عكس مؤشر مركز البحوث الاقتصادية الأوروبية ZEW في مانهايم تحسنا ملحوظاً في توقعات غالبية خبراء المال والبورصة والبنوك الـ 300 الذين يستفتيهم المركز شهرياً في ألمانيا. فقد ارتفعت توقعات هؤلاء للأشهر الستة المقبلة من 12,8 نقطة في شهر مارس الفائت إلى 19,5 نقطة في شهر أبريل الحالي. كما تحسن مؤشر الوضع الحالي وارتفع تفاؤل الخبراء من 77,3 إلى 80,1 نقطة بدلاً من 78 نقطة، وعاد بالتالي إلى المستوى الذي كان عليه قبل تصويت بريطانيا لصالح البريكست في يونيو 2016. ورأى رئيس مركز البحوث Achim Wambach “أن النمو في الربع الأول من السنة الحالية في وضع ثابت، وأن خبراء المال ينتظرون استمرار هذا الوضع”. وأضاف المركز أن توقعات النمو في أوروبا تحسنت بدورها أيضاً بمقدار 0,7 نقطة لتصبح 26,3 نقطة فيما ارتفع مؤشر الوضع الحالي بمقدار 4,1 إلى 11,5 نقطة.
وبدوره أظهر مؤشر Ifo لمعهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ الذي يستفتي 7000 شركة في ألمانيا شهرياً تحسناً اقتصادياً في ألمانيا في شهر مارس الماضي. فقد ارتفع مؤشر أعمال الشركات من 111,1 إلى 112,3 نقطة، وهو الأعلى الذي يسجل منذ يوليو 2011، كما تحسن بدوره مؤشر التوقعات للأشهر الستة المقبلة، وأحد أسباب ذلك هو استمرار الاستهلاك والطلب، الأمر الذي رفع المؤشر في مختلف قطاعات الصناعة في البلاد.
وكما في كل سنة قدّم خبراء عدة معاهد بحوث اقتصادية ألمانية “تقرير الربيع” السنوي الذي أكد أن اقتصاد البلاد مستمر في النمو، بل وهو أقوى مما كان يُعتقد. وإذا كان هذا هو الخبر الجيد الذي حمله التقرير، فالخبر السيء هو أن نهج الرئيس الأميركي Donald Trump في السياسة التجارية التي يتبعها يشكل خطراً على الصناعة الألمانية بصورة أولى. وحذرالتقرير في الوقت ذاته “من محاذير كثيرة في الولايات المتحدة بفعل النهج الحمائي الذي يمارسه الرئيس الأميركي ترامب وحكومته، وانعكاسات ذلك السلبية على التجارة الدولية والانتاج الدولي”. وبالنسبة إلى الناتج القومي الألماني توقع التقرير أن يحقق اقتصاد البلاد نموا من 1,5 في المئة في نهاية العام الجاري، رافعين بذلك معدل النمو المنتظر لسنة 2017 الحالية، وهو 1,4 في المئة، بنسبة 0,1 في المئة. وبالنسبة لعام 2018 رفع التقرير معدل النمو المتوقع في نهايتها من 1,6 إلى 1,8 في المئة.
ونبّه الخبراء إلى أن الصناعة الألمانية “ستصاب بالأذى إلى حد كبير بفعل توجهها الشديد نحو التصدير”. كما دللوا على المحاذير الموجودة على المستوى السياسي في أوروبا مثل الانتخابات التي ستجري في فرنسا وألمانيا ومفاوضات البريكست المنتظرة مع بريطانيا التي يمكن أن تنعكس سلبا على الاقتصاج الألماني والأوروبي بطبيعة الحال. ولفت التقرير إلى أن ألمانيا تجد نفسها في ظل نمو اقتصادي وسطي منذ خمس سنوات على التوالي، وقال إن من المنتظر أن يسجل الربع الأول من هذا العام نمواً أعلى من السابق، لافتاً إلى أن الانتعاش لا يزال يستند إلى تنامي الاستهلاك لا إلى الاستثمارات والصادرات.
