استمر تراجع مناخ الاعمال للشركات الألمانية في بداية العام وانخفض مؤشر ifo إلى 85.2 نقطة في يناير، بعد ان كان عند مستوى 86.3 نقطة في ديسمبر الماضي، ويعود ذلك الى تقييم الشركات لوضع اعمالها الحالي بشكل أسوأ، بالإضافة الى ان توقعاتها لمستوى الاعمال للأشهر المقبلة كان أكثر سلبية مرة أخرى. ويعكس تقييم هذه الشركات لأوضاعها الحالية والمستقبلية حالة عدم الارتياح التي يعاني منها الاقتصاد الألماني.
ومع ذلك ارتفع مؤشر مناخ الأعمال في قطاع الصناعة في يناير الى مستوى (-16 نقطة) بعد ان سجل مستوى (-17.4 نقطة) في الشهر السابق، حيث كانت الشركات أكثر رضا إلى حد ما عن وضع أعمالها الحالية، كما تحسنت التوقعات أيضاً بمستوى الاعمال للأشهر القادمة بشكل نسبي اذ يستمر تراكم الطلبات في الانخفاض ولكن ليس بالقدر الذي كان عليه في نهاية العام.
إلا ان قطاع الخدمات سجل تراجعًا في مناخ الأعمال بشكل كبير حيث سجل المؤشر مستوى (-4.9 نقطة) منخفضا من مستوى الشهر الماضي البالغ (-1.7 نقطة)، وكان هذا بسبب التقييم الأسوأ بشكل ملحوظ لمستوى اعمال شركات القطاع الحالي، بالإضافة الى ارتفاع حاله عدم الرضا عن تراكم الطلبات. كما أصبحت التوقعات بمستوى الاعمال خلال الفترة القادمة أكثر سلبية.
وانخفض مؤشر الاعمال في قطاع التجارة إلى أدنى مستوياته منذ أكتوبر 2022م حيث سجل في يناير مستوى (-29.7 نقطة) متراجعًا من مستوى ( -26.7 نقطة) المسجل في ديسمبر الماضي. وكانت شركات القطاع أقل رضا عن مستوى الأعمال الحالية. كما تراجعت توقعاتهم حول نمو مستوى أعمالهم خلال الأشهر القادمة بشكل ملحوظ.
في قطاع البناء، واصل مؤشر مناخ الأعمال في التراجع حيث سجل في شهر يناير مستوى ( -35.9 نقطة) بعد ان كان عند مستوى (-33.5 نقطة) في الشهر السابق. وقامت الشركات بتقييم وضعها الحالي بشكل أسوأ، كما تراجعت أيضا توقعاتها للأعمال للأشهر المقبلة مع ازدياد حالة عدم اليقين.
في سياق متصل، انخفض الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة 0.3 بالمئة في عام 2023م مقارنة بالعام السابق وفقًا لتقرير لمكتب الإحصاء الاتحادي الصادر بتاريخ 15 يناير 2024م. ويعد هذا التراجع هو الثاني بعد التراجع الذي حصل العام 2020م بسبب جائحة كورونا خلال العقد الحالي. حول ذلك صرحت Ruth Brand، رئيسة مكتب الإحصاء الاتحادي: “إن الأسباب الرئيسية لهذا التطور هي استمرار ارتفاع الأسعار وظروف التمويل غير المواتية”. بالإضافة إلى ذلك، كان لضعف الطلب في الداخل والخارج تأثير سلبي.
وبحسب الخبراء، فإن تباطؤ الاقتصاد العالمي، فضلاً عن إحجام المستهلكين عن الاستهلاك نتيجة ارتفاع معدلات التضخم، هما المسؤولان الأوليان عن ضعف الاقتصاد الألماني. ووفقا لمعهد هامبورغ للاقتصاد العالمي (HWWI) “كان الاقتصاد الألماني في وضع أزمة شبه مستمر منذ ما يقرب من أربع سنوات”. وأعقب أزمة كورونا الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير 2022م، والذي تسبب بشكل مؤقت في ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بشكل كبير. ويتسبب الصراع في الشرق الأوسط في خلق حالة جديدة من عدم اليقين، كما عانت ألمانيا من أزمة الميزانية الأخيرة في وقت يتسم بالضعف الاقتصادي.
