تراجعت مؤشرات مناخ الاعمال في الاقتصاد الألماني خلال شهر اغسطس حيث انخفض مؤشر IFO لمناخ الأعمال إلى 99.4 نقطة، بعد ان كان قد وصل الى مستوى 100.7 نقطة في شهر يوليو. ويعزى الانخفاض بشكل رئيسي إلى التوقعات الأقل تفاؤلاً للشركات خصوصاً في قطاعي الضيافة والسياحة على وجه الخصوص. وعلى الرغم من ان الشركات الألمانية صنفت الوضع الحالي أفضل إلى حد ما مما كان عليه في الشهر السابق، الا إن اختناقات تسليم المنتجات الوسيطة في قطاع الصناعة والمخاوف بشأن زيادة أعداد الإصابات بفيروس كورونا خصوصا المتحول دلتا، تثقل كاهل الاقتصاد.

     في قطاع الصناعة، تراجع مناخ الأعمال بشكل ملحوظ الى مستوى 24.1 بعد ان كان عند مستوى 27.4 في شهر يوليو. وبالرغم من ان تقييمات الوضع الحالي أقل إيجابية إلى حد ما، لا تزال الشركات راضية جدًا عن مستوى الأعمال الحالي، لكن التوقعات للأشهر المقبلة تعرضت لانتكاسة كبيرة كنتيحة مباشرة لاستمرار اختناقات تسليم المنتجات الوسيطة والمواد الخام.

     كما انخفض مؤشر مناخ الأعمال في قطاع الخدمات من مستوى 19.8 نقطة في شهر يوليو الى مستوى 17.7 نقطة في شهر اغسطس. وقيمت شركات القطاع الوضع الحالي بشكل أفضل بكثير مما كان عليه في الشهر السابق، الا ان التفاؤل تراجع فيما يتعلق بتطوير الأعمال في المستقبل.

     في قطاع التجارة تراجع مؤشر مناخ الاعمال بشكل كبير حيث انخفض من مستوى 15.8 نقطة في شهر يوليو الى مستوى 9 نقاط في شهر اغسطس، حيث كانت شركات القطاع أقل رضا عن وضع أعمالها الحالي. بالإضافة إلى ذلك، عاد التشاؤم فيما يتعلق بمستوى الاعمال خلال الاشهر القادمة، خصوصا في الشركات العاملة في تجارة التجزئة والتي ازداد قلقها بشأن الاعمال في الأشهر المقبلة بسبب ارتفاع الإصابات بكوفيد 19 والتوقعات بارتفاعها خلال الأسابيع القادمة.

     في اتجاه معاكس، ارتفع مؤشر الاعمال في صناعة البناء والتشييد في شهر اغسطس الى مستوى 7.8 نقطة مرتفعا عن مستوى 6 نقاط الذي سجله في الشهر السابق. حيث كانت الشركات العاملة في القطاع أكثر رضا عن مستوى الاعمال في الوقت الحاضر. بالإضافة إلى ذلك، كانت توقعاتها أكثر تفاؤلاً بالنسبة لمستوى الاعمال خلال الاشهر القادمة.

     في سياق متصل اظهر تقرير لمكتب الإحصاء الاتحادي (Destatis) ان الناتج المحلي الإجمالي ارتفع في الربع الثاني من عام 2021م مقارنة بالربع الأول من عام 2021م بنسبة 1.6 في المئة بعد أن أدت أزمة كورونا في بداية العام إلى تراجع في الناتج المحلي، وفقًا لآخر الحسابات، بنسبة 2 في المئة في الربع الأول. وقد ساهم ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي الخاص والحكومي بشكل اساسي في تعافى الاقتصاد الألماني في الربع الثاني، حيث ارتفع الانفاق الاستهلاكي الخاص في الربع الثاني بنسبة 3.2 في المئة مقارنة بالربع الأول وبنسبة 6 في المئة اعلى مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، كما ارتفع الانفاق الاستهلاكي الحكومي في الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 1.8 في المئة مقارنة بالربع الأول، وكذلك بنسبة 3.7 في المئة مقارنة بالربع الثاني من العام 2020م.

