انعقد الملتقى الاقتصادي العربي الألماني العشرون في العاصمة الألمانية برلين في الفترة ما بين 15-17 مايو 2017م وبحضور أكثر من 600 من صناع القرار السياسي والاقتصادي ورجال الاعمال والمختصين من الجانبين العربي والألماني.

والقى الأستاذ عبد العزيز المخلافي امين عام الغرفة كلمة افتتاح الملتقى رحب فيها بالمشاركين وبضيوف الملتقى مشيرا الى الجهود التي تبذلها غرفة التجارة العربية الألمانية في دعم العلاقات الاقتصادية العربية والألمانية وسعيها الدائم الى إقامة علاقات شراكة اقتصادية مستدامة بين الجانبين وضرورة إقامة علاقات تعاون في مسارات متبادلة، منوهاً بالاختلال القائم في المُبادلات التجارية لصالح ألمانيا، وبالاهتمام الذي تُظهره الحكومات العربية والحكومة الألمانية لتطوير وتعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما.

من جهته أكد الدكتور فولكر تراير نائب الرئيس التنفيذي، لاتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية ان الملتقى الاقتصادي العربي الألماني قد أصبح أحد اهم المواعيد على جدول اللقاءات العربية الألمانية العربية وذلك بفضل التطور الدائم والاستمرارية الذي حققهما، مؤكدا ان المنطقة العربية تمثل واحدة من اهم الأسواق التي تنشط فيها الشركات الألمانية فبقيمة تبادل تجاري بحدود 50 مليار يورو بين ألمانيا والدول العربية في العام 20166م تعد ألمانيا اهم شريك اقتصادي أوروبي للعالم العربي هذا إضافة الى ان أنشطة الشركات الألمانية أنشأت في العالم العربي نحو 250 الف فرصة عمل.

رئيس الغرفة الدكتور بيتر رامزاور أكد على التطورات الكبيرة التي شهدتها العلاقات الاقتصادية العربي الألمانية والتي تمثلت في تضاعف التبادل التجاري بين الجانبين خلال العشر سنوات الأخيرة، وأن العالم العربي بسكانه الذين يتجاوزون 360 مليون نسمة يمثل سوقاً وموقعاً واعداً لقطاع الاعمال والاستثمار، منوها بأهمية التعليم والتدريب المهني كأساس لأي نمو اقتصادي، معتبراً ان نموذج التعليم والتدريب المهني المزدوج المتبع في ألمانيا نموذج مثالي وقابل للتطبيق في كل مكان.

السفير الدكتور مصطفى اديب سفير الجمهورية اللبنانية وعميد السلك الدبلوماسي العربي، تحدّث في كلمته عن أهمية العلاقات العربية الألمانية متناولا التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي شهدتها وتشهدها بعض الدول العربية الامر الذي تسبب في اخراج بعض  الأسواق والاقتصاديات العربية من معادلة الاقتصاد الإقليمي والدولي إضافة الى انخفاض أسعار النفط العالمية التي أدت الى اتباع الدول العربية لسياسات ترشيد الانفاق وإعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية، ورغم هذه الأوضاع فقد تبنّت العديد من الدول العربية مشاريع وبرامج تنموية واقتصادية طموحة والتي تقدم فرصا كبيرة لتطوير التعاون الاقتصادي العربي الألماني.

رئيس اتحاد الغرف العربية الأستاذ نائل الكباريتي، شدد في كلمته امام الملتقى على ضرورة مواكبة التقدم التكنولوجي وما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة الامر الذي يستلزم استخدام قدرات علمية مؤهله وامتلاك بنية تقنية ورقمية متطورة مضيفا بانه هنا يأتي دور ألمانيا كشريك اقتصادي واستثماري للعالم العربي في تقديم المعونة الفنية والتقنية والخبرة المتقدمة والثقافة الرقمية لتأهيل البنية التحتية الذكية وتأهيل الموارد البشرية في الدول العربية لاستيعاب التطورات الحديثة.

