بالرغم من استمرار الأزمة الحكومية في ألمانيا بعد مرور شهرين ونصف الشهر على الانتخابات النيابية، ومحذور اجراء انتخابات جديدة في حال فشل المسعى الجاري حالياً بين حزبي الاتئلاف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي للخروج من المأزق، اجمعت مختلف مؤسسات البحوث والقطاعات الاقتصادية في ألمانيا على أن عجلة الاقتصاد الألمانية مستمرة في النمو والتطور بصورة غير معهودة، خاصة وأن لا مؤشرات في الافق تشير إلى أن النمو يسير في طريق الانحدار أو حتى التباطؤ. ويكفي الإطلاع على بيانات معاهد البحوث الألمانية والأجنبية وتقارير البنوك المركزية حتى يتأكد المرء من أن غالبية اقتصادات دول العالم أيضاً لا تعاني من أية أزمة اقتصادية أو مالية لا يمكن التغلب عليها أو محاصرتها.
وأفاد البنك المركزي الألماني في تقرير أخير له أن ألمانيا تسجل حالياً أدنى بطالة في تاريخها، وأفضل طلب على صناعتها، وأعلى حجم استهلاك في بلدها، متوقعاً أن يسجل الاقتصاد نمواً قوياً في الربع الأخير من السنة 2017 الجارية بعد أن سجل الربع الثالث نمواً من 0,8 في المئة. وبعد أن لاحظ التقرير أن القطاع الصناعي لا يزال أكبر مساعد على تحقيق جزء كبير من النمو، إشار إلى أن ارتفاع العمالة وانخفاض البطالة التاريخيين في البلاد يؤمنان للعاملين امكانات مالية كبيرة للمزيد من الاستهلاك في السوق الداخلية، ما يدفع النمو بدوره إلى الأعلى. وحذر البنك المركزي الألماني فقط من محاذير النقص في اليد العاملة المطلوبة من الشركات التي تمتنع لهذا السبب عن المزيد من الاستثمار للتوسع في أعمالها.
ووصف رئيس معهد البحوث الاقتصادية Ifo في ألمانيا Clemens Fuest ” أجواء أصحاب ومديري المصانع والشركات (السبعة آلاف التي يستفتيها المعهد شهرياً) ب “الممتازة”، قائلاً إن الاقتصاد الألماني يتجه نحو نمو مستدام”. وعكس مؤشر الأجواء ذلك بعد ارتفاعه في شهر نوفمبر الفائت مقارنة مع اكتوبر من 116,8 إلى 117,5 نقطة، وارتفاع مؤشر التوقعات من 109,2 إلى 111 نقطة. فقط مؤشر وضع الأعمال الحالي انخفض بصورة طفيفة من 124,8 إلى 124,4، وبقي على مستوى عالٍ. ولهذا السبب رفع المعهد توقعه لمعدل النمو في العام 2017 من 1,9 إلى 2,3 في المئة، مشيراً إلى أنه يتوقع تسجيل نفس المعدل تقريباً في السنة المقبلة 2018.
ورفعت المفوضية الأوروبية في تقريرها الصادر الشهر الفائت تقديراتها للنمو المتوقع في دول الاتحاد الأوروبي، وقالت إنها تنتظر لهذه السنة نمواً وسطياً من 2,2 في المئة بعدما كانت تتوقع 1,7 في المئة في الربيع المنصرم، وهو سيكون الأعلى منذ 10 سنين، كما رفعت توقعها للسنة المقبلة من 1,8 إلى 2,1 في المئة، وتوقعت لسنة 2019 نمواً من 1,9 في المئة. وقال نائب رئيس المفوضية Valdis Dombrovskis إن الاقتصاد والعمالة يتطوران في أوروبا بصورة جيدة عموماً، وكذلك الاستثمارات، وتتراجع الديون الداخلية والخارجية بصورة مستمرة. لكن المسؤول الأوروبي نبّه إلى أن الفروقات بين دول الاتحاد لا تزال كبيرة، خاصة في ما يتعلق بسوقي العمل والبطالة، “الأمر الذي يسبب البطء الشديد الحاصل في ارتفاع الأجور” على حد تعبيره. وفي ما يخص دول أوروبا الشرقية الإعضاء في الإتحاد الأوروبي المتأخرة اقتصادياً نوعاً ما، فتشير المصادر المعنية إلى أن النمو فيها سيتجاوز الخمسة في المئة هذه السنة كما في بولندا وتشيخيا. أما في رومانيا فسيبلغ معدل النمو 8,6 في المئة. ويشير خبراء اقتصاد مثل كبير خبراء “البنك الألماني” Ulrich Stephanإلى أن رفع الأجوِر أخيرا حرّك الاستهلاك في هذه الدول ودفع نمو الاقتصاد إلى الأعلى في ظل جمود في التضخم.