     وفي مقارنة سنوية، كان الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من عام 2021م اعلى بنسبة 9.8 في المئة، مما كان عليه في الربع الثاني من عام 2020م، والذي كان قد تأثر بشكل كبير بإغلاق كورونا الأول. بينما بالمقارنة بالربع الرابع من عام 2019م، الربع الذي سبق بدء أزمة كورونا، كان الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من عام 2021م أقل بنسبة 3.3 في المئة.

     علاوة على ذلك، سجلت الصادرات الألمانية خلال النصف الاول من العام الحالي زيادة بنحو 16,7 في المئة عن نفس الفترة من العام الماضي وبقيمة اجمالية 673 مليار يورو، وبلغ الفائض التجاري الذي حققته ألمانيا خلال النصف الأول من العام 2021م، نحو 96,6 مليار يورو. وكانت الصادرات في شهر يونيو 2021م قد سجلت ارتفاعا بنسبة 1,3 في المئة مقارنة بالشهر السابق، وذلك للشهر الرابع عشر على التوالي، وبنسبة 23,6 في المئة مقارنة بنفس الشهر من العام 2020م، وبلغ اجمالي قيمة الصادرات خلال شهر يونيو 2021م، نحو 118,7 مليار يورو، كما ارتفعت الواردات بنسبة 0,6 في المئة مقارنة بشهر مايو الماضي وبنسبة 27 في المئة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وبلغت قيمتها 102,4 مليار يورو، كما بلغ الفائض التجاري لألمانيا خلال شهر يونيو 2021م، حوالي 16,3 مليار يورو.

     وقد نمت الصادرات خلال شهر يونيو 2021م إلى أهم شريك اقتصادي لألمانيا خارج الاتحاد الاوروبي، الولايات المتحدة، بنسبة 40 في المئة تقريبًا لتصل إلى 10.3 مليار يورو، وذلك مقارنة بشهر يونيو 2020م، وارتفعت الصادرات إلى بريطانيا بنسبة 11 في المئة لتصل إلى 5.5 مليار يورو، والصادرات إلى الصين بنسبة 16 في المئة لتصل إلى 9.5 مليار يورو. كما زادت الصادرات الى دول الاتحاد الأوروبي في شهر يونيو العام الحالي بنسبة 26.1 في المئة لتصل إلى 64.5 مليار يورو، وذلك مقارنة بنفس الشهر من العام 2020م.  ورفع اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية (DIHK) مؤخرًا توقعاته للصادرات الألمانية لإجمالي العام 2021م بسبب الانتعاش الاقتصادي العالمي والانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة والصين، حيث من المرجح أن ترتفع صادرات الشركات الألمانية بنسبة 8 في المئة في عام 2021م مقارنة بالعام الذي سبق.

     من جهة أخرى، وبحسب أحدث بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي (Destatis) بلغ الدين العام في ألمانيا نهاية العام 2020م مبلغ 2172.9 مليار يورو، وبهذا الرقم يكون الدين العام، والذي يشمل الديون على الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات والبلديات والضمان الاجتماعي، قد ارتفع في غضون عام واحد فقط بنحو 273.8 مليار يورو.

      وتعزى هذه الزيادة الكبيرة في الدين الحكومي على المستوى الاتحادي ومستوى الولايات بشكل خاص إلى الإجراءات المتخذة لمواجهة جائحة كورونا.  وبهذا الحجم من الديون ايضاً يبلغ نصيب الفرد في المانيا من الدين العام 26141 يورو، (ويمثل هذا الرقم زيادة بمقدار 3281 يورو عن نهاية عام 2019م، والذي بلغ نصيب الفرد حينها من الدين العام مبلغ 22860 يورو). وقد بلغ نصيب الحكومة الاتحادية من هذا الدين مبلغ 1403.5 مليار يورو، وهو ما يمثل ارتفعاً بنسبة 18.1 في المئة، او ما يعادل 214.9 مليار يورو مقارنة بمستوى الدين بنهاية عام 2019م. كما ارتفعت ديون الولايات الفيدرالية على أساس سنوي بنسبة 9.8 في المئة أو ما يساوي 57 مليار يورو لتصل إلى 636.0 مليار يورو، مع زيادات في ديون جميع الولايات الستة عشر.