المدير العام للشؤون الاقتصادية والتنمية المستدامة في وزارة الخارجية الألمانية ميجويل بيرجر أشاد في حديثة بجهود غرفة التجارة العربية الألمانية والتي تكرست بنجاحها في الاستمرارية بتنظيم الملتقى الاقتصادي العربي الألماني للعام العشرين على التوالي. ثم تناول السيد بيرجر العلاقات الاقتصادية بين العالم العربي وألمانيا والاهمية والدعم الذي تتلقاه من الحكومة الألمانية منوها في هذا الجانب الى قيام المستشارة انجيلا ميركل بزيارة لأربع دول عربية منذ بداية هذا العام ومؤكداً على ان ألمانيا مستعدة للمشاركة في الاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية في العالم العربي.  من جانبه أشاد الاستاذ يحيى الجابري رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم رئيس وفد سلطنة عُمان شريك الملتقى لهذا العام بالعلاقات التاريخية بين السلطنة وألمانيا مشيرا الى استمرار نمو هذه العلاقات وتنوع  جوانبها  خصوصا في جانب التعاون في قطاع التعليم والتأهيل الذي يشهد تعاونا مكثفا بين مختلف المؤسسات التعليمية في البلدين كما تناول السيد الجابري التطورات الاقتصادية المختلفة التي شهدتها عُمان في مختلف القطاعات الاقتصادية والتي استطاعت على سبيل المثال تبوء المركز 48 على مستوى العالم في مؤشر الأداء اللوجستي، إضافة الى عوامل الاستقرار  التي جعلت السلطنة من الدول ذات المناخ المشجع والجاذب للاستثمار في المنطقة.

كما القى رئيس الوزراء في الجمهورية اليمنية الدكتور احمد عبيد بن دغر ضيف شرف الملتقى، كلمة تناول فيها الأوضاع السياسية ولاقتصادية والإنسانية القائمة في اليمن اليوم والأسباب المختلفة التي أدت الي حدوثها شارحا الجهود التي بذلتها الحكومة للوصول الى  توافق وطني على ضوء مُبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومُخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مشدداً على أن جميع الأطراف السياسية اليمنية شاركت في كل خطوات التسوية هذه، مُحملاً حركة الحوثيين والرئيس السابق مسؤولية الانقلاب على الاجماع الوطني والتسبب في الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب اليمني حاليا، الدكتور بن دغر اكد على تحمل الحكومة اليمنية لمسؤوليتها في استعادة الدولة حتى يعود الاستقرار الى اليمن وتصبح عامل استقرار لها ولجيرانها وللعالم  واكد أيضا بدأ الحكومة  في إعادة الاعمار بمواردها الذاتية وبمساعدة دول الخليج العربية وأصدقاء اليمن في العالم، كما أشار الى استعادة البنك المركزي نشاطه من عدن العاصمة المؤقتة لليمن والبدء أيضا في استعادة النشاط الاقتصادي والعمل على إعادة الاستقرار الى المناطق الخاضعة للشرعية وهي تشكل أكثر من 80% من مساحة الجمهورية اليمنية. وأعاد رئيس الوزراء اليمني التأكيد على مواصلة الحكومة جهودها في استعادة الدولة كاملة واستعادة الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والعربي والاجنبي الذي تعول علية في استعادة الاقتصاد اليمني لعافيته. مشيرا الى ان اليمن بلد كبير واليمنيون يطمحون الى التعليم والعمل وبناء الاقتصاد الوطني ويعولون في ذلك على دعم الاشقاء والاصدقاء من اجل ان يعود اليمنيون الى ممارسة حياتهم الطبيعية كغيرهم من شعوب المنطقة، ووجه الدكتور بن دغر الدعوة للمشاركين في الملتقى للتعرف على اليمن وامكاناته الاقتصادية ومشاريع إعادة الاعمار التي تعول الحكومة ان يكون للاقتصاد العربي والألماني دوراً رئيسياً في تنفيذها.