وإلى نفس الاستنتاجات وصلت المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي OECD في تقريرها الأخير الذي توقعت فيه نمواّ للاقتصاد الألماني بمعدل 2,2 في المئة لهذه السنة و 2,3 في المئة للعام المقبل و1,9 في المئة للعام 2019. كما توقع صندوق النقد الدولي IWF في تقرير له نمواً مستداماً في أوروبا سينعكس إيجاباً على نموالاقتصاد العالمي، غير أن التقرير حذر من تبعات التفاوت الموجود في سوقي العمالة والبطالة، وفي الأجور في الدول الأوروبية، على المديين المتوسط والبعيد. وأعرب التقرير عن القلق من تبعات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
البطالة في ألمانيا تسجل أدنى مستوى لها منذ عام الوحدة 1990
انخفض معدل البطالة في ألمانيا في شهر نوفمبر المنصرم إلى أدنى مستوى له منذ عام الوحدة 1990 مسجلاً معدل 5,3 في المئة. وقالت وكالة العمل الاتحادية BA في مؤتمرها الصحافي الشهري إن عدد العاطلين عن العمل بلغ في نهاية الشهر المذكور 2,368 مليون شخص وانخفض بمقدار 20 ألف شخص عن شهر أكتوبر الذي سبقه، وبمقدار 164 ألفاً عن الشهر ذاته من السنة الفائتة. وفي الوقت ذاته ارتفع عدد العاملين المشتركين في الصناديق الاجتماعية، وكذلك طلب الشركات على الأيدي العاملة، بخاصة الكفوءة منها. وقالت الوكالة إن عدد أمكنة العمل الشاغرة في الشركات الألمانية بلغ الشهر الماضي 772 ألف مكان، بزيادة 91 ألفاً عن الفترة ذاتها من عام 2016.
وأشارت الوكالة إلى وجود نحو 3,4 مليون ألماني تقريباً في وضع “لا عمل ولا بطالة” يتلقون دورات تدريب وتعليم إضافية لتحسين امكاناتهم ومهاراتهم العلمية والتقنية والمهنية، ويتلقون في الوقت ذاته إعانات مالية تمهيداً لعودتهم إلى سوق العمل من جديد بامكانات وأجورأفضل من السابق في الاجمال. كما أن قسماً منهم يتوقف عن العمل لأسباب مرضية إلى حين اتمام معالجته الطبية. وذكرت الوكالة أن عدد هؤلاء انخفض بمقدار 14890 شخصاً عن السنة الماضية، وبمقدار 21 ألفاً عن شهر أكتوبر المنصرم، مضيفة أن سبب الانخفاض هو الازدهار الاقصادي الحاصل في البلاد من سنوات عدة وتزايد قدرة الشركات الألمانية على استيعاب المزيد من الأيدي العاملة.