سوق العمل: استمرار انخفاض البطالة وتراجع كبير في عدد المسجلين في برنامج الدوام المختصر

     يتواصل تحسن سوق العمل في ألمانيا، حيث استمرت البطالة في التراجع على الرغم من بداية العطلة الصيفية والتي تشهد عادة تراجعا في عدد الموظفين والعمال، وفي هذا الصدد أكد ديتليف شيله رئيس مكتب العمل الاتحادي (BA)، على “إن سوق العمل يواصل التحسن وعدد العاطلين عن العمل يواصل أيضا التراجع كما ان الشركات تبحث بشكل متزايد عن موظفين جدد”.

     ووفقا لتقرير مكتب العمل الاتحادي تراجع عدد العاطلين عن العمل في شهر يوليو بنحو 24 ألف شخص ليبلغ اجمالي عدد العاطلين عن العمل 2590000 شخص، وهو ما يمثل عدد اقل بحوالي 320 ألف شخص بالمقارنة مع نفس الفترة من العام السابق. ومع هذا العدد الجديد من العاطلين عن العمل انخفض معدل البطالة في المانيا بنحو 0.1 نقطة مئوية ليصل الى مستوى 5.6 في المئة، بينما كان هذا المعدل قد وصل في نفس الشهر من العام 2020م ونتيجة لأثار جائحة كورونا الى مستوى 6.3 في المئة.

     من جهة أخرى حذر رئيس مكتب العمل من نقص العمالة الماهرة في سوق العمل الألماني، حيث شدد على ان السوق يحتاج الى حوالي 400 ألف عامل جديد كل عام، ويجب تغطيه هذا العدد عن طريق الهجرة واستقدام العمالة الأجنبية. وأكد على ان الحقيقة هي ان العمالة الماهرة في ألمانيا تتناقص بسبب التطور الديموغرافي، حيث سينخفض ​​عدد العمال المهنيين هذا العام بنحو 150ألف عامل، معتبراً ان ” الأمر سيكون أكثر دراماتيكية في السنوات القليلة المقبلة”. وقال شيله انه “لا يمكن لألمانيا حل المشكلة إلا من خلال تأهيل العمال غير المهرة والأشخاص الذين فقدوا وظائفهم، والسماح للعاملين الذين يعملون بدوام جزئي بالعمل لفترة أطول، وقبل كل شيء السماح بالهجرة إلى البلاد”.  

    فيما يتعلق ببرنامج العمل بدوام مختصر، اظهر مسح اجراه معهد ifo وكذلك بيانات مكتب العمل الاتحادي ان عدد العمال المسجلين في البرنامج قد انخفض بشكل ملحوظ في شهر يوليو، حيث تراجع من 1,39 مليون موظف وعامل في شهر يونيو لينخفض في شهر يوليو إلى 1,06 مليون شخص، وهذا هو أقل عدد يتم تسجيله في البرنامج منذ بداية أزمة كورونا في فبراير 2020م. كما يعني هذا الرقم ان 3,1 في المئة من اجمالي العاملين في يوليو 2021م، لا يزالون مسجلين في برنامج الدوام المختصر في مقابل ما نسبته 4,1 في المئة في الشهر السابق.

      وفي هذا الصدد يؤكد Stefan Sauer، خبير المسح في Ifo “انخفاض عدد المسجلين في برنامج الدوام المختصر مرة أخرى بشكل حاد، خاصة في القطاعات التي استفادت من تخفيف القيود”، مضيفاً انه “ومع ذلك، فما زلنا في قطاع الصناعة، نشهد ارتفاعا في عدد المسجلين في البرنامج نتيجة لآثار الاختناقات في تسليم المنتجات الأولية والمواد الخام”. ففي قطاع صناعة السيارات، ارتفع عدد العمال المسجلين في برنامج الدوام المختصر من 14500 إلى 32100 موظف خلال شهر يوليو، وهو ما يمثل ما نسبته 3,4 في المئة من اجمالي العاملين في الصناعة بعد ان كانت هذه النسبة تساوي 1,5 في المئة في الشهر السابق. وبشكل عام، ارتفعت نسبة العمال في قطاع الصناعة المسجلين في البرنامج من 3.1 في المئة في شهر يونيو إلى 3.6 في المئة في شهر يوليو، حيث ان عددهم بلغ في يوليو 249 ألف موظف وعامل بعد ان كان 214 ألف موظف في الشهر السابق.