وفي الجلسة العامة التي تلت افتتاح الملتقى تحدثت السيدة برجيتا تسبريس وزيرة الاقتصاد والطاقة الألمانية التي أشادت بالتزام غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية بعقد الملتقى الاقتصادي العربي الألماني المستمر منذ عشرين عاما بدون انقطاع مؤكدة على رغبة  الحكومة بدعم التنمية والعلاقات الاقتصادية مع العالم العربي مشيدة كذلك بتناول موضوع المرأة ضمن جلسات الملتقى، وأضافت وزيرة الاقتصاد الألمانية ان العلاقات الاقتصادية لا تقتصر على التبادل التجاري ولكنها تشمل أيضا الاستمرارية والتفاهم بين الثقافات وكذلك التعرف على الطرق المختلفة للعمل الاقتصادي مشيرة أيضا الى الازمات التي تعيشها المنطقة العربية ومؤكدة في نفس الوقت ان العالم العربي يمثل أولوية للتعاون الاقتصادي وان هنالك العديد من الأسباب التي تدفع المانيا لبناء علاقات مُتطوّرة مع الدول العربية.

وتحدثت في الجلسة السيدة ليوثا بنت سلطان المغيرية سفيرة سلطنة عُمان لدى ألمانيا والتي اكدت على أهمية التعاون بين الجانبين مشيرة الى التعاون المتميز بين عُمان وألمانيا في مجال التعليم والتأهيل مقدمةً الجامعة التقنية الألمانية في مسقط كمثال بارز على هذا التعاون  المثمر، سفيرة عُمان تحدثت أيضا عن عوامل الاستقرار السياسي والموقع الجغرافي الهام للسلطنة التي توفر كل الظروف اللازمة لاستثمار امن ومجزً، كما تحدثت عن الخطة التنموية الجديدة في سلطنة عُمان والتي تركز في جزء منها على تنمية العديد من القطاعات الاقتصادية مثل قطاعات التصنيع، النقل واللوجستيك، التعدين والسياحة.

وزير المياه والري في المملكة الأردنية الهاشمية الدكتور حازم الناصر تحدث من جانبه عن العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية والتي وصلت قيمة المبادلات بين الجانبين الى 50 مليار يورو مؤكدا ان قيمة هذه المبادلات سوف تتضاعف في حال عودة الاستقرار الى المنطقة العربية، كما أشار وزير المياه والري الأردني الى الخطة التنموية التي اقرها الأردن للخمس سنوات القادمة والبالغ كلفتها 255 مليار دولار والتي ستركز على تنمية وتطوير قطاعات المياه، التعليم، الصحة والسياحة وعلى ان يتم تمويل نصف تكاليف هذه الخطة التنموية عبر الشراكة مع القطاع الخاص.

ومن ثم بدأت الجلسات الخاصة بالملتقى والتي تناولت مواضيع  “التصنيع في العالم العربي: نقل التكنولوجيا والتنوع والتطور الاقتصادي”، “تقلبات أسعار النفط: التأثيرات على العلاقات التجارية بين ألمانيا والعالم العربي”، “التعليم و التنمية: القطاع الرائد في العالم العربي”، “التخطيط الحضري والبيئة: الاستدامة من أجل مستقبل أفضل”، “مشاريع البنية التحتية الكبرى: بناء المستقبل”، “منظور المرأة: التحول الرقمي، والتنوع والتنمية”، “التنويع الاقتصادي في البلدان العربية: الفرص والتحديات”، كما خصصت جلسة لبحث فرص التعاون الاقتصادي في سلطنة عمان تحت عنوان “سلطنة عُمان بلد مُستقر للاستثمار والأعمال”.

