انتخب البرلمان الاتحادي في ألمانيا (البوندستاج) في الثامن من ديسمبر 2021م، أولاف شولتس، مستشارًا اتحادياً لألمانيا. وحقق شولز على ما يسمى ب “أغلبية المستشار” من خلال حصوله على 395 صوتا من أصل 707 عضو في البرلمان ادلوا بأصواتهم وبغياب 29 نائباً، وقد أدى شولتس اليمين الدستورية أمام البرلمان، كما تسلم فيما بعد مع الوزراء الجدد وثائق تعيينهم من الرئيس الاتحادي فرانك فالتر شتاينماير في القصر الرئاسي (بلفو).

اولاف شولتس، البالغ من العمر 63 عامًا، هو تاسع مستشار لألمانيا الاتحادية بعد الحرب العالمية الثانية ورابع مستشار للحزب الديمقراطي الاشتراكي بعد ويلي براندت، هيلموت شميدت وجيرهارد شرودر. فيما بلغ عدد من تولوا منصب المستشارية المنتمين الى الاتحاد المسيحي خمسة مستشارين بداية من كونراد أديناور، لودفيج إرهارد، كورت جورج كيسنغر، هيلموت كول الى جانب المستشارة انجيلا ميركل، التي تولت منصب المستشارة لأربع دورات انتخابية.

ومع أداء اليمين الدستورية وتسلم وثائق التعيين تبدأ الحكومة الاتحادية الألمانية عملها، وهي الحكومة الاولي بعد إعادة تحقيق الوحدة التي تتكون من ائتلاف ثلاثة أحزاب سياسية حيث كان من المعتاد تكوين ائتلافات حاكمة بين حزبين فقط.  يضم الائتلاف الحكومي أحزاب الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)وحزب الخضر (die Grünen) الى جانب الحزب الليبرالي (FDP).

وقد اقرت أحزاب الائتلاف برنامج الحكومة الجديدة في اتفاقية تشكيل الائتلاف والتي تضمنت العديد من النقاط والقضايا أبرزها التالي:

الطاقة والمناخ، وضعت أحزاب الائتلاف أهدافًا طموحة لتوسيع الطاقات المتجددة من أجل إحراز تقدم في حماية المناخ وفي هذا الجانب تم إقرار الوصول بنسبة الطاقة الكهربائية المنتجة عبر مصادر الطاقة المتجددة الى 80 في المئة بحلول العام 2030م، وتبلغ هذه النسبة في الوقت الحاضر 50 في المئة تقريباً. ومن من أجل تحقيق هذا الهدف يجب أن يتم احداث نمو قوي في عدد مزارع الرياح والأنظمة الكهروضوئية. كما سيتم تخصيص اثنين في المئة من مساحة الأرض لمزارع الرياح، اذ لا تتجاوز المساحة المسموح بها لإنشاء هذه المزارع 0.8 في المئة. ويجب تسريع إجراءات التخطيط والموافقة على انشاء مزارع الرياح بحيث يمكن تحقيق التوسع السريع في طاقة الرياح. كما تنص الاتفاقية على خفض اعباء ضريبة تمويل مصادر الطاقة المتجددة (EEG)، والتي يتحملها الى حد كبير مستهلكي الكهرباء، عبر تمويل هذه الضريبة بالكامل من ميزانية الحكومة الاتحادية بداية من العام 2023م. كما تضمنت وثيقة التحالف الاتفاق على بذل كل الجهود للنجاح في التخلص من طاقة الفحم بحلول العام 2030م.

 المالية والميزانية، اقرت اتفاقية تشكيل الحكومة الاتحادية استثمارات ضخمة في حماية المناخ والرقمنة، دون تحديد قيمة هذه الاستثمارات بشكل دقيق. في الوقت نفسه، اتفقت احزاب الائتلاف على الالتزام بمبدأ كابح الديون المنصوص علية في الدستور بداية من العام 2023م، بعد انتهاء الاستثناءات التي تم إقرارها من البرلمان لتمويل إجراءات مكافحة كورونا خلال الأعوام 2021،2020 و2022م، ولم تنص الاتفاقية على اجراء اية زيادات في الضرائب او إقرار ضرائب جديدة. ولجئت احزاب الائتلاف الى تمويل هذه الاستثمارات من خلال المؤسسات والشركات التابعة للحكومة الاتحادية مثل بنك إعادة الاعمار KfW وشركة السكك الحديدية الألمانية DB والتي تستطيع الاقتراض لحسابها الخاص، واستخدام هذه الأموال في تمويل مشاريع الحكومة. كما انه من المقرر أن يصبح صندوق الطاقة والمناخ (EKF) صندوق استثمار يتم تمويله من فوائض ميزانيات الحكومة الاتحادية.