ويعاني سوق العمل الألماني من ندرة في التخصص المهني، إذ أظهر استطلاع حول تطلعات العمل لتلامذة المدارس خلال العام الجاري طال 20 الف تلميذ وتلميذة أن ربع هؤلاء يتمنّى الحصول على عمل أو وظيفة ما في القطاع العام. وللمرة الأولى يتبيّن أن عدد هؤلاء يزيد بوضوح عن عدد من يريد العمل في صناعة السيارات الذي حلّ في المرتبة الثانية، فيما جاء قطاع الشرطة والجيش في الدرجة الثالثة. وفي استطلاع آخر أجراه Institut für Arbeitsmarkt-und Berurfsforschung ظهر أن عدد الأكاديميين العاطلين عن العمل اليوم هو الأقل منذ أربعين عاماً، كما تحسنت فرص العمل للمهنيين عن السابق، وسجلت البطالة بينهم معدل 4,2 في المئة فقط في أواخر عام 2016م مقابل 4,7 في المئة عام 2015م. أما من لا يملك شهادة دراسة مهنية فكانت حظوظ 19,1 في المئة منهم ضئيلة في الحصول على عمل، إلا أن وضعهم تغيّر اليوم بفعل الازدهار الحاصل والطلب المتزايد على الأيدي العاملة. ولا يزال التحول إلى الرقمية Digital أحد المصاعب التي تعاني منها الشركات الألمانية بسبب وجود رغبة ضئيلة لدى التلامذة لاختيار هذا الميدان العلمي، دون أن يعني ذلك أن التلامذة غير قادرين على التعامل مع الاجهزة الرقمية، ألا أنهم لا يميلون إلى التخصص في هذا الميدان.
2018: رفع التقاعد وإعانة الأطفال وخفض اشتراك الصندوق
قبل انتهاء الفترة القانونية لحكومة الائتلاف المسيحي الاشتراكي أقر الوزراء جملة من القرارات التي ستنفذ ابتداء من مطلع العام 2018 وتتعلق برفع معاش التقاعد، وزيادة إعانة الأطفال، وخفض اشتراك العمال والمستخدمين في صندوق التقاعد، إضافة إلى قرارات أخرى تفصيلها كما يلي:
- ينخفض الاشتراك الشهري في صندوق التقاعد بنسبة 0,1 في المئة من أصل المعاش، ويتراجع معدل الاشتراك من 18,7 إلى 18,6 في المئة. من جهة اخرى سيحصل المتقاعدون الـ 21 مليوناً في ألمانيا على زيادة في معاشهم التقاعدي بمقدار 3 في المئة تقريباً.
وقال رئيس الصندوق Alexander Gunke إن السبب الداعي لزيادة معاشات التقاعد هو الانتعاش الاقتصادي الحاصل، وزيادة أعداد العاملين في البلاد. وأضاف أن معاشات التقاعد ارتفعت في شهر يوليو من هذه السنة بمعدل 1,9 في المئة في غرب ألمانيا و3,59 في المئة في شرقها. - قررت الحكومة الألمانية رفع مقدار الإعانة المالية التي تقدمها إلى أطفال العائلات 2 يورو لكل طفل، من هنا يحصل أول طفل وثاني طفل على 194 يورو شهرياً.
- يرتفع التعويض المالي الشهري الذي يقبضه كل من يدخل في تصنيف “هارتس 4” (العمال الذين بقوا فترة طويلة عاطلين عن العمل ثم أصبحوا في سن التقاعد) من 409 إلى 416 يورو للفرد، ومن 368 إلى 374 يورو للزوجين.
- تسهيل عملية الاعلان عن الأرباح لدى مديرية الضرائب وجعلها غير معقدة للذين يعجزون عن دفع كلفة مستشار ضريبي، والاكتفاء بتقديم أرقام الأرباح المحققة في سنة، وتقديم الأدلة الثبوتية فقط في حال طلبت المديرية ذلك.
- ابتداء من 13 شهر يناير المقبل تبدأ على المستوى الأوروبي تدابير مالية موحدة. فزبائن المصارف سيصبحون مسؤولين عن أية أضرار مادية أو مالية تتعلق بها، أو بالتحويلات البنكية، أو بالبطاقات الممغنطة، أو بـ “الاونلاين بانكينغ” بمقدار لا يتجاوز الـ 50 يورو. وسيكون من غير المسموح للوسطاء والتجار المطالبة بدفع أية كلفة كانت على خدمات للزبائن تتمّ عبر الانترنت اوبطاقات الدفع. وابتداء من أول شهر نوفمبر 2018 سيصبح ممكناّ اجراء تحويلات تصل فوراً الى المتلقي داخل منطقة دول اليورو.
