تعد ولاية ساكسونيا الواقعة شرق ألمانيا على الحدود مع بولندا وجمهورية التشيك سادس أكبر ولاية ألمانية من حيث المساحة حيث تبلغ مساحتها حوالي 18400 كيلومتر مربع ويبلغ عدد سكانها حوالي أربعة ملايين نسمة من اجمالي سكان المانيا البالغين 83 مليون نسمة وبذلك تعد سابع أكبر ولاية في عدد السكان بين الولايات الألمانية. تمثل الولاية أيضا واحدا من اهم المواقع الثقافية في المانيا سواء من ناحية المباني والقصور التاريخية الى جانب المسارح والمتاحف بالإضافة الى المناظر الطبيعية الفريدة والتي تم تصنيف عدد منها كمواقع للتراث الثقافي العالمي. ولهذا تعد الولاية أحد مراكز الجذب السياحي في المانيا حيث يزورها سنويا ما يقرب من 8 ملايين سائح. وتحتوي الولاية على عدد من اهم المدن في المانيا منها مدينة درسدن عاصمة الولاية بعدد سكان يفوق النصف مليون نسمة وبالعديد من المعالم والقصور التاريخية، وكذلك مدينة لايبزج احد اهم المراكز الثقافية في المانيا والتي تحتوي على واحد من اهم واشهر الجامعات الألمانية.
علاوة على الجانب الثقافي للولاية تصنف ساكسونيا بانها أحد المراكز الصناعية الهامة وخاصة في صناعة السيارات وصناعة أشباه الموصلات وصناعة المعدات وآلات الاستثمارية. وتدعم حكومة الولاية بشكل خاص صناعة الالكترونيات الدقيقة حيث تعد الولاية أكبر موقع لصناعة الإلكترونيات الدقيقة في أوروبا. كذلك تتمتع الولاية بالعديد من الثروات الطبيعية، حيث تقع واحدة من أكبر مناطق تعدين الفحم البني في ألمانيا في ولاية ساكسونيا. وانطلاقا من كل هذه العوامل تعد ولاية ساكسونيا أحد مراكز الجذب للشركات عامة والشركات الناشئة خاصة لإقامة الاعمال.
اقتصاد ساكسونيا
تمتلك ولاية ساكسونيا تاريخا عريقا باعتبارها موقع صناعي وتكنولوجي وهي تعد في الوقت الحاضر واحدة من أكثر الولايات الفيدرالية ديناميكية ولديها أعلى كثافة وظيفية في ولايات شرق ألمانيا. وفي جانب النمو الاقتصادي للولاية فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي لولاية ساكسونيا خلال العشرين عاما الممتدة من عام 2000م وحتى العام 2020م نمو بواقع 31.5 في المئة مما يجعلها ثالث ولاية من ناحية النمو على الصعيد الوطني. وقد ساهمت صناعة السيارات وصناعة أشباه الموصلات بشكل خاص في هذا التطور الإيجابي. وقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي لولاية ساكسونيا في العام 2021م، حوالي 134.51 مليار يورو. بعد ان كان الناتج المحلي في الولاية قد شهد تراجعا في العام 2020م نتيجة لأثار جائحة كورونا. فوفقًا لتقديرات معهد جامعة ميونخ للأبحاث الاقتصادية Ifo، انخفض الناتج الاقتصادي في ساكسونيا بنسبة 5 في المئة خلال عام كورونا الا ان الناتج المحلي للولاية استعاد جزءً كبيرا من النمو خلال العام 2021م والذي حقق فيه اقتصاد الولاية نموا بنسبة 4.1 في المئة. وبهذا الناتج المحلي تحتل ولاية ساكسونيا المرتبة الثامنة في قائمة اعلى ناتج محلي اجمالي للولايات الألمانية بعد ولايات شمال الراين وستفاليا، بافاريا، بادن فورتيمبيرج، ساكسونيا السفلى، هيسن، برلين وولاية راين لاند فلاتز.