لكن الكثير من الخبراء الاقتصاديين يتوقعون أن الاقتصاد الألماني سيعاود النمو في الربع الأول من العام الحالي وأن النمو سيستمر. ويتوقع معهد ifo، على سبيل المثال، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024م بواقع 0.7 في المئة عما كان عليه في عام 2023م. وهذه النسبة أقل بكثير مما كان متوقعًا قبل بضعة أشهر، وحتى هذا النمو المحدود أصبح موضع شك على نحو متزايد.
فمن جهة كان عام 2023م، ضعيفًا لأن التجارة الخارجية كانت أضعف من المتوقع بسبب ان أهم الشركاء التجاريين لألمانيا كانوا يواجهون مشاكلهم الخاصة، وخاصة الصين التي عانى اقتصادها من العواقب طويلة المدى لجائحة كورونا. ونتيجة لذلك، انخفضت الواردات الألمانية بنسبة 3 في المئة العام الماضي وتراجعت الصادرات بنسبة 1.8 في المئة. بالنسبة للعام الحالي 2024م، فتشير التوقعات الى إمكانية تحسن التجارة الخارجية وارتفاع الطلب الخارجي الا ان ذلك غير أكيد بسبب حالة عدم اليقين الناتجة عن الصراعات والحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا والتي تهدد سلاسل التوريد.
فنتيجة التوترات القائمة حاليًا في البحر الأحمر تتجنب شركات الشحن الكبرى هذا الطريق بشكل متزايد، ووجد معهد كيل للأبحاث الاقتصادية (IfW) أن عدد الحاويات التي يتم نقلها عبر طريق البحر الأحمر يقل بنسبة 70 في المئة عما كان عليه قبل الهجمات، وبدلاً من الإبحار عبر البحر الأحمر، تبحر السفن الآن حول أفريقيا ورأس الرجاء الصالح، وهو ما يؤدي الى زيادة زمن وصول السفن من سبعة إلى 20 يومًا، ما تسبب في زيادة كبيرة في أسعار نقل الحاويات. ولا يتوقع Julian Hinz، الخبير الاقتصادي في معهد كيل أي تأثير على أسعار المستهلك في أوروبا في الوقت الحاضر لأن حصة تكاليف النقل في البضائع عادة ما تكون صغيرة. ومع ذلك، يكمن الخطر في أن التصعيد يمكن أن يؤدي إلى اختناقات في سلاسل التوريد، كما حصل في صناعة السيارات الألمانية على وجه الخصوص في عامي 2021م و2022م. والذي كان له أثر سلبي كبير على الاقتصاد في ذلك الوقت.
وكان قطاع الصناعة، وهو القطاع الاقتصادي الأكثر أهمية في ألمانيا، قد عانى من أسعار الطاقة المرتفعة والتي وان انخفضت في الوقت الحالي لكنها لا تزال مرتفعة مقارنة بمستويات ما قبل الأزمة، كما عانى القطاع ايضًا من تراجع الطلبيات نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة، وبالتالي انخفض الناتج الاقتصادي الصناعي في عام 2023م، بشكل ملحوظ بنسبة 0.4 في المئة. في العام 2024م، من المتوقع حدوث مزيد من الانخفاض في أسعار الطاقة بالإضافة الى ان الارتفاع في أسعار الفائدة قد وصل أيضًا إلى نهايته في الوقت الحالي، وبالتالي يتوقع الخبراء بعض الانتعاش في الصناعة على مدار العام. لكن حتى الآن لا يوجد ما يشير إلى ذلك، بل على العكس يبدو أن عواقب أزمة الطاقة ستترك أثارها على الصناعة الألمانية لفترة طويلة.