وعقب الجلستين الافتتاحيتين والعامة بدأت الجلسات المتخصصة للملتقى وقد تناولت اولى جلسات الملتقى موضوع “التحول الصناعي في العالم العربي” ادار الحوار في هذه الجلسة بنيامين شرودر رئيس قسم الاتصالات والشئون الحكومية في شركة سيمنز في دولة الامارات العربية المتحدة، وقد اتفق المشاركون في الجلسة عن وجود امكانيات كبيرة لنقل التكنولوجيا والتنموية الاقتصادية خصوصا في دول مجلس التعاون الخليجي تعد فيها عملية التجوا الصناعي قاطرة النمو الاقتصادي وفق رأي جوردون فولجام، مدير المشاريع في مؤسسة رولاند بيرجر، واضاف الدكتور  فلوريان اميرلير، المحامي في مؤسسة اميرلير للاستشارات القانونية، انه من الضروري توافر الشروط الضرورية في البيئة المحلية من اجل تحقيق التحول الصناعي مع الاخذ في عين الاعتبار المنافسة العالمية في هذا المجال. وفي نفس السياق اشار خالد ناصر الصلاحي، مدير التسويق في المؤسسة العامة للمناطق الصناعية في سلطنة عُمان، الى وجود استراتيجيات واضحة لدى الدول العربية من اجل تحقيق التنوع الاقتصادي مضيفا بان الاستثمار في التعليم والتأهيل المهني للقوى العاملة يعد الركيزة الاساسية في عملية اعادة بناء الاقتصاد العُماني.  وهو الامر الذي أكد علية ايضا على فيزفاي، نائب رئيس مؤسسة بيلفينجر، الذي اعتبر ان خلق فرص العمل هو أحد النقاط الرئيسية في عملية التحول الصناعي. فيما أكد كل من عمر باحليوه، رئيس مكتب استشارات الاعمال في المملكة العربية السعودية، وموسى الساكت، عضو مجلس ادارة غرفة صناعة عمّان، على ان الخطوات التدريجية امر لا مفر منه في عملية توسيع القاعدة الصناعية للاقتصاديات العربية وهو ما كان محل اتفاق المشاركين في النقاش.

الجلسة الثانية والتي اتت تحت عنوان ” اثر اسعار النفط على العلاقات الاقتصادية بين المانيا والعالم العربي” جرى فيها النقاش حول التغيرات التي شهدها سعر النفط الخام والذي يعد بالنسبة للعديد من الدول العربية المصدر الرئيسي للدخل القومي ورافعة الاقتصاد الاساسية على علاقات التعاون والشراكة الاقتصادية بين ألمانيا والدول العربية، وقد ادرا الحوار في هذه الجلسة فولف شيبرت، المحامي في مكتب شيبرت للمحاماة، وخلال النقاشات اتقف الدكتور محمد حلايقة، رئيس المنتدى الديمقراطي الاقتصادي الاردني، والدكتور نيكولا بريمر، الشريك في مؤسسة الكسندر وشركاؤه، على ان تحديد سعر النفط لا يتم وفقا لأليات السوق وقواعد العرض والطلب بقدر ما اصبح النفط اليوم وبشكل اكبر من ذي قبل “اداة سياسية” بحسب تعبير الدكتور حلايقة. الدكتور بريمر اضاف ان للنظام القانوني تأثير كبير على تحديد اسعار النفط اذ تلعب انظمة التمويل الخاصة وقوانين الضرائب دورا مهما في تحديد هذه الاسعار. من جهتها اوضحت الدكتورة مارتينا هونبر، رئيسة قسم البحوث الاقتصادية في شركة يوير هيرمس، ان من الصعوبة بمكان التنبؤ بالطريقة التي سوف تتطور بها اسعار النفط العالمية مضيفة انه من الجيد في التطورات المتعلقة بهذا الموضوع انه أصبح هناك اهتمام كبير بالبحث عن بدائل اقتصادية لتمويل ميزانيات الدول العربية. في هذا السياق اشار البرفسور فريدبرت بلوجر، مدير المركز الاوروبي للطاقة وامن الموارد في كلية كينغز في لندن، بشكل خاص الى نمو قطاع الطاقة المتجددة في المنطقة اذ يصبح هذا القطاع مع مرور الوقت أكثر قدرة على المنافسة، مضيفا بانة وعلى المدى الطويل سوف تصبح الكهرباء المولدة عن طريق طاقة الرياح والشمس أكثر توفيرا ومناسبة من ناحية السعر من الكهرباء التي يتم توليدها باستخدام النفط.

