بحسب تقرير الخريف للحكومة الاتحادية عن التطورات الاقتصادية في ألمانيا والذي قدمه وزير الاقتصاد والطاقة بيتر ألتماير، فان الحكومة الألمانية تتوقع تراجع الناتج المحلي الإجمالي للعام 2020م بنسبة 5,5 في المئة. وتعود هذه التوقعات الى الركود التاريخي الذي أصاب الاقتصاد في النصف الأول من العام بسبب جائحة كورونا والإجراءات الاقتصادية من تباعد اجتماعي واغلاق للنشاط الاقتصادي التي تبعته. وعلى الرغم من الانتعاش القوي للاقتصاد عقب تخفيف هذه الإجراءات، تباطء هذا الانتعاش بعد ذلك، لكنه استمر بدعم من التدابير الاقتصادية المكثفة من قبل الحكومة الاتحادية. وفي هذا السياق اظهر تقرير لمكتب الإحصاء الاتحادي (Destatis) ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من عام 2020م بنسبة8,2 في المئة مقارنة بالربع الثاني من العام الجاري بعد ان سجل تراجعاً في الربع الأول بواقع 2,2 في المئة والربع الثاني بواقع 10,1 في المئة. وأتى هذا النمو مدفوعا بارتفاع الإنفاق الاستهلاكي الخاص وزيادة الاستثمار في المعدات والارتفاع في الصادرات. الا انه ومع هذا النمو الكبير الا ان معدل الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث لهذا العام يضل اقل بنسبة 4,1 في المئة مقارنة بالربع الثالث من العام 2019م.
كما أكد تقرير الخريف للتطورات الاقتصادية الى ان المؤشرات الرئيسية الحالية ترجح أن عملية تعافي الاقتصاد سوف تستمر عند مستوى منخفض خلال فصل الشتاء على الرغم من زيادة عدد الإصابات بفيروس كورونا. حيث يعتمد الانتعاش الاقتصادي على تطور معدلات الإصابة. في جانب اخر تتوقع الحكومة الاتحادية أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل 2021م بنسبة 4.4 في المئة. اما العام 2022م فيتوقع ان يسجل نموا بنسبة 2.5 في المئة. وبناءً على ذلك فانة يتوقع استعادة الوضع الاقتصادي ما قبل ازمة كورونا في نهاية العام 2021م أو بداية العام 2022م.
وفي جانب الارتفاع الكبير في الإصابات الجديدة بفيروس كورونا والتي تشهدها ألمانيا في الوقت الحالي أكد الوزير ألتماير إنه “يجب كسر الموجة الثانية من الزيادة السريعة الأخيرة في الإصابات الجديدة، ولهذا السبب قررت الحكومة الاتحادية، جنبًا إلى جنب مع الولايات الفيدرالية، تجديد القيود على الحياة العامة”. من جهته يتوقع رئيس الرابطة الاتحادية للبيع بالجملة والتجارة الخارجية والخدمات (BGA)أنطون بورنر أن “استعادة النمو الاقتصادي الى مستوى ما قبل الازمة ستفقد الآن زخمها بشكل واضح في ضوء الإغلاق الجزئي الأخير”. حيث تشكل عمليات الإغلاق القطاعية “عبئًا كبيرًا” على الانتعاش الاقتصادي، حتى لو كان لها ما يبررها وكانت مناسبة لأسباب صحية.
وزير المالية الاتحادي، أولاف شولتز، يرى الإغلاق الجزئي في شهر نوفمبر على أنه “شهر الحقيقة” الذي على أساسه ستبني الحكومة خطواتها القادمة، مشدداً على بذل الحكومة ” قصارى جهدها لكسر ديناميات العدوى وحماية الأرواح والاقتصاد”. ومع ذلك، يعتبر رئيس وزراء ولاية سارلاند توبياس هانز (CDU) تمديد الإغلاق الجزئي إلى ديسمبر ممكنًا إذا لم ينخفض عدد الإصابات بشكل كبير. في ضوء هذه التوقعات، ووفقًا لكبير الاقتصاديين في البنك التعاوني الألماني DZ Bank ستيفان بيلمير، فإن الانتكاس إلى “الركود ” يبدو الآن غير مرجح. وسيعتمد مسار تعافي الاقتصاد في العام المقبل إلى حد كبير على التطوير والتوزيع الناجح للقاح ضد كورونا. فيما يشير كبير الاقتصاديين في كومرتس بنك يورج كرامر إلى أن الاقتصاد قد عوض ما يقرب من ثلثي الركود المرتبط بكورونا في الربع الثالث حيث “كان من الممكن أن تكون هذه خطوة رائعة إلى الأمام للربع الرابع. ولكن بسبب موجة كورونا الثانية والإغلاق الجديد، يمكننا أن نكون سعداء إذا لم ينخفض النمو الاقتصادي إلى ما دون الصفر في الربع الرابع “.