الى جانب ذلك، يؤكد الخبراء ان انكماش الاقتصاد الألماني في عام 2023م، يرجع بدرجة رئيسية إلى انخفاض الاستهلاك الخاص. اذ بالرغم من انخفاض التضخم على مدار العام بالإضافة إلى الارتفاع التدريجي للأجور، انخفض الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 0.8 في المئة مقارنة بالعام السابق 2022م. بينما تشير التوقعات ان الاستهلاك الخاص سيساهم بالحصة الأكبر من التعافي الاقتصادي في العام 2024م، حيث من المتوقع أن يتجاوز ارتفاع الأجور والمعونات الاجتماعية الانخفاض المستمر في التضخم للمرة الأولى. لكن هنا أيضا لا يستبعد الخبراء أن زيادة الاستهلاك قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار مرة أخرى.
سوق العمل: ارتفاع البطالة ومؤشرات إيجابية للعام 2024م
ارتفع عدد العاطلين عن العمل في ديسمبر 2023م، كما هو معتاد في موسم الاجازات الشتوية، بمقدار 31 ألف شخص ليصل اجمالي عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا إلى 2,637,000 شخص وبالمقارنة مع شهر ديسمبر من العام الماضي، ارتفع عدد العاطلين عن العمل بمقدار 183 ألف شخص. وارتفع معدل البطالة 0.1 نقطة مئوية إلى 5.7 بالمئة في ديسمبر 2023م، وبالمقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي، ارتفع المعدل بنسبة 0.3 نقطة مئوية. وساهم تسجيل اللاجئين الأوكرانيين كعاطلين عن العمل في جزء من هذا الارتفاع في البطالة.
وعلقت Andrea Nahles، رئيسة وكالة العمل الاتحادية (BA)، على هذه البيانات بالقول “مع بداية العطلة الشتوية، ارتفعت معدلات البطالة في ديسمبر كما هو معتاد لهذا الشهر لكن التوظيف يستمر في النمو ولم يتراجع طلب الشركات على الموظفين الجدد أكثر في ديسمبر، بينما ارتفع عدد الموظفين المسجلين في برنامج العمل بدوام مختصر إلى حد ما في الآونة الأخيرة”.
وكان عدد المسجلين الجدد في برنامج العمل بدوام مختصر خلال الفترة من 1 ديسمبر إلى 27 ديسمبر قد بلغ 60 ألف موظف وهو ما يزيد عن عدد المسجلين الجدد في نفس الفترة من الشهر السابق. وبحسب أحدث البيانات المتاحة من وكالة العمل الاتحادية عن مجموع المستفيدين من برنامج الدوام المختصر فقد وصل عددهم في شهر أكتوبر 2023م، إلى 179 ألف موظف بعد ان كان عند مستوى 150 ألفا في سبتمبر و111 ألفا في أغسطس.
وفي نفس السياق بلغ عدد الوظائف الشاغرة المسجلة لدى وكالة العمل الاتحادية في ديسمبر 2023م، نحو 713 ألف وظيفة، أي أقل بـ 68 ألف وظيفة عن نفس الشهر من العام الماضي. وبالرغم من هذا التراجع فان مستوى الوظائف الشاغرة ما يزال عند مستوى مرتفع نسبيًا.
فيما يتعلق بالتوقعات الخاصة بتطورات سوق العمل في العام الحالي، اظهر معهد دراسات سوق العمل والبحوث المهنية (IAB) التابع لوكالة العمل الاتحادية توقعات متفائلة بحذر لعام 2024م، حيث يشير مؤشر سوق العمل التابع للمعهد إلى التوقعات بزيادة معتدلة في التوظيف خلال العام. وكان المؤشر قد ارتفع في شهر ديسمبر بمقدار 0.4 نقطة ليصل الى مستوى 99.9 نقطة وهو الارتفاع الأول منذ ما يقرب من العام. وشهد المؤشر انخفاضًا متزايدًا منذ أبريل 2023م، لكنه ظل في المنطقة الإيجابية لفترة طويلة قبل ان ينخفض في سبتمبر الماضي إلى مستوى أقل من 100 نقطة. (ويعتبر المؤشر قياسًا مبكرًا لتطورات سوق العمل ويستند إلى مسح شهري تجريه وكالات التوظيف، ويتراوح قياس المؤشر من 90 نقطة للتطور الضعيف جدًا لسوق العمل إلى 110 نقطة للتطور الإيجابي جدًا.) ويوضح Enzo Weber، الباحث في معهد دراسات سوق العمل IAB أن “وكالات التوظيف لا تتوقع عامًا سهلًا، خاصة فيما يتعلق بالبطالة، لكن الاتجاه الهبوطي في التوقعات توقف في مطلع العام”.