- في ما يخص خدمات Streamingمثل Netflix, Amazon, iTunes oder Sky Go المدفوعة سيزال المنع عن الدخول إلى الإفلام والموسيقى وافلام الفيديو وسيصبح استخدامها ابتداء من 20 مارس المقبل في الاتحاد الأوروبي وخارجه أيضاً دون دفع كلفة إضافية لمسيّريها.
- في نهاية السنة الحالية سيوقف البنك المركزي الأوروبي نهائيا طبع ورقة الـ 500 يورو بعد أن كان قد اتخذ القرار خلال العام 2016، لكن قيمة الورقة المتداولة في الأسواق المالية ستبقى بالطبع.
- من يخطط لشراء سيارة جديدة العام المقبل عليه فعل ذلك قبل الأول من شهر سبتمبر المقبل بحسب نصيحة “مؤسسة المستهلكين في ولاية رينانيا ووستفاليا”. والسبب أن ضريبة المحرك سترتفع على الأرجح تبعاً لحجم انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون منه، والذي سيحدده امتحان WLTP. وسيكون على السيارات الجديدة وضع جهاز eCall-System فيها ابتداء من 31 مارس المقبل. ومهمة الجهاز هذا ارسال استغاثة بصورة آلية عند وقوع حادث سير.
- سيكون من حق مديري مكاتب السفر ابتداء من يوليو المقبل وحتى 20 يوماً من موعد السفر زيادة السعر المتفق عليه بنسبة تصل إلى 8 في المئة بدلاً من خمسة في المئة في حال رفع ضريبة المطار. وفي حال حصول نواقص في الرحلة عما متفق عليه سيحصل المسافرون على فترة سنتين لملاحقة هذه المسألة قضائياً بدلاً من شهر واحد. وابتداء من شهر مايو القادم يحق لمكتب مكافحة الجرائم الألماني تخزين أسماء المسافرين وأرقام مقاعدهم ورقم بطاقة السفر وعنوان الإقامة لمدة خمس سنوات لكل من يسافر إلى الخارج.
- يحصل الراغبون في البناء على حقوق أكبر بينها حصولهم ابتداء من شهر يناير 2018 على عروض وبيانات مفصّلة حول خطوات البناء وتاريخ التسليم لتكوين صورة واضحة تكون مرجعاً للمحاكم في حال حصول خلافات بين الطرفين.
أوروبا تواجه محاذير أميركية وتُصْدر”لائحة سوداء” بحق دول
عقب اتصالات جرت أخيراً بين حكومتي برلين وباريس قرر البلدان تنسيق موقفيهما مع زملائهما الأوروبيين لمواجهة برنامج الإصلاح المالي والضريبي الذي أعلنه أخيراً الرئيس الأميركي Donald Trump، ويرى فيه خبراء المال التفافاً على مصالح السوق المالية والتجارية الأوروبية. وقال وزير المال الألماني بالوكالة، وزير المستشارية Peter Altmaier بعد اجتماع أخير في بروكسيل لوزراء مال الاتحاد الأوروبي: “علينا بحث برنامج الاصلاح الأميركي بدقة، وفحص الاقتراحات المقدّمة للتأكد من مدى تغييرها لشروط المنافسة الضريبية بين الدول، وإيضاح مسألة وجود سبب للقلق أم لا”. وعكس الوزير الألماني ألتماير قلق الاقتصاديين الألمان الذين انتقدوا بشدة إصلاح ترامب الضريبي. وتتخوف اتحادات الصناعيين الألمان من تعرض الشركات الأوروبية إلى اجحاف كبير في هذا المجال. ومعروف أن اصلاحات ترامب تخفض الضرائب على الشركات المالية وكبار الاغنياء الأميركيين من 35 إلى 20 في المئة فيما تبلغ ضريبة الربح على الشركات في ألمانيا 30 في المئة.