وتوقع الخبراء في تقريرهم أن ترتفع نسبة التضخم في البلاد وسطياً من 0,5 في المئة العام الماضي إلى 1,8 في المئة هذه السنة، الأمر الذي سيخفض بوضوح القوة الشرائية للناس وحجم استهلاكهم. وحضّ التقرير الحكومة على تحسين شروط الاستثمار الخاص، وخفض المصاريف، والاستثمار أكثر في التعليم والاحتياط من الخلل الحاصل في الهرم السكاني. وشارك في وضع التقرير معاهد Ifo في ميونيخ، DIW في برلين، RWI في إسّن، IfW في كيل و IWH في هالِّه.
البطالة تراجعت شتاءً وخبير يؤكد صحة بيانات سوق العمل
بعد ارتفاع طفيف في البطالة في ألمانيا في شهر يناير الفائت انخفض عدد العاطلين عن العمل في شهري فبراير ومارس لهذه السنة الجديدة على غير العادة في فصل الشتاء. فقد تراجع عدد العاطلين عن العمل في البلاد في شهر آذار الماضي إلى 2,662 مليون شخص مقابل 2,762 مليون في شهر شباط، بانخفاض قدره 100 ألف شخص، وأقل بـ 183 ألفاً عن الشهر ذاته من السنة الماضية. وانخفض بذلك معدل البطالة من جديد في البلاد من 6,3 في شهر فبراير إلى 6 في المئة في شهر مارس الماضي. وأكد الرئيس الجديد لوكالة العمل الاتحادية Detlef Scheele في هذا الصدد “التطور الإيجابي الحاصل في سوق العمل في ألمانيا على مشارف فصل الربيع” الذي يشهد في العادة انحساراً في البطالة. ولفت “إلى استمرار وتيرة الطلب العالية للشركات على الأيدي العاملة الماهرة في البلاد”.
وإذا كانت الإحصاءات الرسمية تعطي صورة جيدة عن سوق العمل الألمانية فلا يعني ذلك تجاهل الوضع الحقيقي على الأرض. صحيح أن وكالة العمل لا تُخفي الحقائق، لكن لا بد للمرء من البحث عنها أحياناً. وينتقد العديد من النقابات والأحزاب المعارضة الحكومة على تجاهل الأرقام الفعلية، وتعتبر أنها تسعى إلى تجميلها. وحول ما إذا كانت أرقام البطالة في ألمانيا جدية ومقنعة قال Karl Brenke خبير العمل في المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية DIW في برلين إن العاطل عن العمل “هو كل من يسجل نفسه رسمياً بأنه لا يعمل”، ويفتش بالتالي عن عمل له. وتابع: “بامكان العاطل عن العمل أن يعمل لمدة 15 ساعة في الاسبوع ويحصل بالتالي على تصنيف آخر وهو “عامل تحت الحد الأدنى”. وأردف الخبير أنه إلى جانب هذه الفئة هناك أناس ليسوا عاطلين عن العمل، ولكنهم قريبون من هذا الوضع، ويظهرون شهرياً في احصاءات وكالة العمل الاتحادية تحت التصنيف أعلاه. وأضاف: ” من هنا يمكن تأكيد جدية الأرقام المعلنة رسميا”.
وفي واقع الأمر يمكن اعتبار الفئة هذه في مرتبة “ما بين بين”، فهي ليست عاطلة عن العمل مئة في المئة، وبالتالي غير مسجلة على لائحة البطالة الشهرية من جهة، وفي الوقت ذاته لا يمكن حسبانها في سوق العمل مئة في المئة أيضاً. فقط حين ينتهي هؤلاء من فترة تدرّبهم وتخصّصهم ينفرزون بعدها إما إلى جانب العاملين، وإما إلى جانب العاطلين عن العمل. وتعتقد وكالة العمل الاتحادية أن التصنيف هذا “يقدّم صورة أفضل عن واقع سوق العمل في ألمانيا”.