ويلخص Weber وضع سوق العمل في الوقت الحاضر بالقول “لم يعد سوق العمل يعيش حالة الانتعاش الذي شهدناه في السنوات القليلة الماضية، ولكن لا يزال بإمكان الاعتماد على استقراره حتى في أوقات الانكماش الاقتصادي”. لكن من أجل النمو الاقتصادي لا نحتاج إلى سوق عمل مستقر فحسب، بل نحتاج أيضا إلى استثمارات في هذا النمو والتحول الاقتصادي.
الشركات الألمانية الأعلى انفاقًا على الابتكارات في أوروبا
ارتفع إنفاق الشركات الألمانية على البحث والتطوير والابتكارات في العام 2022م، بنسبة ثمانية بالمئة إلى ما يقرب من 82 مليار يورو وهو ما يعد أعلى بكثير من مستويات ما قبل كورونا. وعلى الرغم من النقص في العمالة الماهرة، استطاعت الشركات أيضا زيادة عدد الموظفين المتخصصين في الأبحاث والتطوير بنحو ستة في المئة في نفس العام ليصبح هناك وللمرة الأولى في ألمانيا أكثر من نصف مليون وظيفة بدوام كامل في أقسام البحث والتطوير. وبحسب هذه البيانات التي أصدرها مكتب الإحصاء الأوروبي Eurostat ورابطة المانحين للعلوم الألمانية Stifterverband فان ذلك يعني أن نمو إنفاق الشركات في ألمانيا على الابحاث أعلى من متوسط النمو الأوروبي البالغ 6.8 في المئة. كما نما الإنفاق بشكل ملحوظ في إسبانيا وهولندا أما في فرنسا، فقد أصابها الركود، بينما انخفضت هذه النفقات في إيطاليا.
وأشاد Uwe Cantner، رئيس لجنة الخبراء للبحث والابتكار (EFI)، المختصة بتقديم المشورة العلمية للحكومة الاتحادية في موضوع الابتكار، بنمو الانفاق على الأبحاث مرة أخرى مؤكدًا ان ما يبعث على السرور بشكل خاص هو الزيادة التي بلغت 15 في المئة في الانفاق على أبحاث تكنولوجيا المعلومات، وهو المجال الذي كانت ألمانيا ضعيفة فيه تقليديا. وتعتبر الاستثمارات في الابتكارات شرطا أساسيا للحفاظ على مكانة الاقتصاد الألماني بين أكبر الاقتصاديات في العالم على المدى الطويل، ولهذا فإن الحكومة الاتحادية تسعى الى زيادة إجمالي إنفاق ألمانيا على البحث والتطوير إلى 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من المعدل الحالي الثابت عند 3.13 في المئة لسنوات، وهو ما يمثل نسبة أقل بالمقارنة مع إنفاق العديد من القوى الاقتصادية العالمية حيث تبلغ هذه النسبة في كوريا الجنوبية 4.93 في المئة وفي الولايات المتحدة الامريكية 3.43 في المئة وفي اليابان 3.34 في المئة وفي الصين 3.31 في المئة (بحسب ارقام العام 2021م).