إلى ذلك أصدر الاتحاد الأوروبي مطلع شهر ديسمبر الجاري “لائحة سوداء” تُعدِّد الدول التي تعمل كملاذات ضريبية للأموال المهربة من بلدانها الأصلية لتفادي دفع الضريبة. وتجدر الإشارة إلى أن اللائحة السوداء لا تحمل اسم الولايات المتحدة ولا اسم أية دولة عضوة في الاتحاد الأوروبي، وتشمل أسماء 17 دولة، وصدرت إثر مفاوضات شاقة استمرت نحو سنة. وكان الاتحاد الأوروبي كثّف جهوده خلال السنوات الماضية لمكافحة التهرب الضريبي، في وقت تفجرت فيه فضيحة تهرب ضريبي دولي جديد باسم “وثائق الفردوس” الشهر الماضي ألقت الضوء على الأساليب التي تستخدمها الشركات والأثرياء لتجنّب دفع التزاماتهم الضريبية.
إضافة إلى ذلك أصدر الاتحاد الأوروبي “لائحة رمادية” أيضاً تضم 47 دولة لم ينشر بعد كامل أسمائها، لكونها تعهدت بتعديل قوانينها الضريبية لتتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي، وإلا فانه سيحيلها إلى اللائحة السوداء. ومن هذه الدول التي تم نشر أسمائها سويسرا، ليشتنشتاين، تركيا، وجزر مان. وقال مفوض الشؤون الاقتصادية الأوروبي Pierre Moskowitshi إن إصدار القائمة السوداء “يمثل تقدماً كبيراً في مكافحة التهرب الضريبي في العالم”، لكنه استدرك بالقول: “بما أنها أول قائمة تصدر عن الاتحاد الأوروبي فانها تمثل رداً غير كافٍ بعد على حجم التهرب الضريبي في مختلف أنحاء العالم”. وشدّد هنا “على فرض عقوبات رادعة على الدول التي ترفض التعاون” فيما تمّ تجميد مساعدات الاتحاد الأوروبي للدول المدرجة على القائمة السوداء. أما بالنسبة إلى “اللائحة الرمادية” التي وُضعت للدول التي طلبت مهلاً زمنية مختلفة لترتيب التزاماتها المطلوبة منها فان آخر هذه المهل ينتهي عام 2019.
وانتقد المتحدث باسم حزب الخضر الألماني Sven Giegold عدم وجود اسم الولايات المتحدة أو أي دولة أوروبيةعلى “اللائحة السوداء” لافتاً إلى أن ولايات أميركية، مثل نيفادا وديلوير، معروفة منذ زمن بعيد بأنها واحات للتهرب من الضرائب. وتابع أن دولاً أوروبية مثل هولندا، وإيرلندا، ومالطا، واللكسمبورغ، وبريطانيا وقبرص تمارس نفس الدور وتلجأ إلى استخدام الفيتو لمنع اتخاذ أي قرار ضدها. وفيما استنكر النائب الأوروبي عن الحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا Markus Ferber نشر أسماء دول نامية فقط في اللائحة السوداء دون دول أوروبية، انتقد النائب الألماني عن حزب اليسار Fabio de Masi عدم تحديد العقوبات التي ستتطال الدول التي تخفي أموالاً مهربة.
“بريكست”: بريطانيا والاتحاد الأوروبي يحققان تقدماً أولياً
بعد اجتماعت عقيمة على مدار نصف عام كادت أن تدفع بالاتحاد الأوروبي في مطلع ديسمبر الجاري إلى إعلان فشل محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانهاء المفاوضات معها، توصلت المفوضية الأوروبية وبريطانيا في الثامن من الشهر الحالي إلى اتفاق يتناول النقاط الرئيسة لخطة مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي. وقال ممثلو المفوضية الأوروبية إن بريطانيا “حققت تقدما كافياً” فى الجوانب الثلاثة الرئيسة تسمح لها بترك الاتحاد الأوروبي بصورة منظّمة ومتفق عليها.