وعن سبب اختلاف أرقام الوكالة الأوروبية للعمل عن ارقام الوكالة الألمانية قال الخبير برينكه: “يعتمد الاتحاد الأوروبي معياراً مختلفاً لتحديد البطالة، إذ يعتبر العاطل عن العمل بأنه الشخص الذي لا يعمل على الإطلاق، حتى ولا ساعة واحدة في الأسبوع، وقام كذلك بالتفتيش عن عمل له خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة”. وعلّق الخبير على ذلك بالقول إنه “لو تم اعتماد هذا المعيار لكان عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا في شهر فبراير الماضي بلغ 1,9 مليون شخص فقط” بدلاً من 2,762 مليون.
على صعيد دول منطقة اليورو تحسن الوضع في أسواق العمل فيها أكثر فأكثر وواصلت أرقام البطالة فيها التراجع علماً أن الفروقات في ما بينها لا تزال كبيرة. ففي شهر فبراير الفائت سجل مكتب الاحصاءات الأوروبي Eurostat وجود بطالة في منطقة اليورو من 9,5 في المئة، وهي النسبة الأقل التي تسجل منذ شهر مايو عام 2009، وكانت تبلغ 10,5 في المئة في الشهر ذاته من العام 2016. وبحسب المعايير المعتمدة من المكتب الأوروبي بلغ معدل البطالة في ألمانيا 3,9 في المئة في الشهر المذكور، وهي الأدنى أوروبياً، مقابل 23,1 في المئة في اليونان و18 في المئة في اسبانيا.
مظاهر حرب تجارية دولية بين واشنطن والصين وأوروبا
يبدو أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين وبينها وبين دول الاتحاد الأوروبي، وبخاصة ألمانيا، بدأت تتمظهر في الآونة الأخيرة على قاعدة ما تحدث عنه الرئيس الأميركي Donald Trumpقبل وبعد أن أصبح رئيساً للولايات المتحدة لحماية المصالح الأميركية على حدّ قوله. وفي هذا الإطار أعلنت الحكومة الأميركية مطلع شهر أبريل الحالي أنها في صدد البحث في فرض ضرائب جمركية على المعادن القادمة إليها من المصانع الألمانية والصينية. وأعلن مصدر مطلع أن المفوضية الأوروبية تبحث في المقابل في اتخاذ خطوة مماثلة في حق الشركات الأميركية تبعاً لمبدأ المعاملة بالمثل.
ومعروف عن الولايات المتحدة دفاعها العنيد عن التجارة الحرة في العالم، خاصة وأن لا بلد استفاد من التجارة المعولمة كما استفادت هي. لكن منذ فوز الرئيس ترامب بكرسي البيت الأبيض يقف أكبر اقتصاد في العالم أمام تغيير جذري في مواقفه وصولاً إلى استخدام النهج الحمائي المناقض للتجارة الحرة. والخطوة الأميركية الأولى في هذا الاتجاه طالت شركة Salzgitterوكذلك شركة Dillinger الألمانيتين الكبيرتين التي فُرض عليهما دفع ضريبة حمائية تصل قيمتها إلى 22,9 في المئة من قيمة البضاعة. واكدت شركة Salzgitter أن الضريبة هذه فرضت عليها ابتداء من 30 شهر مارس الماضي. إلى جانب ذلك يخطط البيت الأبيض فرض ضريبة حدودية أيضاً بهدف الإضرار بالشركات الأجنبية المصدِّرة إلى بلده. وذكرت مصادر مطلعة في بروكسيل أن المفوضية الأوروبية تفكر الآن في رفع دعوى على الولايات المتحدة أمام منظمة التجارة الدولية WTO في حال تم البدء فعلاً بتنفيذ خطط البيت الأبيض الضرائبية.