في جانب الصادرات، بلغت قيمة صادرات الشركات العاملة في ولاية ساكسونيا في العام 2021م، حوالي 44.8 مليار يورو، وهذا يعني زيادة بنسبة 21 في المئة مقارنة بالعام السابق، والذي كانت فيه الصادرات أقل بسبب ازمة كورونا، وقد تجاوزت قيمة الصادرات في العام 2021م، الرقم القياسي لصادرات الولاية الذي تم تحقيقه في العام 2017م، بنسبة 9 في المئة. وقد تمكنت الشركات من مختلف القطاعات الاقتصادية من بيع المزيد من المنتجات في الخارج في عام 2021م مقارنة بالعام السابق. وكان لزيادة صادرات السيارات والتي بلغت نسبة 27 في المئة الأثر الأكبر في نمو صادرات الولاية، لكن المنتجات الكهربائية والتي زادت صادراتها بنسبة 20 في المئة بالإضافة الى المعدات والآلات التي ارتفعت صادراتها بنسبة 14 في المئة في العام 2021م، سبباً في تحقيق رقم قياسي في قيمة السلع والبضائع التي صدرتها الولاية.
كانت الزيادة السنوية في الصادرات الى بقية دول القارة الأوروبية في العام 2021م، أعلى من المتوسط حيث حققت زيادة بنسبة 24 في المئة. وعلى الرغم من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن شحنات البضائع بقيمة 2.74 مليار يورو إلى المملكة المتحدة مثلت أعلى مستوياتها على الإطلاق وزيادة بنسبة الثلث مقارنة بالعام السابق، ومثلت السيارات نسبة 73 في المئة من صادرات الولاية الى المملكة المتحدة. كما وصلت عمليات التسليم إلى الولايات المتحدة إلى قيمة قياسية جديدة بلغت 4.14 مليار يورو (بزيادة قدرها 36 في المئة مقارنة بالعام السابق). بالإضافة إلى سيارات الركاب والمنازل المتنقلة، مثلت أجهزة توليد وتوزيع الكهرباء نسبة مهمة من الصادرات الى الولايات المتحدة. وتعد الصين أهم شريك تصدير لولاية ساكسونيا في جميع أنحاء العالم، حيث بلغت قيمة السلع والبضائع التي صدرتها الشركات العاملة في الولاية الى الصين أكثر من 7.9 مليار يورو (بزيادة بنسبة 14 في المئة)، وكانت أهم الصادرات السيارات بحصة 60 في المئة، وكذلك معدات تقنيات الكهرباء (بنسبة 15 في المئة).
سوق العمل في ساكسونيا
بلغ معدل البطالة في ساكسونيا في فبراير 2023م، نحو 6.3 في المئة. وهو اعلى من معدل البطالة لإجمالي ألمانيا في نفس الشهر والذي بلغ 5.7 في المئة. وان كانت هذه النسبة مفهومة حيث ما يزال معدل البطالة بين ولايات شرق المانيا وغربها مختلفا بسبب اختلاف قوة الاقتصاد. وقد بلغ عدد العاملين في ولاية ساكسونيا سواء كانوا موظفين او عاملين لحسابهم في العام 2021م، نحو مليوني شخص (2.054 مليون). وفي المؤشرات الأخرى المتعلقة بالبطالة في الولاية بلغ عدد العاطلين عن العمل دون سن 25 عاما 6.1 بالمئة في عام 2020م. وهذا يعني أن بطالة الشباب قد انخفضت بنحو 75 في المئة على مدى السنوات العشر الماضية. كما استمرت البطالة في الانخفاض في الفئة العمرية 55 سنة فما فوق. حيث سجلت في العام 2020م، نسبة 7.3 في المئة، وبالتالي 0.6 نقطة مئوية أقل من قيمة العام 2019م.
اما في جانب توظيف النساء، وبالمقارنة مع الولايات الفيدرالية الأخرى كان معدل توظيف النساء في ساكسونيا هو الأعلى بنسبة 64.6 في المئة من جميع النساء في سن العمل. بينما يبلغ متوسط توظيف النساء في جميع أنحاء ألمانيا نسبة 56.5 في المئة. وبذلك تكون نسبة الموظفات في الولاية أعلى بقليل من نسبة الذكور البالغة 64.4 في المئة.