ويؤكد العديد من الخبراء ان ارتفاع الانفاق على الأبحاث في ألمانيا في العام 2022م بنسبة 8 في المئة ليس مرتبطًا بالتضخم الذي شهدته ألمانيا في نفس العام والذي بلغ 7.9 في المئة حيث يقول Christian Rammer، الخبير الاقتصادي في مركز البحوث الاقتصادية الأوروبية (ZEW): “من حيث المبدأ، ينبغي أن تكون تأثيرات التضخم هنا منخفضة، لأن محركات الأسعار الرئيسية مثل الطاقة وأشباه الموصلات ليست هناك حاجة إليها بشكل مباشر في أنشطة البحث والتطوير. “
ويترافق الارتفاع في إنفاق الشركات الألمانية على الأبحاث والتطوير بظاهرة متزايدة تتمثل في اجراء هذه الأبحاث خارج ألمانيا فوفقا لاتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية DIHK، كان لدى ربع الشركات الألمانية في العام 2020م مشاريع لتوسيع عمليات البحث والابتكار خارج ألمانيا فيما أصبحت هذه النسبة في العام 2023م نحو الثلث، وهو الامر الذي دفع باتحاد الغرف للتحذير من فقد ألمانيا جاذبيتها كمكان مناسب للتطوير والابتكار.
كذلك تتجه الشركات الألمانية الكبرى المدرجة في مؤشر داكس أيضًا بشكل متزايد إلى الخارج، ووفقًا لبيانات مركز البحوث الاقتصادية الأوروبية عن 34 شركة من شركات داكس، زادت إنفاقها على البحث والتطوير في جميع أنحاء العالم بأكثر من 14 في المئة في عام 2022م، وان كان ذلك يعود جزئيًا الى عمليات الاستحواذ التي قامت بها هذه الشركات في الخارج. أما في ألمانيا، فقد كانت الزيادة أقل بقليل من 11 في المئة. ووفقًا لبيانات مركز ZEW ايضًا، فإن الشركة الرائدة في الإنفاق على البحث والتطوير في ألمانيا هي مجموعة فولكس فاجن لصناعة السيارات حيث استثمرت الشركة العام 2022م، ما يقرب من 19 مليار يورو في البحث والتطوير وبنسبة زيادة تبلغ 21 في المئة مقارنة بالعام الذي سبق. وأدى التحول إلى التنقل الكهربائي وتطوير البنية التحتية لصناعة السيارات الكهربائية مؤخرًا إلى ارتفاع تكاليف التطوير والأبحاث في الشركة والتي تنوي في المجمل استثمار ما مجموعة 180 مليار يورو بحلول العام 2027م لتطوير عمليات الإنتاج ثلثاها في مجال صناعة السيارات الكهربائية والرقمنة خصوصا ان تكاليف بناء مصانع لبطاريات السيارات الكهربائية مكلفة للغاية.
من جانبها انفقت شركة مرسيدس نحو 8.541 مليار يورو على الأبحاث والتطوير العام 2022م، بنسبة زيادة 12 في المئة مقارنة بالعام الذي سبق وهنا أيضا تعتزم الشركة زيادة اجمالي تمويل البحث والتطوير للمحركات الكهربائية الى 40 مليار يورو خلال السنوات القادمة. كما قامت شركة Bosch، وهي أكبر مورد لقطع وأجزاء السيارات في العالم، بزيادة تكاليف البحث والتطوير بشكل كبير بمقدار 1.1 مليار يورو لتصل إلى 7.2 مليار يورو في عام 2022م، بزيادة قدرها 18 في المئة. وبينما كان نمو الانفاق على الأبحاث والتطوير في شركات صناعة الادوية يصل الى نسبة 10 في المئة والقريبة من زيادة ميزانيات الأبحاث والابتكار لدي شركات صناعة السيارات كانت الزيادة في هذا المجال اقل في شركات صناعة المعدات والآلات والتي بلغت الزيادة في انفاقها على البحث والتطوير العام 2022م نحو 4.5 في المئة وكذلك كان الامر في شركات الصناعات الكيميائية والتي زادت انفاقها بنسبة 2.5 في المئة فقط.