تحت عنوان “التعليم والتنمية: قطاع قيادي في العالم العربي” ناقشت الجلسة الثالثة في الملتقى النقاط المتعلقة بنقل التكنولوجيا والتعليم وما هو الدور الذي يمكن ان تلعبه المانيا في هذا الاطار في الجانب الحكومي وكذلك في جانب الشركات الخاصة، وقد ادار الجلسة ماركوس ميلوا، مسؤول العلاقات الدولية في شركة كريسفياتي وشركاؤه، خلال العرض الذي قدمة الدكتور سعيد الربيعي، الامين العام لمجلس التعليم في سلطنة عُمان، اكد الدكتور الربيعي ان هنالك طلب متزايد على الشراكة والتعاون مع المانيا في قطاع التعليم موضحا بانه يوجد في الوقت الحالي 138 الف طالب مسجلين في حوالي 70 مؤسسة تعليمية في السلطنة مع وجود خطة عمل لأعوام القادمة تسعى لمزيد من تنويع التعليم اضافة الى اعادة اصلاح نظام التمويل ونظام الادارة في قطاع التعليم.

وعن الطريقة الممكنة لمشاركة القطاع الخاص والشركات في تدريب القوى العاملة المؤهلة شرح بيتر جوزيف هاكس، مدير شركة القطارات الالمانية في الشرق الاوسط، تجربة شركة السكك الحديدة الالمانية في هذا الجانب عارضا تجربة اكاديمية السكك الحديدية في قطر والتي تعمل على تأهيل العمالة الماهرة خلال 130 يوما في المتوسط حتى تكون قادرة على تنفيذ كل الاعمال الاساسية لبناء شبكة السكك الحديدية وكثيرا ما تتم عملية التأهيل هذه اعتمادا على التعاون مع المؤسسات التعليمية المحلية الى جانب خبرات الشركة.

في الجلسة الرابعة تم مناقشة موضوع ” التخطيط العمراني والبيئة: الاستدامة من اجل مستقبل افضل” وقد ادار الحوار والنقاشات في هذه الجلسة سليمان السياري، رئيس مجلس ادارة شركة شعبية للمياه والكهرباء في المملكة العربية السعودية، ووفقا لحديث كل من جم الدين حسن يعقوب، وكيل وزارة الاستثمار في السودان، ومحمود حامد، وزير الاستثمار والصناعة والسياحة في ولاية النيل في السودان، فان النمو السكاني الكبير في السودان سيؤدى خلال الاعوام القادمة الى تزايد وتوسع في التمدد العمراني وهو الامر الذي لن يقتصر على السودان بل يشمل دول المنطقة العربية بأكملها، وفي هذا السياق اشار يواخيم شاريس، الشريك الاداري في شركة البيرت شيبر وشركاؤه، الى انه توجد اليوم في العديد من الدول العربية مدن كبيرة في عدد السكان تعاني من نفص في المساكن موضحا انه فقط في المملكة العربية السعودية هناك نقص في المساكن يصل الى 400 الف مسكن، يوجينو بيتيلا، الشريك في مؤسسة رودل وشركاؤه، اوضح انه يجب ان لا يُنسى خلال التوسع في بناء المساكن ان يتم الاستثمار في قطاع الخدمات، اذ تعمل الحكومات حاليا على توفير البنية التحتية الاساسية الضرورية من اجل تسهيل حياة مواطنيها. اولاف هوفمان رئيس شركة رورش هولدفيج، اشار الى ان مستقبل التخطيط العمراني سيعتمد على التقنيات ليس فقط في مجال البنى التحتية ولكن ايضا على كامل قطاع النقل.