وناقض رئيس اتحاد المعادن في ألمانياHans Jürgen Kerkhoff اتهامات وزارة التجارة الأميركية للشركات الألمانية ببيع انتاجها بأسعار أقل من كلفتها لتحسين مبيعاتها في الخارج ومنافسة الشركات الأميركية. ورد رئيس الاتحاد على الاتهامات بالقول “إن شركات المعادن الألمانية تتصرف في الأسواق الدولية تبعاً لقواعد السوق المعتمدة”، مضيفاً “أن المنافسين الأميركيين غير قادرين جزئياً على انتاج النوعية التي ننتجها نحن”. واتهم كيركهوف واشنطن بعدم الالتزام بالقواعد الخاصة باغراق السوق، أي Dumping، التي حددتها منظمة التجارة الدولية، وحذّر من “مخاطر الحمائية الأميركية” التي تبدأ بتحديد ما يتوجب على الشركات الأميركية شراءه من انتاج أميركي محض مستقبلاً. لكن لا بد قبل كل شيء من موافقة هيئة التجارة الأميركية العليا في واشنطن على قرارات حكومة الرئيس ترامب الجديدة خلال الشهر الجاري.
إلى ذلك أعلنت وزيرة الاقتصاد الألمانية Brigitte Zypries رفضها بوضوح السياسة التجارية الجديدة للحكومة الأميركية المناقضة للقواعد المعتمدة. وقالت إن موظفي الوزارة يعملون حالياً على وضع قائمة حجج ترد على الهجوم السياسي للرئيس ترامب في ما يخص الخلل الحاصل في الميزان التجاري بين الولايات المتحدة وألمانيا. ومن هذه الحجج طرح حجم الاستثمارات الألمانية المباشرة في الولايات المتحدة التي وصلت عام 2014 إلى 271,1 مليار يورو. وسيظهر من الأرقام أن الاستثمار الأكبر من جانب الألمان لا يأتي من جانب صناعة السيارات كما يدعي الرئيس الأميركي، وإنما من الصناعة الكيميائية والأدوية والالكترونيات المقدرة بـ 40 مليار يورو.
في مقابل انتقاده السياسية الحمائية للولايات المتحدة، رفع الاتحاد الأوروبي من جانبه ضرائبه الجمركية على صادرات معدنية صينية محددة تصدّر إلى دول الاتحاد، وذلك بهدف حماية الصناعة الأوروبية المحلية. وجاء في بيان للمفوضية الأوروبية إن الإغراق الصيني للسوق الأوروبية كبير إلى درجة عدم توقع تراجعه على المديين القصير أو المتوسط، خاصة وأن البضاعة مطروحة بأسعار يصعب مواجهتها لحماية الانتاج المحلي. وتقرر بالتالي رفع الضريبة الجمركية على المعدن الصيني تبعاً لأصنافه من 13,2 إلى 18,1 في المئة، ومن 22,6 إلى 35.9 في المئة. ولم تفرض بروكسيل في المقابل أية ضرائب على انتاجات معدنية مماثلة قادمة إلى ألمانيا من البرازيل وإيران وروسيا وصربيا وأوكرانيا.
بريكست: ماي تجري انتخابات مبكرة لدعم مهمة الخروج
تستعد كل من المفوضية الأوروبية والحكومة البريطانية لبدء مفاوضات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي بعد أن رفعت رئيسة الحكومة البريطانية Theresa May طلباً رسمياً بهذا الخصوص إلى الاتحاد الأوروبي في 29 من شهرمارس الماضي. وطلب رئيس المجلس الأوروبي Donald Tusk بعد اجتماع مع ماي في لندن مهلة حتى 22 شهر مايو الجاري للتحضير لمفاوضات الانفصال. وعلم أن توسك عرض أمام ماي مواقف للاتحاد الأوروبي لا تتماشى جزئياً مع رغبات حكومتها مثل رفض بروكسيل قيام لندن بأجراء مفاضات تجارية مع دول أخرى بصورة موازية مع تفاوضها مع بروكسيل، الأمر الذي تمارسه لندن عملياً اليوم مع عدد من الدول منها استراليا، مخالفة بذلك القانون الأوروبي. وحذر رئيس الهيئة التجارية في البرلمان الأوروبي Bernd Lange بريطانيا “من التمادي في ذلك حتى لا ينعكس سلباً عليها خلال مفاوضات الخروج معها”.