  من جانب أخر انخفض عدد الأشخاص المدرجين في برنامج الدوام المختصر في صناعة الضيافة، بشكل ملحوظ من 295 ألف موظف في يونيو الى 183 ألف موظف في يوليو، وهذا يعادل 17.2 في المئة من القوة العاملة في القطاع بعد ان كانت النسبة 27,8 في المئة في الشهر السابق. في تجارة التجزئة، انخفض عدد العاملين المسجلين في البرنامج من 92,6 ألف موظف في يونيو الى 41,7 ألف موظف في يوليو وهذا العدد يمثل 1,7 في المئة من اجمالي العاملين في القطاع.

تمديد برنامج مساعدات التجسير للشركات الألمانية: بين التأييد والانتقاد

     قدمت الحكومة الألمانية من خلال برامج مختلفة مساعدات متنوعة للشركات في مختلف القطاعات الاقتصادية لتجاوز ازمة جائحة كورونا، وقد بلغ اجمالي هذه المساعدات حتى الان حوالي 152 مليار يورو، تم تقديمها في صور مختلفة، منها ما كان على شكل قروض ميسرة او من خلال برنامج الدوام المختصر لحماية الوظائف او مساعدات مالية مباشرة من خلال برنامج مساعدات التجسير، والذي يعد برنامج المساعدات الحكومي الأكثر أهمية والذي تم تمديده لثلاث مرات، اخرها من بداية شهر فبراير والذي بلغت قيمته لوحدة حتى الان 16 مليار يورو.

     وقد أعلنت وزارة الاقتصاد الاتحادية بداية برنامج مساعدات التجسير الثالث الإضافي (Überbrückungshilfe III Plus) منذ أيام قليلة والذي يمتد حتى نهاية شهر سبتمبر. فيما يؤكد وزير الاقتصاد بيتر ألتماير (CDU) أن هذا التمديد لا ينبغي أن يكون الأخير او ان يمثل نهاية البرنامج، وقالت متحدثة باسم وزارة الاقتصاد ان “الوزير ألتماير ملتزم منذ فترة طويلة بتمديد برنامج مساعدات التجسير إلى ما بعد سبتمبر”. وهو نفس الموقف الذي أعلن عنه وزير المالية أولاف شولتز (SPD) في وقت سابق دعمه أيضاً لهذا لتمديد.

ويثير احتمال تمديد البرنامج نقاشات بين الخبراء الاقتصاديين حول مميزات البرنامج والمخاطر التي يطرحها أيضا، فمن ناحية لا تزال الشركات تعاني من آثار أزمة كورونا وبالتالي ما تزال بحاجة الى الدعم، ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي هذا الدعم إلى تشويه المنافسة وتشجيع الحفاظ على الشركات غير المربحة ، وفي هذا الصدد يقول Ralph Wiechers، كبير الاقتصاديين في الاتحاد الألماني لصناعة الآلات والمعدات (VDMA) “يتعين على ألمانيا الخروج من حالة الأزمة مرة أخرى، يمكن أن تؤدي المساعدات التي تقدر بالمليارات إلى تشويه المنافسة وإعاقة التغيير الهيكلي الضروري “.

     إن تراجع عدد العمال المسجلين في برنامج الدوام المختصر وارتفاع التوظيف المتزايد واستعادة الاقتصاد للنمو مرة أخرى، لا يمنح اسباباً لاستمرار دعم الدولة على نطاق واسع، بل يبدو أيضًا أن مساعدة الدولة تشكل ضغطًا على العلاقات التجارية بين الشركات، حيث يُظهر تقييم وكالة الائتمان Creditreform  لـ 3.9 مليون فاتورة أن الشركات أعطت شركاءها التجاريين مزيدًا من الوقت لدفع فواتيرهم العام الماضي على الرغم من الأزمة.