” مشاريع البنى التحتية الكبرى: بناء المستقبل” تحت هذا العنوان دارت نقاشات الجلسة الخامسة في الملتقى والتي ادارها الدكتور خوسيه كاميوس، الشريك الاداري في شركة رودل وشركاؤه.  في العرض الذي قدمته ميريام الوزاني، مديرة فسم هيكلة التجارة وتمويل الصادرات في الشرق الاوسط وافؤيقيا في البنك الاللماني “دويتشه بنك” لوضحت الوزاني انه وعلى الرغم من انخفاض السيولة مع انخفاض اسعار النفط العالمية فان اغلب الدول العربية تعمل على استكمال العديد من المشاريع الاستراتيجية في مجال البنية التحتية والتي يبلغ كلفة الواحد منها العديد من المليارات، وفي مقدمة هذه الدول تأتي دول مجلس التعاون الخليجي التي ستعتمد على الاقتراض لتامين تنفيذ وانهاء هذه المشاريع، وقد اكد اوفه هويرمان، الشريك في مؤسسة رولاند بيرجر، على هذه القضية وفي هذا الجانب شدد خالد حسن القحطاني، رئيس مجموعة HAKA في المملكة العربية السعودية، على ان الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص هي الاداة الافضل في سد الفجوة في تمويل هذه المشاريع مشيراً الى ان رؤية السعودية 2030 والتي تتضمن مشاركة كبيرة للقطاع الخاص في تمويل خططها وفي اطار هذه الرؤية ومشاريع التحول الوطني يجري في الوقت الحالي عمليات خصخصة تشمل الى جانب المطارات شركات اساسية في مجال البنية التحتية وفي مقدمتها شركة ارامكو السعودية، وقد اوضح القحطاني ان التحول الصناعي وقطاع الطاقة المتجددة هما من الركائز الأساسية لرؤية 2030.

أحد أبرز واهم جلسات الملتقى الاقتصادي تمثلت في الجلسة السادسة والتي تناولت رؤية المرأة لمواضيع ثورة المعلومات” الرقمنة” وتنويع وتطوير الاقتصاد. وقد ادارة هذه الجلسة جابي كراتوشويل، المدير الاداري لمؤسسة عبر الثقافات. وبالإضافة الى اتفاق المشاركات في النقاش على ان الاوضاع الاقتصادية للمرأة قد تحسنت خلال السنوات الماضية، اوضحت امينة ديبية، الرئيس التنفيذي لشركة رعاية المرضى الدولية، ان إدراك المرأة لنفسها قد تغير ايضا اذ انه وقبل عشر سنوات لم تكن هناك رؤبة اقتصادية خاصة بالمرأة، وشددت ديبيه على ان دور المرأة الان أصبح أكثر وضوحا بسبب تغير طريقة المرأة في تعريفها لنفسها فالمرأة اصبحت وبشكل أكبر وأكثر نشاطا داعية الى ان تسأل كل امرأة نفسها حول رغبتها في ان تصبح فاعلة في المجتمع ام لا. الدكتورة فهيمة العوضي، رئيسة برنامج قسم العلوم الصحية في الكلية العليا للتكنولوجيا في دولة الامارات العربية المتحدة، اعتبرت ان المشكلة الاساسية ما تزال قائمة وهي تتعلق بالتوفيق بين الوظيفة والعائلة ولو ان ثورة المعلومات والرقمنة اصبحت تقدم مساعدة كبيرة في حل هذه الاشكالية حاليا من خلال منح المرأة مرونة اكبر في تنظيم مواعيدا وارتباطاتها العملية والعائلية وهو الامر الذي اتفقت معه ناريتا ميتشاين، العضو المنتدب في معهد ساب للتطوير والتدريب في الامارات العربية المتحدة، والتي اضافت ان التقنيات الحديثة تقدم للمرأة امكانيات كبيرة جدا ومشيرة الى انه سابقا كان الشباب يدرسون العلوم فيما تدرس الفتيات اللغات والادب ام اليوم فنحن نشاهد العديد من الفتيات الاتي يدرسن الرياضيات في الجامعات، هذا التطور اكدت عليه ايضا انا-لينا يونكن الباحثة في جامعة هابورج والتي ابدت اعجابها بالإمكانات التي اظهرتها العديد من الفتيات من منطقة الشرق الاوسط. وبحسب سوزان شبلي، السكرتير الدائم للمواطنة النشطة والعلاقات الدولية في ولاية برلين، فانة وبالرغم من التحسن الكبير في مشاركة المرأة المختلفة فان الحاجة ما تزال قائمة لإحداث تغيرات هيكلية في هذا الجانب.

