellantis، Olivier Francois، تريد شركة فيات بيع السيارات الكهربائية النقية فقط في أوروبا اعتبارًا من عام 2027م، أي قبل ثلاث سنوات مما كان مخططًا له سابقًا. من جهتها اعلنت شركة أوبل انها ستعرض فقط سيارات كهربائية في الاسواق الاوروبية بداية من العام 2028م.، كذلك اتخذت شركتي صناعة السيارات الفرنسيتين Citroen وPeugeot قرار بإنتاج سيارات كهربائية فقط بدء من العام 2030م، كما تخطط شركة Rolls-Royce التابعة لشركة BMW وعلامة تويوتا الفاخرة لكزس وفولفو أيضًا لتقديم طرازات كهربائية بحتة فقط في أوروبا.

على مستوى الدول، اقرت النرويج، وهي ليست عضو في الاتحاد الاوروبي، انه لن يكون هناك تسجيلات جديدة للسيارات المزودة بمحركات الاحتراق اعتبارًا من عام 2025م، وفي ضوء الحصة الحالية للسيارات الكهربائية بالكامل في التسجيلات الجديدة والتي تزيد عن 80 في المئة، يبدو هذا الهدف قابلاً للتحقيق. هذا فيما تريد الدنمارك وأيرلندا وأيسلندا وهولندا والسويد وسلوفينيا أيضًا حظر التسجيلات الجديدة للسيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي بداية من العام 2030م.

اما بالنسبة الى المانيا، والتي تؤيد القرار الاوروبي بحظر السيارات العاملة بوقود البنزين والديزل بداية من العام 2035م، فانه وبالرغم من التقدم في صناعة السيارات الكهربائية وتضاعف مبيعاتها في الفترة الماضية الا ان نسبتها ما تزال محدودة بالمقارنة بالسيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي، اذ يبلغ عدد السيارات الكهربائية التي تم تسجيلها في العام الماضي في ألمانيا حوالي 618 ألف سيارة كهربائية بحتة. وبالمقارنة فانه يوجد على الطرقات في المانيا نحو 31 مليون سيارة تعمل بالبنزين وحوالي 15 مليون سيارة تعمل بالديزل.

ويواجه قرار البرلمان الاوروبي انتقادات من عدد من الجهات والدول من أبرزها انتقادات من رئيس اتحاد صناعة السيارات الالمانية (VDA)، هيلديجارد مولر، الذي قال إنه في أجزاء كبيرة من أوروبا، هناك “بنية تحتية غير كافية لشحن السيارات الكهربائية”، مضيفا انه باستخدام الوقود الإلكتروني المحايد مناخيًا أو الوقود الحيوي، يمكن تشغيل المركبات الحالية العاملة بوقود البنزين او الديزل بطريقة محايدة مناخياً، خصوصا مع توافر البنية التحتية الحالية لمحطات التعبئة. كذلك في بولندا، حيث يتقدم التوسع في التنقل الكهربائي ببطء إلى حد ما، وبالتالي فإن نهاية محرك الاحتراق الذي خطط له الاتحاد الأوروبي تسبب التوتر، حيث يشك الخبراء فيما إذا كانت بولندا مستعدة لذلك خصوصا أن البنية التحتية لمحطات الشحن الكهربائي في بولندا ضعيفة نسبيًا.

ايضا في اسبانيا والتي اصدرت في العام الماضي قانون حماية المناخ الذي يحظر بيع السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي اعتبارًا من عام 2040م، فصاعدًا. ومع ذلك، فإن غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي من إسبانيا صوتوا لصالح المشروع الاوروبي الأكثر صرامة. لكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به فيما يتعلق بالتنقل الكهربائي في اسبانيا، فهناك نقص في محطات الشحن وعدد السيارات الإلكترونية في الشوارع أقل مما كانت تستهدفه الحكومة، ولا سيما في المناطق الريفية المتخلفة عن الركب. حيث اظهرت دراسة انه توجد سبع محطات شحن من أصل عشرة في المدن. كذلك ينطبق هذا الوضع على العديد من الدول الاوربية الشرقية التي ما تزال البنية التحتية اللازمة لدعم التنقل الكهربائي اقل من المستوي المطلوب وهو الامر الذي قد ينعكس في مسألة موافقة حكومات هذه الدول على قرار البرلمان الاوروبي.

نهاية الفائدة السلبية في منطقة اليورو والاثار الاقتصادية المترتبة على ذلك

قرر مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي (ECB) في أخر اجتماع له إنهاء برنامج شراء السندات الحكومية لدول منطقة اليورو كما حدد التحول في أسعار الفائدة، حيث يتوقع ان يرفع البنك أسعار الفائدة الرئيسية في منطقة اليورو بمقدار 0.25 نقطة مئوية في اجتماعه المقبل في 21 يوليو، الي جانب رفع ثاني متوقع بمستوى أكبر في شهر سبتمبر القادم.