مصادر الطاقة المتجددة تساهم بأكثر من نصف الطاقة الكهربائية المنتجة في ألمانيا 2023م
خلال العام 2023م، غطت الكهرباء المولدة عن طريق مصادر الطاقة المتجددة أكثر من نصف استهلاك ألمانيا من الكهرباء وذلك للمرة الأولى بنسبة 52 في المئة بحسب بيانات مركز أبحاث الطاقة الشمسية والهيدروجين (ZSW) والرابطة الاتحادية لصناعة الطاقة والمياه (BDEW). ومقارنة بالعام السابق، يمثل هذا زيادة بنسبة 5 في المئة. وقد بلغ إجمالي استهلاك الكهرباء في عام 2023م حوالي 517.3 مليار كيلووات/ساعة. ويمثل هذ الارتفاع في مصادر الطاقة المتجددة في انتاج الكهرباء خطوة في طريق تحقيق هدف الحكومة الاتحادية بان يتم توليد 80 في المئة من الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030م.
وساهمت الطاقات المتجددة بحصص مرتفعة في انتاج الكهرباء العام 2023م، بشكل خاص في أشهر يوليو حيث بلغت نسبة مساهمتها 59 في المئة وفي مايو بنسبة 57 في المئة وفي شهري أكتوبر ونوفمبر بنسبة 55 في المئة لكل منهما. وحقق انتاج الكهرباء عبر الطاقة الشمسية رقمًا قياسيًا في شهر يونيو بلغ 9.8 مليار كيلووات/ساعة. كما حققت طاقة الرياح رقما قياسيا سنويا جديدا في انتاج الكهرباء قدره 113.5 مليار كيلووات ساعة. وبشكل عام، تم العام 2023م، توليد 267 مليار كيلووات/ساعة من الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة وهو ما يمثل أيضا رقما قياسيا. وأوضحت Kerstin Andreae، رئيسة مجلس إدارة BDEW، أن “الأرقام تظهر أننا نسير على الطريق الصحيح، لكن الوصول الى هدف انتاج الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة بشكل كامل لن يتحقق من تلقاء نفسه، ان نسبة 50 في المئة المتبقية سيتم إنجازها فقط في حالة ما إذا استمر السياسيون في إزالة جميع العقبات التي تعترض التوسع في مصادر الطاقة المتجددة باستمرار.”
من جانبه أكد Frithjof Staiß، عضو مجلس إدارة ZSW، أن الابتعاد عن الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي، والذي تقرر في مؤتمر المناخ العالمي (COP28) في دبي، يتطلب التوسع في الطاقات المتجددة بأبعاد جديدة تمامًا حيث ان انتاج الكهرباء بطريقة محايدة مناخيًا ضروري أيضًا لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء باستخدام ما يسمى بأنظمة “الالتقاط المباشر للهواء”. ومن الممكن أن يعمل ثاني أكسيد الكربون الذي يتم الحصول عليه بهذه الطريقة، جنباً إلى جنب مع الهيدروجين الأخضر، كمصدر للكربون لتلبية الاحتياجات الهيدروكربونية في المستقبل. وأضاف Staiß ان البيانات الحالية الصادرة عن هيئة الطاقة الدولية تشير إلى أنه لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به، فعلى سبيل المثال أصبح الطلب على الفحم العام 2023م أعلى من أي وقت مضى وبحسب الخبراء، فمن المتوقع أن يرتفع هذا الطلب ايضًا في العام الحالي بنسبة 1.4 بالمئة ويتجاوز حاجز 8.5 مليار طن للمرة الأولى. ومع ذلك، ونظرًا للانتشار المتزايد لمصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والشمس، تتوقع وكالة الطاقة الدولية انخفاضًا في استخدام مصادر الطاقة الضارة بالمناخ بنسبة 2.3 في المئة بحلول عام 2026م.
