عاد إنفاق ألمانيا على البحث العلمي والابتكار الى الارتفاع مرة أخرى خلال العام 2021م، سواء كان هذا الانفاق من قبل الحكومة الألمانية او شركات القطاع الخاص. حيث زادت استثمارات البحث والتطوير بنسبة ستة في المئة تقريبًا في عام 2021م، لتصل إلى إجمالي 101.3 مليار يورو، منها 75.2 مليار يورو تم انفاقها في المؤسسات داخل ألمانيا، بالإضافة الى 26.1 مليار يورو تم انفاقها على برامج ومشاريع التطوير والابتكار في مؤسسات البحث العلمي خارج ألمانيا. ويأتي هذا الارتفاع في نفقات البحث العلمي بعد التراجع الذي تم تسجيله في هذا المجال خلال عام كورونا، اذ بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، قامت جميع الدول الصناعية في العام 2020م، بزيادة الاستثمارات في مجال البحث العلمي والابتكار ما عدا دولتان هما ألمانيا وإيطاليا والتي انخفضت فيها الاستثمارات في هذا الجانب.
اجمالا بلغت قيمة إنفاق ألمانيا على البحث العلمي خلال العام 2021م، ما نسبته 3.13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ساهمت الدولة بنحو الثلث، واتى ثلثاها من الشركات الخاصة. وبالرغم من ان هذه النسبة تعتبر عالية، الا انها في بلدان أخرى أعلى بشكل ملحوظ، فوفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تبلغ نسبة الانفاق على البحث العلمي من الناتج المحلي الإجمالي في كوريا الجنوبية 5 في المئة. وفي الولايات المتحدة الامريكية 3.5 في المئة وفي اليابان 3.3 في المئة. اما بالنسبة الى ترتيب اهم مواقع الأبحاث الصناعية على مستوى العالم، فوفقاً للمعهد الألماني للبحوث الاقتصادية (DIW) كانت الصين أهم موقع للأبحاث الصناعية في العالم في عام 2020م، تليها الولايات المتحدة ثم اليابان، فيما جاءت ألمانيا في المركز الرابع. وفي مجال عدد العاملين في مجال البحث والتطوير في ألمانيا فقد بلغ عددهم نهاية العام 2021م، نحو 477 ألف موظف وموظفة بدوام كامل. وهو ما يمثل زيادة قدرها 2.1 في المئة مقارنة بالعام الذي سبق، كما يشكل هذا الرقم ايضاً رقما قياسياً في عدد الباحثين والمطورين في الشركات الألمانية.
في سياق متصل، ووفقاً لبيانات اتحاد المانحين للعلوم الألمانية (Stifterverband für die Deutsche Wissenschaft) سجلت بعض القطاعات الاقتصادية في ألمانيا خلال العام 2021م، زيادة في نفقات البحث العلمي بنسبة أكثر من غيرها من القطاعات حيث استثمرت شركات تطوير اللقاحات في العام 2021م، أكثر من 3.5 مليار يورو على البحث والتطوير وبنسبة 14 في المئة أكثر بالمقارنة بالعام السابق. كما استثمرت صناعة السيارات مرة أخرى أكثر من 25 مليار يورو في البحث والتطوير، بزيادة قدرها 1.4 مليار يورو عن العام السابق. الا انه بالرغم من هذه الزيادة فان صناعة السيارات لم تصل بعد الى مستوى انفاقها على البحث العلمي المسجل بالعام 2019م، حيث ما تزال نفقات البحث العلمي في 2021م، أقل بنحو 2.4 مليار يورو. وهو ما يؤثر على مجال البحث العلمي بأكمله بالنظر الى أن 34 في المئة من ميزانية البحث والتطوير التي تنفقها شركات القطاع الخاص في ألمانيا تأتي من صناعة السيارات.
وبشكال عام، وعلى الرغم من الزيادة الأخيرة في الإنفاق على البحث والتطوير، يعتقد رئيس اتحاد المانحين للعلوم الألمانية، Michael Kaschke، أنه يصعب على الحكومة الاتحادية تنفيذ تعهدها بزيادة الانفاق على البحث العلمي الى مستوى 3.5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي بحلول عام 2025م، موضحاً انه “لم تعد هناك مخاوف من حدوث مزيد من الركود في عام 2022م، على عكس ما هو متوقع في العام 2023م، إذ من المحتمل أن الشركات التي ستمر بحالة ركود ستقلل أيضًا من الإنفاق على البحث والتطوير مرة أخرى”.
ومن أجل رفع كفاءة الأنفاق على البحث العلمي، يدعو Kaschke، رئيس اتحاد المانحين، الى استثمار فعال للأموال المتاحة التي تقدمها الشركات الخاصة والحكومة للبحث العلمي في ألمانيا وتجنب الاستثمارات المزدوجة وضرورة الاعتماد على التعاون المشترك، ويضيف Kaschke، انه وعلى سبيل المثال ” ليس من المنطقي، ان تقوم مختلف شركات صناعة السيارات، كل على حده، بتطوير حلول برمجية لا حصر لها والتي تستهلك غالبية ميزانية البحث والتطوير”، حيث تدرس وتطور شركات صناعة السيارات حاليًا ما يصل إلى 60 برنامجاً مختلفًا لأنظمة التشغيل.
من جانبها وصفت وزيرة التعليم والبحث العلمي الاتحادية Bettina Stark-Watzinger، زيادة استثمارات الشركات الألمانية في البحث والتطوير بأنها “أخبار جيدة”. الا انها شددت أيضا على ضرورة عدم الاكتفاء بهذا المستوى من الانفاق، بل يجب ان يكون ذلك “حافزاً لزيادة الجهود المالية في البحث العلمي، خصوصا في الأوقات الصعبة”.