وفوجئ الجميع أخيرا بقرار رئيسة الحكومة البريطانية اجراء انتخابات نيابية جديدة ومبكرة في البلاد في الثامن من شهر يونيو المقبل. وبررت ماي خطوتها هذه بإنها بحاجة إلى دعم كامل من الشعب لمهمة الخروج من الاتحاد الأوروبي. ويرى بعض المراقبين في هذه الخطوة نية رئيسة الحكومة قطع الطريق على الرافضين للخروج من الاتحاد الأوروبي وإضعافهم من جهة، وتقوية موقعها في البرلمان لضمان تمرير نتائج مفاوضات الخروج فيه بعد سنتين. كما يعتقد البعض بأن تقوية موقع ماي سيعطيها قدرة أكبر على مواجهة مسعى Nicola Sturgeon رئيسة حكومة اسكوتلندا المنضوية إلى التاج البريطاني إلى اجراء استفتاء جديد العام المقبل للاستقلال عن بريطانيا من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي. وفي حال تحقيق ذلك سيشكل الأمر ضربة موجعة لبريطانيا سياسياً واقتصادياً.
هذا وعُلم أن توسك قدّم إلى ماي خطة من مرحلتين تتضمن الأولى حسم مسألة الانفصال، والثانية الاتفاق على علاقات ثنائية جديدة بين الاتحاد الأوروبي كوحدة اقتصادية وبين بريطانيا. وستحدد القمة الأوروبية التي ستعقد في 29 الشهر الجاري في بروكسيل الخطوط الرئيسية للانفصال وللعلاقات المستقبلية بين الطرفين دون السماح بمحادثات جانبية أو اعتماد طريق خاص. وشدد المسؤول الأوروبي على أن المرحلة الأولى من المفاوضات ستبتّ مسائل أساسية مثل حقوق نحو ثلاثة ملايين أوروبي يعيشون في بريطانيا ومليون بريطاني في الدول الأوروبية. وينطبق الأمر أيضاً على عقود وأعمال الشركات الأوروبية العاملة في بريطانيا والعكس. كما سيُبت موضوع الالتزامات المالية التي أخذتها بريطانيا على عاتقها في ما يخص المشاريع الأوروبية التي تم اقرارها بعد عام 2019، أي عام الانفصال الكامل. وتقدّر الالتزامات المالية البريطانية للاتحاد الأوروبي بنحو 60 مليار يورو.
واستناداً إلى معلومات نشرها موقع Spiegel الالكتروني في السابع من شهر أبريل الجاري تسعى الحكومة الألمانية إلى ضمان نقل مقر هيئة الرقابة على البنوك الأوروبية EBA من لندن إلى فرانكفورت بعد البريكست. وقال الموقع “إن برلين ترى فرصاً جيدة لتحقيق هذه الخطوة”. وأضاف نقلا عن خطوط عريضة لرسالة وضعها وزير المال الألماني Wolfgang Schäuble ووزعها على زملائه في الحكومة أن فرانكفورت كموقع مالي يشمل البنك المركزي الألماني، والبنك المركزي الأوروبي، وهيئة الرقابة على المصارف الألمانية BaFin، ومصارف ألمانية وأوروبية ودولية كبيرة، مؤهل أكثر من غيره من المواقع المالية الأوروبية ليكون بديلاً عن لندن. إلى جانب ذلك تشير الرسالة إلى الموقع اللوجستي الجيد للمدينة والبنى التحتية فيها التي تؤمن الاتصالات والمواصلات اللازمة على أنواعها، وكذلك القوى البشرية المؤهلة للعمل في القطاع المالي، وبالطبع الأبنية اللازمة المتواجدة في وسط المدينة بأسعار وأجور مناسبة. أما المدن الأوروبية الأخرى التي يمكن أن تنافس فرانكفورت مثل كوبنهاغن، ووارسو وستوكهولم فتملك أحياء مالية صغيرة جداً وعدداً قليلاً من العاملين الأكفاء فيها. أما مدينة دبلن فبعيدة جداً عن بروكسيل فيما أهمية باريس كموقع مالي في تراجع .