     كما أظهرت الأرقام وجود عدم يقين كبير بين الشركات، كما يوضح Patrik-Ludwig Hantzsch، رئيس الأبحاث الاقتصادية في Creditreform ” اذ لا يوجد مورد يعرف ما إذا كان يمكنه التعامل مع شركة على أساس مستدام، لذا فهم يريدون أموالهم بأسرع ما يمكن”.

     وردت متحدثة باسم وزارة الاقتصاد على هذه الانتقادات بالقول إنه لا تزال هناك شركات تضررت بشدة من ازمة كورونا، كما انه، وكما كان الحال من قبل، يمكن فقط للشركات التي لديها انخفاض في مبيعاتها بسبب كورونا بنسبة 30 في المئة على الأقل، التقدم بطلب للحصول على مساعدة برنامج التجسير، كما يتم استبعاد الشركات التي كانت تواجه صعوبات بالفعل قبل الأزمة، وفقًا لتعريف الاتحاد الأوروبي.  ومع ذلك، يعتبر Hantzsch هذه المعايير غامضة للغاية، حيث ان العديد من المطاعم وتجار التجزئة سيكونون أفضل حالًا بمساعدة البرنامج مما كانوا عليه قبل الأزمة.  مشدداً على ان “مساعدات التجسير يجب أن تكون كافية لكن دقيقة جدا لتصل الى الشركات المحتاجة بالفعل للمساعدات”. سياسياً تلقت خطط وزير الاقتصاد التماير لتمديد برنامج مساعدات التجسير دعما من الحزب الليبرالي الديمقراطي FDP المعارض، حيث أكد المتحدث باسم السياسة الاقتصادية للحزب، Reinhard Houben انه “طالما أن الشركات تتأثر بالعواقب طويلة المدى لإغلاق كورونا، فإن المساعدة الحكومية المناسبة مطلوبة”.  كما اعتبر Houben بانه  “لو كانت الحكومة الاتحادية قد مددت بالفعل البرنامج حتى نهاية العام ، لكان بإمكان الشركات المعنية أن تتجنب حالة عدم اليقين في خطط اعمالها في الربع الرابع من العام”.

نقص المواد الخام والمنتجات الوسيطة يرفع أسعار السلع في السوق الألماني

     تشتكي ثلثا الشركات الصناعية في المانيا من نقص المواد الخام والمنتجات الوسيطة وارتفاع أسعار الشراء، ووفقا لآخر مسح أجراه معهد Ifo، ترى 64 في المئة من الشركات الصناعية أن الاختناقات في الإمدادات تمثل عقبات أمام إنتاجها. كما قال أكثر من 40 في المئة من تجار التجزئة انهم لم يستلموا كل الطلبات التي قدموها   وترجع إشكالية الاختناقات في تسليم البضائع والمواد الأولية والوسيطة اللازمة للإنتاج الى عدة أسباب، من أهمها  تراجع حجم الطلب على المواد الأولية خلال ازمة كورونا وبالتالي نقص المخزون لدى الشركات الألمانية، ومع عودة دورة الاقتصاد وبداية الانتعاش الاقتصادي ارتفع الطلب على هذه المواد، ليس فقط محليا، ولكن على مستوى العالم وتسابقت الشركات على تعزيز مخزونها من المواد الخام والمواد الوسيطة، ونتيجة ان الانتعاش الاقتصادي بدأ في اقتصاديات الولايات المتحدة الامريكية والصين مبكرا مقارنة ببداية انتعاش اقتصاديات أوروبا والاقتصاد الألماني، استحوذت الشركات الامريكية والصينية بالجزء الأكبر من هذه المواد.

      يضاف الى ذلك صعوبات الشحن البحري التي تواجهها التجارة العالمية والتي أدت الى ارتفاع تكلفة الحاوية الواحدة من متوسط الفين دولار الى ما يقرب من 16 ألف دولار. وترجع هذه الصعوبات والاختناقات في الشحن البحري الى عدة عوامل، منها تزاحم السفن قبالة الموانئ الامريكية وتأخرها في تفريغ حمولتها والناتج عن الطلب المتزايد للبضائع والمواد الأولية في السوق الأمريكي، كما تعمل الولايات المتحدة حاليًا مثل الثقب الأسود للحاويات، اذ يتم إرسال كميات كبيرة من البضائع إلى الولايات المتحدة، لكن الحاويات تبقى هناك لان الصادرات الامريكية اقل بكثير من حجم الواردات ولا أحد يريد إعادة الحاويات فارغة. بالإضافة الى ذلك ساهم في تراجع حجم الشحن البحري العالمي اغلاق الصين لبعض موانئها بسبب موجة جديدة من فيروس كورونا، حيث تم، على سبيل المثال، اغلاق ميناء Ningbo-Zhoushan مؤقتاً، والذي يعد ثاني أكبر ميناء للحاويات في الصين ورابع أكبر ميناء في العالم.