توقعت المفوضية الأوروبية أن يسمح التطور الأيجابي الأول بدء المرحلة الثانية من المفاوضات، ما جعل رئيسة الوزراء البريطانية Theresa May تتوجه إلى بروكسل للإعلان رسمياً عن الاتفاق مع رئيس المفوضية Jean- Claude Juncker. وستحال الآن توصية المفوضية عن “تحقيق قدر كاف من التقدم” إلى قمة زعماء الاتحاد الأوروبي التي ستجري أواسط الشهر الجاري. وفيما توقعت ماي الموافقة على اتفاق رسمي خلال القمة قال يونكر: “أكدت لي رئيسة الوزراء ماي أن الاتفاق يحظى بدعم الحكومة البريطانية، وعلى هذا الأساس أعتقد أننا حققنا الآن الانفراجة التي نحتاجها، ونتيجة اليوم تمثّل حلاً وسطاً بالطبع”. وأعلنت المفوضية الأوروبية على الأثر أنها “جاهزة لبدء العمل فوراً في محادثات المرحلة الثانية التي تغطي التجارة وتحديد العلاقات الطويلة الأجل مع الاتحاد الأوروبي”.
ويشمل الاتفاق الأولي ضمان حقوق نحو 2,5 ملاييين أوروبي يعملون في المملكة المتحدة، وأكثر من مليون بريطاني يعملون في دول الاتحاد، وتحديد وضع الحدود الفاصلة بين شطري إرلندا، و”فاتورة الطلاق” التي ستسددها بريطانيا إلى الخزانة الأوروبية، وفق الالتزامات التي اقرتها في البرامج الأوروبية الجارية. وذكرت مصادر أوروبية أن الفاتورة تقدّر بـ 55 بليون يورو، فيما تحدث ناطق باسم ماي عن “تسوية عادلة” تراوح بين 35 و39 بليون جنيه إسترليني. وأكدت ماي أن الجزء الأهم من الاتفاق “هو أننا نضمن بألا تعود نقاط التفتيش إلى الحدود بين إرلندا الشمالية الخاضعة للحكم البريطاني وجمهورية إرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي”. ورحّب رئيس الوزراء الإرلندي Leo Varadkar بالاتفاق، معتبراً أن دبلن “حصلت من المملكة المتحدة على الضمانات التي تريدها”. أما حملة مؤيدي “بركزيت” فوصفت الاتفاق الأولي بأنه ” اذلال واستسلام تام” أمام بروكسيل.
وتحريك المحادثات إلى المرحلة الانتقالية بعد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي أمر حاسم بالنسبة لمستقبل ماي في رئاسة الوزراء، وكذلك الإبقاء على تدفق التجارة بين أكبر تكتل تجاري في العالم وسادس أكبر اقتصاد وطني حين تخرج بريطانيا منه في 30 مارس آذار 2019. وقال حليف ماي الرئيسي في إيرلندا الشمالية” إنه تم الاتفاق على نص يوضح الترتيبات على الحدود بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي على جزيرة إيرلندا”، وذلك بعد أربعة أيام من اعتراضات من جانب بلفاست تسببت في إحباط محاولة ماي توقيع اتفاق بشأن الحدود الإيرلندية. وأعرب يونكر عن ثقته في أن يقرّ قادة الاتحاد الاتفاق الذي يشكّل “حلاً وسطاً” على حدّ قوله، مضيفاً أنه إذا وافقت الدول الأعضاء الـ27 على تقويم المفوضية “سيكون الفريق التفاوضي الأوروبي برئاسة Michel Barnier مستعداً للشروع فوراً في مفاوضات المرحلة الثانية”. وعقّب بارنييه بالقول إن الاتفاق “يمكن أن يشكّل أساساً للبريكزيت”، وأضاف أن “خطوطاً حمراء” وضعتها بريطانيا جعلت من اتفاق التجارة الحرة المُبرم بين الاتحاد الأوروبي وكندا “النموذج المُرجّح اعتماده أساساً أوروبياً للاتفاق مع لندن”. مع ذلك حذر بارنييه من التقليل من شأن المصاعب المنتظرة بعد في المفاوضات.