ومع ارتفاع نسبة مساهمة الطاقات المتجددة في انتاج الكهرباء في ألمانيا العام 2023م الا ان ألمانيا انتجت كمية كهرباء أقل بنسبة 10 في المئة بالمقارنة مع العام السابق وتحولت الى مستورد صافي للطاقة الكهربائية وذلك للمرة الأولى منذ العام 2002م. الا ان ذلك لا يعني انه لم يكن هناك ما يكفي من الكهرباء او ان هنالك تراجع في القدرة على انتاج الكهرباء، ولكن لأنه في بعض الأحيان كان من الأسهل والاقل كلفة شراء الكهرباء من الدول الأوروبية المجاورة بدلاً من إنتاجها في ألمانيا. ويوضح Bruno Burger، خبير سوق الكهرباء من معهد فراونهوفر لأنظمة الطاقة الشمسية (ISE) «نقوم عمومًا بتصدير الكهرباء في فصل الشتاء لأن الأسعار مرتفعة للغاية والطلب مرتفع للغاية. بينما في الصيف يكون الأمر على العكس من ذلك، حيث تكون أسعار الكهرباء منخفضة للغاية لأن الطلب منخفض أيضًا”، وأضاف تستورد ألمانيا معظم احتياجاتها من الكهرباء من الدنمارك والنرويج والسويد. وقياسا على إجمالي صافي انتاج الكهرباء في ألمانيا، لا تشكل الواردات سوى حصة صغيرة جدا حيث تم استيراد 8.6 تيرا وات/ساعة فقط في عام 2023م. بينما بلغ اجمالي انتاج الطاقة الكهربائية في نفس العام حوالي 517.3 تيرا وات/ساعة.
10شركات ناشئة ألمانية في الطريق لان تتجاوز قيمه كل واحدة منها مليار دولار
نشرت منصة Tech Tour، والتي تعد أكبر مجتمع لريادة الأعمال وكبار المستثمرين في مجال التكنولوجيا في أوروبا قائمة تضم أسرع 50 شركة ناشئة تعمل في مجال التكنولوجيا نموًا في أوروبا والتي يتوقع ان تتجاوز قيمته كل منها المليار دولار خلال العام 2024م، وقد ضمت هذه القائمة عشر شركات ناشئة ألمانية. ويشير حصول الشركة الناشئة على تقدير لقيمتها يتجاوز المليار دولار (او ما يطلق عليه مجازًا شركة وحيدة القرن) الى ان الشركة قد نمت بشكل ملحوظ خلال فترة زمنية قصيرة جدًا، وان فكرة عمل الشركة جذبت اهتمام الكثير من المستثمرين.
وتأتي على رأس قائمة الشركات الألمانية الناشئة المرشحة لأن تتجاوز قيمتها المليار دولار شركة Aleph Alpha المتخصصة بالذكاء الاصطناعي والتي سبق وان حصلت خلال شهر نوفمبر الماضي على تمويل من عدد من المستثمرين بقيمة 500 مليون دولار، مما يجعلها واحدة من أكبر الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا. كما تضم قائمة Tech Tour أيضًا شركة Marvel Fusion الناشئة والتي تعمل في مجال الاندماج النووي والتي من المحتمل بدرجة كبيرة ان تبلغ قيمتها مليار دولار قريبا خصوصا مع بدأ الشركة العمل على تجريب العمليات الفيزيائية الأساسية لتقنية الاندماج الخاصة بها، حيث من المتوقع أن يبدأ بناء أول نظام ليزر حديث مصمم للتطبيق التجاري لتكنولوجيا الاندماج هذا العام في ولاية كولورادو الأمريكية.
بالإضافة الى ذلك تعمل نصف الشركات الناشئة العشر في ألمانيا في مجالات الاستدامة والطاقات المتجددة. وتشمل هذه الشركات شركة تخزين الطاقة CMBlu، وشركة تخزين ونقل الهيدروجين Hydrogenious، وشركة الطيران والفضاء Isar Aerospace، وشركة Twaice للتكنولوجيا النظيفة والبطاريات الى جانب شركة Numbat لمحطات واعمدة الشحن الكهربائية.