 المعاشات التقاعدية والاجتماعية، سيتم رفع الحد الأدنى للأجور إلى اثني عشر يورو خلال العام 2022م، كما سيتم رفع حد رواتب الوظائف الصغيرة المعفية من الضرائب إلى 520 يورو والحد الأقصى للوظائف المتوسطة إلى 1600 يورو. كذلك الحد من الوظائف غير الدائمة والتقليل قدر الإمكان من عقود العمل المحددة بمدة زمنية، خصوصا تلك المبرمة في القطاع العام. اما بالنسبة لنظام التقاعد فقد اقر الائتلاف أن يظل مستوى المعاش التقاعدي مضمونا بنسبة 48 في المئة من اجمالي الراتب اثناء العمل، كذلك اكدت الاتفاقية على انه لا وجود نية لتغيير سن التقاعد. كذلك تشجيع صندوق التقاعد على استثمار أموال المتقاعدين في سوق رأس المال، ولهذا الغرض سيتم تحويل عشرة مليارات يورو الى مؤسسة تأمين التقاعد  Deutsche Rentenversicherung.

 الصحة والرعاية، سيقوم الائتلاف بتشكيل فريق أزمات دائم للتعامل مع جائحة كورونا. حيث تنص الاتفاقية على أن “التعامل مع جائحة كورونا هو أحد المهام المركزية للحكومة الجديدة”. كما اقرت الاتفاقية أن تكون هناك أجور أعلى وظروف عمل أفضل في مجال الرعاية الصحية، على سبيل المثال عن طريق جعل المكافئات معفاة من الضرائب، حيث سيتم زيادة الإعفاء الضريبي لمكافأة موظفي الرعاية إلى 3000 يورو. والتعهد بأجور أعلى لرعاية المسنين. وستوفر الحكومة الاتحادية مليار يورو كمنحة لموظفي الرعاية. كما ستدعم شركات التأمين الصحي الحكومي.

 الرقمنة والابتكار، نصت الاتفاقية على إنشاء فرق متخصصة في الرقمنة تعمل بين الوزارات، كما تم إقرار ميزانية لدعم عمليات الرقمنة. ومن أجل تعزيز القوة الابتكارية، ترغب الحكومة القادمة أيضًا في إنشاء منحة بدء التشغيل لزيادة نسبة النساء في القطاع الرقمي. بالإضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء وكالة جديدة للتحويل والابتكار (DATI) لتعزيز الابتكارات في الجامعات جنبًا إلى جنب مع الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. كما تم الاتفاق على رفع الانفاق على البحث والتطوير ليصل الى نسبة 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

 البناء والإسكان، اقرت اتفاقية تشكيل الحكومة ان يتم انشاء وزارة جديدة باسم وزارة البناء لحل إشكالية عدم توافر مساكن كافية وذات ايجارات مناسبة لمتوسطي ومحدودي الدخل.  ومع الوزارة الجديدة، يخطط الائتلاف الحاكم لبناء 400 ألف شقة سكنية كل عام، من بينها 100 ألف شقة مدعومة من الحكومة تخصص لما يسمى بالإسكان الاجتماعي. كما تم تمديد كابح الإيجارات الى العام 2029م، والذي يمن المؤجرين من رفع ايجاراتهم الا بعد فترة زمنية على ان لا يتجاوز هذا الرفع نسبة محددة.

البنية التحتية وحركة المرور، في اتفاقية تشكيل الحكومة تم النص على ان التنقل يعد مكونًا أساسيًا للخدمات ذات الاهتمام العام، وشرطًا أساسيًا لظروف معيشية متساوية وتعزيز القدرة التنافسية لألمانيا كموقع للأعمال والخدمات اللوجستية مع وظائف مناسبة للمستقبل. للقيام بذلك، سيتم توسيع وتحديث البنية التحتية ومواصلة تطوير إطار العمل لمجموعة واسعة من خيارات التنقل في المدينة والريف “. وسيكون ضمن خطة الائتلاف الجديد الاستثمار بكثافة في هذا القطاع، خصوصا الاستثمار في السكك الحديدية.

 الحكومة الجديدة، تم تشكيل الحكومة الاتحادية من 17 وزارة، أي: وزارة واحدة إضافية. وهي وزارة البناء. وحصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي على منصب المستشار الذي تولاه أولاف شولتس، الى جانب ست وزارات هي وزارة الداخلية التي تولتها نانسي فيسر، وزارة الدفاع (كريستين لامبريخت)، وزارة الصحة (كارل لوترباخ)، وزارة البناء (كلارا جيويتز)، وزارة العمل والشئون الاجتماعية (هوبيرتوس هايل) الى جانب وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية (سفينيا شولز) وكذلك وزارة المستشارية التي تولاها وولفغانغ شميدت. وحصل حزب الخضر على منصب نائب المستشار الذي تولاه روبرت هابيك الى جانب توليه وزارة الاقتصاد وحماية المناخ، بالإضافة الى وزارات الخارجية (أنالينا بييربوك)، البيئة وحماية المستهلك (شتيفي ليمكي)، وزارة الاسرة والمرأة والشباب (آن شبيجل) بالإضافة الى وزارة الزراعة (جيم أوزدمير). بينما حصل الحزب الليبرالي الديمقراطي على وزارة المالية (كريستيان ليندر)، الى جانب وزارات التعليم والبحث العلمي (بيتينا ستارك-واتزينج)، العدل (ماركو بوشمان) وكذلك وزارة النقل والبنية التقنية الرقمية (فولكر ويسينج). 

 

المركز الألماني للأعلام: Photo