الاقتصاد الألماني قلق من الأوضاع في تركيا بعد الاستفتاء
أعربت الأوساط الاقتصادية الألمانية عن قلقها من الأوضاع في تركيا بعد نتيجة الاستفتاء على الصلاحيات الرئاسية الموسعة في تركيا التي انتهت بفوز الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم بأكثرية ضيئلة (51,4 مقابل 48,6 في المئة جداً) لم تعترف بها المعارضة حتى الآن أدت إلى شحن الأجواء السياسية في الداخل، خاصة بعد تأكيد مراقبي المجلس الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية حصول مخالفات عدة لقانون الانتخابات التركي سمحت على الأرجح بالتلاعب بـ 2,5 مليون صوت. وقلق الاقتصاد الألماني نابع من أن ألمانيا هي الشريك الاقتصادي الأهم لتركيا حيث يتواجد فيها فروع لنحو 6800 شركة ألمانية، وكذلك للعلاقة الخاصة الناتجة عن وجود جالية تركية في ألمانيا تقدّر بنحو ثلاثة ملايين تركي.
وقال رئيس اتحاد الصناعة الألمانية Dieter Kempf إن نتيجة الاستفتاء تقلقه لأن وضع صلاحيات مطلقة في يد الرئيس التركي “تُبعد تركيا أكثر عن المبادئ الأوروبية الرئيسة”. ولفت إلى “أن تركيا تعتمد بصورة رئيسية على الاستثمارات الخارجية المباشرة والتي تراجعت خلال العام الفائت 2016 بنسبة الثلث”. ومعروف أن تركيا التي وصلت قيمة التجارة بينها وبين ألمانيا إلى 37 مليار يورو العام الفائت كانت أحد أهم عشرين دولة تتعامل تجارياً مع ألمانيا في العالم. وبالنسبة إلى الاتراك فان ألمانيا تُعتبر الشريك التجاري الأول لهم في العالم. وأضاف رئيس اتحاد الصناعة الألمانية أن الاقتصاد “يحتاج إلى دقة وإلى ثقة، وعلى الرئيس اردوغان أن يسعى لضمان صالح بلده ووقف نسف قاعدة الثقة مع الشركاء الأوروبيين”. وذكرت مصادر اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية DIHK أن العلاقات الألمانية التركية الوثيقة تقليدياً تشهد منذ العام الفائت برودة عالية بسبب الوضع السياسي المتلبد في تركيا.
كما أعرب Anton Börner رئيس الرابطة الاتحادية للتجارة الألمانية الخارجية BGA أخيراً عن “قلق كبير” من نتائج الاستفتاء الذي يبعد تركيا، في نظره، أكثر فأكثر عن أهم سوق لصادراته، أي عن الاتحاد الأوروبي. ورأى أن العلاقات التجارية والاقتصادية تراجعت كثيراً بين الطرفين خلال الأشهر الماضية. هذا لا يعني أن الوضع الاقتصادي والمالي في تركيا سيتدهور بسرعة، إلا أن المستقبل مليء بالمحاذير على حد ما أشار إليه Michael Hüther رئيس معهد البحوث الاقتصادية IW الذي لفت في حوار مع موقع Spiegel (15.04.2017) إلى أن تركيا تعاني منذ سنوات من تضخم يراوح بين 7,5 و8,5 في المئة، ومن بطالة تبلغ 10 في المئة، ومن عجز متزايد في تجارتها الخارجية، وقبل كل شيء من تراجع الاستثمارات فيها، “الأمر الذي يفرض دق جرس الانذار” على حد قوله.