     هذه الاختناقات في تسليم المواد الوسيطة والمواد الخام بالإضافة الى تأخر الشحن البحري انعكست على المستهلكين في ألمانيا في شكل ارتفاع اسعار العديد من السلع والبضائع، بداية من أسعار الدراجات الهوائية والتي من المتوقع ارتفاع سعرها بنسبة تتراوح ما بين 10-15 في المئة، مرورا بالسيارات، والتي يعاني مصنعوها من نقص أساسي في رقائق الكمبيوتر واشباه الموصلات، والتي يتوقع ان يبلغ الارتفاع في أسعارها نحو 10 في المئة، وصولا الى المواد الأساسية التي تدخل في صناعة البناء والتي ارتفعت بنسب كبيرة، حيث ارتفعت أسعار اخشاب البناء بنسبة 38 في المئة وارتفعت أسعار حديد التسليح بنحو 46 في المئة كما وصل ارتفاع أسعار العوارض المستخدمة في السقوف الى نسبة 46 في المئة. هذا بالإضافة الى الاضرار والتكاليف الإضافية الناتجة عن التأخر في انجاز مشاريع البناء. كما ارتفعت أسعار العديد من المعادن، حيث وصل سعر الطن من معدن النحاس الى 9451 دولار في يوليو 2021م بالمقارنة بنحو 6372 دولار للطن الواحد في شهر يوليو من العام 2020م. كما ارتفعت أسعار خامات الحديد بنسبة تتجاوز 76 في المئة مقارنة بين سعرها في شهر ابريل 2021م ونفس الشهر من العام الماضي. كما ارتفعت أسعار المنتجات البترولية بنسبة 76.6 في المئة، وارتفع سعر الغاز الطبيعي بنسبة 57.6 في المئة. ولا يقتصر تأثير ارتفاع أسعار مواد الانتاج الوسيطة والمواد الخام الأخرى على ارتفاع أسعار عدد معين من السلع والبضائع، بل يعتقد الخبراء أن ارتفاع أسعار المواد الاولية سيزيد من الضغوط التضخمية، فوفقا لتقرير لمكتب الإحصاء الاتحادي، بلغ معدل التضخم في ألمانيا في شهر يوليو 2021م، 3,8 في المئة، وهو المعدل الأعلى منذ نحو 13 عاماً، وبالمقارنة بشهر يونيو وحده، ارتفعت أسعار المستهلك الألماني بنسبة 0.9 في المئة. وليس هناك نهاية تلوح في الأفق في الوقت الحالي، على العكس من ذلك، يتوقع رئيس البنك المركزي الألماني ينس ويدمان أن يصل معدل التضخم في نهاية العام الحالي الى مستوى 5 في المئة.

جهاز أوروبي لمكافحة التهرب الضريبي وغسل الأموال

      في طريق تعزيز العمل الأوروبي المشترك وتقوية التعاون في مختلف المجالات بين الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي بدأ مكتب المدعى العام الأوروبي (EPPO) عملة منذ الأول من يونيو 2021م. ويهدف هذا الجهاز الجديد الى مكافحة التهرب الضريبي والفساد وغسل الأموال داخل دول الاتحاد وذلك من خلال تمتعه بسلطات “عابرة للحدود”. وجهاز المدعي العام الأوروبي الجديد، والذي يتخذ من لكسمبورج مقرا له، كان قد اُقر قبل أربع سنوات من قبل 22 دولة عضو في الاتحاد، من بينها ألمانيا، بينما لم تشارك بعد دول الدنمارك، ايرلندا، بولندا، المجر والسويد. الا ان عدم المشاركة لا يعفي هذه الدول الخمس من مسؤوليتها في التعاون في حالة وجود تحقيق يقوم به المدعي العام الأوروبي، اعتمادا على نظام المساعدة القانونية المتبادلة والتعاون الموثوق في المجال القانوني بين أعضاء الاتحاد الأوروبي.