إن تغيير أسعار الفائدة الذي أعلنه البنك المركزي الأوروبي سوف يؤدي الي العديد من التغيرات الاقتصادية والمالية من أبرز واهم هذه التغيرات هو نهاية ما يطلق علية “الفائدة السلبية”. وقد نشأت الفائدة السلبية عن طريق فرض البنك المركزي الاوروبي فائدة بنسبة 0،5 في المئة على ايداعات البنوك على المدى القصير لدى البنك المركزي الأوروبي.  وتقوم عدد من البنوك بتمرير هذه الفائدة وتحميلها لعملائها تحت مسمى ” بتسهيلات الإيداع”. فهناك مئات البنوك التي تمرر أسعار الفائدة السلبية للبنك المركزي الأوروبي إلى حسابات العملاء. فوفقًا لبوابة المقارنة Verivox، فإن 451 بنكًا على الأقل من حوالي 1300 بنك تم تقييمها في ألمانيا تطالب حاليًا بأسعار فائدة سلبية من العملاء. وعلي سبيل المثال يفرض أكبر بنك ألماني Deutsche Bank منذ منتصف مايو 2020م، ما يسمى برسوم الحفظ في أعمال العملاء الخاصة به، حيث يتعين على عملاء البنك دفع فائدة سلبية على ودائعهم في الحسابات الجارية والاستثمارية التي تتجاوز 50 ألف يورو، وهو الامر نفسه مع Postbank، الذي ينتمي إلى مجموعة Deutsche Bank. وتشير مصادر في البنك انه مع رفع البنك المركزي الاوروبي اسعار الفائدة فان البنك سوف يخفض من نسبة الفائدة السلبية او قد يلغيها تماما على عملائه، وهو ما تنويه بقية البنوك الاخرى، حيث التزم بنك ING Germany بالفعل بإلغاء أسعار الفائدة السلبية لجميع عملائه من القطاع الخاص تقريبًا بحلول الأول من يوليو.

الغاء الفائدة السلبية واحتمالات رفع الفائدة الايجابية على الودائع سوف يؤدي الي ازدياد الميل الى الادخار. كذلك تغير اسعار الفائدة البنكية سوف يجعل الاستثمار في السندات الحكومية أكثر جاذبية. حيث تعتبر بعض السندات الحكومية، مثل تلك الخاصة بألمانيا، “ملاذًا آمنًا” للمستثمرين، حيث انه من منظور اليوم، فإن احتمال إفلاس الدولة منخفض تماماً.

وبعد سنوات من معدلات الفائدة الصفرية، يرى العديد من المستثمرين ان رفع الفائدة البنكية سيتسبب في سحب جزء كبير من الاموال من اسواق الاسهم ووضعها في البنوك لاستفادة من عائدات الفائدة، كذلك بسبب المخاطر الاقتصادية المتزايدة التي سببتها الحرب الروسية في أوكرانيا واستراتيجية الصين في مكافحة كورونا، يخرج المستثمرون من اسواق الاسهم ويتحولون بعيدًا عن مخاطر أسواق الأسهم إلى “الأمان” النسبي الذي تقدمه السندات او الفوائد البنكية. ولهذا من المتوقع ان تشهد أسواق الأسهم والأوراق المالية تراجعاً ملحوظاً خلال الشهور القادمة.

كما سيؤدى ارتفاع عائدات الودائع البنكية الى رفع تكلفة التمويل الاستثماري والقروض العقارية، وبالتالي فان تمويل المشاريع الاستثمارية الجديدة او تمويل التوسعات في النشاطات الاقتصادية والاعمال القائمة سيصبح أكثر كلفة وهو ما قد يؤدي الى تراجع الاستثمارات الجديدة في الاقتصاد. كذلك رفع كلفة القروض العقارية الخاصة ببناء المساكن او توسعتها او صيانتها، والتي ارتفعت من الأساس منذ بداية العام من واحد إلى حوالي ثلاثة في المئة على قروض البناء أو العقارات ذات العشر سنوات.  وهو ما قد يؤدي ايضاً الى تراجع اعمال بناء المساكن الجديدة وتراجع النمو الذي يحققه قطاع البناء بشكل متواصل منذ عدة سنوات.

الا ان أخطر التبعات الاقتصادية لرفع البنك المركزي الأوروبي (ECB) أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ فترة طويلة، والتي من الممكن ان تصل الى مستوى 1.75 في المئة بنهاية العام، هو حدوث ركود اقتصادي. وفي هذا المجال يمكن اخذ الولايات المتحدة الامريكية كنموذج، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي هناك بنسبة 1.5 في المئة في الربع الأول، بعد ان رفع مجلس الاحتياط الفيدرالي المركزي أسعار الفائدة، وإذا استمر الانخفاض في الربع الثاني، فقد تنزلق الولايات المتحدة بالفعل إلى الركود.