تعاني المستشفيات في ألمانيا من زيادة أعباء النفقات التشغيلية وتراجع الإيرادات وهو الامر الذي زاد بدرجة كبيرة خلال العام الماضي 2022م، وهو ما دعا جمعية المستشفيات الألمانية (DKG) الى التحذير من ان 60 في المئة من المستشفيات ستسجل خسائر مالية خلال العام 2022م، وان هنالك احتمال لحدوث موجة من افلاس العديد من المستشفيات خلال العام 2023م. واظهر مسح أجراه معهد المستشفيات الألماني (DKI) ان 56 في المئة من المستشفيات في ألمانيا تتوقع تدهور الوضع الاقتصادي أكثر في عام 2023م، فيما تتوقع 17 في المئة فقط من المستشفيات تحسنًا في أوضاعها الاقتصادية و 27 في المئة يتوقعون أن يظل الوضع دون تغيير.
وبالرغم من أن برنامج المساعدات الحكومي الخاص بوضع سقف أعلى لأسعار الكهرباء والغاز سيكون مفيدا للمستشفيات الا انها لن تكون كافية لتعويض العجز بسبب الزيادات في التكاليف العامة المرتبطة بالتضخم. حيث يتوقع ان يصل العجز في النفقات التشغيلية للمستشفيات في عام 2023م، إلى حوالي 15 مليار يورو. هذا الى جانب النقص المستمر في العاملين في المستشفيات، وخاصة في التمريض، اذ كانت 90 في المئة من المستشفيات تواجه في العام 2022م، مشكلة في ملء وظائف التمريض المفتوحة في الأجنحة العامة. وبالمقارنة بالعام السابق، ارتفع عدد وظائف التمريض الشاغرة في الأجنحة العامة من 14400 إلى 20600 وظيفة.
ويعود تدهور الأوضاع الاقتصادية للمستشفيات الألمانية خلال العام الماضي والمتوقع استمراراه خلال العام الحالي الى توقف المساعدات الحكومية الخاصة بكورونا الى جانب ان نقص العاملين في المستشفيات أدى الى تراجع عدد الحالات التي يتم التعامل معها وبالتالي تراجع الإيرادات. هذا الى جانب ارتفاع تكاليف الطاقة وأثر التضخم في ارتفاع الأسعار.
وبسبب هذه الاوضاع تطالب المستشفيات بزيادة التمويل الحكومي والحصول على مزيد من الأموال واجراء إصلاحات على النظام الصحي بما يمكن هذه المستشفيات من الاستمرار في العمل وتقديم خدمات الطبابة بالمستوى المطلوب. وتأتي هذه الطلبات بالرغم من ان الجزء الأكبر من الانفاق الصحي في ألمانيا يذهب للمستشفيات، إذ وفقاً لاتحاد شركات التأمين الحكومية GKV تعد تكاليف خدمات المستشفيات هي أكبر بند إنفاق في ميزانية التأمين الصحي لسنوات، حيث يذهب حوالي كل ثالث يورو إلى المستشفيات. وتتزايد التكاليف من سنة إلى أخرى، فبعد ان كانت هذه التكاليف قد بلغت في العام 2017م، حوالي 75 مليار يورو وصلت إلى أكثر من 85 مليار يورو في عام 2021م. وبلغت تكاليف العلاج في المستشفيات في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2022م، حوالي 65 مليار يورو بينما كانت عند مستوى 63 مليار يورو خلال نفس الفترة من العام السابق. الى جانب ذلك قدمت الحكومة الاتحادية تعويضات عن فقدان الدخل بسبب تأجيل أو تعليق العمليات والعلاجات المخطط لها للمستشفيات التي خصصت أسرة لمرضى فيروس كوفيد-19 بلغت 22 مليار يورو، وقد انتهى هذا البرنامج في أبريل من العام 2022م.
وفي هذا الجانب تحذر جمعية المستشفيات الألمانية من موجة من حالات الإفلاس في النصف الثاني من عام 2023م، حيث تتوقع الجمعية ما يصل إلى 100 حالة إفلاس مستشفى في عام 2023م وحده. ولهذا تتزايد المطالبات من الأطباء والسياسيين بإجراء إصلاحات هيكلية على نظام عمل المستشفيات في ألمانيا. وقد خلُصت دراسة أجرتها مؤسسة برتلسمان (Bertelsmann Stiftung) في العام 2019م، الى توصية حكومات الولايات الفيدرالية، المسؤولة الأولى عن النظام الصحي في الولايات، بأغلاق جزء كبير من المستشفيات في ألمانيا، خصوصا المستشفيات الصغيرة والتي لديها أقل من 250 سريرًا. حيث يتميز نظام المستشفيات في ألمانيا ” بالسعة الزائدة والتخصص غير الكافي. بالإضافة الى ان مستوى الرعاية الحالي ليس فقط متضخم ومكلف، بل يتم أيضًا رعاية المرضى بجودة أقل من اللازم”. وتقترح الدراسة تخفيض عدد المستشفيات من حوالي 1400 مستشفى في ألمانيا الى 600 مستشفى فقط. في الواقع، وبالمقارنة مع بقية دول الاتحاد الأوروبي يوجد عدد كبير نسبيًا من أسرة المستشفيات في ألمانيا، حيث يبلغ المتوسط 60.2 سريرًا لكل 10000 نسمة، بينما ووفقاً لمكتب الإحصاء الأوروبي، يبلغ المتوسط في دول الاتحاد الأوروبي 39.3 سريراً لكل 10000 مواطن.