     ويأتي انشاء مكتب مدعي عام أوروبي موحد في ضوء حجم الخسائر المالية التي تتسبب بها جرائم الفساد وغسيل الأموال والاحتيال والتهرب الضريبي والتي تكلف دول الاتحاد حوالي 50 مليار يورو سنوياً. بالإضافة إلى الخسائر التي تتكبدها ميزانية الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر أيضاً من هذه الجرائم المالية، حيث وعلى سبيل المثال، بلغت خسائر ميزانية الاتحاد من جرائم الاحتيال المالي في العام 2019م نحو 461,4 مليون يورو.

     حتى الآن، كان الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى وسائل فعالة لملاحقة قضايا الاحتيال في السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي عبر الحدود، اذ على الرغم من وجود اجهزه قضائية متعددة تحقق في العديد من هذه الجرائم المالية مثل Europol (مكتب الشرطة الأوروبي، وهو هيئة شرطة تابعة للاتحاد الأوروبي ومقرها لاهاي بهولندا)، Eurojust ( وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون القضائي في المسائل الجنائية ، وهي سلطة قضائية تابعة للاتحاد الأوروبي ومقرها لاهاي)، والمكتب المركزي للتحقيقات في المعاملات المالية (FIU)، ومكتب مكافحة الاحتيال في الاتحاد الأوروبي(OLAF)، لكن الإشكالية الأساسية في عمل هذه المنظمات والأجهزة هي انها لا تتمتع بسلطات التحقيق الخاصة بها عبر الحدود مما يجبرها على  نقل القضايا المشتبه فيها بالاحتيال المالي او التهرب الضريبي او غيرها من الجرائم المالية إلى سلطات التحقيق الجنائي الوطنية.    وهنا يأتي انشاء مكتب المدعى العام الأوروبي ليحل هذه الإشكالية ويتولى التحقيق عن هذه الجرائم على مستوى دول الاتحاد، حيث يقوم EPPO بإجراء التحقيقات والملاحقات القضائية في جرائم الاحتيال التالية:

  • الأنشطة الاحتيالية المتعلقة بضريبة المبيعات المفروضة في دولتين أو أكثر من الدول الأعضاء مع خسارة إجمالية لا تقل عن 10 ملايين يورو
  • غسل الأموال للأصول الناتجة عن الاحتيال ضد ميزانية الاتحاد الأوروبي
  • الرشوة والفساد والاختلاس على حساب المصالح المالية للاتحاد الأوروبي
  • المشاركة في منظمة إجرامية تتركز أعمالها في المقام الأول على ارتكاب جرائم على حساب ميزانية الاتحاد الأوروبي.

وغيرها من الجرائم الجنائية الموجهة ضد المصالح المالية للاتحاد الأوروبي.

     وترأس مكتب المدعي العام الأوروبي خبيرة مكافحة الفساد لورا كوفيسي، والتي تحظى بسمعه عالية نتيجة عملها وترأسها لسلطات مكافحة الفساد في بلدها رومانيا، الى جانب نائبين لها، بالإضافة الى 22 محقق (او ما يسمى المدعون العامون المفوضون) بواقع ممثل عن كل دولة عضو في المكتب، والذين يقومون بإدارة جهاز المدعى العام الأوروبي من مقره في لوكسمبورج، كما يوجد 88 مدعي عام مفوض، يعملون حالياً في الدول الأعضاء، مع إمكانية ان يرتفع عددهم مستقبلاً الى 140 مدعي عام. ويقوم هؤلاء المدعون العامون بمباشرة التحقيق وإنجاز الاعمال اليومية والتواصل مع السلطات القانونية في الدول التي يعملون فيها، فعلى سبيل المثال، يوجد في ألمانيا 11 مدعى عام مفوض أوروبي يتوزعون على خمس مراكز في برلين، فرانكفورت، هامبورج، كولونيا وميونخ. ويعملون لصالح مكتب المدعى العام الأوروبي في لكسمبورج بشكل مستقل بالكامل عن السلطات المحلية.