كذلك تتميز المرأة في الولاية بممارستها لدور قيادي بارز في الإدارة وفي تولي المناصب العليا في الشركات الخاصة والمؤسسات الرسمية، فكل شركة ثالثة في ساكسونيا تديرها امرأة. وتحتل المرأة المرتبة الأولى في مجال الإدارة والعمل في قطاعات الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليم والتدريس وكذلك في تجارة التجزئة. وبشكل عام في ولاية ساكسونيا، تبلغ نسبة النساء التي تتولي مناصب إدارية قيادية 31 في المئة، اما في مستوى الصف الثاني من المناصب الإدارية فتشكل النساء في الولاية نسبة 45 في المئة. وتعد هذه النسبة أعلى مما هو عليه في ولايات غرب ألمانيا، حيث 25 في المئة فقط من النساء في مستوى الإدارة العليا و39 في المئة في المستوى الثاني.
التعليم والبحث العلمي في ساكسونيا
يمثل التعليم العالي والبحث العلمي أحد الاشتراطات الأساسية التي يتم من خلالها تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتطوير الاقتصاد وتنويعة وبالتالي المحافظة على القدرة التنافسية للاقتصاد. وفي ولاية ساكسونيا والتي تمتلك قاعدة صناعية متميزة وتمثل أحد اهم المواقع في المانيا لصناعة السيارات والصناعات الإلكترونية الدقيقة، فان التعليم والبحث العلمي يشكل أهمية متزايدة ويحظى بدعم كبير من حكومة الولاية.
التعليم في ساكسونيا
توجد أربع جامعات رئيسية في ولاية ساكسونيا، ثلاث منها جامعات تقنية. تقع في كيمنتس ودريسدن وفرايبيرغ ولايبزيج. بالإضافة الى خمس كليات عليا للتقنية وخمس كليات عليا للفنون. وقد بلغ عدد الطلاب المسجلين في هذه الجامعات خلال الفصل الدراسي الشتوي 2021/2022م نحو 105 ألف طالب وطالبة تقريباً. وبلغ عدد الخريجين من الجامعات المختلفة في الولاية في العام 2021م، نحو 21 ألف طالب وطالبة. وتبلغ في المتوسط نسبة الطلاب في تخصصات الهندسة والرياضيات / العلوم الطبيعية نحو 45 في المئة من مجموع الطلاب. ويأتي ما يقرب من خمس الطلاب إلى ساكسونيا من الخارج.
ونتيجة التركيز على العلوم التقنية وعلى تخصصات MINT (مصطلح MINT يدل على الاحرف الأولى من تخصصات الرياضيات، علوم الكمبيوتر، العلوم الطبيعية، التكنولوجيا) في الجامعات في ساكسونيا فانة ومن بين جميع الولايات الفيدرالية، يوجد في ساكسونيا أعلى تركيز للمهندسين، حيث يوجد 54.1 مهندسًا لكل 1000 موظف.
وفقًا لخطة تطوير الجامعات للأعوام من 2017 إلى 2024م، تمتلك 14 جامعة حكومية ما يزيد قليلاً عن 9000 وظيفة دائمة متاحة كل عام. وفقًا للخطة تحول ولاية ساكسونيا حوالي 600 مليون يورو سنويًا لتغطية تكاليف الموظفين إلى الجامعات. بالإضافة إلى ذلك، يتدفق أكثر من 72 مليون يورو سنويًا لتغطية تكاليف المواد التعليمية والاستثمارات. اما في مجال تطوير البنية التحتية الجامعات بما في ذلك المباني والمعامل والمراكز، استثمرت ولاية ساكسونيا 235 مليون يورو في عامي 2021 و2022م.
البحث العلمي في ولاية ساكسونيا
بلغ عدد الباحثين العاملين في ولاية ساكسونيا نحو 32 ألف باحث ومطور يعمل أكثر من نصفهم في مجال العلوم والتكنولوجيا. وقد احتلت ساكسونيا المرتبة الثانية في العام 2019م، بالنسبة لعدد تسجيل براءات الاختراعات مقارنة بالولايات الفيدرالية الأخرى حيث تم تسجيل 11.9 في المئة من براءات الاختراع في المانيا في الولاية ولم تتفوق على ولاية ساكسونيا في هذا الجانب الا ولاية سارلاند. وقد تطور الإنفاق على البحث والتطوير بشكل إيجابي في الولاية بشكل مستمر في السنوات الأخيرة. بلغت حصة إنفاق ساكسونيا على البحث والتطوير من الناتج المحلي الإجمالي 2.89 في المئة في عام 2018م، وبالتالي أعلى بكثير من متوسط ولايات ألمانيا الشرقية. اما في ألمانيا ككل، فقد كانت النسبة 3.13 في المئة.