في الجلسة السابعة والتي تم تخصيصها لسلطنة عُمان، شريك الملتقى الاقتصادي لهذا العام، فقد اتت تحت عنوان ” سلطنة عُمان: مركز مستقر للاستثمار والاعمال” وقد عُنيت الجلسة بتوضيح وشرح امكانيات وفرص الاستثمار في السلطنة في القطاعات المختلفة بدءا من قطاع السياحة، التعليم، الرعاية الصحية ووصولا الى الاستثمار في مشاريع التعدين والبنية التحتية، وقد ادار هذه الجلسة فيلكس نيوجارت، الرئيس التنفيذي للمجلس الاماراتي الالماني المشترك للصناعة والتجارة، وتظهر اهمية الموقع الجغرافي للسلطنة في عملية جذب الاستثمارات من خلال منطقة التجارة الحرة في الدقم وهو الامر الذي أوضحه صالح حمد الحسني، مدير المحطة الواحدة في منطقة الدقم، وكذلك هاشم بن طاهر الابراهيم، مدير تيسير الاعمال التجارية في ميناء الدقم، من خلال عرض امكانات المنطقة الحرة والتي تمتد على مساحة الفي كيلومتر مربع والتي يجري فيها حاليا انجاز 33 مشروعا لا تتعلق فقط بتوسيع الميناء البحري ولكنها تمتد الى المشاريع على ارض المنطقة الحرة والتي تتضمن ابنية سكنية كافية لاستيعاب 15 الف عامل اضافة الى ميناء للصيد البحري ملحقة به منطقة صناعية خاصة بالصيد، وبحسب صالح الحسني فقد بلغت الاستثمارات الخاصة في منطقة الدقم للعام الماضي 2016م نحو 1,9 مليار دولار امريكي ومنذ بدء المشروع في العام 2011م بلغ اجمالي جم الاستثمارات فيه 3,3 مليار دولار تقريبا، الا ان الاستثمارات لا تقتصر على المنطقة الحرة في الدقم وحسب حيث شدد ناصر بن زاهر الخضرمي، المدير التنفيذي في هيئة اثراء العُمانية، على العائد المجزي للاستثمار في السلطنة عارضا لعدد من ابرز الامثلة في هذا الجانب.

ركزت الجلسة الثامنة في الملتقى على موضوع ” التنوع الاقتصادي في الدول العربية: الفرص والتحديات”، الجلسة التي ادارها هيلموت شولتز، الشريك في شركة رولاند بيرجر، تناولت التعقيدات المتعلقة بهذا الموضوع واختلاف تجارب الدول العربية في هذا الجانب والتي يجب ان تؤخذ بالحسبان وذلك بحسب رأي محمد هيكل، رئيس مجموعة هيكل في دولة الامارات العربية المتحدة، والذي اضاف بان التنويع المستدام يجب ان يشمل الافراد الذين سيمونون قادرين من خلال التعليم الذي تلقونه على تحقيق النمو المستمر. وقدمت هالة كساب، مدير العلاقات العامة في مركز قطر المالي، دولة قطر باعتبارها نموذج للاقتصاد القائم على المعرفة على الرغم من ان قطاع الطاقة ما يزال يلعب دورا اساسيا في الاقتصاد فانة يتم وبشكل متزايد الاستثمار في قطاع التمويل المالي والبنوك. الدكتور خالد ابو صعيليك، رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب الاردني، قدم الاردن كنموذج للاقتصاد الذي يمثل فيه الافراد المحرك الدافع للنمو، شارحا تأثير ازمة اللاجئين على بلادة حيث استقبلت الاردن 1,3 مليون لاجئ سوري والذي يجب ات يتم ادماجهم في سوق العمل مؤكدا على ان العديد من السوريين هم من اصحاب المهارات والكفاءات مما سيؤدي الى خلق مزيد من الوظائف في الاقتصاد وبالتالي تحول الازمة الى عنصر ايجابي لدعم الاقتصاد.

برنامج الملتقى

للمزيد من المعلومات يرجى الإطلاع على صفحة الملتقى