     ويتوقع مكتب المدعى العام الأوروبي الجديد ان يتعامل مع ما يقرب من 3000 قضية سنوياً، وسيتم التحقيق في البلد العضو التي تمت فيها الجريمة، او الجزء الأساسي منها، على انه يمكن بالاتفاق ان يتم رفع الدعوى القضائية في بلد آخر، على ان المشتبه بهم او المتهمين يتمتعون بكل الحقوق التي تمنحها لهم القواعد القانونية وميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي.

التبادل التجاري العربي الألماني يناير – يونيو 2021م

     بلغ حجم التبادل التجاري العربي الألماني خلال الفترة من يناير إلى يونيو عام 2021م ما قيمته 19,2 مليار يورو، مسجلاً ارتفاعا بنسبة 10,59 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2020م، حيث ارتفعت قيمة الصادرات الألمانية الى الدول العربية خلال هذه الفترة بنسبة 3,46  في المئة لتصل قيمتها الى 13,7 مليار يورو، كنتيجة مباشرة لتراجع عدد الإصابات بعدوى فيروس كورونا وتخفيف إجراءات الاغلاق الاقتصادي وعودة التجارة العالمية الى النمو عقب التراجع الذي شهدته خلال العام الماضي. ولنفس الأسباب، الى جانب ارتفاع أسعار النفط العالمية، ارتفعت قيمة الواردات الألمانية من الدول العربية بنسبة 34,12 في المئة ووصلت قيمتها إلى 5,4 مليار يورو، وتصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة مستوردي السلع الألمانية بين الدول العربية (3285,41 مليون يورو)، تليها المملكة العربية السعودية (2757,85 مليون يورو)، فجمهورية مصر العربية (1891,91 مليون يورو)، في حين تصدّرت دولة ليبيا قائمة الدول العربية المصدّرة إلى ألمانيا (1185,36 مليون يورو).

 

التبادل التجاري بين ألمانيا والدول العربية يناير ـ يونيو 2021م مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020م (مليون يورو)

الواردات الألمانية

الصادرات الألمانية

البلد

يناير ـ يونيو 2021م

يناير ـ يونيو 2020م

التغيير%

يناير ـ يونيو 2021م

يناير ـ يونيو 2020م

التغيير%

الأردن

22,72

17,33

31,10

283,16

310,3

-8,75

الإمارات

446,99

379,37

17,82

3285,41

2875,41

14,26

البحرين

66,42

48,97

35,63

297,41

189,62

56,85

تونس

1009,76

757,04

33,38

712,69

572,33

24,52

الجزائر

284,67

311,68

-8,67

873,77

836,19

4,49

جيبوتي

0,97

0,62

56,45

14,93

8,41

77,53

السعودية

408,74

467,39

-12,55

2757,85

3078,75

-10,42

السودان

7,02

7,91

-11,25

56,08

105,74

-46,96

سوريا

9,02

7,98

13,03

21,5

30,46

-29,42

الصومال

2,15

0,96

123,96

10,77

16,91

-36,31

العراق

302,97

58,32

419,50

433,87

418,75

3,61

عمان

9,54

14,05

-32,10

269,28

397,75

-32,30

فلسطين

3,96

2,01

97,01

47,1

38,84

21,27

قطر

163,9

126,37

29,70

581,58

560,3

3,80

جزر القمر

1,56

3,4

-54,12

0,4

0,54

-25,93

الكويت

11,09

13,2

-15,98

543,83

496,83

9,46

لبنان

19,41

24,95

-22,20

321,73

169,33

90,00

ليبيا

1185,36

531,05

123,21

209,83

191,78

9,41

مصر

532,68

516,61

3,11

1891,91

2053,72

-7,88

المغرب

821,66

710,16

15,70

1099,6

897,02

22,58

موريتانيا

63,8

37,19

71,55

30,27

34,69

-12,74

اليمن

42,6

2,42

1660,33

46,8

45,3

3,31

المجموع

5416,99

4038,98

34,12

13789,77

13328,97

3,46

       المصدر: مركز الإحصاء الاتحادي، فيزبادن