تعتبر شركة تخزين الطاقة CMBlu الواقع مقرها في مدينة Alzenau في ولاية بافاريا، من أكثر الشركات المرشحة لان تتجاوز قيمتها خلال العام الحالي المليار دولار حيث تعمل الشركة على تطوير بطاريات عضوية تعتمد على المواد الطبيعية بدون استخدام معادن نادرة أو ليثيوم أو خلايا سريعة الاشتعال، وقد حصلت الشركة في العام 2023م على استثمار من مجموعة البناء النمساوية Strabag بمبلغ 100 مليون دولار سيتم استخدامها لتوسيع مرافق الإنتاج، كما أعلن رئيس الشركة Peter Geigle. كذلك تتمتع شركة Hydrogenious أيضًا بإمكانية ان يتجاوز تقييمها المليار دولار قريبًا. والشركة التي يقع مقرها في مدينة Erlangen تعد واحدة من الشركات الرائدة فيما يسمى بتخزين الطاقة المعتمد على تقنية LOHC (حامل الهيدروجين العضوي السائل).
وتعد شركة Isar Aerospace المختصة بصناعة الصواريخ لنقل الأقمار الصناعية الى الفضاء أحد أبرز الشركات الناشئة التي يُتوقع ان تتجاوز قيمتها قريبًا المليار دولار خصوصا وان الشركة وبحسب Daniel Metzler الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك في الشركة “قد حصلت بالفعل على طلبات شراء للسنوات القليلة المقبلة، والآن حان الوقت لزيادة الإنتاج”. وتأتي شركة Twaice لتقنيات البطاريات والتي يقع مقرها في مدينة ميونخ ضمن قائمة الشركات العشر، وتسعى الشركة الى مضاعفة إيراداتها ثلاث مرات في عام 2024م. أما شركة Numbat الناشئة المختصة ببناء محطات الشحن الكهربائية فتخطط لتركيب 400 محطة شحن خلال العام 2024م.
وجاءت ثلاث شركات ناشئة في قائمة العشر شركات التي يتوقع ان تتجاوز قيمتها العام الحالي المليار دولار في ألمانيا من قطاع الرعاية الصحية، وهي شركة Kaia Health والتي تعمل في تطوير النماذج اللغوية والرؤية الحاسوبية لتوسيع نطاق العلاجات الرقمية للمرضى الذين يعانون من آلام الظهر وأمراض الرئة. كذلك تريد المنصة الطبية Amboss المختصة بالعلوم الطبية توسيع استثماراتها وتمويلها للوصول أيضا الى قيمة المليار دولار، وتضم منصة المعرفة الرقمية بالفعل في الوقت الحاضر مليوني مستخدم في 170 دولة. شركة التكنولوجيا الحيوية Resolve Biosciences مدرجة أيضًا في قائمة المرشحين، وتتخصص الشركة فيما يسمى برسم الخرائط الجزيئية والذي يوفر نظرة ثاقبة لبيولوجيا الجزيئات الفردية وهياكل الخلايا، مما يمكّن العلماء في جميع أنحاء العالم من اكتساب رؤى جديدة حول أسباب وعمليات الأمراض المعدية مثل كوفيد-19، وعلم الأحياء العصبي وعلم الأورام.
وبشكل عام تمثل التوقعات بحصول 50 شركة أوروبية ناشئة على تمويل واستثمارات ترفع قيمتها الى المليار دولار في العام 2024م، تطورا إيجابيا بالمقارنة مع العام 2023م والذي لم تستطع سوى 7 شركات ناشئة جديدة فقط تجاوز حاجز المليار وبالمقارنة أيضا مع عام ازدهار الاستثمار في الشركات الناشئة في العام 2021م، عندما بلغ عدد الشركات 100 شركة. ويعود ذلك الى قلة الاكتتابات العامة الأولية وتغييرات أسعار الفائدة، والتي جعلت المستثمرين حذرين بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بضخ الأموال في الشركات الناشئة. وعلى مستوى القارة الأوروبية فإن بريطانيا فقط لديها عدد أكبر من الشركات في قائمة أفضل الشركات الناشئة بالمقارنة مع ألمانيا، حيث تمتلك اثنتي عشرة شركة ناشئة تقدر قيمة كل واحدة منها بمليار دولار او أكثر. بينما تمتلك فرنسا سبع شركات مدرجة في القائمة وتتمثل كل من سويسرا وفنلندا بأربع شركات لكل منها.